الفصل الخامس والعشرون " أبناء النبلاء الضائعين "
أصبح إيفان متحمسًا، فسيعرف سحره بعد قليل، ولكن كلمات نيفاليس التالية حطمته:
"أنت لا تمتلك سحرًا."
سكت الجميع مصدومين، خاصة إيفان، فقد حطمت كلمات نيفاليس كل آماله وطموحاته التي بناها.
قال العجوز إلياس: "إذاً، لماذا وضعته مع السحرة طالما لا يملك سحرًا؟"
قال نيفاليس بعد أن صمت قليلًا: "من قال إنه لا يملك سحرًا؟"
صاح إيفان: "فلتخبرني مباشرة، لا تلعب بأعصابي! هل أملك سحرًا أم لا؟"
قال نيفاليس: "أوي، يا رجل، اهدأ قليلاً، تكاد العروق تخرج من جبهتك! أنت فعلاً لا تملك سحرًا طبيعيًا، ولكن تملك شيئًا آخر، وهو ما أسميه 'تعزيز شامل'. إنه نوع من التعزيز الجسدي ولكن شامل؛ فعكس سحر تعزيز الأشخاص، وسحر تعزيز الأشياء، وتعزيز سحر الساحر نفسه، هناك سحر تعزيز نقي للساحر فقط.
"إنه يكون سحرًا أقوى من التعزيز العادي: تعزيز الحركة، تعزيز الجسد، تعزيز البصر، تعزيز الدماغ... ببساطة تعزيز شامل.
"لقد قرأت عن أشخاص وصلوا إلى القمة بسحر التعزيز فقط، ولكنك تحتاج إلى التدريب أكثر من أي أحد آخر هنا. تحتاج إلى المثابرة، وأيضًا ستحتاج أن تكون دائمًا في الخطوط الأمامية لأي معركة، عكس أي ساحر.
"إنه سحر يحتاج إلى الإصرار والمثابرة، والكثير منهما. وأيضًا يحتاج إلى المعارك، فستحتاج إلى أن تقاتل بجسدك لتشعر بتطور سحرك. تطورك سيعتمد عليك أنت وحدك؛ سواء سقوطك أو علوك سيعتمد على مدى إصرارك.
"من حسن حظك أيضًا أنني بارع بعض الشيء في سحر التعزيز. سأعلمك كل ما أعرفه في الأشهر القادمة."
شهق الجميع من هذه المعلومة، ولكن نيفاليس تجاهلهم كعادته ووقف من على كرسيه.
قال نيفاليس: "وهكذا انتهينا من الخطوة الأولى."
نظر إلى العجوز إلياس وقال: "الآن، لنذهب مباشرة إلى الخطوة الثانية."
ثم وجه كلامه إلى العجوز إلياس وقال: "هل تعرف أحدًا آخر في هذا المكان مؤهلًا وجديرًا بالثقة؟"
أومأ العجوز إلياس وقال: "أعرف القليل، وأيضًا أعرف ساحرًا زميلًا كان من عائلة أخرى واستقر في هذا المكان، ولكنه في الجهة الغربية. سيستغرق التواصل معه بضعة أيام."
أومأ نيفاليس وقال: "ساحر آخر سيكون مساعدة عظيمة."
تحدث إيفان وريان أيضًا، فقد كانا يعرفان بضعة أطفال جديرين بالثقة.
قال نيفاليس: "جيد. الآن، بقي سبعة أشهر على تجنيد العائلات. في هذه الأشهر السبعة، سنتوسع، ننضم إلى أي شخص مؤهل ومحل ثقة، ونوزعكم سواء على العائلات أو الجيش.
"سأعلمكم في هذه الأشهر الأشياء الأساسية والنظرية التي ستحتاجونها وتحتاجون أن تعرفوها. وأيضًا ستتعلمون نظام المملكة وتصرفاتهم، فبعد كل شيء لا نريد أن تُكتشفوا بمجرد أن تختلطوا بهم.
"سنبدأ بعد أسبوع من الآن حتى يتجمع الجميع. أحضروا كل من هو ثقة، وسأكون موجودًا لاختبار الهالة والسحر.
"أيها العجوز إلياس، تواصل مع صديقك الساحر، وأيضًا إن كنت تعرف أي جنود أو محاربين أحضرهم أيضًا. سيكونون مفيدين في التدريب العملي.
"وأيضًا سنبني مكانًا للتجمع، سيكون المركز هنا بيت العجوز إلياس، ولكن نظرًا لحجمه وأننا لا نستطيع توسيعه، فهذا سيكون لافتًا للنظر. سنبني مركزًا للتجمع تحت البيت."
تنهد نيفاليس وقال: "هذا سيكون متعبًا وشاقًا. الحفر... سيكون من الرائع امتلاك ساحر أرضي (يمتلك سحر الأرض)."
ضحك العجوز إلياس قائلاً: "صديقي الذي سأدعوه هو ساحر أرض، فلن تكون هناك مشكلة كبيرة."
