890 - (1) tls123

「هل تظن أن هناك ما هو أشدّ وحدةً من معرفة المستقبل؟」

— آنا كروفت، الرسولة.

_____________________________

لو طُلب من هان سويونغ أن تختار مشهدًا من طفولتها ليكون مقدّمةً لرواية، لما استطاعت إلا أن تفكّر في ذلك المشهد.

"استيقظي."

كان القائل هو "العمّ" الذي تولّى رعاية هان سويونغ الصغيرة.

كانت الطفلة الوحيدة التي تناديه عمًّا؛ فوالدها كان يسميه "المدير"، وأمها "مدبر المنزل".

"لن يحميكِ أحد."

كان يعدّ فطور هان سويونغ في الثامنة صباحًا. وكان طاهياً بارعاً لدرجة أنّها لم تترك وجبة واحدة من التي أعدّها لها.

"هل هذا طعام بلدك؟"

"يشبهه."

سألت هان سويونغ وهي تنظر بين طبق الـ"باد تاي" وساندويتش "البان مي" اللذين صنعهما.

"الباد تاي طعام تايلندي، صحيح؟"

"صحيح."

"والبان مي طعام فيتنامي."

"صحيح."

لم تسأله أكثر. فهي لن تعرف بمجرد النظر. لعلّ أمّه تايلندية وأباه فيتنامي.

تماماً كما أن أمّها معلّمة، وأباها عضو في الجمعية الوطنية.

وكان لعمّها عادة غريبة؛ بعد أن ينهي تشغيل الغسالة، كان يقوم بحركات غريبة وحده في غرفة الجلوس.

"ما هذا؟"

"بايكبو شين كوان."

أجاب بنبرة تشبه المترجم الآلي وهو يكرّر تلك الحركات الغريبة.

"عليكِ أن تتقني فنون قتالٍ متعدّدة لتنجي."

وبالفعل، كان يعرف فنون قتالٍ عدّة غير بايكبو شين كوان.

قلّدته هان سويونغ في وضعه وسألته:

"لكن هل لهذا فائدة؟ بلدنا آمنٌ جداً."

"إن تعلمتِه، فستستخدمينه يوماً ما."

كان عمّها يؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ نهاية العالم ستأتي يومًا ما.

"العالم الجديد يحتاج إلى قواعد جديدة."

والآن، في ذاكرتها المتلاشية، كانت هان سويونغ تتبع حركات عمّها بإخلاص. وبعد أن تنتهي من التمرين والعشاء، كان عمّها يغادر العمل دائماً بالتحيّة ذاتها:

"مهما حدث، لا تستسلمي."

كانت هان سويونغ تظنّ تلك التحية مثيرة للسخرية. لو كانت تعلم أنّ عمّها سيُستبدل قريباً بعمتها، لكانت تحدثت معه أكثر.

"هان سويونغ."

بعد صمتٍ طويل، أمسك عمّها رأسها الصغيرة وقال:

"نهاية العالم قادمة."

"أنت تقول هذا دائماً."

"ستأتي حقاً."

"نعم نعم، فهمت."

"مهما حدث، لا تستسلمي."

ما كانت آخر كلماتها لعمّها؟ لا تتذكّر بوضوح. إذ كانت صغيرة جداً آنذاك، وهذا طبيعي.

ومع ذلك، حين تسترجع تلك الأيام، هناك أشياء قليلة تتذكّرها.

في آخر يومٍ عمل فيه عمّها، اختفت عدة أشياء ثمينة من المنزل.

استخدم عمّها فنّ الـ"بايكبو شين كوان" الذي علّمها إياه قبل أن تُمسكه الشرطة.

شاع أنه سُجن. وشاع أيضاً أنه هرب من السجن. وشاع كذلك أنه هدّد بكشف أسرار والدها، عضو الجمعية الوطنية، فأُعيد قسرًا إلى بلده.

أين انتهى به المطاف؟

مرةً، حين زارت والدتها في عطلة نهاية الأسبوع، سألتها عن عمّها.

أمالت أمها رأسها لحظة، ثم سألتها مستغربة:

"عمّك؟ عمّن تتحدثين؟"

تجهّمت هان سويونغ وبدأت تصف عمّها: الفطور الذي كان يصنعه لها، والـ"بايكبو شين كوان" الذي علّمها إياه، واقتراب نهاية العالم.

أخذتها أمها إلى طبيبٍ نفسي. الطبيب الذي اعتاد أن يصف لوالدتها "البروبوفول" انبهر بعد سماع القصة.

"يبدو أن ابنتك تملك صديقًا خياليًا."

لكن ذلك لم يكن صحيحًا. عمّها كان موجودًا حقًا. لقد أعدّ لها الإفطار.

حدّثها عن وحشٍ يشبه الكلب، ووحشٍ له قرون طويلة، وتنينٍ يقود العالم إلى نهايته.

كما أخبرها عن الكوكبات. وعندما كان يتحدث عنها، كان يرفع نظره إلى السماء بعينين عميقتين.

