882 - أفاتار (6)
بينما كنت في منتصف تناول أومليت الأرز، أخذني كيم ناموون إلى الطابق الثالث من القاعدة. ظننت أننا سنلتقي بهان سويونغ مباشرة، لكن المكان الذي وصلت إليه كان غرفة الطوارئ.
"لقد عملت بجد، ناموون-آه."
قالت لي سيولهوا، التي كانت تنتظر أمام غرفة الطوارئ، وهي تسلّمني الكرسي المتحرك.
عبس كيم ناموون بخجل وربّت على كتفي.
"إذًا نلتقي لاحقًا، سيدي."
بعد أن اختفى كيم ناموون، أخذتني لي سيولهوا ووقفت بي أمام المرآة في غرفة الإمدادات. راحت تتحرك بنشاط في أرجاء الغرفة، وضعت حقيبة مليئة بمستحضرات التجميل على الطاولة، وبدأت تعدّل شعري.
"ما الذي تفعلينه؟"
"مكياج."
"لماذا فجأة؟"
"همم، لأن القائدة أمرتني؟"
لم أستطع فهم نوايا هان سويونغ إطلاقًا.
لماذا جعلتني أفعل هذا؟ هل أبدو قبيحًا إلى هذا الحد؟ أم أن تأثير "الملك الأقبح" تفعّل أثناء حصولي على شظايا كيم دوكجا؟
حدّقتُ في وجهي المنعكس في المرآة. بدا الوجه الذي لم أره منذ زمن غريبًا عليّ.
بما أنني حصلت على كمية كبيرة من كيم دوكجا، أصبح وجهي أقرب كثيرًا إلى كيم دوكجا منه إلى تشيون إينهو.
فتحت لي سيولهوا فمها بعد أن لاحظت ملامحي.
"أنت تشبهه كثيرًا."
"لأنني أفاتار."
انفلت مني تعليق يحمل ازدراء الذات دون وعي، لكن لي سيولهوا أمالت رأسها وابتسمت وكأنها لم تلاحظ مشاعري إطلاقًا.
"حتى الأفاتارات تتغير ملامحها قليلًا بناءً على نوع الذكريات التي تتلقاها."
كانت تلك أول مرة أسمع فيها هذا الكلام.
حسنًا، فهان سويونغ في الجولة 1,863 كانت أكثر من أتقن استخدام [الأفاتارات].
زملاؤها الذين قضوا وقتًا معها قد يكونون قادرين على تمييز الفوارق الطفيفة.
"أي نوع من الأفاتارات أبدو عليه؟"
"حسنًا..."
قالت بينما تقصّ غرتي التي طالت كثيرًا:
"يبدو أنك شخص يهمل العناية بنفسه."
العناية بالنفس.
ابتسمتُ بمرارة دون سبب. لقد نسيت منذ زمن بعيد أن مثل هذا التركيب من الكلمات ممكن.
"أليست رفاهية في هذا العالم؟"
"قالت القائدة ذلك في البداية أيضًا، حتى مرّ ناموون شهرين من دون أن يغتسل."
تذكرت فجأة أن كل من قابلتهم في القاعدة كانت وجوههم نظيفة.
"قالت القائدة أنه مهما انهار العالم، علينا أحيانًا أن نحافظ على أسلوب حياة مترف قليلًا إن أردنا أن نظل بشرًا."
"..."
"على الأرجح قالت ذلك فقط لتجبر ناموون على الاغتسال."
بدأت لي سيولهوا تدندن وهي تعتني بشعري. قصّت خصلاتي الفوضوية وشذّبت حاجبيّ.
"أنت ماهرة بيديك."
"هوايتي تعديل شعر الأطفال."
لم أظن يومًا أن لي سيولهوا لها مثل هذه الهواية.
إذًا شعر كيم ناموون ولي جيهي من صنع يديها أيضًا.
"حين كنت صغيرة، أردت العمل في مجال التجميل."
"ولماذا لم تفعلي؟"
"السبب واضح. والداي كانا يعارضان ذلك."
بدأت الصورة العامة تتضح في ذهني.
نسيت في أي جولة تحديدًا، لكني تذكرت أن لي سيولهوا تخرجت من كلية الطب.
