الفصل الكوني

——

13 المقدس

“ أذن هو باونتي هنتر ” تنهد وهو يتحدث وقام بأخذ المذكرة الدامية من على وجهه . ظهرت ملامح الحادة مع عيون سوداء قاتمة ، مع وجود هالات سوداء تحت عينيه ، وشعرة أسود طويل .

“ ألم يخبرك أحد ان لا تأخذ شيئًا لا يعينك ؟ ” تحدث نيوفيليت وهو متجعد حاجبيه .

ضحك كرايوس ، ونظر نحو نيوفيليت ويقوم بنفذ الدخان نحوه قائلًا .

“ لا تخف المذكرة لا تحتوي على أي كلام ، على ما يبدو أنها تحتوي على كلمات سريه بين الكاتب والقارئ… والقارئ هو أنتَ ”

كان نيوفيليت متعجبًا من فهم كرايوس لبعض الأمور التي كانت بالنسبة إليه مجرد غموض ، تحدث ساخرًا .

“ هل هذه زيارة عائلية أم ماذا ؟ سيد غرايستون ما هي المهمة التالية ”

ضحك غرايستون ، وهو يشير نحو كرايوس قائلًا له .

“ لا ليست بـ زيارة عائلية كان السيد كرايوس في مهمة وأراد القاء التحية عليَّ…. وأما بالنسبة إلى مهمة التالية سوف تكون صعب جدًا لك سيد المهرج ، لذلك هل أنتَ مستعد لها ؟ ”

تثاوب باونتي هنتر كرايوس ووضع أحد الأوراق على رأسه قائلًا .

“ عندما تنتهي من كلام فارغ سيد غرايستون أيقظني ”

كان نيوفيليت مُتعجبًا من أمر هذا الشخص الغامض ، كسر النقيب غرايستون تأمله قائلًا له .

“ دعك منها أيها المحقق…. المهم هذه المهمة هي التي سوف تنقل إلى المستوى الآخر ”

جلس نيوفيليت على الأريكة وكان عقلة البدائي غير مندمج مع تلك الكلمات الغريبة .

“ المستوى الآخر ؟ وهل الغوامض كلامهم غير مفهوم أم ماذا ؟ ”

ابتسم النقيب غرايستون موضحًا الأمر بهدوءٍ شديد قائلًا .

“ في هذه المهمة عليك القبض أو القضاء على المُقامر الروسي العالمي ‘ غريغوري راستوف ’ ، يتميز هذا المقامر بطرقة الغريبة في لعب وخاص في لعبة ‘ النرد الغامض ’ …. الذي يتحدى هذا المقامر لن يخرج حيًا منه أبدًا ، وغير معروف مكان الحانة خاصته ، إذا أردت أن تتحداه يجب عليك حل لغز صغير من أجل أيجاد مكانه ، وهذا يتطلب شخصًا عبقريًا لحل هكذا لغز ”

أشعل نيوفيليت سيجارة واضعًا قدمًا على القدم الآخر قائلًا بكبرياء .

“ وما لغز هذا ؟ هل يمكن توضيح بعض الأمور ، لآن بالمناسبة لن يقف أي لغز أمامَ ”

ارتسمت على معاني غرايستون ابتسامة ساخرة قائلًا .

“ لغز هو يكمن في سر البناية… يوجد في أنحاء لندن ثلاثة بنايات موزعة على شكل مُثلث بالتساوي مُختصة بأمور المُقامرة وجميعها يقامر فيها الروس ، لن يسمحوا لأشخاص من جنسية الأنكليزية أو اي جنسية المقامرة معهم إلا في حالات معينة ، أذا اردت تحدي المقامر الأعظم ، يوجد مجموعة من الحروف في كل بناية ، يجب عليك تفحص كل زوايا البناية من أجل أيجاد حرف واحد فيها ”

مد نيوفيليت يده إلى الأمام وهو مُتسائل عن شيئًا ما قائلًا .

“ وكيف أعرف أن هذه هي الحروف المقصودة ؟ ”

اخذ النقيب غرايستون سكين وقام بجرح يده ، ومن ثم رماه على حائط .

“ هكذا سوف ترى الاسم بالون الدامي ، يتقطر منه دم… ولكن لن تلقاه بسهولة يجب عليك البحث ”

رمى نقيب غرايستون ورقة فيها أسماء الخانات الروسية قائلًا له بسخرية .

“ هذه الأمكان الخاصة بالحانات والتي تشكل مثلث حول مدينة لندن ”

تحدث الباونتي هنتر كرايوس خلف نيوفيليت قائلًا له

“ يمكن ان تصبح محقق كوني…. مثلما أصبحت أنا باونتي هنتر كوني ”

تفاجأ نيوفيليت بوجود كرايوس خلفة ، كانت عينيه مصوبة نحوه وهو جالس كيف نهض وأصبح خلفة .

