نزل عليه البرد والرطوبة. ظلت رائحة الدم الكثيفة في الهواء، مما تسبب في قلب معدته. كان هناك صوت هسهسة مخيف يأتى من الأسفل. كان يقترب ببطء، متجسدا في ظلال غريبة وغير منطقية. كان غو جون يسقط في احضان الوهم. هل تم اثارتها بواسطة اللوح الحجري ؟ لكن شعور هذا الوهم كان مختلفًا تمامًا ؛ فلم يتم سحبه إلى مكان آخر. كان لا يزال هنا، راقداً على المصطبة أعلى الدرج الحلزوني. كان يشعر ببذل القوة مع الآخرين. ومع ذلك، لم يعد صيادى الشيطان من بجانبه. فلن يتم ايجاد أي من صيادى الشيطان وهو يرتدي هذا الزي الجميل الجذاب.
وبخلاف ذلك، كانوا يتمتمون بكلمات فوضوية ومضطربة. كانت اللغة الأجنبية التي كان غو جون مألوفًا وغير مألوفا بها. مع اقتراب الظلال، بدأوا يرتجفون. شوه الخوف وجههم وكلامهم. لقد بكوا وتوسلوا، ولكن عن ماذا، لم يستطع غو جون أن يفهم حقًا. كان بإمكانه فقط التقاط بعض المقتطفات.
«دعونا نخرج!»
«لا، إنهم قادمون!»
«لا أريد الموت بعد...»
هذه الأصوات... لقد سمعهم من أفواه المرضى المهلوسين لمرض بانيان التشوهى من قبل. هل هم مواطني من رايكرز ؟ فقد سقطت رايكرز، وكانوا بأستطاعتهم الفرار من المدينة عبر النفق تحت الأرض مع المخلوقات غير الطبيعية على عقبهم مباشرة. كانوا يرغبون بشدة في مغادرة هذا المكان، لكن اللوح الحجري أغلق طريقهم. على السطح... هل قام الأشخاص هناك بوضع اللوح الحجري هنا قصداً ؟ النحيب المحتضر لهؤلاء الهاربين... هل كانوا يستمعون من الجانب الآخر ؟ لماذا يمنعون المخرج ؟ لمنع الوحوش من التدفق ؟ لكنهم كانوا سيضحون بمواطنين رايكرز... لهذا السبب ؟
فجأة، كانت الظلال الخبيثة تقترب من وراءه. امتلأ الهواء حول غو جون برائحة التحلل. الأشخاص الذين كانوا يدفعون ضد اللوح الحجري استداروا للنظر. على الفور، امتلأت أعينهم بالرعب. مزقت الصرخات المقطعة للقلب من خلال كل حلق. طرقوا اللوح الحجري بجنون. أرادوا الهروب، لكن لم يكن هناك مكان لهم للهروب إليه. شعر غو جون بنظرته وهى تسحب للخلف أيضًا. تقلص قلبه. لقد كان الوحش مع العظم الصفائحى!
لقد قام شخصيًا بتشريح صدر هذا الوحش من قبل، الا ان هذه كانت المرة الأولى التي يرى فيها واحدًا كاملًا ومضرج بالدماء. من المؤكد أنه لم يتوقع حدوث ذلك خلال أحد أوهامه. لقد كان وحشًا شبيها بالبشر. كان له رأس ورقبة وجذع وأربعة أطراف، لكن سطح جلده كان مغطى بكيراتينٍ ميت من نوعاً ما. كان له مظهر مماثل للوحش بعتاده وملابسه الواقية الطبيعية. كان الوحش أكبر قليلاً من الإنسان العادي، وكان لديه أطرافا طويلة استثنائية. كان بناء أذرعهم ملتويًا وبشعا. امتدت أيديهم إلى الأصابع والمخالب...
لم يكن لدى غو جون نظرة واضحة، ولكن فقط من النظرات الخاطفة القليلة المستعجلة، كان ذلك كافياً لتغطيته بالعرق البارد. فقد توصل إلى استنتاج مفاده أن الوحش كان لديه بنية بيولوجية ملاءمة أكثر للتسلق. بدأ الوهم يهتز بعنف. من تجربته السابقة، عرف غو جون أن هذا معناه أن عقله كان على وشك الانهيار. كان الوهم على وشك الانتهاء. لقد بذل قصارى جهده لإلقاء نظرة أخرى. فمن منظور الأنسان، كان هذا النوع من المخلوقات قذرًا ومثيرًا للاشمئزاز وغير منطقى. ومع ذلك، لم تكن ملامح وجههم مختلفة تقريبًا عن البشر العاديين، على الرغم من أن بشرتهم كانت شاحبة ورمادية اللون وأفواهم كانت تخفي صفوف من الأسنان الحادة والرمادية الداكنة. هل كانت اسنانهم العادية مغطاة بطبقة من البكتيريا المتحللة (1) ؟
حملت نظرتهم بعض التعالي والتعطش للدماء والحقد والظلام الذي لا يمكن وصفه. لم تكن هذه نظرة حيوان. فلن توجد هذه المشاعر إلا بوجود عقل عقلاني.
كانت نظرتهم بشرية بالكامل. هل هذا يعني... أن هذه المخلوقات كانت ذات يوم بشراً ؟
«آه!» اندلعت صرخة مخيفة حوله. متسببة في ارتعاش الوهم أكثر. وتبعها المزيد من الصراخ. تردد صداه داخل هذه المساحة الصغيرة قبل أن ينتشر ويختفى في النهاية. داخل رؤية غو جون، كان بإمكانه رؤية الوحوش وهى تصل للأمام وتنتزع الأفراد واحدًا تلو الآخر من المصطبة بأطرافهم الملتوية. ثم يرمون بالضحايا عرضًا على الدرج الحلزوني أو مباشرة لأسفل الهاوية كما لو كانوا بعض الألعاب المكسورة. شوه الرعب ملامح كل ضحية.
