"ما شعورك وأنت تعيشين كصديقة طفولة للسيد لاندشير، الساحر العظيم؟"
ذات مرة، طرح عليّ أحدهم هذا السؤال.
نظرت إلى السائل بنظرةٍ تحمل شيئًا من السخرية، كأنني أقول: "يا له من سؤال أحمق!"
هل يسألني هذا حقًا لأنه لا يعلم؟
"وما رأيك أنت؟"
"ماذا؟"
"تخيّل أنك أنت، ولست أنا، من كان صديق طفولة للاندشير. كيف ستشعر حينها؟"
"همم… أعتقد أنني سأشعر بأمان عظيم، فكأنني امتلكت أقوى شخص في هذا العالم كحليف. ربما كنت سأتباهى بذلك في كل الحي!"
ليتني شعرت بذلك حقًا.
ضحكت في قرارة نفسي ضحكة ممزوجة بتنهيدة خفيفة.
نعم، هكذا يفكر الناس دائمًا.
لكنني، بصفتي من تحافظ على صداقة مستمرة مع ساحر عظيم حتى هذه اللحظة، يمكنني أن أوضح أمرًا واحدًا.
أن تكون صديق طفولتك ساحرًا عظيمًا هو أمر أكثر إيلامًا مما تتخيل.
حقًا.
***
على سبيل المثال، دعونا نسترجع ما حدث اليوم.
كان الوقت بعد الظهيرة، الساعة الثانية، حين يغمر الكسل الأجواء.
بدأت أسير نحو مكتبتي لأنجز بعض المهام الرسمية.
وبينما كنت أصعد الدرج، ناداني أحدهم من الخلف.
"سكايلرا!"
التفتُ فإذا بي أراه.
شعرٌ ذهبي يشبه الذهب المطحون ناعمًا، عينان تشبهان الجواهر الزرقاء، وجفنان متدليان بلطف كما عيني جروٍ صغير.
إنه لاندشير سولي، صديق طفولتي.
عقدت حاجبيّ دون وعي مني.
'ما الذي يفعله هذا الفتى هنا؟'
"سكايلرا، هل تودين تناول الشاي معي بعد قليل؟"
اقترب مني لاندشير بخطواتٍ سريعة وابتسامة مشعة، ثم طرح سؤاله.
فأطفأت تلك الابتسامة المشرقة بكأسٍ من الماء البارد.
"لا أريد."
"لا، لا تريدين؟"
"أجل."
رفضت عرضه دون تردد، ثم بدأت أخطو نحو الأمام بخطى واثقة.
توقف هو للحظة مترددًا، ثم عاد يركض نحوي مجددًا.
"لكنه شاي لذيذ جدًا! إنه شاي الياسمين الذي اشتريته بنفسي أمس من التجار الأجانب الذين زاروا عائلة دوق سولي..."
"لا أحب شاي الياسمين."
أجبتُ وأنا أتسلم أوراق المهام الرسمية من الخادم أوستن الذي كان ينتظر أمام المكتبة.
وفي تلك اللحظة، سمعتُ صوت أفكار أوستن يتردد في أذنيّ.
[يا لها من سيدة قاسية! السيد لاندشير يتوسل إليها هكذا، فلم لا تزور عائلة دوق سولي ولو في وقت متأخر؟]
حدّقت في أوستن بعينين متسعتين.
انتبه لنظرتي بسرعة ورفع رأسه.
"ما الذي يزعجكِ يا آنستي؟"
"ليس لديّ أدنى نية لزيارة عائلة دوق سولي، فاعلم ذلك جيدًا."
"حسنًا؟"
"واذهب وأخبر السائق أن يعد العربة، سأخرج بعد قليل."
"آه… مفهوم."
وفي لحظة ارتباكه، سمعتُ أفكاره مجددًا.
[ما الذي يحدث؟ هل كنت واضحًا جدًا؟ يبدو كأن السيدة قرأت أفكاري...]
ليس "كأنني قرأتها"، بل قرأتها حقًا.
سخرت في داخلي بسخرية خفيفة.
بعد عشرين عامًا من خدمته كخادم في عائلتنا، وهو لا يزال يجهل قدرتي.
'حسنًا، لا أحد يعلم بقدرتي هذه سوى والديّ.'
تجاهلت أوستن المتحير ببساطة، ودخلت المكتبة.
"إذن، ماذا عن شاي الكركديه بدلاً من الياسمين؟"
تبعني لاندشير بعنادٍ إلى داخل المكتبة، وسأل مجددًا بنبرة مليئة بالأمل.
"ليس ذوقي."
