" هذا لأني امتلك عقلا إستثنائيا......ها ها ها ها "

واضعا يديه على خصره إستمر السيد ويلكر القنطور بالضحك في طريقة هستيرية، بينما رمقته إبنته بنظرات غاضبة

" إبنتي لا تكوني قاسية معي في ساعاتي الأخيرة "

تحدث القنطور بنبرة حزينة، شاكيا قسوة إبنته

" هذه هي المشكلة، هل أنت حي ، هل أنت ميت؟، حتى الأطباء عاجزين عن الإجابة على هذا السؤال"

التفتت إلى ساتو و راحت تشكوا حيرتها هي الأخرى

" أنظر إليه إنه يقودني إلى الجنون، أي أب هذا الذي يركض في الحقول عاري الصدر و يردد بأعلى صوته

* عضلاتي هي الأقوى، عضلاتي تجعلني الأجمل، الرجولة تعني العضلات *"

" أنا فقط أتقمص شخصية القنطور و تحمست قليلا، فورة شباب كما يسمونها"

" فـ.....فـ....فورة شباب!!! ، أنت في الثمانين من عمرك ،و تستمر بالركض في الحقول بدلا عن قضاء ساعاتك الأخيرة معي "

علقت الكلمة في حنجرتها، مع صوت الدموع التي غلبتها قبل أن تركض مبتعدتا عنهم، حاول ساتو اللحاق بها لكن القنطور أي والدها اعترض طريقه

" دعها تحتاج للبقاء بمفردها بعض الوقت، على الأولاد أن يدفنوا الأباء و ليس العكس، إبنتي تؤمن بذلك و تريد أن تودع والدها بطريقة لائقة "

عندما حضرت جون مي نفسها لتقوم بدفن والدها تفاجأت بعقله الذي لا يزال يشتغل، ساعات و ساعات مرت ، بعد أن تم فصل أجهزة النعاش عن جسده و لا يزال الرجل الميت حيا في العالم الإفتراضي

كانت سعيدة بهذه السويعات الإضافية لهما معها، و في نفس الوقت و مع إقتراب موعد جراحتها لم تتحمل فكرة أنها قد لا تتمكن من دفنه إذا ما أصابها مكروه و لم تنجوا من عمليتها.

استغل ويلكر إبتعاد جون مي عنهم ، فأخذ ساتو على جنب ليحدثه

" ساتو، بالرغم من أنني لا أعرف ما الذي تراه في شاب عادي في المظهر و المستوى و أقل من عادي في الذكاء، أعني أنظر إليها و انظر لنفسك، لكن هذا اختيارها و لا توجد مشكلة بما أنك في الطرف الآخر من العالم و لأني وضعت نظام رقابة خارق للعادة سيمنع أي تصرف خبيث من طرفك"

ما لم يعرفه ساتو حينها أن نظام المراقبة هذا بالذات سيصيبه بالجنون مستقبلا.

"هناك أمر بشأن مرضها حتى هي لا تعرفه، نسبة نجاح إستئصال الورم ورم من دماغها كبيرة، لكن و للأسف من غير الممكن إصلاح الخلايا الدماغية المتضررة، مما يعني أنها بعد العملية ستفقد آخر ذكرياتها ، و مع الوقت ستسوء الحالة لتصبح عاجزة عن الإحتفاظ بأي ذكريات جديدة"

كان سبق لساتو أن سمع بفقدان الذاكرة قصير المدى، كان من يعاني من هذ المرض عاجز عن تذكر المعلومات والمهارات والخبرات التي مر بها قبل ساعات، فيعيش يومه في حلقة مفرغة .

وسط صدمة ساتو و ذهوله أكمل ويلكر حديثه بسرعة دون أن يضيع ثانية واحدة

"من أجل إنقاذها، قمت بالتفكير في حل وسط و هو صنع شريحة إلكترونية لزرعها في دماغها تعويضا للمنطقة المتضررة .