نهض النقيب غرايستون ، ولبس معطفة الاسود الطويل ، فتح بعدٍ آخر لونه اسود اقترب منه كرايوس نحو نقيب .

“ على ما يبدو أن لديك كلام مع المحقق سوف أذهب قبلك ” وضع كرايوس يده وهو يتثاوب غير مهتمًا للآمر .

ألتف النقيب غرايستون نحو نيوفيليت ونظر إليه بنصف عين مُتحدثًا بسخرية قائلًا .

“ أتمنى أن يحالفك الحظ هذه المره ، وأيضًا لنرى هل سوف يتدخل حاكم المقامرة كما تتدخل في تلك المره ”

نادى عليه نيوفيليت ، ولكن غرايستون إلى بعدَ وأختفى من بعدها ، جلسة على الأريكة وهو يمسك رأسه بأصبعة العشرة مُتحدثًا مع نفسه قائلًا .

“ يالهُ من يومًا غريب ، ظهور باونتي غامض ، مع تفحص ماضي سيلاس المُرعب ومواجهته التي لولا قدرة التجدد لدي لكنت ميت الآن ”

أنحنا نيوفيليت إلى الأمام مُلصقٍ أصابعة العشرة معًا قائلًا بهدوء .

“ على ما يبدو أنتَ الآخر لم تتعلم طرق… القسيس ليوفوين رافن ”

ضحك ليوفوين رافن من خلف الأريكة ، خطا نحو الكرسي بالجوار الطاولة وجلس عليه ، ناظرًا نحو نيوفيليت مُتحدثًا كما لو كان يتمتم .

" احب الظهور بشكل فخم أمام الكاتب الأعظم ”

ضحك كلاهما ، ومن ثم نظر نحوه نيوفيليت قائلًا له بشكل ساخر .

“ لم تحضر إلى هنا من أجل الشاي أو القهوة ، إلى ماذا أتيت سيد ليوفوين رافن ”

ارتسمت على ليوفوين رافن معانٍ غريبة ، ومن ثم وضع أصابعة العشرة سويتًا قائلًا .

“ من أجل مُساعدتك في هذه القضية ”

نهض نيوفيليت نحو مكتبة ، ومن ثم قال بنبرة حادة

“ أني أقدر قدومك وحضورك الفخم إلى هنا ، ولكن هذه قضيةِ وأحب التحقيق وحيدًا ”

ضحك ليوفوين رافن ومن ثم نقر بشكل مزدوج على طاولة ناظرًا نحو المحقق قائلًا له .

“ من أخبرك أني سوف اتدخل في أمور التحقيق ، ايها الكاتب ما أنا إلا مُجرد سافك للدماء تحت مسمى واحد وهو رقم 13 ، وأنتَ أكثر دراية بذلك ”

أطفأ نيوفيليت سيجارته ببطء، كأنه يتأمل النهاية الحتمية لدخانها المتلاشي. تغيّر ملابسه كان أشبه بطقسٍ هادئ يعكس بروده الداخلي. قبل أن يفتح الباب، ألقى نظرة خاطفة إلى المرآة، حيث ارتسمت على شفتيه ابتسامة قرمزية مشوبة بالخبث.

توجه بنظره إلى القسيس ليوفوين وقال بصوت هادئ لكن فيه نبرة أمر حادة .

“أريدك أن تذبح الحارسين. هل تستطيع فعل ذلك، أيها القسيس ؟ ”

ارتسمت على وجه ليوفوين رافن ابتسامة تشق ملامحه وكأنها علامة على لذة خفية. فتح الباب ببطء، وكأنه يستمتع بكل لحظة تسبق الفوضى. وقف بين الحارسين اللذين أحسّا بشيء مريب. كان توترهما يتصاعد، لكنه لم يكن سريعًا بما يكفي لإنقاذهما. حين مدّا أيديهما نحو أسلحتهما، كان ليوفوين أسرع. بسلاسة مخيفة، قطع أيديهما ثم رؤوسهما بحركة واحدة، وكأنها رقصة مألوفة بالنسبة له.

" آمين لكما، 13 المقدس " قالها بصوت خافت لكنه مليء بالتشدد المخيف .

خرج نيوفيليت من الغرفة، وعيناه تعكسان برودة ما شاهده. نظر إلى الجثث، ووضع إصبعيه على ذقنه متسائلًا، وكأنه في حوار داخلي مع نفسه .

