الفصل 51: تقنية قتال أسورا السماوي
جلس إيثان بمفرده في وسط قاعة التدريب الشاسعة. كان ضوء السماء يتسرب عبر فتحة السقف، ينسكب بتوهج فضي على ملابسه البيضاء التدريبية. كان تنفسه بطيئًا ومنضبطًا، لكن مع كل زفير، كان يحمل قوة خفية لشخص يفوق حدود البشر العاديين.
شغلت عقله فكرة واحدة فقط—لقد أصبح قويًا جدًا. كانت نعمة تحولت تقريبًا إلى عبء. بضربة واحدة من سيفه، يمكنه شطر الجبال وتدمير الخصوم في نفس مستوى الزراعة أو حتى مستويات أعلى، مثل قتل كلاب ودجاج بلا عناء. لحظة واحدة تكفي لإنهاء النزاع قبل أن يبدأ.
ومع ذلك، في تلك النهاية الفورية، لم يكن هناك فنّ. لا صراع، ولا تعبير حقيقي عن مسار المحارب الذي يقدّره.
لم يكن مجرد قاتل، بل رجل يحب القتال ذاته—سريان الدم، اندفاع الأدرينالين، الشعرية الكامنة في مبارزة متكافئة. والأهم من ذلك، إبراز نفسه. هذا كان الموضوع الرئيسي.
إذا استمر على طريق السيف وحده، فلن يتذوق أبدًا متعة المبارزة الطويلة، ولن يشعر بالتبادل الخفي مع خصم جدير، ولن يعرف شعور الإعجاب والدهشة من حوله.
كان يحتاج إلى شيء أكثر… شيء ضخم ومعبر—أسلوب قتال يليق بوريث عائلة هانت الوحيد، شيء يليق بـ إيثان هانت.
وقع بصره على دمى التدريب المصطفة على الحائط البعيد. كانت الدمى المعدنية مصممة لتحمل قوة هائلة، وقد تضررت أسطحها بخدوش سطحية من جلسات التدريب السابقة.
تخيل مدى سهولة تقطيعها بسيفه، وشعر بوميض من الاستياء.
لا، فكر وهو يضم قبضته، لا يجب أن يُستخدم السيف على غير المستحق. سيكون ذلك عدم احترام لملك الأسلحة.
بدلاً من ذلك، تخيل نفسه محاطًا بقوى قوية—رسل من عشائر منافسة، عملاء من طوائف مخفية—الذين سيحاولون بلا شك اختباره. سيستفزونه، يستكشفونه، يقيسون قوته بكل الوسائل الممكنة.
ابتسم بخفة.
دعهم يحاولون.
لن يستقبلهم بطرف سيفه، بل سيرد عليهم بعظمة يديه الخاصة.
في حياته السابقة، كان مولعًا بالقتال باليدين الحرة. لم يدرسها رسميًا، لكنه ابتلع آلاف الصفحات وشاهد آلاف الساعات—الكونغ فو الصيني القديم، فنون القتال اليابانية، الملاكمة الغربية، تقنيات جنوب شرق آسيا… كل شيء.
والآن، بعقل يعمل ككمبيوتر فائق—مدعوم بالطاقة الروحية، ومعزز بجسد لا ينكسر—كان لديه الوسيلة لصياغة تلك الذكريات في شيء غير مسبوق.
أغمض عينيه.
ابدأ الاستدعاء.
في الظلام الواعي لعقله، ظهرت بانوراما مضيئة—مشاهد بطيئة لمقاتلين يتبادلون الضربات في حلبات مغبرة، يتبارزون في ساحات الخيزران، يقاتلون على أسطح مبللة بالمطر. كل تفصيل، كل حركة، أُعيد بناؤه بدقة كاملة.
لم تتذكر دماغه هذه التقنيات فحسب؛ بل حوّلها إلى مخططات حية، هولوجرامات ثلاثية الأبعاد تحوم في ذهنه. وبينما يراقب، امتدت قوته الروحية بهدوء عبر جهازه العصبي، موحّدة العقل والجسد.
سأل نفسه: ما شكل تقنيتي؟ ما روحها؟
ظهرت صورة واحدة في إجابته:
وقفة مهيبة، تنفيذ وحشي. حركات قائمة على بيوميكانيكيات وإيقاع مثالي. كل ضربة ذكية، متعمدة—لا تُهدر. عندما يقاتل، لن يرى الناس مجرد رجل يوجه لكمات، بل سيشاهدون محاربًا إلهيًا، حضورًا متسامٍ صُنعه الحرب نفسها.
سمح للصورة أن تغرس في جوهره. هذا هو الفلسفة الأساسية. والآن جاء الجزء الصعب: دمج شظايا الفنون المختلفة في كل متكامل سلس.
واحدة تلو الأخرى، ظهرت التخصصات أمامه:
1. الملاكمة (الغربية): راقب ملاكمًا وهميًا يرتد على أصابع قدميه، كتفيه يتحركان بإيقاع منوم. اللكمة السريعة، دقيقة، تدفع الفك غير المرئي إلى الخلف. تحركات القدمين ترسم أقواسًا متقنة.
درس إيثان كل زاوية للحركة: تغير الوزن، حركة الرأس المراوغة، شد البطن قبل كل لكمة. نعم، هذه الملاكمة. القدمية العليا. الإيقاع الثابت. التحكم بالجسم العلوي. بدأ بتحريك جسده مع الملاكم الوهمي، أولًا ببطء ثم أسرع. وركاه تسترخي، وكتفاه تتمايل، ويداه تواكبان إيقاع طبول الحرب الخفي.
