في العالم الحقيقي

لا يزال التحقيق جاريا حول القرصان الذي عبث بخوذات اللعب، ففوق التجربة الفضيعة التي مروا بها، فهناك أيضا فقدان ذاكرة جماعي لكل المتورطين قي القضية.

ما فعلته ميهو لإخفاء أثارها بحذف نفسها من ذكريات اللاعبين

تسبب في فوضى عارمة، مع زيادة المتشككين في مدى سلامة خوذات اللعب.

تم الإعلان عن تحديث جديد لجدار الحماية لضمان عدم الإخنراق ثانية، كما سيتم تعديل الخوذة بحيث تكون مستقبلات الألم ضمن الحد المعمول به في اللعبة

جلس ساتو على مكتبه و علامات الإنزعاج بادية ،راح يتنهد بقوة بين الفينة و الأخرى حتى أنه لفت إنتباه زميله مادو

" هل أنت بخير، هل لهذا علاقة بحادثة معارك السموات ، إذا ظهرت أعراض أخرى غير فقدان الذاكرة، فعليك استشارة الطبيب "

"في هذه اللحظة أتمنى لو أنني فقدت ذاكرتي "

" لو أنني لا أعرف أنك الأعزب السرمدي الذي لم يواعد أحدا طيلة حياته، لظننت أنك تشاجرت مع حبيبتك"

رد ساتو بابتسامة باردة و لم يعلق على سخريته، لقد مرت عليه أيام سوداء في الماضي لم يجد فيها ما يسد جوعه، فكيف لشخص مثله أن يفكر بالحب و المواعدة.

في هذه اللحظة رن الهاتف معلنا عن وصول رسالة جديدة، تجاهل ساتو الرسالة و انغمس في عمله

* لقد وصلتك رسالة *

* لقد وصلتك رسالة *

* لقد وصلتك رسالة *

رسالة جديدة وصلت، ثم ثالثة و رابعة و خامسة

واحدة بعد الأخرى استمر الهاتف في الرنين، دون توقف .

"ما كل هذه الرسائل، ألن تقرأها قد يكون أمرا مهما"

ساتو لم يجب و اكتفى بإطفاء الهاتف

*بيب * *بيب*

هاتف مادو الذي بدأ يرن هذه المرة معلنا عن وصول رسالة جديدة

"أخبرك صديقك ساتو أنني في غاية الأسف ، و أرجوا أن يسامحني "

قرأ مادو الرسالة و هو يحدق بساتو غير مصدق ما قرأه

" أنت فعلا منزعج لأنك تشاجرت مع حبيبتك، لا أصدق العازب السرمدي لديه حبيبة "

ساتو الذي استمر في عمله متجاهلا مادو ، هو يعرف أن صديقه صاحب فم كبير يصنع من الحبة قبة لذلك تجاهله هو أفضل شيء.

بعد دقائق، دخل عليهم رئيسهم المباشر و راح يتنحنح

" احم احم، ساتو لقد سمعت أنك أحد المتضررين في تلك اللعبة الافتراضية، يمكنك أخذ باقي اليوم إجازة "

كلام الرئيس يعني فقط أن الشمس ستشرق من الغرب غدا، فحتى الإجازات المرضية لا يقبلها منهم عادة

" عما تتحدث أنا لست أحد الضحايا،أنا فقط كنت حاضرا في الموقع"

" احم احم " تنحنح ثانية ليقول متجاهلا كلامه

" بعد صدمة كتلك تحتاج لأن تكون مع شخص يهتم لأمرك، أعتقد أن عليك مصالحة زوجتك و قضاء بعض الوقت معها هو أفضل علاج لحالتك النفسية"

بالطبع رئيسه المباشر يخاف من جو ميهو حتى النخاع، فقد سبق و أن هددته بفضح كل مخالفاته و الرشوى التي يتقاضاها، لو طلبت منه أن يحصل ساتو على أجره دون أن يأتي إلى العمل فلن يستطيع مخالفة أوامرها

