الفصل 134: البلدة الغامضة

كان اللوتس الأخضر يمتص طاقة إيثان بلا نهاية، وكأنه بئر لا قاع له.

تحلى إيثان بالصبر، وأحاط نفسه وأليكس بمجال الفوضى خاصته، معزولَين عن هذا البُعد حتى لا يزعجهما شيء.

بعد عشر دقائق، تفتحت أول بتلة. وبعد عشر دقائق أخرى لحقتها الثانية. ومضت ساعتان كاملتان حتى اكتمل تفتح اثنتي عشرة بتلة من اللوتس الأخضر. عرف إيثان أن الروح وصلت إلى حالة الإشباع. ولن تتفتح البتلات التالية إلا عندما يبلغ هو مرحلة "الماهايانا" أو حتى "الخالِد العميق".

فتح أليكس عينيه ببطء بعد أن أزال إيثان المجال.

وقف إيثان أمامه متأملاً. كمية الطاقة التي امتصها هذا الصبي – أو بالأحرى، روحه – كانت هائلة. كان سيحتاج لسنوات طويلة أو لمصادفات نادرة حتى يحقق ذلك بمفرده.

بمجرد أن التقت عينا أليكس بوجه إيثان الوسيم، أضاءتا كنجمتين:

"أخي الكبير، لقد نجحت! أيقظت روحي! الآن أستطيع أن أزرع وأصبح قوياً في المستقبل!" قالها بفرحٍ لا يوصف.

ابتسم إيثان وربت برفق على رأسه الصغير: "عليك أن تكون مجتهداً يا أليكس، لتتمكن من حماية كل من تحب."

انعقد العزم في عيني أليكس، وقال بحزم: "أعدك يا أخي، لن أجلب العار لاسمك أبداً."

ضحك إيثان بخفة. ما الذي يقوله هذا الصغير؟ صحيح أنه كان يريده أحد جنرالاته في المستقبل، لكن إن لم يكن هذا ما يريده أليكس، فلن يفرض عليه شيئاً. فهو يعلم أن الطفل لن يجرؤ على الرفض لو طلب منه، لذلك ترك الأمر للطبيعة تسير به كما تشاء.

ثم التفت إلى نسخة كلونه الواقفة قربه وقال: "خذه إلى غرفته، رايان."

أومأ الكلون، واقتاد أليكس إلى مسكنه. من الآن فصاعداً، يجب أن يبقى هذا الصغير قريباً منه.

تنفس إيثان بارتياح: "الآن كل شيء مثالي. نهاية العالم في هذا العالم ما زالت على بُعد فترة من الزمن، لكن يجب أن أزداد قوة بسرعة. ذلك العدو الخارجي كان من المستوى التاسع، لكنه أقوى بكثير من أي كائن من المستوى التاسع في هذا الكون. لو كان من المستوى العاشر، لما تمكنت حفنة من أصحاب المستوى التاسع من إسقاطه أبداً."

فكر لحظة: "غداً عليّ أن أذهب إلى (إيذريون). بطولة الأعراق ستبدأ بعد يومين. عليّ أن أشارك فيها. كما يجب على السيّد الأعلى لكوننا أن يحذر من الأعداء الخارجيين. ذلك الكون أيضاً غامض، ومن المؤكد أن فيه بوابات إلى أكوان أخرى. سأستكشفها عندما أجد وقتاً."

كان قد أرسل روز بالفعل إلى الكون الرئيسي عندما ظهر ذلك التنين العملاق. أما الآن فلم يبق له ما يشغله. من المفترض أن تصل "قانون الفوضى" خاصته إلى 7% غداً. لذا قرر زيارة عالم البشر؛ ففيه الكثير من المتع كالطعام وغيره.

اختفى من مكانه، وظهر في بلدة مجاورة. ثم اتصل بأميليا، الشبح التي منحها جسداً. كانت لا تزال تبحث عن معلومات حول المزارعين.

"حان وقت تسوية ثأرها أولاً."

أرسلَت له موقعها، فانتقل فوراً إليها.

وصل إيثان إلى البلدة حيث كانت أميليا. البلدة بدت كمدينة أشباح، كئيبة على نحو غريب. رغم أن الوقت كان عصراً، إلا أن الشوارع بدت فارغة إلا من بضع بسطات متناثرة، وأصحابها يملؤهم الخوف.

