301 - المجلد 1: المقدمة

المجلد الأول: المقدمة

♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦

غلاف المجلد الأول

♦ ♦ ♦

♦ ♦ ♦

وقف الفارس ذو درع مصفح رافعا سيفه للسماء أمام الفتاة وأختها الصغيرة. التمع نصله تحت ضوء الشمس، ووازن نفسه كي يستعد لإنهاء حياتهن بضربة واحدة رحيمة.

أغلقت الفتاة عينيها بشدة وعضت شفتها السفلى. لم تشأ لهذا أن يحدث أبدا. لقد وُضعت في وضعها هذا قسرا. لو كانت لها قوة لربما استطاعت أن تقاوم العدو أمامها وتهرب.

ولكن- لم تكن للفتاة أي حيلة.

لهذا ليس للموقف الحالي إلا نتيجة واحدة. تلك النتيجة هي موت الفتاة، هنا في هذا المكان.

نزل السيف-

إلا أن الألم لم ينزل معه.

فتحت الفتاة عينيها بحذر شدي د، وكان أول شيء رأته هو السيف المعلق، ثم رأت بعده حامله. وقف الفارس متجمدا في مكانه، وعيناه تنظران لشيء بجانب الفتاة. أوحى تخليه عن وضعيته الدفاعية بالخوف الذي اعتراه. نظرت الفتاة إلى ما كان ينظر إليه وكأن نظرته شدتها. حينها- رأت الفتاة اليأس.

ما رأته كان ظلام.

كان سوادا رفيعا جدا، ولكنه كان عميقا بشكل لا يوصف. حجر سبج نصف بيضاوي بدا كأنه نتأ من الأرض. ملأ المشهد الغامض نفوس كل من رأه باضطراب شديد.

"هل هو باب؟"

هو أول ما طرأ على ذهن الفتاة عندما وقعت عليه عيناها.

أصاب حدس الفتاة وانقبض قلبها؛

شيء ما خرج من ذلك الممر الظليل،

وفي اللحظة التي اتضح في عينيها-

"هيي!"

- خرجت صيحة من الفتاة تصم الآذان.

كان خصما لم تستطع البشرية هزيمته؛ نقطتان قرمزيتان مضيئتان شعّتا بداخل محجري عينين تحملهما جمجمة. رمقت نقطتا الضوء الفتاة والحاضرين ببرود، كوحش ضارٍ يراقب فريسته. بيده العظمية عصا سحرية تبدو باهرة ومخيفة في الوقت ذاته. كأن جمال العالم كله تبلور أمامهم. كان يرتدي عباءة سوداء مطرزة تطريزات معقدة، ولا وصف يناسبها أكثر من كونها تجسيدا للموت خُلق من ظلام عالم آخر.

تجمد الهواء في لحظة واحدة، كأن الزمن توقف هيبة لمجيء كائن سامي. سلب المرأى روح الفتاة حتى أنها نسيت نَفَسها، ثم بدأت تسعل وتنهج والصمت يعم المكان. لا شك أن رمز الموت هذا قد تمثّل أمامها كي يقودها لأرض الأموات. طبيعيٌ أن تفكر هكذا، ولكن حينها أدركت الفتاة أن هنالك أمرا خاطئ، ذلك لأن الفارس الذي كان ينوي قتلها لا زال خلفها واقفا بثبات.

"غاااه.."

صرخة كالعويل ملأت أذنيها. من أي فم أتى ذلك الصوت؟ بدا كأن الصوت خرج منها، أو من أختها المرتجفة في رعب، أو من الفارس الذي كاد أن يقتلها.

يد هيكلية امتدت- بأصابع متفرقة كأنها تحاول الوصول لشيء، وتجاوزت الفتاة متجهة نحو الفارس خلفها.

أرادت أن تبعد نظرها عن اليد، ولكن الخوف جمّد نظراتها. شعرت لو أنها حركت عينيها، لربما رأت منظرا أشد بشاعة.

「 أمسك القلب 」

أطبق تجسيد الموت قبضته، وسمعت الفتاة صوت معدنٍ يتحطم وراءها.

بالرغم من خوفها من أن تبعد نظرها عن رسول الموت، إلا أن فضولها الذي كان أقوى من خوفها جعلها تنظر إلى جسد الفارس. كان متمددا بلا حراك على الأرض، مثل دمية قُطعت خيوط حركتها.

إنه ميت،

لا ريب في أنه ميت.

الخطر الذي كان سيفتك بحياتها انتهى، إلا أن هذا ليس مدعاة للاحتفال، فالموت الذي طاردها قد غيّر شكله فحسب.

اقترب الموت من الفتاة التي راقبته بعينين فزعتين، والظلام في مرأى عينيها صار أكبر.

"سيبتلعني" فكرت الفتاة بذلك واحتضنت أختها بشدة، ففكرة الهرب انطفأت في عقل الفتاة.

لو كان خصمها بشرا، ربما استطاعت أن تتمسك ببصيص أمل وصارعت لتنجو بحياتها، لكن الكائن أمامها هشم كل آمالها كزجاج هش. كل ما تمنَّته الفتاة هو أن يدعها تموت بلا ألم.

احتضتها أختها المرتجفة. كل ما تستطيع فعله هو أن تعتذر لأختها عن ضعفها، عن عجزها عن حماية حياة أختها. دعت ألا تشعر أختها بالوحدة في رحلتهم للعالم الآخر، لأنهن سيرحلن إلى هناك معا.

حينها-

♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦ ♦

نهاية المقدمة

OrionTeam

ترجمة & تدقيق :(@Reemanic_) ريم

2025/07/27 · 48 مشاهدة · 618 كلمة
Mugi-San
نادي الروايات - 2025