“ كيف سنخفي الجثث ؟ هل نقطعها أم نرميها في البحر؟ ”

ليوفوين، دون أن يحرك موجة شفة، مد يده نحو الجثث. عندما لمسها، ظهر ضوء أبيض قريب إلى الذهبي. الحرارة التي أطلقتها النار لم تكن عادية؛ كان لها سمة مقدسة، كأنها تطهر المكان من آثار الدماء والجريمة. الجثث تحولت إلى رماد، وكل دليل يخص وجودهما اختفى مع الرياح.

نظر نيوفيليت بدهشة مخلوطة بسخرية، وقال بابتسامة لا تخلو من الإعجاب .

“ لو كنت قاتلًا، لن يستطيع أحد القبض عليك ”

عند السلم، توقف للحظة، وكأن سؤالًا غامضًا خطرت به أفكار ليوفوين. الصوت الخشن للقسيس كان يرن في أذنيه، عندما سمعه يسأل .

" حتى أنت… لن تستطيع القبض عليَّ ؟ ”

نيوفيليت نظر إليه بنصف عين، وتحدث بصوت خافت لكنه اخترق المسامع مثل رنين أسد الموت .

" ما أنتَ إلا حبة رمل في كومة صخر "

اقشعر بدن ليوفوين رافن ، عند سماع تلك الكلمات التي تخترق طبقات الفهم والتجديد الغامض ، عُلت على وجه ابتسامة خفيفة قائلًا بتشدد .

“ لن أكذب… أنت حقًا الكاتب ”

خرج كلاهما من البناية ، نادى على غيمة الغموض ظهر من عدم ، وقام بركوب عليه ، نظر نيوفيليت إلى قسيس وهو مُتسائل عن شيئًا ما .

“ أين هو حصانك ليوفوين ؟ ”

نظر ليوفوين نحو اليسار ، من عادت الشيطان نظر إلى جهة التي يحبها قائلًا بغرور .

“ لا أحتاج إلى شيء كهذا ، أذهب نحو النقطة التالية وسوف أكون عندك ”

نظر نيوفيليت إلى ورقة ، ووجد فيها أسامي الحانات بالترتيب ، وكان الأل وهو حانة “ الأم ميليدا ” ، وضع المحقق الورقة داخل معطفة وهو ينظر إلى ليوفوين قائلًا له .

“ إلقاك في حانة الأم ميليدا ، لا تتأخر أيها القسيس ”

رفع القسيس أصبعين إلى الأمام ومع ابتسامة تعلوا وجهه قائلًا .

“ سوف أكون قبلك هنا ”

ظهر ضباب قرمزي مُغطى بالسواد ، أخذ معه فُتات القسيس عبار أبعاد الكون المُتلألأ ، ضحك وهو ينظر إلى القمر التي لم تستطيع الغيوم السوداء التي تحمل غضبًا جامٍ داخلها بإن تخفي نوره قائلًا .

“ عالم من جنون ، يكون القانون الوحيد فيه هو أن تبقى حيًا ”

أتجه نيوفيليت نحو الحانة الأول من أيجاد الحرف الأول الذي سوف يقودة إلى الحانة الرئيسية والمجهول موقعها عن الأنظار .

وصل نيوفيليت إلى حانة “ الأم ميليدا ” ، بالقرب من كنيسة مهجورة يسمع فيها أصوات غريبة وُمخيفة وكأنها أقوال فيها عناصر الشعوذة وأحتقار الذات ، نظر نيوفيليت نحو الحانة ، التي وجدها عبارة عن طابق واحد ، مبنية بشكل مُنحني من اليسار إلى اليمين ، والغريب فيها عدم وجود أي نوافذ .

رآى نيوفيليت ، القسيس وهو مُتكئا على جدار الحانة واضعًا السيف بجوارة ، في أنتظار قدوم المحقق .

ضحك القسيس وهو يقترب من الباب قائلًا لنيوفيليت .

“ لم أتوقع أن حصانك عبارة عن سلحفاة حاول تطويرة ”

إشارة نيوفيليت بأصعبة نحو الباب قائلًا بهدوءٍ شديد مع تشديد قوي في الكلام .

“ قم بفتح الباب ، ودعك من هذه الدُعابات السخيفة ”

امسك ليوفوين رافن مقبض الباب وهو يبتسم ، ابتسامة فكاهية .

“ يبدو أنك لا تحب المُزاح أيها الكاتب ”

دخل كلاهما إلى بناية ووجدها عبارة عن متاهة كبيرة ، ظهر شخص على الجهة اليسرى قائلًا لهما .

