الفصل 136: رومارو مصاص الدماء

كان اسم ذلك المصاص رومارو.

كان في السابق قد بلغ مستوى القدّيس المقاتل (Martial Saint)، لكنه وجد فيما بعد طريقاً نهائياً ليصبح أقوى، أقوى بكثير من قوته الحالية، طريقاً يمكّنه من كسر حدوده حتى دون امتلاكه لروح قتالية (spirit soul). نعم… لقد وجد طريق أن يصبح عبداً لكيان عظيم من العوالم العليا.

في إحدى الليالي، حاول اغتصاب فتاة في زقاق مظلم، لكن أحد المزارعين (cultivators) مرّ من هناك في ذلك الوقت. ضربه ذلك المزارع ضرباً مبرحاً حتى حطّم عظامه. ورغم أنه كان قديساً مقاتلاً، إلا أنه لم يكن شيئاً أمام ذلك الرجل. تركه نصف ميت، بل إن الفتاة التي حاول اغتصابها ركلته قبل أن تهرب.

امتلأ قلبه بالغضب. لم يشتهِ شيئاً أكثر من قتل ذلك المزارع وانتهاك الفتاة بأبشع الطرق. كره نفسه لأنه كان ضعيفاً، عاجزاً عن مواجهة خصمه.

وعلى شفا الموت، قرر القيام بطقس شيطاني لطالما خاف من تنفيذه: طقس استدعاء يقدّم فيه روحه ثمناً مقابل الحصول على قوة من كائن في عالم الشياطين أو من أي كيان من العوالم العليا.

كان قد تعلّم ذلك الطقس من بيت مهجور كان صاحبه أحد عبدة الطوائف، لكنه لم يجرؤ قط على تنفيذه. غير أنه حين قرع الموت بابه، لم يتردد. أراد أن يرى معجزة… وحدثت المعجزة.

فُتح أمامه بوّابـة، وظهر من خلالها كائن جليل يجلس على عرش عظيم. لم يستطع رؤية وجهه، لكن الضغط الذي شعر به كان أشبه بوزن العالم بأسره يسحق جسده.

ثم دوّى صوت الكيان الجليل: «أستطيع أن أمنحك ما اشتهيته طوال حياتك: القوّة… القوّة المطلقة. لكن عليك أن تدفع ثمناً آخر، إلى جانب روحك، كي تصل إلى هذا المستوى».

وافق رومارو فوراً، دون أن يسأل عن الشروط. وفي اللحظة ذاتها، تشكّل عقد روحي بينه وبين ذلك الكيان.

اندفعت طاقة موت هائلة من البوّابة إلى جسده، فغيّرته كلياً. لم يعد بشراً… بل تحوّل إلى شيء أقوى بكثير: مصاص دماء، ملك الليل .

كل ما طُلب منه هو تقديم روح واحدة كل ليلة. وكلما زاد عدد الأرواح، زادت قوته.

حصل كذلك على خادمتين من الأشباح كهدية. ومنذ ذلك اليوم، بدأ بمجزرة تلو الأخرى، يلتهم القرى والبلدات.

وفي النهاية، عثر على ذلك المزارع الذي أذلّه من قبل… وقتله بأبشع طريقة: التهم لحمه وهو حيّ ليستمتع بعذاباته.

أما الفتاة، فقد اختطفها واغتصبها طيلة عشرة أيام متواصلة حتى قتلها في النهاية. لقد كان مجرد بشرية ضعيفة، لكنه بعد أن حصل على قوته، أشبع كل رغباته الدنيئة.

أدمن المجازر، إذ كان قادراً على ابتلاع لحم ودم ضحاياه. أما خادمتاه الشيطانيتان فكانتا تمتصان طاقتهن الحيوية، ثم يقدّم أرواحهن لسيده. وكان سيّده يفضّل العذارى أولاً، ثم النساء الشابات عموماً، وبعدهن الأطفال.

وفي غضون ثلاث سنوات فقط، بلغ هذه القوة الهائلة. من قدّيس مقاتل ضعيف… إلى وجود لا يستطيع حتى أسلاف الطوائف الكبرى مجاراته. والأسوأ… أنه كان يزداد قوة يوماً بعد يوم. كانت خدعة نهائية، غشاً إلهياً.

واليوم، أخبرته خادماته أن «عينة» جديدة قد ظهرت في البلدة: شاب وسيم للغاية، ينبض بالحيوية، ولعله عبقري في مستوى القديس المقاتل.