راح ساتو يشير لنفسه بفم مفتوح

" حالتي... النفسية.... ، لا أصدق هذا؟ "

" أنا من لا يصدق هذا؟، لقد قال زوجتك"

صرخ مادو في ساتو محتارا قبل أن يتذكر الحادثة منذ مدة عندما تحولت كافة بيانات ساتو الشخصية حتى الخاصة بالعمل من أعزب إلى متزوج

العبث في وثائق الثبوت الرسمية يعتبر جنحة خطيرة، يتوجب إبلاغ الشرطة عنها

و ساتو لم يجد حلا لتجنب الأمر سوى اختلاق كذبة مفادها أنها مزحة من صديقة غريبة الأطوار يعرفها

" لا تخبرني أنك تزوجت بالفتاة المجنونة التي كانت تلاحقك؟، كان عليك أن تقوم بإبلاغ الشرطة عن المطاردة، لا الزواج منها "

] مطارد ( stalker ) ، كلمة تطلق على المريض النفسي المهووس، الذي يراقب و يطارد حبيبه باستمرار من بعيد [ .

تاركا مادو يصرخ ،غادر ساتو المكتب مستفيدا من الإجازة غير المتوقعة.

دخل إلى أقرب مقهى و رمى بجسده على أقرب كرسي محاولا الإسترخاء، كان تلفاز المقهى يعرض قناة الموسيقى الكلاسيكية.

فجأة تغيرت القناة لتبث أغنية عصرية بعنوان سامحني حبيبي

"لماذا تغيرت القناة ؟"

صاحب المقهى حمل جهاز التحكم و راح يغير القنوات، و يبدو أن جهاز الاستقبال قد جن جنونه فعرض كل القنوات باستثناء التي يريدها، و الكلمات كانت مرتبة بشكل لا يصدق لتشكل نفس الجمل

* حبيبي لقد كنت مخطئة

* انا اسفة

* تقبل اعتذاري و اسفي

*اشتقت اليك

بقي التلفاز يطرح نفس العبارات ، و لم يعد للعمل حتى غادر ساتو المكان.

ما أن وصل المنزل فوجئ بكمية البطاقات البريدية التي فاضت من صندوق البريد

و كلها صور لقلوب محطمة، و عبارات عن ألم الفراق و طلب المسامحة.

ضحك ساتو في النهاية، و قرر مسامحة زوجته الإفتراضية.

بمجرد دخوله اللعبة راح ينادي

" ميهو لقد عدت، لكن لا تفهمي الموضوع بشكل خاطئ ،فما زلت مصرا على أن توقفي التدخل في العالم الحقيقي "

لأول مرة و على غير العادة، ميهو لم ترد عليه و لم تظهر أمامه لتستقبله كعادتها، فتش طويلا و اتظر لساعات لكن جو ميهو لم تعد إلى المنزل.

مرت أيام

لا زال ساتو يدخل لعبة فرصة ثانية،و مستمر في دور المحقق.

لكن لا أثر لزوجته الشخصية غير لاعبة، أحيانا يشعر أنها ستدخل في أي لحظة من الباب و تقوم بالقفز عليه معانقتا.

شعر ساتو بفراغ رهيب،أصبحت اللعبة مملة للفاية بدونها، حتى حياته الواقعية أصبحت هادئة و روتينية

" اللعنة أين اختفيت بلا أثر ؟، هل تحاولين التلاعب بي ..... حسنا سأقولها لقد اشتقت لك"

انتظر بعض الوقت لكن اعترافه بلا فائدة

" زوجة المدير الشقراء تشاجرت مع زوجها، و قد اتصلت بي لمواساتها "

و لا إثارة غيرتها عاد بفائدة، في النهاية استسلم للواقع و سجل خروجه من اللعبة.

2018/10/02 · 825 مشاهدة · 868 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024