جاءت أميليا مسرعة، وانحنت أمامه: "سيّدي."

أومأ لها إيثان، ثم سأل: "ما الذي يحدث في هذه البلدة؟ تبدو خالية من الحياة."

أجابت: "معك حق، يا سيّدي. حين مررت هنا شعرت بطاقة أشباح هائلة. لكنها اختفت الآن تماماً. لا أعلم إن كان ذلك مقصوداً أم لا."

هزّ إيثان رأسه. فهي شبح بطبيعتها، لذا كانت حساسة لتلك الطاقة. مسح هو البلدة بطاقة وعيه، لكنه لم يجد شيئاً يُذكر. مجرد بقايا ضعيفة هنا وهناك. وهذا يعني أن الشبح قد غادر بالفعل، وإلا لما تمكن من إخفاء أثره عن عينيه.

قال: "فلنسألهم"، مشيراً إلى الباعة.

اقتربا من أحد الأكشاك وطلبا بعض الطعام. كان البائع شيخاً طاعناً في السبعين أو أكثر. سأله: "هل أنتما جديدان هنا؟"

أومأ إيثان.

قال الشيخ وهو يرتجف: "يجب أن تغادرا ما دمتم تستطيعان."

أثار ذلك فضول إيثان. في حياته السابقة كان رجلاً عادياً، أما الآن فهو قادر على لمس السماء، لكنه ظل يشعر بجذوره على الأرض، مثل أي إنسان آخر. فما الذي قد يرعب هذا الشيخ إلى هذه الدرجة؟

سأله بهدوء: "أيها الشيخ، ما خطب هذه البلدة؟ لماذا تبدو غريبة هكذا؟"

ازداد وجه الرجل شحوباً، وتمتم: "اهربا من هنا..." ثم أغلق كشكه على عجل وانصرف، حتى دون أن يأخذ ثمن الطعام.

التفت إيثان إلى أميليا: "اتبعيه. وإن حدث أمر لا تستطيعين التعامل معه، أخبريني فوراً."

انحنت موافقة وتبعته.

بقي إيثان يفكر: الطاقة الشبحية هنا غريبة، مختلفة عن طاقة أميليا. ضعيفة، لكنها... غريبة.

ابتسم لنفسه: "لا بأس، سنعرف الليلة."

راح يتجول في البلدة. الناس القلائل الذين صادفهم كانوا يتحدثون مع أنفسهم، لكن كلماتهم كانت تصل إلى أذنيه بوضوح، وكأنها همسات مباشرة:

"ظهر خنزير جديد ليُذبح." "ربما هذا أفضل. سنعيش ليلة أخرى بلا خوف من الافتراس." "نعم... لكن خسارة، إنه فتى وسيم."

ازداد فضوله أكثر، بل شعر بمتعة غريبة، ربما أكثر من قتاله الأخير مع الشيطان. ليلة مثيرة بانتظاره.

تذكر أفلام الرعب التي كان يشاهدها في حياته السابقة—عن الأشباح، مصاصي الدماء، الغرباء، وكيف كانوا يستولون على القرى ناشرين الرعب. تذكر فيلماً عن قرية غرقت في ظلام دامس لشهر كامل، فاجتاحها مصاصو الدماء وارتكبوا مذبحة. هل يحدث شيء كهذا هنا؟

تخيل مصاص دماء يقترب منه من الخلف، يلعق شفتيه ويهمّ بعضّ رقبته... لكن يصدمه مجال الفوضى الذي يحيط به. تساءل: كيف سيكون وجه ذلك المصاص حينها؟ هه هه هه.

واصل جولته حتى وصل إلى نُزل. والعجيب أن النزل لم يكن كئيباً مثل الخارج. كان حيوياً، فيه موظفون وزوار يتحركون بشكل طبيعي.

لكن إيثان لم ينخدع. فعّل "عيون الدمار"، وفي لحظة تغيّر المشهد كله.

كان كل شيء وهماً!

"يا للّعنة... هذا الوهم قوي لدرجة أنني لم أكتشفه إلا بعيوني! من يقف خلف هذا كله؟"

2025/08/16 · 211 مشاهدة · 874 كلمة
Abdesselam
نادي الروايات - 2025