الأول من يوليو، مسابقة اختيار زوجة ولي العهد الأول

مرّ الوقت، وانقضى شهر آخر من التقويم، حتى حلّ أخيرًا الأول من يوليو.

"هااااام..."

مع اقتراب الصيف، بدأت درجات الحرارة في الارتفاع شيئًا فشيئًا، وكانت النعاس يهاجمني بلا إنذار، فتسللت من شفتيّ تثاؤبة صغيرة.

وكعادتي، بعد أن انتهيت من عملي عند حلول المساء، عدت إلى مقر الفروسية. وعندما أمسكت بمقبض الباب وفتحته، أصدر صريرًا مزعجًا ودار المقبض عبثًا دون أن يفتح.

اضطررت إلى تحريكه بقوة حتى انفتح الباب أخيرًا.

لا بد من أن أطلب منهم إصلاحه.

لم يكن ثمة مشكلة تُذكر سوى الحاجة إلى بعض القوة لفتحه.

أغلقت الباب من الداخل، وخلعت درعي أولًا، ثم جلست على طرف السرير.

بدأت أربت على كتفيّ بخفة في محاولة لتبديد الإرهاق، حينها سمعت طرقًا خفيفًا على الباب.

"...؟"

"مساء الخير، يا كونت شيلدن."

وعندما فتحت الباب، أطلّ "لاميد بيتر" برأسه، يبتسم بمكر كعادته.

رغم أنني طلبت منه مرارًا ألا يناديني بذلك اللقب، إلا أنه استمر في مناداتي به، وكأنه يجد متعة في مضايقتي. فقمت بلكزه على رأسه بقبضتي، فصرخ قائلاً: "آخ!" متظاهراً بالألم.

منذ عودتنا من حملة القضاء على قطاع الطرق، أصبح "لاميد" يتردد عليّ كلما سنحت له الفرصة، حاملاً معه شيئًا لذيذًا يأكله.

ففي رأيه، لا شيء يخفف الهموم أفضل من تناول طعام شهي.

لم أكن أعير ذلك اهتمامًا كبيرًا، لكنني لم أرفض ما كان يقدمه لي من حلوى أيضًا.

وكان يحمل اليوم في يده بعض حلوى الماكرون.

"افتتحوا محلًا متخصصًا بالماكرون في السوق مؤخرًا."

حين نجلس سويًا على السرير لنتناول الحلوى، يكون هو غالبًا من يتحدث، بينما أكتفي أنا بالإنصات.

وقد قضينا الليلة على هذا المنوال، إلى أن غادر الغرفة. وما إن بقيت وحيدًا، حتى تمددت بتثاقل، وقررت أن الوقت قد حان للاستحمام ثم النوم.

---

كان "لاميد بيتر" قد خرج لتوه من غرفة "إيرين"، بعد أن تناولا معًا بعض الحلوى كعادتهما.

ذلك الأحمق، يتظاهر بعدم الاكتراث، لكنه لا يستطيع إخفاء سعادته عندما أحضر له شيئًا يأكله.

كان ما حدث في حملة القضاء مؤسفًا بحق. ومع ذلك، فإن عودة "إيرين" سالمًا كانت تعني له الكثير.

وفي طريقه عائدًا إلى غرفته، تذكّر فجأة شيئًا نسي أن يقدمه لـ"إيرين"—رباطًا جلديًا للذراع كان قد اشتراه كهدية.

لا بأس، سيعطيه إياه الآن.

خرج "لاميد" من غرفته عائدًا إلى ممر الحجرات، وتوجّه إلى غرفة "إيرين".

لكن، عندما اقترب من الباب وهمّ بطرقه، لاحظ أنه موارب قليلًا. لطالما كان "إيرين" حريصًا على إغلاق بابه بإحكام، فلم يكن من عادته تركه مفتوحًا. أمر غريب.

دون أن يفكر كثيرًا، فتح الباب وهو يقول:

"مرحبًا، لدي شيء أريد أن... أقدّ...مه... لك..."

