52 - الجنوب يعلن أنضمام

الفصل الثاني والخمسون "الجنوب يعلن أنضمامة"

"كفى، آدم!"

نطقها الإمبراطور بصوت منخفض لكنه واضح، نبرة هادئة خالية من الانفعال، لكنها كانت كافية لتعيد التوازن إلى القاعة.

كان بالفعل الدوق مالفريد والدوق لانكروس قد سقطا أرضًا، ارتطمت ركبهما بالرخام البارد بعنف، كأن أجسادهما لم تعد تملك القوة لمجاراة ما حدث.

هالة آدم لم تدم سوى ثانية واحدة...

لكنها كانت كافية ليذوقا هول غضب شخص في قمة الرتبة الخامسة.

خمدت هالة آدم تدريجيًا، لكنها لم تختفِ بالكامل.

العروق ما زالت بارزة على وجهه، ويداه ترتجفان من شدة الغضب.

لو أن أيًّا من الحاضرين أطلق هالته بهذا الشكل داخل غرفة العرش، لعوقب دون تردد...

لكن إيراث لم يتحرك، ولم يظهر عليه أي غضب، لأن من فعلها... كان آدم.

ثقة برجلٍ يعرفه جيدًا، ويعلم...

يعلم أن آدم لم يطلق هالته عبثًا، ولا بدافعٍ متغطرس..

بل لأن الغضب قد اجتاحهلأن بقوة لا يستطيع كبحها.

نظر إليه إيراث بعينٍ حذرة، تتأرجح بين التساؤل والقلق، ثم قال بنبرة هادئة:

"ما الذي حدث، يا آدم؟"

لم يكن هناك ما قد يدفع آدم لهذا الغضب العارم سوى شيء يتعلق باتحاد المرتزقة.

لكن... ذلك مستحيل.

فهو في مدينة "هيراس"، أكثر المدن تحصينًا في المملكة.

واستبعد إيراث تمامًا أن يكون الشمال قد تحرك،

فلو حدث ذلك، لبلغته الأخبار قبل حتى أن تطأ أقدامهم حدود المملكة.

إذاً...

ما الذي حدث بالضبط؟

ما زال واقفًا، والغضب يعتليه كعاصفة صامتة.

أجاب آدم بنبرة عميقة، ومرعبة:

"إنه الجنوب."

تفاجأ إيراث ومالفريد بذكر الجنوب الآن.

تابع آدم كلامه بنفس النبرة:

"لقد أرسل الجنوب رسالة... وقد أرسلوها بأكثر الطرق وحشية."

استدار آدم ببطء، وواجه الجميع:

"الجنوب، يا سادة، يعلن انضمامه رسميًا إلى الحرب."

"م..ا.. ماذا تقول؟!" سأل مالفريد وكأنه يكذّب أذنيه، ينكر ما سمعه للتو.

أما إيراث، فتماسك بسرعة وسأل بنبرة حاسمة:

"ما الذي حدث؟ كيف؟ وما حجم الأضرار؟"

أخذ آدم نفسًا عميقًا، والغضب لا يزال مشتعلاً في صوته:

"قُتل سبعة من أعضاء اتحادي، ظهر وحشٌ غريب فجأة عند بوابة المدينة.

لحسن الحظ، كان أرسيان هناك وتمكن من احتوائه... لكن حتى هو أُصيب.

ولم يكن ذلك كل شيء.

نظر آدم نحو الدوق لانكروس ليكمل، فقد وصله التقرير أيضًا:

"ظهر رجل فجأة، واعترض طريق فرقة الدعم...

تم إبادة الفرقة بالكامل، ونائبي ماركوس قُتل."

شد إيراث يده على مقبض عرشه،

فقدان شخص في الرتبة الخامسة خسارة فادحة،

وفوق كل ذلك... داخل حدود المملكة؟ في الشرق؟!

كيف فعلها الجنوب؟ من هو هذا الرجل؟ وفي أي رتبة يقف؟"

أسئلة جديدةوعن الجنوب بقيت بلا إجابة .

لكن ما كان واضحًا تمامًا...

هو أن الجنوب قد أعلن انضمامه للحرب.

وأعلنه بأكثر الطرق... دموية.

...