كلّ ذلك لم يكن وهمًا. لا أحد يمكن أن ينسى شخصًا مثله.

لكن الناس لم يصدقوها، وكأنهم جميعًا قد تناولوا البروبوفول.

الوحيدة التي تذكرته كانت هان سويونغ الصغيرة، وهكذا بقي عمّها صديقًا خياليًا ابتكرته.

بعد ذلك بفترة قصيرة، بدأت هان سويونغ بكتابة الروايات.

كانت تستيقظ من نومٍ عميق وهي تشعر بإرهاقٍ شديد، وتتدفّق الأفكار داخلها. فكانت تكتب كل ما يخطر ببالها.

في روايتها، كان هناك خراب العالم الذي تحدث عنه عمّها. بطل ذلك العالم كان "متراجعًا" يقاتل وحيدًا ضد الدمار.

"ما اسم عمّك؟"

لم تستطع هان سويونغ الإجابة بدقة، بل قالت الاسم الأقرب إلى ذاكرتها:

"يو جونهيون."

يجمع يو جونهيون رفاقه ويكافح من أجل الحياة عبر تراجع لا ينتهي.

لا يستسلم.

ماذا لو لم يكن عمّها مجرد خيال؟ ماذا لو كان حيًا في مكانٍ ما؟

بل ماذا لو لم يكن من هذا العالم أصلًا، بل من عالمٍ آخر؟

بهذا المعنى، كانت الرواية محاولةً من هان سويونغ لتجاوز طفولتها.

ومع كل مرةٍ يتكرر فيها تراجع يو جونهيون، كانت صورة العمّ في ذاكرتها تتلاشى أكثر فأكثر.

ذكريات الطفولة بهتت، وهان سويونغ غدت راشدة.

وفي أحد الأيام، بينما كانت تكتب روايتها،

—"أليست هذه سرقة أدبية من (ثلاث طرق للبقاء في عالمٍ مدمر)؟"

قرأت تعليقًا غريبًا.

______________________________

وحين أفاقت من شرودها، أدركت أن كل ذلك كان حلمًا.

تس تس تس. بينما أضاء شررٌ خافتٌ المكان، ظهرت أجساد رفاقها المتجسدة على شفا الموت.

《القدرة الحصرية "الحفظ الخاص" قد تفعّلت.》

كانت تلك أجساد رفاقها المتجسدة، المتجمدة عند لحظةٍ تسبق الموت تمامًا.

كيم ناموون بذراعين ممزقتين. لي هيونسونغ بثقبٍ كبير في بطنه. لي جيهي بإصاباتٍ قاتلة في أعضائها الحيوية. لي سولهوا، التي بالكاد تتنفس بعد أن احترق جسدها بالكامل، وشين يوسونغ التي ضعفت إشاراتها الحيوية بعد ضربةٍ قوية على الرأس.

وإلى جانبهم، كان جميع رفاق <شركة هان سويونغ> محبوسين في قوارير باهتة، وكأن الزمن توقف قبل لحظة من موتهم.

نظرت هان سويونغ إلى رفاقها بعينيها الحادتين، وفكّرت مجددًا في "عمّها".

ربما كان وجود العمّ ذكرى أعادت تركيبها بعد أن أصبحت راشدة — ذكرى نشأت بعد لقائها بيو جونغهيوك، مثلاً. لأن القصص تميل إلى الجريان نحو "الفراغات".

"لماذا هو يو جونغهيوك وليس يو جونهيون؟"

يو جونهيون في ذاكرتها يقول:

「مهما حدث، لا تستسلمي。」

"كيف يمكن ألا أستسلم في وضعٍ كهذا؟"

تمتمت بنبرةٍ لم يتضح فيها لمن كانت تخاطب، وبدأت ببطء تكتب على لوحة المفاتيح:

「فكّر لي هيونسونغ. أحتاج إلى تدريب. أحتاج إلى تدريبٍ مؤلمٍ وقاسٍ كي أكفّ عن التفكير.」

「سألت شين يوسونغ بقلق: 'لكن هل يصحّ أن نترك ذلك الرجل بمفرده؟'」

「عبست لي جيهي. 'وماذا سنفعل إذن؟ سولهوا أخذته.'」

「هزّ كيم ناموون رأسه. 'قلت لكم منذ البداية إنني لم أرتح لذلك الرجل.'」

「صرخت لي سولهوا. 'دوكجا-شي! أين أنت!'」

كل أفعال [أفاتار] كانت تُكتب من بين أناملها.

الجُمل التي كتبتها انسابت عبر رابط القصة الممتدّ منها، متجهة مباشرة إلى رفاقها المحبوسين في القوارير.

قصة [أفاتار] التي تكتبها ستصبح يومًا ذكريات رفاقها، حتى يتمكنوا من تذكّر هذه اللحظة معًا حين يُبعثون من جديد في مستقبلٍ بعيد.