لحس رومارو شفتيه بشهوة.

وعند وصوله إلى مدخل النُزل، انحنت له الخادمتان. «سيّدنا، إنه في الغرفة الفاخرة. سيّدنا، هل تسمح لنا باللعب معه قليلاً هذه المرة؟ أرجوك يا سيّدنا». ابتسمتا بمكر وإغراء.

مزّق رومارو ثيابهما بيده وضغط على صدريهما ضاحكاً: «أيتها العاهرات القذرات… أنتن مجرد أشباح، ومع ذلك لا تشبعن من الشهوة. يمكنكن اللعب به، لكن إيّاكُن أن تفسدن لحمه ودمه. أريده كاملاً».

ابتسمتا بمزيد من الإغراء: «بالطبع، سيّدنا».

اتجه الثلاثة نحو الغرفة الفاخرة. طرقت إحدى الشبحات الباب وقالت: «أيها السيّد، لدينا أمر مهم لنخبرك به. هل تفتح الباب؟»

كان إيثان يتابع المشهد من داخل الغرفة مبتسماً، لكنه لم يرد.

طرقت الشبح مرة أخرى، لكن دون جدوى. غضبت: «مستحيل! ألم يأكل الطعام بعد؟! كيف يمكن أن يقاوم كل هذا القدر من المنشطات الجنسية؟!»

سحب رومارو يده من صدرها وتغيّر وجهه إلى ملامح جادّة: «الأمر مريب… اكسروا الباب».

ركلت الشبح الباب بكل قوتها، لكنه لم يتحرك قيد أنملة.

«ماذا؟! بقوتي أستطيع أن أُبيد البلدة كلها بضربة واحدة! كيف لا ينكسر هذا الباب؟!»

تقدّم رومارو وضرب بقبضته. عندها انهار المبنى كله إلى غبار… باستثناء الغرفة الفاخرة التي بقيت صامدة، تطفو في الهواء دون خدش.

تبدّل وجه رومارو: «إننا نواجه شيئاً غير عادي… استعدّوا».

ثم زأر نحو الغرفة: «لماذا لا تخرج وتواجهني إذا كنتَ واثقاً هكذا؟ لماذا تختبئ وراء هذا الباب؟!»

لكن إيثان لم يرد. بدلاً من ذلك، وسّع نطاق مجاله (Chaos Domain) ليبتلع الثلاثة دفعة واحدة.

في اللحظة ذاتها، اكتشف رومارو أن صلته بسيّده قد انقطعت. وبما أنه لم يكن مزارعاً حقيقياً، فقد كان يعتمد على تلك الصلة لاستخدام طاقته الروحية. أما مخزونه الداخلي فكان ضئيلاً جداً.

بدأ الذعر يتملّكه… وفجأة سمع صوت الباب يُفتح.

خرج رجل ببطء من الغرفة وهو يدندن بهدوء.

حدّق إيثان في رومارو وقال بابتسامة ساخرة: «أنت لستَ مصاص دماء حقيقياً، أليس كذلك؟ كيف بحق الجحيم أصبحتَ هذا المسخ؟»

بدت على وجهه ملامح فضول حقيقي.

تجمّدت ملامح رومارو، ثم تحولت إلى غضب عارم. «أيها الحقير! لا تتفوّه بالهراء! أنا مصاص دماء حقيقي… رومارو ريون! وستلقى ميتة بشعة لجرأتك على السخرية مني!»

ضحك إيثان بسخرية: «حقاً؟ وهل تظن نفسك أهلاً لترديد كلمات عظيمة كهذه يا مسخ قذر؟»

ارتعش جسد رومارو، فقد لمس إيثان جرحه الأبدي. لقد كانت تلك أكبر حسرة في حياته: أنه لم يكن مصاص دماء حقيقياً .

كان يعلم أن مصاصي الدماء الحقيقيين عِرق نبيل. أما هو… فلم يكن سوى مسخ صنعه سيّده كتجربة.

سأل سيّده مراراً إن كان سيتحوّل يوماً إلى مصاص دماء حقيقي، فجاءه الجواب: «إن خدمتني بإخلاص لخمسين عاماً، وأديت واجبك، فلن أجعلك مصاص دماء حقيقياً فقط… بل سأرفعك لتصبح سيّداً عظيماً: لورد مصاصي الدماء ».

2025/08/16 · 187 مشاهدة · 879 كلمة
Abdesselam
نادي الروايات - 2025