لكن عندها، سمع صوت حركة قادمة من الحمّام. وما هي إلا لحظات حتى خرج أحدهم من هناك ملفوف بمنشفة.

تجمّدت الكلمات على شفتيه، واتسعت عيناه في ذهول.

فالجسد الذي خرج أمامه كان واضحًا في أنوثته—ساقان ناعمتان بلون الحليب، وقامة رشيقة دقيقة لا يمكن أن تخطئها العين.

"إيرين؟ لا، إنها فتاة تشبه إيرين؟!"

"...فتاة؟"

تمتم بذهول، غير قادر على استيعاب ما رآه للتو.

---

... مع أنني أقفلت الباب جيدًا.

رمشت بعيني من شدة الارتباك. نعم، ما رأيته أمامي كان واضحًا—لاميد قد عاد فجأة، دون إنذار.

لكن المشكلة لم تكن في عودته، بل في أنني كنت قد خرجت لتوي من الحمام، ولم أكن أرتدي شيئًا بعد.

سمعته يتمتم بكلمات لم أفهمها.

بدافع غريزي، جلت بنظري سريعًا في أرجاء الغرفة، أبحث عن سيفي الملقى في الزاوية. إن لزم الأمر، كنت سأُسكت فمه بالقوة.

غير أن ما حدث كان بعيدًا عن توقعي تمامًا.

"..."

بدأت المفاجأة تنضج من عيني لاميد واحدة.

"...؟"

قبل أن تسنح لي فرصة قول شيء، استدار وركض هاربًا كمن أصابه مسّ.

أسرعت بلف صدري بالشريط الضاغط، ثم ارتديت ملابسي مجددًا. وبدأت بالركض خلفه بأقصى سرعة أستطيعها. وفي ليلة هادئة كهذه، انطلقت مطاردة غير متوقعة.

كان لاميد يركض بلا توقف. وهو، لمن لا يعرف، نائب قائد فرقة الفرسان المسؤول عن إيصال الرسائل الطارئة، ويملك مهارة خاصة في الجري السريع.

لم أشأ أن أُفلت عيني عنه. لكن وسط مطاردتي له، راودني شعور غريب بالعبثية.

مهلاً... لو فكرنا بمنطق، أليس أنا من يُفترض أن يكون الضحية؟

"توقفي عن اللحاق بي!"

صرخ من أمامي.

لكن التوقف لم يكن خيارًا.

كنت أركض خلفه بصمت، والماء يقطر من شعري، ينزلق قطرة فقطرة على وجهي، ولم أمنع نفسي من المتابعة.

على الأقل، في الأيام الأخيرة، كنت قد خصصت مكافآت المهام الفرعية لتعزيز قدرتي البدنية.

ركضنا في ساحة التدريب المهجورة، والهواء يصفّر حولنا. بدأت المسافة بيني وبينه تتقلص. شعرت بشعره الأزرق الداكن يكاد يكون في متناول يدي.

مددت يدي.

كادت تلمسه...

وفي اللحظة المناسبة، أمسكت بطرف ردائه، وجذبته بقوة نحوي.

اختل توازنه وسقط أرضًا، وأنا كذلك وقعت إلى جواره، أتنفس بصعوبة.

"هاه... هاهه... هاه..."

"قلت لك... هاه... ألا تتبعيني...!"

يا إلهي... أنا أموت من التعب...

رفعت جسدي بصعوبة، ثم أحطت جسده الممدد بيدي، كي لا يتمكن من الفرار مجددًا.

سقطت بضع قطرات ماء من شعري على زاوية عينه. ومضى يرمش ببطء، وقد احمرّت عيناه من الركض.

"..."

"..."

ساد صمت كثيف. كان يغيّر تعابير وجهه بسرعة مذهلة. حدّقت به، حتى غطّى وجهه بكلتا يديه، وأخيرًا تكلم.

"هل... أنتِ حقًا فتاة؟"

"..."

"أنكري على الأقل، أيتها الملعونة..."

ثم عاد الصمت ثانية.

لم يظهر وجهه، أما أنا، فكنت أفكر في ما ينبغي علي فعله معه.

