26 - سبعة أشهر وثلاث سنوات

الفصل السادس والعشرون: "سبعة أشهر وثلاث سنوات"

"أه، يبدو أني بالغت في الشراء."

قالها نيفاليس وهو يجلس في غرفته، يحدق في كومة الأغراض التي اشتراها من السوق. على الرغم من أن إدوارد قد وفر له مبلغًا لا بأس به من المال، إلا أنه لم يكن غير محدود. واستمرار الإنفاق بهذا الشكل لن يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة... الإفلاس.

تنهد ببطء وهو يعيد حساباته. قسّم المال المتبقي إلى قسمين، أحدهما سيُسلَّم للعجوز إلياس، والآخر سيحتفظ به لنفسه ليستثمره بعناية في ما يعود عليه بفائدة مستقبلية.

"أنا بحاجة إلى خطة واضحة لكسب المال. لا يمكنني الاستمرار هكذا. إن لم أفعل شيئًا، فسأجد نفسي بلا شيء قريبًا."

---

مر أسبوع، وعاد نيفاليس إلى منزل العجوز إلياس. لكن المشهد الذي استقبله هذه المرة كان مختلفًا تمامًا.

وجوه جديدة كثيرة تملأ المكان، صغار وكبار، أطفال وفتيان يقفون هنا وهناك، يملأهم الفضول والخوف والترقّب. إلى جانب إلياس، كان هناك إيفان وريان، واثنان آخران لفتا انتباه نيفاليس على الفور.

رجل عجوز ذو شعر فضي، طويل القامة، يحمل هالة من الهيبة والهدوء، توقّع نيفاليس أنه ساحر أرض، وربما الصديق الذي تحدث عنه إلياس سابقًا. أما الثاني، فكان رجلاً في بداية الأربعينيات، ذو بنية عضلية متناسقة، عيونه تحمل نظرة مقاتل خاض عشرات المعارك.

اقترب نيفاليس دون تردد، ثم قال للعجوز إلياس وهو ينظر نحو الرجلين:

"لابد أن يكون هذا صديقك أيها العجوز،" ثم مد يده نحو الساحر، "أنا نيفاليس."

رد الرجل ذو الشعر الفضي بابتسامة صغيرة ومد يده: "فالدر. وهذا بجانبي هو دايروس، محارب سابق."

أومأ دايروس برأسه وقال: "أريد أن أطرح عليك الكثير من الأسئلة بشأن ما نحن مقدمون عليه."

لكن نيفاليس أجاب ببساطة: "لاحقًا. الآن، هيا لاختبار الهالة والسحر."

---

ثلاث ساعات مرت. انتهت الاختبارات. مرة أخرى، النتائج فاقت التوقعات. لقد وجدوا ساحر جليد وثلاثة فرسان. نيفاليس كان يدرك جيدًا أن هذه النتائج، لو استُغلت بشكل سليم، يمكنها تغيير وجه الإمبراطورية.

ما إن انتهى الجميع حتى طلب من إلياس جمع الحضور. وقف أمامهم، صامتًا لوهلة، ثم بدأ حديثه.

كلامه كان موجّهًا لإلياس، وفالدر، ودايروس. شرح لهم الخطوط العريضة للتدريب القادم، سبعة أشهر فقط، وهي مدة ضئيلة، لكنها كافية لو تم استغلالها بالشكل الصحيح. حدّد الأدوار، من سيتوجه للجيش، ومن سيخترق العائلات النبيلة، ومن سيتعلم كيف يقتل بصمت. وُضعت خطة شاملة تغطي التعليم، التدريب، والدمج النفسي.

كان واضحًا للجميع أن نيفاليس لم يترك شيئًا للصدفة. دقته في توزيع الأدوار، جدوله الزمني، وحتى نبرة صوته... كل شيء فيه كان يشبه القادة الكبار، رغم صغر سنه.

---

أربعة أشهر مرت.

لم يكن الأمر سهلاً في بدايته. الأطفال الذين جاءوا من الشوارع لم يكونوا يعرفون حتى كيف يرتدون ملابسهم، أو كيف يتحدثون بلغة لائقة. كان التحدي يوميًا، وكان نيفاليس في مواجهة مستمرة مع الفوضى.