صمت الجميع للحظة...

فخبر انضمام الجنوب رسميًا إلى الحرب لم يكن بالأمر الهيّن، خاصة بعد طريقتهم الوحشية في إرسال "رسالتهم".

تكلم إيراث أخيرًا، بصوتٍ حاسم:

"حسنًا، الآن لدينا تأكيد على انضمام الجنوب... وتأكيد على قوتهم كذلك.

اجلسوا أماكنكم، يجب علينا الآن تحديد التمركزات، خصوصًا الجنوب، يجب أن نضيف قوة إضافية هناك."

لكن صوتًا آخر قطعه:

"لا حاجة لذلك، جلالتك... سأذهب هناك بنفسي."

انفتح باب غرفة العرش، وتوقّف الجميع عن الكلام.

ظهر المتحدّث بخطوات هادئة، لكنها مهيبة.

لقد كان الأمير الأول للمملكة... الرجل المعروف ب "أمير الكبرياء".

دخل الأمير الأول غرفة العرش بخطوات ثابتة واثقة، تُظهر هيبة من تربّى على العرش وولد للقيادة. كان شعره الذهبي يتماوج بانسيابية كضوء الشمس المنعكس على التاج الملوكي الذي يعلو رأسه. عيناه الذهبيتين تخترقان الحاضرين كأنهما مرآتان تعكسان الكبرياء المترسّخ في أعماقه. يرتدي رداءً ملكيًا أسود مطرّزًا بخيوط ذهبية تنبض فخامة، وعباءته الطويلة تلامس الأرض خلفه كظلّ مهيب.

خلفه مباشرة، دخل رجل آخر بابتسامة مشرقة إنه فارس الأمير الأول، وأحد ركائز المملكة.

رجل يُقال عنه دون مبالغة:

"ثاني أقوى سياف في المملكة."

الفارس الذي لا تُفارق الابتسامة وجهه، والمعروف بين الجميع بلقبه: "فارس الابتسامة".

أخيرًا قررتَ المجيء، أرتيماس،

قال إيراث بنبرة مسترخية قليلًا، وهو يراقب خطوات الأمير الأول تدخل القاعة بثبات ملكي.

ردّ أرتيماس بهدوء:

لم أتأخر كثيرًا. المهم... كما قلت سابقًا، سأتولى جبهة الجنوب في الحرب.

مالفريد سيكون هناك كدعم، وهذا كل ما أحتاجه.

ثم التفت نحو الملك دون تردد:

في الشرق، يجب أن تتوجه جلالتك بنفسك، وسيكون لانكروس هناك للدعم.

وأخيرًا نظر إلى الرجل الجالس بثبات على الجانب الآخر:

وسيد آدم، سيكون عليك التصدي لموجة الوحوش التي تتحرك من الجبال.

قال كلماته بثقة، ثم استدار وغادر كما أتى.

أما فارس الابتسامة، فحنى رأسه انحناءة احترام خفيفة لكلٍّ من الملك وآدم، ثم تبع سيده بصمت.

...

...

...

"متكبّرٌ جدًا."

كانت تلك هي الجملة الوحيدة التي تبادرت إلى ذهن كلٍّ من الدوقين الجالسين، كأنها وُلدت فيهما في اللحظة ذاتها.

لم يمنح أحدًا منهم أي لقب تشريف. لم يستشرهم. لم يذكر الجنود، ولا خطط الجيش، وكأنهم مجرد تفاصيل لا تهمّه.

شائعات غطرسته كانت معروفة، لكن ما حدث الآن... تجاوز كل التوقعات.

حسنًا، الآن وقد عرفتم الخطة العامة، لنبدأ بوضع التفاصيل الأصغر على هذا الإطار.

قال إيراث بهدوء، غير آبه بما فعله أرتيماس، وكأن تصرفه لم يكن مفاجئًا له.

لقد اعتاد على غرور الأمير الأول، فهو أكثر من جسّد كبرياء عائلة "ثالورين".

كان يشبه في ذلك المؤسس الأول، الإمبراطور الذي وحّد الممالك تحت راية واحدة.

ربما هو تأثير "المجال" الذي يشتركون فيه..

2025/05/07 · 13 مشاهدة · 797 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025