لكن المشكلة هي أن صنع هذه الشريحة القادرة على تعويض جزء من الدماغ البشري قد يتطلب سنتين لإكمالها، ما يعني أن الآوان سيكون قد فات و ستكون إبنتي قد فقدت كل ذكرياتها ،و إذا تعدى الأمر أكثر من سنتين فستفقد حتى هويتها.

و الجواب الذي عثرت عليه كان العالم الإفتراضي، فكما تعلم فإن وعي الإنسان بمجرد أن تضع الخوذة ينتقل داخل برنامج العالم الإفتراضي، و اللاعب يبقى محتفظا بكل معارفه و ذكرياته.

فكرت عنها ماذا لو تمكنت من إنشاء نسخة من ذكريات اللاعب و تسجيلها على شكل بيانات رقمية ، لأحتفظ بها إلى حين الإنتهاء من صنع الشريحة"

" و إذا ؟ ، هل نجحت في ذلك ؟"

تساءل ساتو و هو في غاية التوتر لسماع الجواب

" نعم نجحت و نسخت كامل ذكرياتها، لأكتشف لاحقا أن ما صنعته تعدى مجرد نسخ للذكريات، أنا و عن طريق الصدفة نسخت كل شيء كان في عقل إبنتي، ذكاءها،إدراكها ، حتى مشاعرها و لجهلي أنا فصلت هذه الذكريات عن باقي وعيها................أنا خلقت نسخة إفتراضية عن إبنتي "

" ماذاااااا؟؟؟؟؟؟"

صرخ ساتو من المفاجأة ، فلفت إنتباه جون مي و التي عادت تتساءل

" هل هناك مشكلة ؟"

" لا ، لا يوجد مشكلة.......، مي هل أنت بخير؟"

تفاجأ ساتو بالضوء الذي أحاط بها، و يبدوا أن هناك من قام بفصل الخوذة عن الخادم مجبرا إياها على الخروج من اللعبة

" اللعنة ، لقد ذلك الوغد لا شك أنه كان يراقبني، اسمع سأرسلك لك ذكريات إبنتي على خوذتك ، عندما تعود للعالم الحقيقي إبحث عن تلميذي بيار هو يعرف ما يجب أن يفعله"

الأحداث المفاجئة أربكت ساتو فراح يسأل

" ما الذي يحدث؟...."

" لا وقت للشرح، إرحل من هنا ........... لن أدعهم يحصلون على جو ميهي سأمحي كل شيء هنا، عليك الوصول إلى السيرفر الإحتياطي قبلهم "

----

----

----

----

خرج ساتو من العالم الإفتراضي الذي كان تجسيدا لذكرياته، و معه جواب السؤال عن حقيقة الشخصية الإفتراضية الغير لاعبة جو ميهو

إنها نسخة عن وعي جون مي، ذكاءها، مشاعرها، أحاسيسها كل شيء بإستثناء ذكرياتها، عقل جون مي تم نسخه إلى بيانات رقمية في العالم الافتراضي و الأفاتار الذي كان يجسدها احتفظ بهذا الوعي لتظهر جو ميهو للوجود.

لكن يبدوا أن هناك من كان يسعى خلفها و هذا السبب الذي جعل جون ويلكر ، يرسل الذكريات إليه بدلا عن إرسالها إلى تلميذه.

" من يحتجز جو ميهو ؟ و كيف "

ساتو أدرك أن من كانوا يسعون خلف جو ميهو في الماضي قد تمكنوا منها ، بالطبع هو لم يسأل لماذا، فذلك بديهي ذكاء إصطناعي خارق قادر للوصول إلى أي حاسوب موجود في العالم و إختراقه، سيعتبر أقوى سلاح، و هو خير من يعرف مقدار قوتها لكنه سأل كيف تمكنوا من حجزها .

بيار و بعد أن استرجع ساتو ذكرياته، راح يشرح المهمة المطلوبة منه

" جو ميهو ، هي من تستطيع إجابتك ، عليك ان تعرف الآن ، أننا تأخرنا كثيرا في صنع الشريحة، و الآنسة مي فقدت هويتها، و الطريقة الوحيدة لاستعادتها هي باسترجاع جو ميهو "

2018/10/30 · 732 مشاهدة · 927 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024