لكنه لم يستسلم. شيئًا فشيئًا، بدأ النظام يُزرَع فيهم. الانضباط، النظافة، التدريب، الكلام، حتى نظراتهم تغيرت.

الاجتماع الأخير لم يكن للتدريب. هذه المرة، كان للإعلان عن رحيله.

شرح لهم أنه لن يبقى، لأنه قد سلّم كل ما يجب تسليمه. إلياس الآن يملك الخطة الكاملة، وإيفان وريان تعلما الأساسيات. السحرة بدأوا يشعرون بالمانا، والمحاربون يتدربون بصرامة تحت قيادة دايروس.

أعطى إلياس الملابس والمال والتعليمات الكاملة. لقد وضع الأساس... لكنه يعلم أن الأساس وحده لا يكفي.

هو بحاجة للنمو أيضًا. بحاجة لأن يُصبح أكثر من مجرد قائد من الظل.

خرج من المنزل بصمت، وتوجه غربًا، نحو مدينة هيراس. كان هدفه بسيطًا: الانضمام لنقابة المغامرين. هناك سيبدأ المرحلة الثانية من خطته... تقوية نفسه.

نيفاليس كان يعلم الحقيقة التي يتجاهلها الجميع.

لن يُسقط النبلاء بجيش ثوري من الأحياء الفقيرة. ذلك سيكون حماقة.

"سأكون أحمق إن اعتمدت على جيش الأحياء الفقيرة فقط لإسقاط النبلاء."

لم يكن أصلا هدفه إبادة النبلاء بجيش الأحياء الفقيرة فقط. هو يعلم أن ذلك مستحيل.

لكنه كان ينوي شيئًا آخر... أن يُضعفهم، أن يهزّ كيانهم.

حتى لو فشل الأطفال، حتى لو خانوه الجميع، فقد ظلوا جزءًا من خطته. بيادق في لعبة أكبر بكثير من قدرتهم على الاستيعاب.

ولن يبقَ الشمال والجنوب متفرجين إن اندلعت حرب داخلية في المملكة.

إذاً، كان عليه أن يخطط بذكاء. أن ينتظر حرب الوحوش القادمة، بعد ثلاث سنوات، حين تنشغل القارة كلها. جبال نيهاريف تمتد من أقصى الشمال إلى الجنوب، وستجتاحها الوحوش. إنها ليست حرب المملكة وحدها، بل القارة كلها ضد جيوش الوحوش.

وحينها... سيتحرك. لن يتدخل أحد.

هل سيق الشمال والجنوب متفرجين عندما يرون المملكة في حرب داخلية؟

بالطبع لا.

هل ستسقط العائلات الدوقية الأربعة بمجرد جيش ثوري؟

بالطبع لا.

إذا كيف كان يخطط لإسقاط الدوقيات؟

أولًا، عليه أن يضمن عدم تدخل الشمال أو الجنوب، وذلك سيتم باغتنام حرب الوحوش بعد ثلاث سنوات.

فبالطبع الحرب لا تشمل المملكة فحسب، فجبال نيهاريف تمتد على طول القارة من الشمال إلى الجنوب.

فالحرب كانت تشمل القارة بأكملها ضد جيوش الوحوش.

ثانيًا، كان عليه أن يضمن جيشًا ثانيًا غير جيش الأحياء الفقيرة وهذا جاهز بعض الشيء أيضًا.

أما الأهم من كل ذلك... فهم القادة. قادة الجيش الثوري. أشخاص يملكون الكفاءة والولاء.

وهذا... جاهز جزئيًا.

كل شيء يسير حسب ما خُطط له، لكن حجر الزاوية في كل هذه الخطة... هو نيفاليس نفسه. قوته الشخصية. إن لم يكن قويًا بما فيه الكفاية، فلن ينجو أي شيء.

ولذلك، بدأ رحلته الخاصة. لن ينتظر. لن يعتمد على أحد.

...

في مكان بعيد، خارج حدود المملكة.

صمت كثيف يخيّم على الأرض الميتة.

كـسـر... كـسـر...

2025/04/19 · 4 مشاهدة · 822 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025