فجأة، شعر غو جون بقوة تسحبه بعيدًا وترميه لأسفل. شعر بنفسه يقع في كابوس دموي لا نهاية له. كانت كل خطوة من الدرج الحلزوني مغطاة بالجثث المحطمة. بعضهم كان لا يزال ينزف دماء طازجة بينما كان الأخرين متعفنين جدا. جرفت دماء مواطني رايكرز الدرجات الحجرية والجدران. تحللت دمائهم وعظامهم في النهاية إلى الحجر مع استيعاب الوقت لكل شيء. الأنماط الحمراء الداكنة، هل كانوا جزءًا من دماء هؤلاء الناس ؟
المصدر الشرير للحياة داخل النفق والدرج الحلزوني، هل كانت إرادتهم المستاءة؟
كان نظر غو جون يقترب أكثر فأكثر من الغرفة في الأسفل. كان يمكنه رؤية جبل الجثث على الأرض. الأعضاء والأجسام والوجوه... متراكمة بشكلٍ عشوائي معًا. كان الأمر كما لو أنه تم أعطائه لمحة عن الجحيم على الأرض.
دوي!
شعر غو جون بأصطدامه. انتشر الألم الذى تجاوز حد الإنسان في جسده بالكامل. شعر بكل خلية في جسده تمزق. لكن الألم نجح أيضًا في نزع عقله من الوهم. كانت انفاسه سريعة. فجأة، أوقف ضوءاً رمادي رؤيته. وعندما رجع، كان اللوح الحجري قد اختفى بالفعل.
"لقد فتح. لقد فتحناه! " صرخ العم دان من الفرح الخالص. انتصب شيويه با ويانغ هينان وفريق الهجوم وصعدوا إلى السطح. مع آخر ذرة طاقة لديهم، أعدوا أسلحتهم وأقاموا محيطًا. غمر تنفسهم الثقيل هتافات العم دان.
«فوو، فوو...» كان وجه غو جون شاحبًا جدًا لدرجة أنه بدا وكأنه مات مرة على الأقل هناك فى الأسفل. ومع ذلك، نظرًا لأن حالة الأشخاص حوله لم تكن أفضل بكثير، لم يلاحظ أحد أي شيء مختلفٍ عنه. نظر حوله مجدداً وعرف أن الوهم الذي عانى منه للتو قد حدث في هذا المكان... ولكنه عقُد في وقت مختلف. فقد تم حل الماضي بالفعل وتحويله إلى شيء آخر. لكن من الذى كان يريد أن يعطيه لمحة عن ذلك الماضي المرعب ؟
«أن هذا ليس لوحاً حجرياً عادي...» نزل صوت شيويه با المبحوح عليهم. لو شياونينغ والبقية أجبروا أنفسهم على الوقوف. وقف غو جون بتردد. على الفور، لاحظ أن «اللوح الحجري» الذي كانوا يدفعوه كان عبارة عن مذبح (2). وكان ثقيلا من هذا الجانب بسبب تصميمه الفريد. نظر غو جون حوله.
"حسنا، أليس هذا غريبا ؟ أعتقد أننا في ضريح" همس العم دان. كان هذا ضريحًا حجريًا. كان مرتفعاً ب10 متر تقريباً فوق الأرضية الداكنة المتحللة. كانت هناك علامات للتدهور في كل مكان. حيث كانت الأعمدة الحجرية الأربعة الكبيرة الموجودة على الأطراف الأربعة للمذبح متصدعة، وأظهر النقش الذى كان جميلا مرة حول الأعمدة علامات إهمال أيضًا. لقد خرجوا مباشرة من المذبح الواقع في وسط الضريح. كان غرض الضريح هو التضحية، وبدا الستة عشر عضو منهم وكأنهم الحملان القربانية.
ظل الضباب الرمادي حول الضريح، مما عكس لون السماء البلا حياة. من خلال الضباب، كان يمكنهم رؤية لمحات عابرة من الأشجار الكبيرة، المخيفة والمشوهة المحيطة بالضريح. بدا عويل الموتى وكأنه يتسرب من وراء الضباب.
كان بأستطاعة غو جون وبقية صائدى الشيطان رؤية أنه من بين الأشجار العملاقة، كانت هناك ظلال وامضة لجيش وحوش. وبينهم كانت شخصيات بأردية سوداء، وبأعداد أقل بكثير، شخصيات بأردية حمراء.
وكانوا جميعهم يحدقوا في صيادى الشيطان.
ملاحظات المترجم:
(1)البكتريا المتحللة: هى البكتيريا المنتجة للأحماض، وخاصة البكتيريا العقدية الطافرة. يحدث التحلل عندما يتم استهلاك الطعام وتقسيمه إلى جزيئات صغيرة. تتحد البكتيريا الموجودة في الفم مع جزيئات الطعام وتتراكم لإنتاج غشاء لزج يسمى اللوحية السنية.
(2)المذبح: طاولة أو منصة لتقديم القرابين الدينية، أو للأضاحى، أو لأغراض طقسية أخرى. توجد المذابح في الأضرحة والمعابد والكنائس وأماكن العبادة الأخرى. يتم استخدامها بشكل خاص في الوثنية والمسيحية والبوذية والهندوسية واليهودية والوثنية الحديثة، وفي بعض المجتمعات الإسلامية فى محيط القوقاز وآسيا الصغرى. كما استفادت منها العديد من الديانات التاريخية في العصور الوسطى، بما في ذلك الديانات الرومانية واليونانية والإسكندنافية.