الفصل الخامس عشر: فوضى [10]
“بوممم!!” انفجرت الشرارات من جراء تصادم الأسلحة، محملة بصوت عالٍ رنان اهتزت له الأرجاء. في قلب المعركة، كانت الفوضى هي القاعدة، وكانت النيران اللامعة التي أطلقتها الأسلحة تزيد من عمق الظلام المحيط. بين الحين والآخر، كان كل ما يمكن رؤيته هو الأطياف المتشابكة لجسمين يتصارعان في ساحة المعركة.
تحركت لافير بسرعة خيالية، جسدها المشدود يندفع بكل قوة مع كل حركة. لم يكن هناك مجال للخطأ، فكل حركة محسوبة بدقة متناهية. بيدها المهيبة التي تحمل المنجل، هاجمت بقوة لا تُضاهى. لم يكن المنجل مجرد سلاح؛ بل كان امتدادًا لطاقتها الوحشية ورغبتها في السيطرة.
على الجانب الآخر، كان آرون، رغم قوته الرهيبة، يجد نفسه مضطراً للتعامل مع هجمات لافير باهتمام بالغ. في لحظة واحدة، اجتمع كل شيء في حركة واحدة، حيث اصطدم المنجل بسلاح آرون، ونتج عن ذلك انفجار هائل من الشرارات التي شقّت الفضاء، كأنها تتحدى الظلام بسطوعها.
الصدمة كانت قوية لدرجة أن آرون قُذف للخلف عدة أمتار، وهو يترك خلفه آثاراً عميقة على الأرض. كل خطوة كان يتخذها على الأرضية الصلبة كانت تترك بصمات القوة التي يمتلكها، لكنه في ذات الوقت كان يئن من قوة الصدمة.
***
“تسك.” تجمدت نظرات آرون، وهو يراقب لافير بعينين تتقدان بالتركيز. رغم حجمها الصغير، كانت القوة التي تمتلكها غير قابلة للفهم، وكأنها تنبع من عمق غامض لا يمكنه إدراكه. في كل حركة تقوم بها، كان يشعر أن كل حساباته وتوقعاته يجب أن تتغير، مما جعل القتال أكثر تعقيدًا.
آرون، بقدراته المذهلة، شعر بنبض الأرض تحت قدميه وهو يركلها بقوة، ويطلق نفسه نحو لافير. في هذه اللحظة، كان كل شيء حوله يتباطأ، وهو يركز كل حواسه على تلك العدوة غير المتوقعة. عينيه اللامعتين تتابعان كل حركة بدقة، أذنه تلتقط كل صوت خافت، وملامح وجهه تتجمد في تعبير من التحدي.
بومضة خاطفة، لوح سيفه بقوة، بينما كانت لافير في قفزتها البهلوانية تندفع في الهواء. جسدها انحنى بشكل دائري، وكأنها تراقص في الفضاء. المنجل الذي تحمله كان يتألق بنور باهت، يبرز حدة السلاح وكأنه يمتزج مع حركة جسدها.
بينما لافير تدور في الهواء، كان المنجل يلوح بقوة متزايدة. قوة الدوران أضافت حدة مضاعفة للسلاح، وجعلت منه أداة مميتة تتجه نحو آرون. ومع ذلك، كانت الحركة تتطلب منها التضحية بثقل جسدها، مما جعل كل حركة أكثر تقدماً على حساب ثباتها.
“بوممم!!” انفجرت الطاقة في الهواء عند التصادم، مصدرةً صدى هائلاً هز الأرجاء. الشرارات تناثرت كما لو كانت شظايا من الكوكب المنفجر، محملةً بالضوء والشرر الذي أضاف دراماتيكية للمشهد. الأرض تحت قدمي آرون ارتجت، وهو شعر بكل ضربة وكأنها صدمة كهربائية.
“بوممم!!” كانت الصدمة الجديدة أقوى من السابقة، فبدلاً من أن يُقذف للخلف، شعر آرون بدفع هائل يجعله يرتفع عالياً إلى السماء. كل شيء حوله أصبح غامضًا، كأن العالم من حوله يتلاشى وهو يطير في الفضاء.
“أغغ.” ارتفعت الصرخات المكبوتة من أعماقه وهو يتجاوز الغيوم، حيث الهواء بدأ ينفد، وأصبح التنفس صعبًا. كانت السماء المحيطة به خالية من أي علامات للحياة، فالصمت كان مطبقًا، وكأن كل ما حوله يشير إلى الخلو من أي كائن حي.
عندما عاد إدراكه، كان المشهد أمامه مختلفًا تمامًا. لافير كانت تسبح في الهواء قبله، ابتسامتها المجنونة تعكس الضوء القادم من الأسفل، كأنها تتحدى الوجود نفسه. ابتسامتها كانت مزيجًا من اللامبالاة والجنون، وجعلت قلب آرون ينبض بقوة، وهي تطفو كأنها كائن أسطوري على حدود الفضاء.
