قبل 14 عشر سنة

كانت لا تزال البلدان الفقيرة التي عرفت باسم العالم الرابع تعاني من تبعيات الأزمة الإقتصادية العالمية، حيث عرف المجتمع انحطاطا في مختلف المجالات مع إرتفاع ملحوظ في العنف و الإجرام، حتى المدارس لم تكن استثناءا

عندما كان ساتو في السادسة عشر إنتقل إلى المدينة، بعد إغلاق قاعة تدريب فنون السيف التي كان يديرها والده و إنتقاله للعمل في أحد المصانع.

ما إن وطأت قدمه أرض المدرسة الثانوية الجديدة حتى استوقفه فتاة بشعر أسود قصير

*طاخ*

دوى صوت الصفعة على وجه ساتو لدرجة أنه أمال رأسه، التفت للفتاة التي استقبلته بصفعة ليسألها بهدوء

" عليك تقبيلي الآن ؟ "

" أنا آسفة ، أرجوك سامحني.............لقد أجبروني على....على....على....."

تجمدت الفتاة التي كانت تنحني و تعتذر، بعد أن استوعبت سؤاله لتجيب في ارتباك

" قبل....قبل....قبلة "

أخذ ساتو يتفحصها من الأسفل إلى الأعلى و كأنه يحاول تقييم شكلها و قال و هو يحك خده

" لا تنظري لي بهذه الطريقة، لا شيء سينسيني وجع خدي إلا رحيق هذه الشفاه الوردية "

كلماته جعلت وجه الفتاة أحمرا مثل الطماطم، لكن سرعان ما تغيرت ملامح وجهها ، عندما سمعت صوت فتاة تناديها من الخلف، كانت الفتاة من أصول أوروبية طويلة القامة مع جسد رشيق ، مع تنورتها القصيرة و قميصها الضيق الذي أبرز مفاتنها كانت ملفتة للإنتباه

" هاي ، لا معنى للرهان إذا قمتي بالإعتذرا........... و هذا يعني أنك ستبقين خادمة لي"

*طاخ*

هوت الفتاة أرضا من قوة الصفعة التي تلقتها، رفعت عيناها في غضب لتتفاجأ بصفعة ثانية على وجهها

*طاخ*

" أيها الوغد اللعين كيف تجرؤ على..."

*طاخ *

صفعة ثالثة أحست معها أن ضروسها قد تم إقتلاعها فلم تعد تجرؤ على النظر في عيني هذا الشاب المجنون الذي لم يراعي أنها فتاة و استمر بصفعها

" ألم تستطيعي الإنتظار قليلا حتى أحصل على قبلتي، و من تنادي بالخادمة "

التفت إلى سعيدة الحظ مع ابتسامة لطيفة و كأن شيئا لم يكن و رمى لها بهاتفه

" عزيزتي، أكتبي اسمك و رقم هاتفك و الايميل "

الفتاة المسكينة أمسكت بيد مرتعشة الهاتف و هي تصرخ داخلها

' هربت من مأزق لأقع في آخر'

في هذه اللحظة كان ساتو أيضا يؤنب نفسه داخليا

' أيها الأحمق لقد أرعبت الفتاة ستظنك بلطجي يحاول الحصول على رقمها بالقوة '

" توقفي.........إن لم تكوني راغبة في ذلك فلا تفعلي، أنا لم أضربها لتصبحي خادمتي ، كما عليك أن تكون أكثر شجاعة، تتركين حمقاء مثلها تتنمر عليك و ترضخين لشاب لا تعرفين عنه شيئا ، و كأني سأعجب بضعيفة مثلك "

كان الإحباط يكبت على صدره و هو يأخذ الهاتف من يدها، لكنه تظاهر بالقوة ليبدوا و كأنه هو من رفضها، لطالما تمنى الحصول على رفيقة لكن بسبب طباعه الحادة فإن حتى الشباب يخشون الإقتراب منه فما بالك بالفتيات.

في هذ اللحظة ظهرت حسناء مع شعر بني متموج، من هيئتها و مظهرها يمكن الجزم أنها من عائلة ثرية، و راحت ترمقه بنظرات غاضبة و هي تساعد الفتاة الواقعة على الأرض على الوقوف

" هذه نتيجة تنمرك على الآخرين ، و أنت أيها السوقي تسمي نفسك رجلا و تقوم بضرب امرأة "

" ماذا تعنين بأنني لا أستطيع ضرب إمرأة، أتشجعين على العنصرية و التمييز بين الجنسين و أنت إمرأة "

صراخ ساتو الحماسي تركهم في حيرة من أمرهم، ليحدقوا لبعظهم البعض بينما استمر هوفي محاضرته

" لسنوات طويلة بذلت النساء الدم و العرق و الدموع للحصول على حقوقهم و ليكونوا سواسية مع الرجال، ليأتي شخص مثلك و يسألني لماذا ضربت امرأة؟"

*----------------------* صمت

"آه....."

"آه...."

الجميع تأوه في إستغراب، فالشاب الواقف أمامهم و بعد أن قام بصفع فتاة، يقول أنه أكبر مناصر لحقوق المرأة

" أيها المتناقض المجنون ، أتعتقد أنه من الشهامة أن تضرب إمرأة"

الحسناء ذات الشعر البني راحت تصرخ بوجه ساتو و الذي رفع كتفيه بلا مبالاة

" على المرأة أن تتصرف كأنثى، عندها يستطيع الرجل أن يكون شهما،أما أن تتنمر على البقية و تحاوب أن تصفع الرجال، فمقامهما عندي كمقام الرجال"

عيون ساتو تغيرت ، و قد تحولت لعيون مفترس قادر على سحق كل ما أمامه ليكمل قائلا

" و أنا دائما أرد الصاع صاعين "

أمام هذه العيون المفترسة لم يجرؤ أحد على إتخاذ خطوة خاطئة، في الأخير قطع صوت الجرس الصمت معلنا بداية الحصص ، ليتفرق الجميع.

--------

في الوقت الحالي

" لحظة من فضلك، أيفترض أن يكون ساتو المهووس بالحصول على صديقة و المجنون الذي صفع الفتاة بحجة حقوق المرأة ، هو نفسه أنا من الماضي "

قاطع ساتو صديقه الراوي معترضا، فتصرفاته تبدوا أقرب لجو ميهو منها لعاداته الشخصية ليرد مادو متجهما

"لا تتظاهر بأنني أختلق الأمر، أستطيع القول أنك تذكرت الأحداث التي أخبرتك عنها "

" هذا صحيح، بطريقة ما اشعر أنني فعلا عشت هذه الحكاية........لكن لماذا تسرد الأحداث بهذا الأسلوب، و كيف يعقل أن تعرف أحاديثي مع نفسي "

يبدوا أن لمادو ميولا أدبيا و لذلك كان مستمعا بسرد ذكريات الماضي، و سمح لنفسه أن يكون الراوي و صوت الضمير في القصة.

دون أن يغير أسلوبه استمر في سرد القصة قائلا لنعد للماضي


=================

تأليف :Magicien



2018/10/09 · 848 مشاهدة · 792 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024