خرج ماركوس من الغرفة الضخمة تاركا كيكيمورا وحده مع العجوز الذي يبدوا عليه التعب، لقد كان يبدوا كأنه سيموت في أي لحظة، وتعابير وجهه غير مبالية. ضخم البنية، يرتدي جلباب أبيض طويل، طويل لدرجة إنسداله من أسفل كرسيه وصولا إلى الأرض، كان شعره أسود اللون مع بعض الشيب الذي ملء لحيته، ووجه لا يخلوا من تعابير التعب واللامبالاة.

"إقترب أيها الفتى." تكلم العجوز سون لأول مرة منذ أن غادر ماركوس موجها كلامه نحو كيكيمورا.

تعدلت وقفة كيكيمورا وإقترب ببطء من العجوز سون صاعدا الأدرج وصولا إلى الكرسي الذهبي الهائل.

حجم كيكيمورا لا يصل حتى إلى ركبة العجوز وكان يحتاج لرفع نظره عاليا حتى يستطيع رؤية وجهه.

قرب سون وجهه نحو كيكيمورا حتى إقتربت جبهته من أن تلتمس مع رأسه ليبتسم بعدها بعد أن وضع يده على لحيته ليبدأ بحكها ببطء كأنه يفكر.

"همممم، ليس سيئا." تمتم العجوز سون بعد أن أرخى ظهره على الكرسي مرة أخرى ليكمل كلامه: "أنت تتحكم بسحر الظلام أليس كذلك؟"

"نعم". رد عليه كيكيمورا بصوت معتدل.

"وأتيت إلى هنا لتشكيل العقد لكي تتفادى التأثير الجانبي لسحر الظلام، أليس كذلك؟"
"نـ~نعم". لم يعد كيكيمورا يعرف كيف يجيب العجوز فاكتفى بالرد بالإيجاب فقط.

"دعني أخبرك شيئا قبل أن نبدأ عملية تشكيل الختم." بعد أن أنهى كلامه لوح العجوز سون بيده ليبدأ جزء من الأرض بالبثور حتى تكون على شكل كرسي بسيط الشكل ليكمل كلامه قائلا: "إجلس هنا."

تفاجئ كيكيمورا بعد رؤيته لذلك، فهذه أول مرة يرى سحر الطبيعة في حياته، فسيرس يستعمل سحر الظلام، كما أنه غادر الأكاديمية دون حتى أن يتعلم أو يرى أي تقنية سحر الطبيعة لذلك هذه المرة الأولى التي يرى فيها سحر الأرض الذي هو سحر من الأنواع الخمس.

تمالك كيكيمورا نفسه وجلس على الكرسي راخ ظهره عليه كأنه ملكه.

بعد مدة من الصمت، باشر سون أخيرا بالكلام: "لقد مرت مدة طويلة منذ أن رأيت مستعمل سحر الظلام... هذه الطاقة المشؤومة..." توقف قليلا ليكمل كلامه بعد أن أطلق تنهيدة طويلة قائلا:" ليس الجميع محظوظون مثلك أنت وسيرس، عملية تشكيل العقد مع الشيطان طريقة لا يعرفها إلا القليل حرفيا، لذلك معظم مستعملي سحر الظلام قد سقطوا فيه، امتلأت قلوبهم بالحقد والكراهية، وكلما زادت قوتهم كلما زاد طغيانهم. لا أعلم ما حدث بالضبط لكن في زمن ما إختفوا كليا من الوجود، لم يعد هناك أحد يستعمل سحر الظلام. لا أعلم إذا ما أفرح لهذا الأمر أو أحزن. لكن كما بقي الحال، قضية اختفائهم مازالت لغزا لا أحد يعلم عنه شيء، حتى ظهرت أنت. لا أعلم عنك شيئا أيها الفتى لكن أظن أن ظهورك له علاقة بالعشيرة."

هز كيكيمورا رأسه، فهو يعلم بالطبع من قام بإبادة عشيرة الظلام، وكيف له أن ينسى بما أنه كان ضحية أيضا لتلك الإبادة، فبسبب لعنة سيرس توفيت والدته، وعاش محروما منها مع والده المكسور قلبه، وبسبب تلك اللعنة عاش منبوذا في القرية وكرهه الجميع، كيف له أن ينسى الإدلال الذي تعرض له بسبب تلك اللعنة المشؤومة، لو فقط لم تمت والدته لما قاسا كل هذا. لكن بالرغم من كل هذه المشاعر، لا يلقي لومه على سيرس، فهو لم يكن لديه أي خيار آخر، بالعكس فهو يكن له إحتراما لا يوصف، كيف له أن يكره شخصا عامله كإبنه، وساعده في وقت كان العالم كله ضده. بالمقابل كان قلبه مليء بكراهية في إتجاه مكان آخر. مكان يعلمه هو فقط.

