الفصل 18: أول معركة مع وحش
كان للوحوش ميزة خاصة جعلتها كأنها مدللة الطبيعة؛ إذ يمكنها استخدام القوة العنصرية مباشرة بعد أن تصل لمستوى المحارب من رتبة شبه المحارب.
لكن البشر لا يستطيعون فعل ذلك إلا عند وصولهم إلى رتبة
سيد فنون القتال
سمح ريموند لإيثان بمواجهة ذلك الذئب الناري لأنه أراد أن يعرف مقدار عبقريته الحقيقية. ومع ذلك، كانوا يراقبونه كالصقر؛ فإذا بدا أنه غير قادر على التعامل معه وحده، فسوف يتدخلون فورًا، تنفيذًا لتحذير المشرف تشارلز الذي أكد أن حماية إيثان هي الأولوية القصوى.
انطلق إيثان نحو الذئب الناري كنسمة سريعة، وسيفه فروستموورن كان بالفعل في يده.
أراد أن يخوض التجربة بكل تفاصيلها، لذلك خفّض قوته إلى مستوى محارب من الدرجة الأولى.
أصابعه قبضت بإحكام على مقبض السيف المعدني البارد والثقيل، شفرته المنحنية تعكس خيوط الغروب الباهتة.
في الجهة الأخرى، وسط الحطام والحاويات الصدئة، لاحظ الذئب الناري قدومه فانقضّ نحوه.
كان طوله قرابة مترين، بفراء قرمزي تتخلله خطوط سوداء كآثار الحروق. عيناه تتوهجان كالجمر، ونفسه الحار يكوّن تموّجات في الهواء أمام فمه. اللهب يرقص عند أطراف مخالبه حتى وهو في وضع السكون.
صاح لوكاس من الخلف: "تذكّر يا إيثان، مخالبه قادرة على إذابة الحديد. لا تدعها تلمسك."
أجاب بابتسامة واثقة: "لن أفعل."
[بوووم!]
في طرفة عين، اندفع الوحش بسرعة مرعبة، مخالبُه تشقّ الإسفلت المتشقق وهي تدفعه للأمام ككرة نار.
ضيّق إيثان عينيه، وتفادى الضربة الأخيرة بخفة، فمرت مخالبه المشتعلة على بعد سنتيمترات فقط، لتخترق هيكل حافلة مقلوبة وتشتعل عند اللمس.
تمتم وهو يختبئ خلف قطعة خرسانية: "سريع بحق الجحيم."
استدار مجددًا، والذئب يزأر ويدور حوله بخطوات محسوبة، يختبره كما يبدو.
قال ريموند للفريق وهو يراقب من على التلة: "رد فعل ممتاز."
رد تايسون وهو يعدّل نظارته: "لكن تلك كانت مجرد ضربة تحذيرية."
أضافت رين، القناصة الصامتة: "لنرَ كيف سيتعامل مع الهجوم الحقيقي."
كان الفريق مرتاحًا للمشاهدة لأنهم قضوا بالفعل على خصومهم، ولأن هذا الذئب لا يتجاوز رتبة محارب من المستوى الخامس أو السادس، وهو أمر تافه بالنسبة لهم.
[رووووور!]
اندفع الوحش مجددًا، كتلةً من اللهب والعضلات.
رفع إيثان سيفه، لكنه بدلًا من المواجهة المباشرة، دار بجانبه بخفة، قاطعًا كتفه بلمحة سريعة.
[ششششينغ!]
تناثرت الشرر ورذاذ دمٍ خفيف في الهواء.
زمجر الذئب، متألمًا، لكنه استعاد توازنه فورًا، وازدادت عيناه توهجًا بالغيظ.
فتح فمه، كاشفًا عن كرة نارية مضغوطة تتكوّن بداخله.
صاح لوكاس: "كرة نارية قادمة!"
تدحرج إيثان أرضًا، وانفجرت الكرة خلفه، موجتها الصادمة رفعته قليلًا عن الأرض، والحرارة كادت تحرق جلده.
تحول الخرسانة خلفه إلى كتل منصهرة.
ابتسم وهو ينهض، حواف سترته محترقة والدخان يتصاعد من ياقة قميصه: "حان دوري الآن."
شدّ عضلاته، وهالته اهتزت قليلًا، بالكاد ملحوظة. قدرته الخفية
الفهم اللانهائي
تقدّم خطوة للأمام، بخلاف ما يتوقع الوحش.
هدر الذئب، متفاجئًا.
