ذلك اليوم لم افهم ان كان يجب علي الشعور بالسعادة لأني سأصبح نخبة ام امقت نفسي لاني ساكون من القتلة ، بعد كل شيء كان السائد هو قانون الغاب ٱقتل او ستموت .. حملت ما يمكن ان احتاجه و تركت ساحة التدريب متجها الى مسكني حتى يتسنى لي توديع عائلتي و النوم لليلة اخيرة حذوهم قبل مغادرتي ، لكنّ يدا امسكتني من كتفي و انا اخرج كان ذلك الشخص الملثم ، قال لي :
" تغيرت الامور نادي رفاقك سنرحل الان " .
" سيدي ، هل يمكنني اخبار عائلتي على الاقل و توديعهم ؟" . تسائلت
" لا وقت لذلك ، سنرسل لهم شخصا يخبرهم عن الامر "
لم يكن باليد حيلة ، الاوامر صارمة لا يمكن رفضها لذا استدرت عائدا و اخبرت رفاقي بالامر ، لم تمضي دقائق حتى و جدنا عربة خاصة امام البوابة تنتظر قدومنا ، التفت السائق الينا و اخبرنا بالصعود حذوه ، سأله رفيقي :
" ماذا عن الجنرال ؟! "
" انه بالفعل انطلق قد امتطى عربته الخاصة "
حسنا سيكون الامر معقولا إذ أن شخصا بمكانة مرموقة مثله كجنرال و قائد فيلق عظيم سيعامل معاملة حسنة على عكس بربر مثلنا ، حين بدأت العربة بالسير في الطريق الرئيسية نحو الجنوب سمعت صراخا من اشخاص بالكاد رأيتهم امام معبر الحصن كان والدي يلوح لي من بعيد و حذوه اختي و والدتي تصرخان :
"ماااكري ، عد سالما ! " مع بكائهما لم استطع سوى فهم ذلك ،
كانت لحضة قاسية جدا لا ازال اذكر ان عيناي جفتا من الدموع تلك الليلة ، مفترق طرقي الاول كان ترك النعيم الذي يسمى العائلة و السير وحيدا نحو ماكري الجديد الجزار .
بعد مدًى لا بأس به من دخولنا الغابة تسبب ارهاقنا من التدريب و الجو القائم من هدوء و عتمة الليل في نومنا ، لكن الراحة لم تدم طويلا ففجأة تعرضنا لهجوم ، لم نعرف كم عددهم و ان كانوا قطاع طرق او مرتزقة ، حتى الفرصة لاشعال النار لم تتح لنا ، الضرب المبرح كان ملخص ليلتنا الاولى في البرية ، مهما كان من يفعل ذلك بدى انه لا يريد قتلنا .
حاولت التفكير بداية بغياب صوت الحيوانات المتوحشة في محيطنا رغم اننا تعمقنا في الغابة ، و تمنيت ان المح اي دليل عن مهاجمنا ، حتى الصراخ لطلب المساعدة لن ينفع فمن يعرف كم ابتعد عنا الجنرال و حاشيته ، ثم كان الاستنتاج الاخير ان الشخص الذي يفعل ذلك هو احد جنود النخبة التابعين للفرقة يرحب بنا بطريقته .
استمر الامر حتى بزوغ اول شعاع من ضوء الفجر ، كانت الكدمات تغطي وجوهنا حتى ان اعيننا انتفخت و تاثرت قدرتنا على الرؤية ، فقط السائق كان بخير و بذلك تأكدت من منظوري .
بعد ساعة على الاكثر اصبح المكان الذي وقفنا فيه مضيئا , كان احد الرفاق يشتكي من ما حدث لنا و يلعن قدره الذي قاده لهذا ، لكن جلب انتباهنا صوت صهيل الخيل الذي كان يقترب منا ثم صوت مؤلوف يقول :
"ما فائدة عيناك ان كنت لا ترى من فعل بك هذا ليلا "
لم نستطع الضحك اولا من شدة الالم اثر اصاباتنا و ثانيا من الدهشة و الوقار في هذه اللحضة , كان الفاعل هو الجنرال نزل من حصانه الذي كان يجر عربة مليئة بالطرائد . لم نتوقع ان يكون بهذه الفضاعة بضربنا طوال الليل ، و تسائلنا عن تخيلاتنا السابقة عن عربته الفخمة والجواري و الخدم و فيلقه من النخبة ايضا ، كان هنا لوحده و سرعان ما قاطع دهشتنا و نظر لي قائلا :
" شكرا لرعايتك لهم ايها القائد في غيابي "
لم ادري ما يحب ان اقول فلم تكن لهجته واضحة ان كان يسخر مني ، يمازحني او يتحدث بجدية ، ثم أكمل :
" يجب ان تعرفوا انكم ستمرون بمواقف أسوء من هذه لكن التدريب سيجعلكم اشداء ، ارتدوا عصبات الاعين هذه غير مسموح نزعها الى ان آمر بذلك ".
ان كان التدريب الذي كنا نخوضه في المعسكر جهنميا فما الذي يجب ان ننعت به ما عشناه مع الجنرال في الغابة .. حسب تجربتي الخاصة إذْ أني تذوقت الموت الاف المرات فيبدو لي ان الامر يقترب من ذلك ، و على عكس الموت الذي يكون بلحضات خاطفة نعاني فقط حين خروج ارواحنا من اجسادنا استمررنا بذلك الحال لأربعة أشهر حتى ان الشتاء قد حل و نحن لا نزال بمنتصف الطريق من وجهتنا قرب الجبال الغربية .
كانت ذكريات مريرة و لكن الآن لم اكن في حاجة لبذل قصار جهدي لقتل فيلقٍ تابعٍ لطفل يسميه الناس بالقيصر لأن والده كذلك ، كل ما احتجته عدة أنفاس مع خطوة الاغتيال التي اتقنتها في الطابق الاول لأجعل رؤوس الف شخص من القمامة تتطاير هنا و هناك ، لم يرق الامر لي لان العدالة في هذه المعركة غائبة ربما ان كانو عشرة اضعاف سيكون من اللائق ان ابذل اكثر بقليل من الجهد الحالي وان كانو مئة ضعف سأحضى بحرب رائعة و اقارعهم مع عدم اليقين بالفوز .