إستأنف سون كلامه قائلا: "دعني أخبرك أولا أن عملية الختم ليست سهلة، وأنا لا أمزح بذلك، أنا أعلم أنه ليس لديك أي خيار آخر سوى التحمل والمضي قدما. لكن دعني أحذرك من شيء واحد." ثم نهض من كرسيه قائلا: "لا تتوقع مني مساعدتك."

فور سماع كلمات العجوز سون، إتسعت أعين كيكيمورا وزاد حماسه ليصرخ قائلا: "لا تستهن بي أيها العجوز."

كيف له أن يستسلم فور وصوله لهذه المرحلة فحتى لو إستسلم ونجى من عملية الختم لعذبه سيرس بطريقة أكثر إيلاما من العقد. لذلك ليس لديه أي خيار سوى التظاهر بالقوة والشجاعة حتى يعطي نظرة للعجوز سون على أنه قوي ولا يستسلم، لكن بداخله أراد بشدة الخروج من هذا المكان.

"هاهاها يا لشجاعتك أيها الغلام، ما كان إسمك ثانية؟"

صرخ كيكيمورا بقوة حتى يظهر عزيمته: "كيكيمورا".

تحولت نظرة سون لجدية ليكمل كلامه قائلا: "لنرى إذا ما ستبقى متحمسا بعد العقد."

إرتعش جسد كيكيمورا بعد سماع كلمات العجوز وزادت رغبته في الخروج من هذا المكان. "لقد ضاع شبابي حقا."

------------------------------------------------

وقف الشيطان روفوس منتصبا أمام منزل كيكيمورا ولوح بعصاه السحرية الطويلة ليبدأ المنزل بالتشكل مرة أخرى. لقد بدى الأمر كأن شخصا ما غير مرئي يقوم ببنائه من جديد، لكن الحقيقة هي أن زمن المنزل يعود للخلف، بطبيعة الحال هذه العملية مؤقتة كما أنه لا يستطيع إعادة الموتى بالكامل، كل ما يفعله هو خلق شخصيات من ذكريات المنزل المتبقية على شكل سراب، ليس لديهم شخصية ولا يهتمون بالعالم الخارجي، كل ما يفعلوه هو متابعة حياتهم كما كانوا يفعلون بالسابق.

كان سيرس واقف خلف روفوس يشاهد التقنية بدهشة: "لا يهم عدد المرات التي رأيت فيها تقنيتك، لكني أزداد إعجابا بها كل مرة." لم يستطع سيرس كبح إعجابه بتقنية روفوس، فكيف له ألا يفعل، فالتحكم بالزمن تعتبر من أقوى التقنيات على مر التاريخ والأشخاص المتحكمين بها معدودين على الأصابع هذا إذا مازال هناك شخص ما يتحكم بها في هذا الزمن، ففي الغالب روفوس هو المتبقي.

عندما إنتهى روفوس من التقنية إنحنى لسيرس قائلا بنبرة لا تخلوا من الإحترام: "لقد إنتهيت سيدي..."

فتح سيرس باب المنزل ليدخل جنبا إلى جنب مع روفوس ببطء شديد.

لقد كان المنزل مكتظا، والواضح على أنهم سكان القرية.

يمكنك رؤية مختلف الأشخاص وسط المنزل، هناك من شكل ثنائيات يدردشون بحماس، وهناك من بقي واقف وحده يتأمل في المنزل أو يشاهد الحشد ببطء. وتوجد وسط الغرفة مائدة ضخمة مليئة بمختلف الأطعمة، وفي كل مرة، يقوم شخص ما بالإقتراب منها لحمل بعض المأكولات ليوزعها على الحاضرين بعدها. على ما يبدوا، هناك مناسبة ما تقام في المنزل. كان المنظر مسالما أمام ناظري سيرس ولا يشير بوجود أي شبهات.

تجول وسط المنزل، دون حتى أن يبالي بالأشخاص من حوله، كما أنهم لم يبدوا أي تفاعل معهم كما لو أنهم غير موجودين أصلا. بطبيعة الحال، فصورة السكان أمامهم محض سراب فقط.

فجأة سمع سيرس كلام متهجم صادر من إحدى الغرف ليتوجه نحوها، ليفتح الباب ببطء متزامنا مع الصوت الصادر منه.

صورة امرأة شابة ورجل في ربيع شبابه يتجادلان وسط الغرفة تشكلت أمام ناظري سيرس جاعلة منه يندهش بشدة. "مـ-مـ- ما الذي يجري هنا؟؟؟"

2017/06/02 · 655 مشاهدة · 993 كلمة
Alae_Essaki
نادي الروايات - 2024