قال إيثان بابتسامة حادة: "هيا نرقص، أيها الوحش."
اندفع الوحش بأسنانه القاطعة، فتفاداه إيثان وانخفض في حركة انسيابية، قاطعًا بطنه بضربة مقوّسة.
[سلاش!]
عوى الوحش عواءً حادًا، الدماء تتطاير، محاولًا ضربه بذيله المشتعل، لكن إيثان قفز فوق حطام شاحنة، ثم انقضّ عليه من الأعلى كسهم ساقط.
[ثانك!]
اخترقت الشفرة ظهره حتى العظم، فصرخ الذئب وانفجرت ألسنة النار من جسده في دوامة موت.
لكن إيثان لم يتراجع؛ بل لف السيف وأداره بعزم، ثم قفز مبتعدًا في حركة خلفية قبل أن ينفجر الوحش في آخر زفرة لهب.
[بوووم!]
هدأت الساحة.
تمدّد الذئب بلا حراك، رأسه مائل، لسانه يتدلى، وفراؤه المحترق يكشف عن أضلاع مشوّهة.
وقف إيثان بهدوء، سيفه في يده، وعلى ذراعه اليسرى خدش أحمر صغير. عيناه كانتا لامعتين، نهمتان. لقد أحب القتال، وشعر بما يعنيه مواجهة وحش حقيقي.
صفّق الفريق بخفة.
قال مايك: "لم يكن سيئًا، يا عبقري."
صاف تايسون رأسه وقال: "ضربات نظيفة، بلا حركات زائدة."
مسح إيثان الدم عن سيفه وقال بهدوء: "شكرًا لكم جميعًا... نكمل؟"
أدرك إيثان من هذه المعركة أن الوحش في نفس مستوى المقاتل أقوى بكثير من الإنسان. لو كان شخصًا عاديًا، لما استطاع مواجهة هذا الذئب وحده. وهذا يعني أن الوحوش من الرتب الأعلى أخطر بكثير.
البشرية تحت ضغط هائل، وهو بحاجة للنمو بسرعة. لذلك قرر أنه بعد هذه الرحلة، سيخترق حاجز
سيد فنون القتال
في تلك الليلة، قاتل ذئبًا آخر وقطّ الظل، ثم غادروا البرية.
قرر الفريق أن إيثان أصبح جاهزًا لمواجهة الأخطار الحقيقية، ولم يعد هناك حاجة للبقاء في هذه المنطقة. كانوا يظنون أنه سيحتاج يومين على الأقل للتأقلم، لكنه قاتل كمحترف، لذا سيذهبون غدًا إلى المنطقة 40، على بعد 20 كم، حيث تعج الوحوش القوية.
وافق إيثان؛ فهو بحاجة إلى خصوم أقوياء لصقل مهاراته وغريزته القتالية.
عادوا إلى المعسكر العسكري، استلموا سيارتهم، ثم عادوا إلى المدينة.
قال ريموند: "إيثان، سنأتي لاصطحابك صباح الغد. ليلة سعيدة."
عاد إيثان إلى المنزل، وكان والداه قد وصلا بالفعل. لأنه كان في البرية، أغلق خيار المكالمات في معصمه الإلكتروني، فبقي جاك وإلينا قلقين طوال الوقت، يعلمان أنه يخوض أول تجربة صيد له اليوم.
عندما وصل أمام الباب وضغط الجرس، فتحت إلينا بسرعة، وحين رأته، عانقته فورًا قائلة بقلق: "أأنت بخير يا بني؟"
شعر إيثان بدفء يغمر قلبه، وتبددت من ذهنه كل توترات مواجهة قوة الوحوش. ابتسم قائلًا: "كيف يمكن أن أُصاب، أمي؟ من أنا؟ عبقري القرن! هل ستؤذيني تلك الوحوش التافهة؟"
تنفست إلينا الصعداء، ودخلا معًا. كان جاك في الداخل، واكتفى بابتسامة هادئة عند رؤيته سالمًا.
قال إيثان: "أمي، سأستحم أولًا، حضّري لي شيئًا آكله، فأنا جائع جدًا."
أومأت، وذهب إلى غرفته، أخذ حمامًا ساخنًا، ثم جلس على الطاولة المليئة بأصناف الطعام، يأكل بنهم، بينما إلينا تبتسم وهي تراقبه، شاعرة بالرضا.
بعد أن فرغ من الطعام، عاد إلى غرفته، وقرر: سيخترق الليلة.