"وماذا عن دوكجا-شي؟"
"نعم؟"
"ماذا كان دوكجا-شي يفعل قبل أن يبدأ السيناريو؟"
"أوه، كنت... كاتبًا."
"أنت مثل قائدتنا إذًا."
ابتسمتُ بمرارة. هل يمكن أن أقول إنني "مثل" هان سويونغ؟
انتهى التصفيف مع صوت مجفف الشعر في أذني.
"حسنًا، انتهينا!"
نظرت لي سيولهوا في المرآة بابتسامة رضا.
"انظر، إنه أفضل بكثير من قبل، أليس كذلك؟"
كان وجه كيم دوكجا بلا شك، لكنه بدا مختلفًا قليلًا عما كان عليه سابقًا. شعرت أن ملامحي عادت للحياة.
تفحّصت لي سيولهوا وجهي بعناية وأضافت بابتسامة:
"وأنا أنظر إليك الآن، يبدو كأنك شخص آخر."
نظرت إلى وجهي بهدوء وأومأت.
"شكرًا لك."
"إذن، هل نتحرك؟"
دفعت لي سيولهوا الكرسي المتحرك بنفسها وقادتني إلى طابق آخر. ظننت أننا سنتجه إلى مكتب الشقة الفاخرة، لكننا وصلنا بشكل غير متوقع إلى بهو واسع في الطابق الرابع من القاعدة.
"لم آتِ إلى هنا كثيرًا. يبدو أن القائدة في مزاج جيد."
تمتمت لي سيولهوا بشيء من الغيرة، وسمح لنا الحارس المنتظر عند مدخل البهو بالدخول.
《تم تفعيل مهارة ‘حجب الموجات الصوتية’ في المنطقة.》
《تم تفعيل مهارة ‘شاشة التشويش’ في المنطقة.》
...
بعد اجتياز نظام الأمان الصارم والممر الضيق، ظهرت غرفة معيشة صغيرة. كانت أبسط من مكتب البنتهاوس وتشعر فيها بالحياة.
أدركت فجأة.
هذا هو "المنزل الحقيقي" لهان سويونغ.
كان يُسمع صوت غليان الماء من مكان ما، ورائحة شهية رغم أنني كنت قد أكلت للتو.
كانت هان سويونغ تغلي الرامين في المطبخ المؤقت.
"أوه، وصلت؟"
يبدو أنها كانت تقرأ كتابًا حتى تلك اللحظة، إذ كان على الطاولة كتاب مفتوح على منتصفه.
『المسجّلون والأفكار القديمة』.
كتاب لم أره من قبل.
"أتعيشين هنا؟"
"نعم."
"وماذا عن البنتهاوس؟"
"لا أستطيع النوم في مكان كبير جدًا."
"هناك طاهٍ في الأسفل، فلماذا الرامين؟"
رامين فوري.
مذهل أنه ما زال موجودًا في هذا العالم.
هل يُباع في "حقيبة الدوكايبي"؟
"إن كنت ستأكل أيضًا، سأغلي اثنين."
"إذن... فلنتذوق فقط."
"وماذا عن البيض؟"
"عادة أضعه."
"والبصل الأخضر؟"
"سيكون لطيفًا لو وُجد."
"والكيمتشي؟"
"هل يوجد شيء كهذا؟"
بينما كنت أسمع صوت كسر البيض، شعرت كأنني عدت إلى ما قبل بداية السيناريوهات.
لو لم تبدأ السيناريوهات، ولو أنني وهان سويونغ التقينا في نفس خط العالم... عن ماذا كنا سنتحدث؟
"شعرك يبدو جيدًا الآن."
"سيولهوا-شي هي من اهتمت به."
"بدوت سعيدًا معها."
"هل كنتِ تراقبين؟"
لم تُجب هان سويونغ، بل ناولتني قطعة كيمتشي على ورقة صغيرة. التقطتُ قطعة بعيدان الطعام وتذوقتها. كان بالتأكيد الكيمتشي الذي أعرفه.
"كيف حالك؟"
"تعافيت كثيرًا."
كنت أستعيد الإحساس في ساقيّ ببطء، وشعرت أنني أستطيع الوقوف لو ضغطت قليلاً.
