لقد تسائلت عن الفترة التي قضيتها في التأمل فأخبرني أيور اني أمضيت فقط خمسة ايام هنا لكن المناخ الذي توفره القمة على مدى اربعة و عشرين ساعة ما يقابل عاما بفصوله الاربعة و الطاقة المركزة في هذا البعد تسرّع عملية التعلم .

لم اهتم بالتفاصيل فقد نال الجوع مني ، فتحت خزانتي المكانية و اخترت اللحوم التي تبدو شهية و الأعشاب اللازمة لأستعملها كبهارات و اختمت بزجاجة خمر عتيق و قمت بالشرب و الاكل حتى الامتلاء عن الاخر ، استرجعت طاقتي و عاد وجهي الى حاله بعد شحوبه لاني عانيت سوء تغذية كل تلك المدة ثم استلقيت بداخل الكوخ حتى اخذ غرضي من الراحة ، و حين استيقضت كنت مستعدا حتى لدحر و اسقاط كامل الروم في " افريقيّة " فبعد استيعابي لمفهوم الفوضى تحسن تنفسي و صرت اشعر بجميع التغيرات التي تشمل جسدي و محيطه ، كالدورة الدموية و العضلات الدقيقة عن اخرها ، خرجت من الكوخ و تمددت قليلا ثم ناديت :

" حسنا انا جاهز فلنفعلها ، ايور "

"هل انت واثق, اذن فلنبدأ " أجابني دون ان يتحرك ،

( م: افريقيّة : هي تونس قديما )

ثقتي من عدمها لن تشكل فرقا لكن اطمح حاليا لتجربة واقعية فمجرد مجاراة ملك كان يحرك غرائزي المشتاقة للاختبار.

تربعت مواجها للعرش الذي يعتليه ايور و حاولت السيطرة على تدفق افكاري و الدخول في حالة تركيز تام ، لقد عرفت عبر مراقبتي للكائنات الحية ان الجزئيات المنتشرة في الفضاء تتفاعل مسبقا مع نوايا الارواح حتى ان ادنى تغيّر يدل على وجود حركة مستقبلية ، لذا حين شعرت بذلك تحركت مباشرة نحوها .

لقد انتقل العجوز الى هناك بالفعل لكنه مباشرة غيّر موقعه ، السرعة كانت ما احتاجه لكن تحركه الدائم جعل توقع وجهته القادمة شبه مستحيل فحاولت استخدام خطوة الاغتيال لمجاراته لكني في كل مرة اتأخر بلحضة واحدة عنه .

عدت الى مكاني و جلست افكر في كلماته السابقة عن ادراك النقاء ، جعلني ذلك اخوض فهما اخر يتمحور حول كيفية الاندماج في الفضاء حتى اصبح انا نفسه ، اثر ذلك مباشرة لمعت جميع الجزئيات الخاصة بي بكل انواعها باشعاع مطلق فجذبت جزئيات الفضاء حولي و اصبحت غلافا لجسدي ، و بمجرد التفكير في مسك العجوز وجدت نفسي امامه و اصبعي على جبينه و لم استطع حتى اخفاء اندهاشي لكن ما جلب انتباهي اكثر كان ردة فعل أيور لقد نظر لي بكفر و عيناه تبرز صدمته و صرخ :

" مرعب ! سرعة تعلمك غير مسبوقة "

ثم استرجع شتات انفاسه فمن كان ذات يوم ملكا لن يخسر نفسه بسهولة وسط الذهول او الاعجاب ، لكن السعادة بدت على وجهه .

" لقد وسعت افاقي اليوم ، لم اشهد شخصا اندمج مع الفوضى بسرعتك ، كان من المرجح ان نمضي شهرا اخر على الاقل " ثم انتقل الى العرش بومضة و قال : "تستحق جائزة خاصةً لموهبتك و ذكائك "

بدى و كأنه يفتح بعدا فضائيا ذكرني بالخزانة التي حصلت عليها ثم بتلويحة اخرج صندوقا و فتحه كان فيه فقط سيف القاه لي و طلب مني القاء نظرة ،

سحبت السيف من غمده ومض بشدة و اثار هالة مرعبة ذات لون ازرق سماوي تثبت مصدره الاصيل ، كانت تلك المرة الاولى التي ارى فيها سيفا كهذا .

تبادلت نظراتي بين السيف و العجوز انتظر اخباره لي عنه لكن ايور بدى غارقا بالحنين لذلك انتظرت بفارغ الصبر ، حين عاد الى رشده تكلم :

" اسمه الاسطورة السماوية ، كان السيف الذي رافقني طوال حياتي ، سيسبب لك بعض المشاكل خارجا اذ هناك من سيتعرف بالطبع على سيف الملك الاسطوري ، مسرور لان بقايا روحي ستتبعك ، لا ترحم اي شخص مستقبلا و لكن كن انسانا عادلا ماكري ، السيد الأعظم لم يتركك ابدا "

كانت تلك اخر كلماتها ثم توجهت روحه الى نواتي حيث احسست بالقوة و توسع فهمي و بدات معلومات تتدفق داخل عقلي اهمها كل ما يخص هذا الجسد .

2022/02/12 · 106 مشاهدة · 613 كلمة
Makri
نادي الروايات - 2025