جلست على المكتب، أسندت ذقني بيدي، وبدأت أتصفح الأوراق.
كانت معظمها مراسلات رسمية من القصر الإمبراطوري.
وبينما كنت أراجع تلك الأوراق المتكدسة بعناية، عاد صوته يتردد بجانبي.
"أو ربما شاي ليدي إيرل غراي، وهو خيار معتدل؟"
"لا أحب الشاي."
"آه، صحيح. تذكرت أنك استمتعت به من قبل، لذا اقترحته. إذن، بدلاً من الشاي، ماذا عن عصير...؟"
"لا أحب الحلويات."
"ماذا عن عصير الخيار؟"
"اشربه أنت."
"إذن تعالي لنشرب كأس ماء على الأقل."
بدأ صوته يرتجف وكأنه على وشك البكاء.
"سأذهب الآن إلى الشمال لأجلب الماء الطبيعي النقي. وإن لم يكن ذلك كافيًا، سأتوجه إلى المملكة المجاورة لأحضر ماء الينبوع المعجزة. بل سأقطع الجليد الأبدي من قمم جبال تايس وأضيفه لكِ. فأرجوكِ، تعالي معي إلى منزل عائلة الدوق وامضي بعض الوقت معي، أرجوكِ!"
"..."
كنت أوقّع على إحدى الأوراق التي تحتاج موافقتي، فوضعت القلم جانبًا.
رفعت رأسي ببطء، فرأيته جالسًا على ركبتيه بجانب مكتبي بهدوء تام.
تنهدت تنهيدة عميقة دون وعي مني، كأنها سحابة دخان كثيف.
"لاندشير."
"نعم، سكايلرا!"
ما إن ناديته باسمه حتى لمعت عيناه ببريقٍ خاص.
نظرت إلى عينيه المتلألئتين كأنهما مزينتان بقطع من الياقوت الأزرق، فشعرت بثقلٍ لا يمكن السيطرة عليه.
"سأذهب إلى مكان ما بعد قليل."
"إلى أين؟"
"بعد ساعتين، سيقام حفل شاي في منزل ماركيز غارنيت، وقد دُعيت إليه."
"آه، حقًا؟ إذن يمكنني مرافقتكِ!"
بدأت ملامح وجه لاندشير تتوهج بأملٍ صغير كشعلة شمعة.
فأطفأت تلك الشعلة بسرعة.
"للأسف، إنه مكان مخصص للنساء فقط. لا يمكنك الحضور."
"حقًا؟ حتى وأنا صديق طفولتكِ...؟"
"نعم، لا يمكنك."
من يسمعه قد يظن أن "صديق الطفولة" لقبٌ رسمي. سخرت بخفة في داخلي.
"بما أنك لا تستطيع، ارجع إلى منزلك. ألا ترى أنني أحاول العمل الآن؟"
حاولت طرده بهذا التوبيخ، لكن يبدو أن عينيّ لاندشير لم تريا عملي على الإطلاق.
"إذن سأصبح امرأة!"
"ماذا؟"
"انظري جيدًا!"
قفز لاندشير من مكانه واستدار بسرعة.
في لحظة، اجتاحت موجة من الطاقة السحرية جسده.
وفي اللحظة التالية، ظهرت أمامي فتاة ذات مظهر رقيق.
"ما رأيكِ؟ أليس الأمر مثاليًا؟"
ابتسم لاندشير، الذي تحول إلى امرأة، وهو يلمس خده ضاحكًا. كأنه يصرخ "أمدحيني سريعًا!"
"..."
فقدت قدرتي على الكلام.
"هل تحول إلى امرأة فقط ليتمكن من حضور حفل الشاي المخصص للنساء؟"
شعرت بدوخة طفيفة.
لاندشير هذا، أشعل مجددًا شعلة الأمل التي أطفأتها بنفسي، بل وسكب عليها الزيت لتتّقد أكثر.
"حسنًا، لنفترض أن تحولك إلى امرأة مقبول، لكن كيف ستدخل منزل ماركيز غارنيت؟ لا يُسمح بالدخول إلا لمن يحمل دعوة رسمية."
أظهرت له دعوة الحفل وهززتها أمامه، مفكرةً: "ليس لديك واحدة، أليس كذلك؟"
لكن ذلك كان خطأً فادحًا.
"يمكنني صنع واحدة الآن."
"ماذا؟"
بدلاً من الرد، ابتسم لاندشير ابتسامة مشعة وأشار بأصابعه بلطف.
فسقطت رسالة على يده الأخرى.
"أليس هذا شكلها؟"
أراني الرسالة بابتسامة بريئة.