قُدّم أمامي وعاء من الرامين المطبوخ جيدًا. ابتلعت ريقي دون وعي. قالت هان سويونغ، وكأنها شعرت بحالتي:
"كُل."
تناولت العيدان دون تردد. وما إن ملأت فمي بالنودلز المتماسكة باعتدال، حتى أسرني إحساس رائع على طرف لساني.
كم مضى منذ آخر مرة أكلت فيها الرامين؟
لا أدري إن كان يجوز قول هذا، لكنه كان مؤثرًا مثل المرة الأولى التي تذوقت فيها طعام يو جونغهيوك.
يُقال إن الطعم الذي تعرفه هو الأخطر.
"هل هو لذيذ؟"
"نعم، لذيذ."
أكلنا الرامين في صمت هادئ.
"هل تأكلين الرامين كل يوم؟"
"ليس كل يوم، لكن ربما مرة كل يومين؟"
"إنه غير صحي."
"تقول الشيء نفسه الذي قاله لي هيونسونغ."
ضحكت هان سويونغ وهي تقول ذلك.
كانت أول مرة أراها تضحك بهذا الوضوح، فحدّقت فيها لوهلة بصمت قبل أن أعود لتناول الرامين.
"هناك شيء يجب أن أعتذر عنه."
"اعتذار؟"
"حين كنت نائمًا، في جسد تجسدك، رأيت قصصك."
ناولَتني هان سويونغ كوب ماء وأنا أسعل.
"لم أحاول رؤيتها عمدًا. حقًا."
لابد أن كلماتها صادقة.
فقد تلقيت ضربة من "الكائن من العالم الآخر" وانهرت، لذا لم يكن غريبًا أن تكون قد رأت بعض قصصي أثناء معالجتي.
المشكلة هي مقدار ما رأته...
إن كانت قد رأت ما لا ينبغي أن تراه، فقد سببت ضررًا بالغًا لعالم القصة الرئيس لمجرد وجودي.
"إلى أي حد رأيتِ؟"
"أنك قادم من خط عالم فريد جدًا."
"وماذا أيضًا؟"
"أنك لست مجرد ‘أفاتار’."
شعرت بالبرودة في قلبي. تدفقت في رأسي أفكار كثيرة.
هل هذا على ما يرام؟ ربما اكتشفت هان سويونغ معلومات لا ينبغي أن تعرفها.
سواء علمت بما أفكر به أم لا، قالت وهي تكسر البيضة المشقوقة بعيدانها:
"ليس من السهل الاحتمال. حقيقة أن هناك نسخة أخرى مني غيري."
انسياب الجملة كان طبيعيًا ككسر بيضة. ربما كانت هان سويونغ هذه من تفهم مثل هذه الحياة أكثر من أي أحد آخر.
للحظة، اجتاحتني رغبة في إخبارها بكل ما أعرف.
"هل أنا حقيقية أم زائفة؟ من أنا، وكم مني أنا؟ هل ذاكرتي حقًا لي؟"
ربما يمكنني إصلاح هذه القصة المشوهة التي أفسدتها.
ربما يمكنني إعادة كيم دوكجا إلى هذا العالم الذي فقده.
"كيم دوكجا."
"لماذا تنادينني كيم دوكجا؟"
"ما الذي تعتقد أنه يحدد الوجود؟"
ترددت، غير قادر على الإجابة مباشرة عن السؤال المفاجئ. لكن هان سويونغ لم تبدُ كمن ينتظر إجابتي أساسًا.
"أعتقد أنه الأفعال."
الأفعال.
"الأفعال التي نختارها في اللحظات الحاسمة. تلك الأفعال تتراكم وتصبح تاريخًا، والتاريخ يصبح قصة."
والقصة تحدد من نكون.
"من هذا المنظور، رأيتك كيم دوكجا. لهذا أناديك كيم دوكجا."
لم أدرِ ما أقول، فانحنيت برأسي للحظة.
"ما هذا التعبير؟ أأنت سعيد أم حزين؟"
"كلاهما."
ابتسمت هان سويونغ بمرارة.
"طلبتَ مني أن أعيدك إلى خط عالمك."
"نعم."
"هل تريد حقًا العودة؟"
"عليّ أن أعود."
"عليك أن تعود."
كررت عبارتي وكأنها تجدها مثيرة للسخرية.