2. كاراتيه (كيوكوشن): ظهر بعد ذلك مقاتل كيوكوشن صامد، وقفته منتصبة، عيناه هادئتان بلا رمش. ركلة دائرية تمزق الهواء، تليها لكمة مستقيمة مدوية. القوة المباشرة، السيطرة الداخلية، لاحظ إيثان. عدل وقفته، ظهره مستقيم، الطاقة تتجمع في بطنه. دفع راحة يده، وصدى الضربة يهز الجدران. انتقل بسلاسة إلى ركلة دائرية عنيفة، عزم الورك كزنبرك قبل الانفجار. حتى في السكون، هناك وعد بالدمار.
3. سيلات (جنوب شرق آسيا): ظهرت صورة جديدة—حركة سلسة، منخفضة، ملتفة مثل الأفعى. المقاتل ينزلق بنعومة، ثم يقبض على ذراع ويديره خلف ظهر الخصم. تحكم بالمفاصل، جسم مسلح، زوايا خادعة. تدرب إيثان عليها مرارًا، يخطو خارج الخط، يعيد توجيه الضربات الوهمية، يمسك الأطراف في الهواء. جسده أصبح أكثر رشاقة وخطورة.
4. بنساك سيلات وكراف ماجا (للقسوة السلسة): ظهر اثنان متشابكان في عرض سلس للكفاءة المطلقة. ركب، لكمات حادة، ركلات بزوايا مستحيلة. العنف سريري، شبه هادئ. لا زخرفة، فقط هدف. اندمجت مبادئهما، وتدفق عبر تركيبات: صد، ضربة، كسر، رمي. أصبح جسده آلة حسم بلا رحمة.
5. باجوا زانغ (لتحريك القدمين): ممارس وحيد يدور حول خصم وهمي، خطواته تعكس دوامة لا نهاية لها. يديه تحركان الطاقة، يعيد توجيه الهجمات قبل أن تصل. المشي الدائري، السيطرة الكاملة على الميدان. خطا إيثان على دائرة وهمية. كل دوران يترك الخصم في وضع مكشوف. تنفسه منتظم، عيناه على نقطة واحدة خيالية. قرر: سأكون دائمًا خلفهم، أتحكم بالإيقاع دائمًا.
رويدًا رويدًا، بدأت الأساليب المختلفة تندمج في بعضها، والتحولات أصبحت أكثر سلاسة، والمفاهيم أكثر تكاملاً.
ساعات مرت، ملابسه البيضاء مبللة بالعرق، وغابت قاعة التدريب لتحل محلها مسرح ذهنه الحيوي.
تخيل خصمًا يهاجمه من الأمام—تجاوز الجهة بقدميه على طريقة باجوا زانغ، جسده يدور في قوس مثالي. يداه المدربتان على السيلات تمسك المرفق وتثبته. قبل أن يستعيد الخصم توازنه، ركله على بطنه بطريقة الكاراتيه. ثم الملاكمة: لكمة سريعة تحت الذقن. سقط الظل على الأرض بلا حراك.
كرر إيثان التسلسل مع تعديلات طفيفة—إعادة التوجيه، الهجوم من الجوانب، تقليل القوة. تدرب على عشرات التراكيب، متحكمًا بالقوة بدقة جراحية.
على عكس السيف، يديه وقدماه تمنحانه درجات قوة لا حصر لها. يمكنه السيطرة بدون قتل، الهيمنة بدون تشويه.
مع حلول المساء، أصبح ذهنه صافٍ. لم يحفظ هذه الفنون فحسب، بل تجاوزها.
سمى الأسلوب بهدوء وباحترام:
قتال أسورا السماوي .
لم يكن مجموعة تقنيات مستعارة، بل امتدادًا لذاته.
وقف، عضلاته نابضة بالاستعداد. بفكرة، استحضر عشرة أشباح في دائرة واسعة حوله—نسخ بسيطة من نفسه. هاجموا في وقت واحد.
تدفق بينهم كالماء الممنوح جسدًا بشريًا. خطوة هنا، دوران هناك، ضربة مضادة أنيقة كأنها مصممة. كل حركة تحمل قوة سيفه القاتلة—لكن مضبوطة ومنضبطة.
كان بإمكانه القضاء عليهم، لكنه اختار عدم ذلك.
في نهاية المحاكاة، زفر زفيرًا طويلًا وثابتًا.
هذا، فكر، ما كنت أحتاجه.
أسلوب يليق بوريث عائلة هانت، يبهر الأقوياء ويذل المتعجرفين.
نظر إلى يديه، وحركهما تجريبيًا.
بعد ساعات قليلة، سيصل مبعوثون من القوى المنافسة، يرتدون اللباقة، لكن يغمرهم الخبث الخفي.
استقبلهم بارتياح.
لأنهم هذه الليلة، سيرون بأعينهم:
إيثان هانت لا يحتاج إلى سيف ليكون لا يُقهر.
تحرك نحو الباب، كل خطوة تشع ثقة هادئة.
عندما يطالب العالم برؤية قوته، سيُظهرها—ليس بضربة واحدة من السيف، بل بفن قتال أسورا السماوي .
وعندما حاول المراقبون قياسه، توقعه، أو احتواؤه، سيتعلمون الحقيقة نفسها، مرارًا وتكرارًا:
لا حدود للمراتب التي يمكنه الوصول إليها.
فقط إيثان هو من سيقرر إلى أي مدى سيصل.