كانت تحمل ختم عائلة ماركيز غارنيت، تمامًا مثل دعوة الحفل التي أملكها.
"لاندشير، أنت...!"
نظرت بسرعة إلى يدي في ذعر.
لكن، على عكس توقعاتي، كانت الدعوة لا تزال بين يديّ.
"ما الذي يحدث؟ لماذا أصبحت الدعوات اثنتين؟"
"لقد صنعت واحدة الآن."
"ماذا؟"
"رأيت الدعوة التي تملكينها، سكايلرا، وصنعت واحدة جديدة على الفور."
أعلن لاندشير ذلك بفخر وهو يحتفظ بابتسامته المشرقة.
"استخدمت سحر الرؤية والقراءة السريعة لأقرأ محتوى الدعوة، ثم استدعيت ورقة من غرفتي بسحر الاستدعاء، وبعدها كتبت المحتوى نفسه على الورقة بسحر النسخ، وأخيرًا..."
"كفى."
أوقفت تفسيراته الطويلة.
لم أكن بحاجة لسماع المزيد لأفهم.
في غمضة عين، استخدم لاندشير سلسلة من التعاويذ المتقدمة التي يصعب على سيد برج السحر تنفيذها، وصنع دعوة مزيفة.
لم أتوقع أبدًا أن يهدر موهبته بهذا الشكل.
يا له من شخص يصنع طاولة خشبية بعود أسنان! ويا لعناده المذهل...
كبحت ارتفاع ضغط دمي المتصاعد، وفتحت فمي مجددًا.
"اسمع جيدًا، لاندشير. هذا الحفل ليس مكانًا يمكن لأي شخص دخوله بدعوة فقط."
"لماذا؟ هل يقام داخل خزانة ملابس؟"
"فكرة لطيفة حقًا. لا، ليس داخل خزانة، لكنه تجمع صغير يضم أربعة أشخاص فقط، بما فيهم أنا."
"إذن سأكون الخامس. خمسة أشخاص يعني أن الحلويات لن تتبقى بكميات غير متساوية."
"لا حاجة لهذا اللطف."
عقدت حاجبيّ دون وعي.
"فكر قليلاً، لاندشير. تجمع يضم أربعة أشخاص فقط، فكيف سيبدو الأمر إذا ظهرت فتاة غريبة لم يسمع بها أحد؟"
"آه، هذا صحيح."
أخيرًا، أدرك لاندشير منطقي وأومأ برأسه.
"إذن سأجعل الأمر غير مريب."
"ماذا؟"
حدث ذلك في لمح البصر. اختفى لاندشير الواقف أمامي كأنه ذرة غبار.
وسقطت الدعوة المزيفة على الأرض حيث كان يقف.
إلى أين ذهب هذا الفتى؟
نهضت من مكاني في ذعر.
وبينما كنت على وشك القلق عليه بعد اختفائه المفاجئ...
"لقد عدت!"
عاد لاندشير للظهور.
"آه!"
"حذارِ، كدتِ تسقطين."
تفاجأت حتى كدت أسقط للخلف، لكن لاندشير أمسكني بسهولة باستخدام سحره.
وقفت بسرعة بعد أن وجدت نفسي في أحضانه دون قصد.
"أين، أين ذهبت؟"
"ذهبت لأقنعهم."
"ماذا؟"
"استخدمت سحر التأثير العقلي لأقنع جميع السيدات المشاركات في الحفل بأن التجمع كان من المفترض أن يضم خمسة أشخاص منذ البداية."
قال لاندشير ذلك وابتسامة بريئة تزين شفتيه.
شعرت أنني على وشك الجنون.
"استخدام سحر التأثير العقلي لا يسمى إقناعًا! ارجع فورًا وأزل التعويذة!"
لاندشير سولي، الابن الثالث لعائلة دوق سولي.
هذا الشخص الذي يغير شكله بسهولة، ويستخدم تعاويذ متقدمة مثل سحر الرؤية كأنها نفَسٌ يخرج من صدره، ويقوم بغسل دماغ ثلاثة أشخاص أبرياء في لحظة، بقدراته المذهلة التي تثير الحيرة.
نعم.
صديق طفولتي، لاندشير، هو ساحر عظيم قد يظهر مرة كل ألف عام.
وبسببه، أشعر أن كل يوم يمر كأنه ألف عام.
لذا، ما شعوري بأن يكون صديق طفولتي ساحرًا عظيمًا؟
لا أعرف الكثير، لكنني أعرف شيئًا واحدًا.
إنه شعور مزعج بعض الشيء.
— ترجمة إسراء