"في خطك الزمني، لابد أنك خاطرت بحياتك مرات لا تُحصى من أجل من أحببت. لابد أنك خلقت أشياء عليك حمايتها باستمرار، وتمسكت بها بجنون. هكذا وجدتَ نفسك، وهكذا وُجد كيم دوكجا ككيم دوكجا."
لم أستطع قول شيء.
"لكن، أتعرف؟ هل ستكون قادرًا على أن تكون سعيدًا في نهاية قصة صُنعت بهذه الطريقة؟"
السعادة.
ارتجفت لا إراديًا عند سماع كلمة غريبة لم أفكر بها من قبل.
"ما الخيار الذي سيتخذه كائن لا يشعر بقيمته إلا حين يُنقذ أحدًا، عندما لا يعود هناك ما ينقذه؟"
سرت قشعريرة خفيفة في ظهري.
ولوهلة، راودني شك أنها تعرف كل شيء سلفًا—ما الذي حدث لكيم دوكجا، وربما توقعت كل شيء.
وضعت هان سويونغ عيدانها وقفت، قائلة:
"ما زال يمكنك أن تختار نهايتك."
قبل أن أتمكن من السؤال عما تعنيه، بدأت بدفع كرسيي المتحرك.
عبرنا غرفة المعيشة واتجهنا نحو الشرفة. عندما فتحت النافذة، رفع المتجسدون المنتظرون تحت غوانغهوامون أنظارهم نحونا.
"أوه—!"
"لقد خرجوا أخيرًا!"
ترافقت الجلبة مع هتافات الناس من أسفل الشرفة.
سألتها مرتبكًا قليلًا:
"لماذا تجمع كل هؤلاء الناس؟"
لوّحت هان سويونغ بيدها نحوهم وأجابت:
"أنا من استدعيتهم. أردت أن أقدّمك للناس."
"ولماذا..."
"ليس لديك سيناريو بعد."
أضافت بابتسامة ماكرة:
"هناك عدة طرق للحصول على سيناريو."
كان هناك متجسدون هنا، والكوكبات التي تعاقدوا معها.
بمعنى آخر، هان سويونغ الآن...
《الكوكبة، "حاكم الحرب البحري"، يُعجب بروحك.》
《الكوكبة، "الجنرال الأصلع للعدالة"، يسأل إن كنت فعلًا البطل الذي حمى غوانغهوامون.》
《الكيان السماوي، "تنين اللهيب الأسود للهاوية"، يُعجب بتسريحتك.》
《عدد صغير جدًا من الكوكبات يقول إنك تبدو أكثر أناقة مما ظنّوا.》
إنها تريد أن تطبع وجودي في وعي الكوكبات للسيناريو الأخير.
《جميع الكوكبات في شبه الجزيرة الكورية تنظر إليك.》
السيناريو الأخير.
النجوم القليلة المتبقية في هذا العالم كانت مركزة عليّ. ومع تبعيتها لرغباتها، سمعت الصوت الخافت للاحتمالية وهي تتحرك.
《تُقرّ إدارة المكتب بمساهمتك في هذا السيناريو.》
《سيُمنح لك سيناريو جديد.》
في اللحظة التي سمعت فيها الرسالة تتردد في رأسي، فهمت سبب تزيين هان سويونغ لي ولماذا أحضرتني إلى هنا.
"لم يعد عليك إنقاذ أحد. لم يعد عليك أن تعيش كملك الخلاص الشيطاني. لم تعد مضطرًا أن تكون كيم دوكجا الذي يريده الناس."
كانت هان سويونغ تعرض عليّ الآن عالمها—
عالمًا يقترب من نهايته.
قبل نهاية تلك القصة، كانت تقول لي:
"أنت موجود هنا."
أن هناك مكانًا لي في هذا العالم أيضًا. لا، ربما هذا هو العالم الذي يمكنني أن أوجد فيه كـ"أنا الحقيقي".
"ليس من الضروري أن ترى ‘النهاية’ في خطك الزمني الذي عشت فيه. لذا—"
كانت يد هان سويونغ ترتجف بخفة، لكنها وضعتها بثبات على كتفي وقالت:
"هذه المرة، لنرَ نهاية هذا العالم معًا."
_____________________________
Mero