“ هل أتيتما من أجل المراهنة مع لعب الأعظم في النرد الغامض ؟ ”

أجابة نيوفيليت بحذر ممُسكًا قبضة يده بقوة شديده

“ هذا صحيح ”

إشارة هذا شخص نحو المتاهة قائلًا لهما .

“ عليكما أيجاد الحرف الأول في هذه المتاهة الضخمة ، وأن فعلتم ، سوف تختفي الجدران التي تحيط بكما ”

أنطلق كلاهما سويًا للبحث عن الحرف الدامي ، بدأ يبحثان لنصف ساعة تقريبًا بدون أي نتيجة واضحة ، كان نيوفيليت يركز على مُربع أسود مُختلف عن باقي الجدران السوداء ، كان هذا المربع يخرج منه شيء غريب ، لم يهتم نيوفيليت للآمر وبدأ يسير ، ويسير حتى لاحظ شيئًا ، وهو يسير في حلقة واحده ، لأنهُ كُلما يسير يجد نفسه عند المربع الأسود ، وكأنهُ لم يتحرك من مكانه بتاتًا .

وقف عند المربع الأسود ، أنحنا قليلًا نحوه ، أخرج الخنجر خاصته ، وبدأ بقصة على طولة ، حتى خرجت دماء كثيرة كأنها نهر صغير أتجه نحو المحقق ، والقسيس .

ضحك المحقق بصوتًا عالًا ، مُتحدثًا بحنجرة مُتكتمة .

“ يالروس ، صنعوا جدران وهمية ، ووضعوا مُربع يصعب ملاحظتة ، شيء غريب وقديم أيضًا يالهُ من أسلوب سخيف حقًا ، ههههههه ”

ظهر الحرف الأول وكان عبارة “ آ ” ، فقط حفظ نيوفيليت الحرف جيدًا وأختفت الجدران وظهر مجموعة من الأشخاص يضعون أكياس سوداء فيها بعض الدماء على رؤوسهم ، كانوا يحملون سيوف ، ومناشير ، وحتى سكاكين سامة ، كان عددهم 15 شخصًا .

أمسك ليوفوين رافن السيف ، مع ضحكة هستيرية من أجل القتال ، سحب نيوفيليت الخنجر وقام بلعقة ، وقال بصوتًا مُخيف وكأنهُ يتحضر لأعداد قبور لهولاء الأوغاد بالقرب من الكنيسة .

هجم نيوفيليت ، وليوفوين على هولاء ، بدأ بينهم مجموعة من الضربات ، وصوت تصادم السيوف ، كان ليوفوين يقوم يقطعهم على شكل مجاميع ، من الجهة الآخر كان المحقق يستعمل أسلوب سيلاس في القتل ، كان يكسر أيديهم ومن ثم يمزقهم ، أو يقطع رؤسهم فقط بأستعمال يده ، استمر القتال لمدة دقيقتين فقط .

أشعل نيوفيليت سيجارة وهو جالس على مجموعة من الجثث ، كان القسيس يقوم بتقطيع الجثث وهو يكرر رقم 13 مرارًا وتكرارًا .

تحدث نيوفيليت بصوت بارد يتناغم مع صدى متاهة الغرفة التي أنهدمت . عينيه كانتا تلمعان بوهج قاتم بينما يمد يده داخل صدر أحد الأشخاص الملقى أمامه . ببطء مرعب ، سحب قلب ذلك الشخص النابض ، وكأن هذا الفعل لا يحمل أي وزن أو أهمية بالنسبة له .

بنظرة لا تخلو من السخرية ، رفع القلب إلى مستوى وجهه ، مراقبًا ارتجافاته الأخيرة . ثم ، بلا تردد ، وضع القلب في فمه ، وكأن الحياة نفسها تذوب بين أسنانه .

أشعل نيوفيليت سيجارته بيد ثابتة ، مستمتعًا بلحظات الألم التي كان يُلحقها بضحاياه . أطفأ السيجارة على القلب المتعب الذي كان ما زال ينبض بضعف ، منهياً حياته بأسلوب مرعب ومتعجرف .

ضحكته الهستيرية ملأت الغرفة ، كأنها صدى مجنون يتردد في كل زاوية . تلك الضحكة غطت على ملامح وجهه ، محوّلة إياها إلى قناع من الجنون الخالص . لم يكن في هذه اللحظة مجرد قاتل ، بل كان تجسيدًا للجنون الذي يتغذى على حياة الآخرين دون أدنى شعور بالندم.

“ آمين لهم حقًا ، 13 المقدس ”

نحو الجحيم التالي…

2024/08/30 · 19 مشاهدة · 2060 كلمة
MYDE
نادي الروايات - 2025