جسدهما كان عائمًا في السماء، حركة المنجل في يد لافير توحي بأنها لا تتأثر بالعدم الذي يحيط بهم. كل حركة كانت تشعره بأعماق الفضاء، مما زاد من شدة المعركة وجعل كل طية من طيات القتال أكثر إثارة. الهواء كان رقيقًا، والتفاعلات بينهما تبدو كأنها تنفصل عن قوانين العالم الطبيعي، مما أضفى مزيدًا من الغموض والدرامية على الصراع.
القتال، الآن في هذه البُعد الجديد، أصبح يركز على التوازن والقدرة على التكيف. كل حركة، كل هجوم، وكل دفاع كان يعبر عن صراع لا ينتهي بين قوتين تتحدى الحدود الطبيعية. لافير، بمظهرها المجنون وهي تعوم، زادت من تعقيد المعركة، وجعلت كل ثانية تمر وكأنها لحظة أبدية.
آرون، وهو في هذا الارتفاع، كان عليه أن يعيد حساباته بسرعة. بين الغيوم الرفيعة والأفق البعيد، كان عليه أن يجد طريقة للعودة إلى الأرض والتعامل مع عدوته التي تتحكم في كل من حوله.
كم عدد الاوراق لدى هذه العاهرة؟، فكر آرون وهو ينظر للافير.
بينما لافير، بخفتها ومرونتها، بدت وكأنها تتنقل بحرية عبر السماء، كان آرون في وضع مختلف تمامًا. لم يكن لديه أدنى فكرة عن كيفية الطيران أو السيطرة على الجاذبية. مع كل لحظة تمر، كان يتجلى أمامه مدى عجزه عن مواجهة هذه البيئة غير المألوفة.
في تلك اللحظة، سطعت في ذهنه صورة لفعل قامت به لافير في بداية القتال. تذكر كيف كان لها قدرة غير عادية على التكيف مع الأوضاع المتغيرة، وقرّر أن يحاول محاكاة جزء من تلك الحركة. شد عضلات قدميه بكل قوته، وأعطى نفسه دفعة قوية، كأنه يحاول القفز في فراغ لا نهاية له.
صوت تشقق غير معروف نجم عن الركلة، كأن الهواء نفسه لم يتحمل تلك القوة الضاغطة. كانت هذه الأصوات مثل صرخات معذبة في الفضاء، تُمثل الجهد غير المنظور الذي يبذله آرون. كما لو أن الهواء، بمكوناته الرقيقة، قد انفجر تحت الضغط، مما سمح لجسده بالانطلاق مجددًا.
تبع ذلك دفعة هائلة، دفعته للخلف أكثر. الجاذبية التي كانت تبدو غير متوقعة تحولت إلى قوة موجهة، وأصبح آرون يتسارع نحو الاتجاه الذي كان يريده. الهواء حوله كان يهتز بعنف، كأنه يرد على كل حركة بقوة مساوية.
ابتسم آرون، وهو يكتشف طريقة جديدة للقتال في هذا الوضع غير المواتي. كانت ضربة سيفه ومهارته الجوية قد أعطته بصيص أمل في مواجهة لافير، لكن سرعان ما تلاشت ابتسامته. قلبت لافير يديها بحركة مبهمة، وظهرت مئات كرات الدم من العدم كأنها تتدفق من أفق مسدود.
على عكس آرون، الذي كان يكافح للحفاظ على توازنه في الهواء، بدا أن لافير تستطيع الطيران بحرية مطلقة. كانت تتنقل عبر الهواء وكأنها تمتزج مع الفضاء نفسه، كل حركة من حركاتها كانت تتسم بالتحكم الكامل.
“هذا سيء.” تجهم وجه آرون، وهو يدرك حجم الخطر. لم يكن ليفزع لو كان على الأرض، ولكن وجوده في السماء زاد من تعقيد الوضع. قوى الجاذبية وتحديات الفضاء جعلت كل حركة أكثر صعوبة.
بسرعة، عكس آرون جسده وقام بركل الفضاء بكل قوته. “بوممم!” كان صوت ركلته ينفجر في الهواء، كما لو أن كل الهواء المحيط به قد تمزق تحت الضغط. دفعته القوة إلى الأمام بسرعة مذهلة، متجهاً نحو لافير.
راقبت لافير ببرود بينما كان آرون يندفع نحوها، ورفعت كف يدها للأمام بحركة سريعة وثابتة. بعد لحظة، بدأت العشرات من كرات الدم تتجه نحو آرون بسرعات خارقة، وكأنها تنفجر من انفجار غامض.
“بوم-بوم-بوم-بوم-بوم-!!!” انفجرت كرات الدم في الفضاء حول آرون، تصدر أصواتًا مدوية تنذر بالدمار. حاول آرون التصدي للهجوم، وقام بقطع العديد من كرات الدم بسيفه، لكن كل كرة يقطعها تنقسم إلى عدة كرات أخرى، مما جعل العدد يتضاعف باستمرار.