قال نيفاليس: "رائع. إذاً، ستكون أنت وهو البانين الرئيسيين، وذلك أيضًا سيكون تدريبًا لكما. اجعل الأطفال يقطعون الأشجار لاستعمالها، فستكون دعمًا مثاليًا لإنشاء مخبأ تحت الأرض."
ثم أضاف: "والآن، نلتقي بعد أسبوع. سأذهب إلى النزل وأتطلع إلى عدد الأشخاص وتميزهم بعد أسبوع."
.....
في طريقه إلى النزل، فكر نيفاليس بتمعن:
"هل إمبراطور المملكة مجرد أحمق أم ماذا؟ مجرد جزء واحد من الأحياء الفقيرة يحتوي على فرسان وسحرة قادرين على بناء عائلة قوية نسبيًا إذا تم تدريبهم بشكل صحيح!"
تنهد نيفاليس وقال بصوت منخفض:
"الآن أفهم لماذا هذه المملكة مجرد قوة من الدرجة الثانية، بل حتى في مرتبة منخفضة منها. ببساطة، لأن المنظومة بأكملها تتكون من حفنة من المتخلفين، بدءًا من الإمبراطور وصولًا إلى أصغر عائلات النبلاء."
ثم رفع رأسه إلى السماء وهو يشعر بالعبء يتراكم عليه:
"آه... تبًا، سيكون لدي الكثير من العمل لأفعله. لو كان إدوارد هنا، لكان الأمر أسهل بكثير."
........
بمجرد أن دخل نيفاليس غرفته في النزل، ذهب إلى السرير فقد كان مرهقًا جدًا. لقد نام ليلة كاملة ولم يستيقظ إلا في الصباح التالي.
على عكس الأشخاص في منزل العجوز إلياس، معظمهم، إن لم يكن كلهم، لم يستطيعوا النوم من التفكير.
في اليوم الثاني، استيقظ نيفاليس، نزل إلى مطعم النزل، وتناول الكثير من الطعام ثم خرج من النزل.
كانت وجهته مدينة ميراس، فبعد كل شيء احتاج إلى شراء الكثير من الأشياء مثل الملابس، الكتب، والأخبار.
بعد أن أعطى حارس البوابة بضع عملات ذهبية، دخل نيفاليس إلى المدينة. لقد كانت مختلفة كليًا عن الخارج وعن طبقة العوام:
مدينة مزدهرة مليئة بالحياة. شوارعها نظيفة وواسعة، تصطف على جانبيها مبانٍ أنيقة ومتاجر تعرض بضائع متنوعة. الأسواق تعج بالناس، والأصوات المفعمة بالحيوية تملأ المكان. في وسط المدينة، توجد ساحة كبيرة بها نافورة جميلة وأشجار ظل تُعطي شعورًا بالراحة.
كانت كأنهما عالمان مختلفان تمامًا، لن يصدق أحد أن هذين العالمين لا يفصل بينهما إلا جدار واحد فقط.
تنهد نيفاليس ثم تقدم. كانت أولى وجهاته وأحب الأماكن إليه: المكتبة.
كان عليه أن يشتري الكثير من الكتب الاساسيه وأيضا شراء الملابس.
كان عليه تجهيز هؤلاء الأطفال ليكونوا مقبولين بين النبلاء، وهذا يعني أنه بحاجة إلى أكثر من مجرد تدريب على القتال أو السحر. أول ما احتاج إليه هو ملابس مناسبة، فالمظهر يلعب دورًا أساسيًا في رفع مكانتهم الاجتماعية. سيحتاجون إلى سترات أنيقة، سراويل مرتبة، وأحذية جيدة، بالإضافة إلى تصفيف الشعر والحفاظ على النظافة الشخصية. بعد ذلك، تأتي مسألة التعليم، إذ يجب أن يتعلموا القراءة والكتابة، ويتقنوا أسلوب الحديث اللبق، إلى جانب فهم أساسيات التاريخ والجغرافيا حتى لا يظهروا كأشخاص جاهلين عند التحدث مع النبلاء. كما لم يكن بوسعه تجاهل تعليمهم آداب السلوك والمراسم الرسمية، فمن غير المقبول أن يتصرفوا بفظاظة أو بأسلوب العامة.
نظر نيفاليس إلى القائمة الطويلة من الاحتياجات، ثم مرر يده على وجهه وقال بسخرية: "رائع... لم أعد أقوم بتدريب مقاتلين، بل أجهز حفلة تنكرية لأبناء النبلاء الضائعين! هل أحتاج أيضًا لدروس في آداب المائدة؟"
رفع نيفاليس حاجبه وهو يفكر: "بالتفكير في الأمر... معظم من في الأحياء الفقيرة هم في الواقع نسل نبلاء وسلاطين سقطوا على مر السنوات. على مدى أكثر من 200 عامًا منذ أنتهاء عصر الإمبراطور الأول وتشكيل النبلاء، انهارت العديد من العائلات النبيلة، وتبعثر ورثتها في أسفل السلم الاجتماعي. هذه ليست مجرد أحياء فقيرة... إنها مقبرة الأنساب النبيلة! بحق الجحيم، هل أنا أقود ثورة اجتماعية أم أؤسس متحفًا للنبلاء المنقرضين؟"