هذا عالمها، العالم الذي يمكنها أن ترى نهايته دون أن تفقد أحدًا.

「عالم الأفاتار.」

ظنّت هان سويونغ أنها أدركت سبب حلمها بـ"عمّها".

ربما كان العمّ في ذاكرتها أول أفاتارٍ صنعته — أفاتارًا قويًا يبدّد وحدتها ويصون طفولتها.

بدأت أطراف أصابعها تُوخز قليلًا. شعرت بدوارٍ خفيفٍ وبرودةٍ تسري في رؤيتها. كان ذلك يحدث كثيرًا في الآونة الأخيرة.

انعكس شكلها فجأة على شظايا القوارير. كان جسدها أصغر بكثير مما كان عليه.

《جسدك المتجسد بلغ حدّه الأقصى.》

الآن، الجسد والعقل معًا وصلا إلى أقصاهما.

قصتها كانت تفقد مركزها وتتبعثر شيئًا فشيئًا.

لكن عليها أن تصمد — على الأقل حتى نهاية هذه القصة، حتى ينتهي السيناريو.

تشّت تشّت تشّت.

مدّت هان سويونغ يدها إلى جيبها غريزيًا. ما كانت تمسكه كان دفترًا صغيرًا.

دفترًا تركه كيم دوكجا الذي زار الجولة 1863.

「لا ترميه، واقرئيه كلما سنحت لك الفرصة.」

قرأته هان سويونغ.

لسببٍ ما، كلما قرأت ذلك الدفتر كانت التبعات التي تهددها تهدأ.

لكن تأثيره بدأ يضعف في الآونة الأخيرة.

تطاير شررٌ خافت من سطح الدفتر المحترق بلهيب الاحتمالات.

"اللعنة."

تمتمت بنصف ابتسامةٍ نصف يأس.

"حقًا، لم أسرق شيئًا."

ثم سقط الدفتر من يدها مصحوبًا بشرارة. بدأت هان سويونغ تستسلم للنعاس.

وبدأت آثار ارتداد الاحتمالات تظهر في جسدها كله. العالم الذي حافظت عليه طويلًا بدأ بالانهيار.

وفي تلك اللحظة، فُتح بابٌ في مكانٍ ما، وسمعت صوت أحدهم.

"أعلم."

رفعت هان سويونغ رأسها نحو الرجل الذي دخل الغرفة ووعيها شبه غائم.

لم تستطع أن تميّز إن كان هذا حلمًا أم لا. ربما صنعت "صديقًا خياليًا" آخر.

في هذا العالم الذي لم يبقَ فيه سواها وسوا أفاتارها، لم تحتمل الوحدة المفرطة، فصنعت "عمًّا" جديدًا.

أومأ العمّ كأنه يفهم مشاعرها.

"يكفي هذا."

قال وهو يحتضن هان سويونغ التي كانت تنهار نصف جسدها، ثم جعلها تستلقي برفق.

"سأكتب أنا من الآن فصاعدًا."

بدأ العمّ بسرد قصة.

وكما في طفولتها، اتكأت هان سويونغ على الأريكة الناعمة وأصغت إلى قصة عمّها.

رغم علمها أنّها لا يجب أن تفعل ذلك، وأنّه إن توقفت عن الكتابة سينهار العالم، لم تستطع إلا أن تستمع.

ربما لأنها ظلت تكتب طويلاً، أو لأنها رغبت بأن تكون قارئةً، تستمع لقصةٍ كتبها شخصٌ آخر، ولو للحظة. كانت تلك قصة قارئ، قصة قارئٍ أحبّ الروايات أكثر من أي أحد.

قصة لقاء شخصياتٍ من روايةٍ يحبها، ولقاء مؤلفها الذي يحبّه.قصة مغامرةٍ خاضها معهم.

قصة رجلٍ أحبّ تلك القصة إلى حدّ أنه أصبح هو نفسه القصة.

"تلك القصة."

سألت هان سويونغ:

"هل يجوز لك أن ترويها لي؟"

فكر العمّ قليلًا ثم أجاب:

"نعم."

واصلت هان سويونغ الاستماع إلى القصة وعيناها مغمضتان.

ومع استمرار القصة، تلاشى الارتداد تدريجيًا.

ذلك اليوم، حلمت هان سويونغ.

كان حلمًا عن لقاء رجلٍ لطالما تمنّت لقائه لوقت طويل.

______________________________

وحين فتحت عينيها في اليوم التالي، كانت تنظر إليّ.

"كيم دوكجا، هل تدرك ما فعلت؟"

في عالمٍ مدمرٍ اختفى منه جميع الأفاتار، خاطبتني بوجهٍ لا يحمل أي كذب.

"لن أصبح tls123."

______________________________

دماغي حاليا من تداخل الأحداث ⬇️↗️➡️↘️⬆️🔄 ايش ذااا

______________________________

Mero

2025/10/19 · 17 مشاهدة · 1411 كلمة
Mero
نادي الروايات - 2025