بدأت الفوضى تتصاعد، وأصبح القتال في السماء أكثر تعقيدًا. كانت كرات الدم تتساقط من كل جهة، محيطًا بآرون بسيل متواصل من الهجمات. أدرك آرون أن محاولة قطع كرات الدم بشكل فردي لن تكون مجدية، يجب علي إيجاد استراتيجية جديدة للتعامل مع هذا الهجوم اللعين.
في هذا الوضع المتقلب، كانت السماء تعيش حالة من الفوضى المروعة. كرات الدماء كانت تتراقص في الفضاء، مكونة سيمفونية من الفوضى التي ملأت الأفق. كل كرة دم كانت تتلألأ بألوانها القرمزية، وتخلق مشهدًا كابوسيًا من الرعب والدمار. كانت تلك السيمفونية القاتلة تملأ السماء بأصواتها وتركب موجات من الطاقة المدمرة، مما جعل المعركة تبدو وكأنها تجري في قلب عاصفة دموية.
تدارك آرون الموقف بسرعة، وبدأ يركل الهواء باستمرار، مستغلًا كل حركة من حركاته لتعديل اتجاهه وسرعته. كانت ركلاته تتسم بالقوة، وكأن كل واحدة منها تمثل انفجارًا صغيرًا في الفضاء، مما يساعده على تغيير مساره بشكل سريع وفعال.
بينما كان يتنقل بين كرات الدماء، كل ركلة كانت تمنحه دفعة جديدة نحو الهدف، مما جعله يراوغ الهجمات المتوالية. كان كل حركة محسوبة بدقة، حيث كانت كل ركلة تعبر عن توازن دقيق بين القوة والسرعة، وتساعده على تجنب كرات الدماء التي كانت تنفجر من حوله. كانت تلك الكرات تحيط به من كل زاوية، وكأنها تشكل جدارًا مميتًا.
ومع كل حركة، كان آرون يقترب أكثر من لافير. بدأ يركز على هدفه الرئيسي، محاولًا تجاوز سيل الهجمات والضغط عليه ليصل إلى خصمته. كانت خطواته تتحرك بوتيرة متسارعة، تتناغم مع حركة الفضاء حوله، وكأنها رقصة قاتلة بين السماء والدماء.
بينما كان يقترب، كان يتفادى الضغوطات المتزايدة ويستعد للهجوم المضاد. كانت لافير، التي كانت تراقب الموقف من مكانها، تبقى في حالة تأهب، مستعدة لأي رد فعل من آرون. وكلما اقترب منها، كانت القتال يأخذ منحىً أكثر كثافة، حيث كان على آرون أن يتعامل مع كل حركة بدقة وعناية، لكي يتمكن من مواجهة لافير والرد على الهجوم المتواصل.
عندما اقترب آرون إلى المستوى المطلوب، كانت السرعة التي يتحرك بها مذهلة. بتركيز حاد، عدّل قبضته على سيفه، مستعدًا لتحويل كل طاقته إلى قوة ضاربة. فجأة، بدأت طاقته المظلمة تنفجر في عاصفة مدمرة، مما غيّر السماء بالكامل. كان الظلام يلف الأفق، والدماء التي كانت تملأ الفضاء تتساقط كأنها تتلاشى تحت تأثير القوة السحرية.
هاجمت هالته المظلمة بعنف، مسببةً هزات قوية في الفضاء حوله. تلك الهزات كانت تشبه زلازل صغيرة، تدفع كرات الدماء بعيدًا، وتحطمها إلى قطع صغيرة تذوب في الظلام. كأن السماء نفسها تتأرجح وتخضع لسلطة طاقته المظلمة، مما أتاح له مساحة للتنفس والتحرك بحرية.
ابتسم آرون بابتسامة هادئة لكن حاسمة، وهو يركل الهواء بقوة هائلة. في لحظة واحدة، كانت قوته الخارقة تقذفه مباشرة أمام لافير، وكأنه يجتاز الفضاء كله في انفجار سرعة. تمايل جسده في الهواء كما لو كان ينساب عبر نفق من الطاقة المظلمة.
عندما اقترب بما يكفي، استعد للهجوم. سحب سيفه بسرعة، وكأن حافة السيف تنبض بالحياة تحت قوة طاقته المظلمة. وكان هدفه محددًا بدقة: عنق لافير. كل حركة من حركاته كانت تنبض بالقوة والعزم، معبرة عن كل جهد مبذول في هذا الهجوم المصيري.
سيفه، الذي كان يلمع في الظلام المحيط، بدأ يتجه نحو عنق لافير. كان السيف يقطع الهواء مثل خنجر في ضباب، كل حركة منه كانت تنبض بقوة غير مرئية ولكن محسوسة. بينما كان آرون يندفع، كان كل جزء من المعركة يتوج بهذا الهجوم الحاسم…
~~~
توني الاحظ، القتال فعلًا طول، ظهور آرون ولافير صار اكثر من ظهور بايل احح، 10 عشر فصول وهم يتقاتلون!!.
سؤال للقراء: هل الاوصاف الكثيفة و الكثيرة للأشياء تزعجكم؟
أعذروني على الأخطاء.