الطريقة الأبسط والأكثر فاعلية كانت... قتله، كي لا يبوح بسرّي لأحد. لكنها لم تكن واقعية. ولا حتى خيارًا أرغب فيه حقًا.

فتحت فمي أخيرًا، وتحدثت لأول مرة منذ مدة.

"لماذا ركضت؟"

"انت لا تستطيعين ان تنكري حتى ... حسنا، اسمك... هل هو حقيقي أصلًا؟"

تجاهلت نافذة النظام التي تُظهر اقتراب انتهاء مخزون صوتي، ونظرت إليه دون إجابة.

كان الحلق يؤلمني، لكن ليس هذا وقت تقديم الأعذار.

بعد تردد، أبعد يديه عن وجهه، وتمتم بصوت منخفض:

"...لأني كنت... صدمت."

"ماذا؟"

"صدمت فيك وانا لا اطيق النساء. هل هذا يكفي؟"

لا.

هززت رأسي لا إراديًا، فصرخ في وجهي غاضبًا:

"انتهى الأمر! فهمتِ؟!"

"...؟"

بدا صادقًا إلى أبعد حد.

وجهت له تحذيرًا واضحًا.

"...لا تخبر أحدًا."

[الكمية المتبقية من الصوت: ■■□□□ / إعادة الضبط بعد: 22:10:05]

لم يتبقَ الكثير من صوتي ليوم الغد.

حدّقت فيه بنبرة أقرب إلى التهديد، ولما رأيته يومئ برأسه أخيرًا، ابتعدت عنه واستلقيت أنظر إلى السماء.

لم يكن بمقدوري أن أفعل به شيئًا الآن على أي حال. وقد أصبحت أملك الآن سرّه... كما ملك هو سرّي.

"لماذا كنتِ تتنكرين بزي الرجال؟ هل لأن الناس هنا يميزون ضد النساء؟"

لم أجب.

لا أملك صوتًا كافيًا لشرح كل شيء، ولا يمكنني قول الحقيقة ببساطة: "أردت أن أوقع ولي العهد في غرامي."

فكرت لوهلة، ثم نطقت بكلمتين:

".....أبي."

سمعت من قبل أن بعض الآباء، حين يُرزقون بالفتيات فقط، يجبرون إحداهن على أن تعيش كصبي، حتى وإن اضطروا لاستخدام عقاقير غير مشروعة.

إحدى وصيفاتي أخبرتني أن صديقة طفولتها خضعت لذلك المصير. وقد قالت لي يومًا إن هذا النوع من القصص ليس نادرًا كما يتخيله الناس.

ولحسن الحظ، لم يُكمل لاميد طرح الأسئلة بعد لحظة من الصمت. بل قال بهدوء:

"أب فظيع."

"...آسفة لأني كذبت."

قدّمت اعتذاري. ولم يرد.

وبعد برهة، بدأ لاميد بيتر يتحدث عن نفسه بصوت خافت.

"عندما كنت صغيرًا، أدركت أنني... لا اطيق رؤية النساء ."

"..."

"كنت بريئًا بما فيه الكفاية لأصارح والديّ مباشرة. هاها... لكن أبي حاول قتلي فور ان اخبرته انني لا اريد الزواج حرفيًا."

"..."

"ومن بعدها... فعلوا كل ما يخطر ببالك. أحضروا فتاة وأجبَروني على لمسها، ومع الوقت، بدأت أستيقظ أحيانًا لأجد امرأة في سريري. جرّبوا كل طرق الإقناع الممكنة... وكأن تلك الأشياء يمكن أن تغيرني."

رفعنا أنظارنا نحو القمر، الذي بدا هذه الليلة أكثر سطوعًا من أي وقت مضى.

سكنَ صمت مريح، لم يكن محرجًا.

ورغم أنني كنت أنا من كذب، شعرت وكأنني أنا من تلقّى العزاء.

استدار لاميد إلى جانبي، واستلقى على بطنه وهو يحدّق بي.

2025/08/13 · 7 مشاهدة · 1208 كلمة
Jojonovesl
نادي الروايات - 2025