«وهل طلبتُ منك التعريف بنفسك؟» قالها تشي لي دون أن تتغيّر ملامح عينيه.

«أيها الفتى، كل المتاجر في هذا الشارع تدفع لي رسوم الإدارة.» قال تَي لانغ مشيرًا إلى نفسه، رافعًا رأسه بتعالٍ.

كانوا يطلقون عليها رسوم إدارة، لكنها في الحقيقة إتاوة حماية يفرضها أوباش المنطقة.

تشي لي عاش في مدينة ضباب السحاب فترة كافية ليعرف مثل هذه الأمور جيّدًا.

فهي مدينة حدودية بعيدة عن رقابة الإمبراطور، وتكتظّ بالمرتزقة، مما يفتح الباب لظهور قوى شرّيرة كهذه.

لكن متجره لم يكن كغيره من المتاجر الضعيفة.

«إذًا… أنت هنا لإثارة المتاعب؟» نبرة تشي لي بقيت هادئة كما هي.

«نحن لا نُثير المتاعب أبدًا، لكن إن لم تدفع رسوم الإدارة… فربما تنام بسلام وتستيقظ لتجد متجرك حطامًا في منتصف الليل.» قال تَي لانغ ببرود، وكأنّه يلقي تنبيهًا عابرًا.

«حسنًا، أنا هنا… بانتظاركم.» قالها تشي لي ببطء.

«جيّد… لديك جرأة.» رفع تَي لانغ إبهامه، ثم استدار وغادر دون تردّد.

لم يُعرهم تشي لي أي اهتمام.

بل رأى الأمر فرصة لاختبار نظام الدفاع المثبّت على متجره.

في تلك اللحظة، دخل رجل في منتصف العمر أصلع الرأس قليلًا، وهو ينحني أثناء دخوله وقال بخوف: «تشي، تشي لي… لقد رأيت تَي لانغ يخرج للتو. هل جاء ليجمع منك رسوم الإدارة؟»

كان تشي لي يعرفه جيدًا؛ فهو صاحب متجر الأعشاب المجاور.

وعندما وصل تشي لي إلى هذا العالم أول مرة، كان هذا الرجل هو من اشترى منه الأعشاب المتبقية من والدي الجسد الأصلي.

ويبدو أنّه استغفله حينها…

لكنّه أيضًا كان ممّن ساعدوه في إقامة مراسم الدفن، وقدّم الكثير وقتها.

بالطبع… كان ذلك قبل أن يصبح «تشي لي» هو نفسه الحاضر الآن.

«نعم، يا عم هاي.» أجابه تشي لي بإيماءة خفيفة.

«آه… أولئك الأنذال. نحن أصلًا بالكاد نكسب قوت يومنا، ومع ذلك يريدون امتصاص دمائنا.» قال العم هاي متنهّدًا بمرارة.

«لم أدفع لهم.» قالها تشي لي بهدوء تام.

«ماذا؟! لم تدفع؟ إذن لقد جلبت لنفسك المتاعب. أولئك الرجال سيأتون حتمًا لتحطيم متجرك الليلة!» نظر إليه العم هاي مصدومًا.

«إذن سأرى بنفسي… بأي قوة سيحطّمون متجري.» ابتسم تشي لي بلامبالاة.

«يا تشي لي، ليس لأنّ العم هاي يريد توبيخك… ولكنكم يا شباب تتسرّعون ولا تعرفون مدى خطورة تَي لانغ ورجاله.» قالها بنبرة الواعظ، وهو يهزّ رأسه أسفًا.

ثم تابع قائلًا: «قبل سنوات… كان هنا رجل عنيد مثلك، لم يرضخ لهم.»

«وفي تلك الليلة نفسها، حطّم رجال تَي لانغ متجره بالكامل. والأسوأ… أنهم استمروا بإثارة المشكلات له لاحقًا.»

«وفي النهاية… لم يجد مفرًا إلا أن يبيع متجره وبضاعته بثمن بخس ويغادر مدينة ضباب السحاب.»

هزّ العم هاي رأسه بحسرة، عاجزًا عن فعل أي شيء أمام بطش هؤلاء.

«لا تقلق يا عم هاي، أنا لست مثلهم.» قال تشي لي مدركًا لنيّة العم هاي الطيّبة.

لكنّه لم يُحاول إطالة الحديث؛ فسمعة تَي لانغ في هذه المدينة ليست وليدة اليوم، ولا تكفي كلمات قليلة لإزالة مخاوف العم هاي.

«على كل حال، عندما تتلقى درسًا قاسيًا… ستدرك أن هؤلاء ليسوا سهلين أبدًا.» قال العم هاي متنهدًا، وغادر المتجر بخطى مثقلة، وكأنّه يخاطب شابًا لا يُرجى منه.

جلس تشي لي خلف المنضدة، وبمجرد حلول الوقت… أغلق باب متجره.

ولم يصدق أن اليوم بأكمله مرّ دون أن يدخل جيبَه ولو نحاسٌ واحد !

2025/10/24 · 174 مشاهدة · 496 كلمة
REMO
نادي الروايات - 2025