# الفصل الخامس والخمسون:
صوت سيرينا، الفتاة ذات الشعر الفضي، كان لا يزال يتردد في ذهني كهمس شبحي، يغريني بإجابات ويحذرني من ثمنها. "ابحث عني عندما تكون مستعدًا للمخاطرة بكل شيء". كانت هذه دعوة محفوفة بالمخاطر، مقامرة مع المجهول قد تكلفني أكثر مما أستطيع تحمله. لكن في مواجهة تهديد "نساجي المصير"، وفي ظل الفوضى المتزايدة التي كانت تجتاح الأكاديمية، شعرت بأن خياراتي تضيق بسرعة.
قضيت الأيام القليلة التالية في حالة من التوتر والقلق، أزن خياراتي وأحاول أن أقرر ما إذا كنت سأستجيب لدعوة سيرينا أم لا. ليليث كانت تواصل بحثها المحموم في أرشيفاتها، تحاول العثور على أي معلومات إضافية عن "نساجي المصير" وعن الطقس القديم الذي كانوا يخططون له. لكن التقدم كان بطيئًا، والوقت لم يكن في صالحنا.
"لا يمكننا أن ننتظر طويلاً، أليكس"، قالت لي ليليث في إحدى الليالي، وعيناها محمرتان من الإرهاق. "كل يوم يمر، يزداد خطرهم قوة. إذا كانوا يخططون حقًا لإجراء ذلك الطقس، فعلينا أن نوقفهم قبل أن يتمكنوا من جمع كل ما يحتاجونه".
كنت أعرف أنها على حق. لكن فكرة التعامل مع سيرينا، الفتاة الغامضة التي بدت وكأنها تعرف الكثير وتخفي أكثر، كانت تثير قلقي. هل يمكنني الوثوق بها؟ أم أنها كانت مجرد بيدق آخر في لعبة أكبر، تحاول استغلالي لتحقيق أهدافها الخاصة؟
في هذه الأثناء، كانت البطلات الأخريات يواصلن دورانهن المحموم حولي، وكل واحدة منهن كانت تضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى حياتي المضطربة بالفعل.
كلارا كانت تضغط عليّ بشكل متزايد للانضمام إليها في خططها لإعادة تشكيل الأكاديمية. "نحن بحاجة إلى جبهة موحدة، أليكس"، قالت لي بحزم. "إذا لم نعمل معًا، فإن الفوضى ستبتلعنا جميعًا. وأنت، بقوتك، يمكنك أن تكون القوة الحاسمة التي ترجح كفة الميزان". كانت كلماتها منطقية، لكنني لم أستطع التخلص من الشعور بأنها كانت تحاول فقط استخدامي كأداة لتعزيز سلطتها.
سيلينا، من ناحية أخرى، أصبحت أكثر تملكًا وعدوانية. بدأت تلاحقني بشكل علني، وتتحدى أي فتاة أخرى تقترب مني. في إحدى المرات، اشتبكت مع مجموعة من الطالبات اللواتي كنّ يتحدثن معي في الممر، وكادت أن تتسبب في شجار عنيف لولا تدخلي في اللحظة الأخيرة. "أنت ملكي، أليكس!" صرخت، وعيناها تشتعلان بالغيرة والجنون. "ولن أسمح لأحد بأن يأخذك مني!". كان هوسها يخرج عن السيطرة، وكنت أخشى أنها قد تؤذي شخصًا ما، أو حتى نفسها.
إيلارا كانت لا تزال غارقة في يأسها وعبادتها الخائفة. هداياها الغريبة أصبحت أكثر تكرارًا، ورسائلها الملطخة بالدموع أصبحت أكثر إثارة للقلق. بدأت أفكر جديًا في طلب المساعدة من لونا أو حتى من ليليث للتعامل معها، لأنني لم أعد أعرف كيف أساعدها أو كيف أحميها من نفسها.
لونا، بوجودها الهادئ، كانت لا تزال مصدر راحتي الوحيد. كنا نقضي المزيد من الوقت معًا، نتحدث عن مخاوفنا وآمالنا. كانت هي الشخص الوحيد الذي شعرت بأنني أستطيع أن أكون على طبيعتي معه، دون أقنعة أو حواجز. لكن هذا القرب بدأ يثير غيرة الأخريات، وخاصة سيلينا، التي بدأت تنظر إلى لونا كعدوة يجب التخلص منها.
نايرا كانت لا تزال تراقبني من بعيد، بابتسامتها الماكرة وعينيها الثاقبتين. لم تتدخل بشكل مباشر في صراعاتي، لكنني شعرت بأنها تنتظر شيئًا ما، بأنها تقيمني، وبأنها قد تلعب دورًا حاسمًا في الأحداث القادمة.
أما الفتاة الهادئة ذات الشعر البني القصير، التي كنت أراها أحيانًا في المكتبة، فقد بدأت تظهر بشكل أكثر تكرارًا في محيطي. لم تكن تحاول التحدث معي، لكنني لاحظت أنها تراقبني باهتمام متزايد. في إحدى المرات، تركت كتابًا مفتوحًا على الطاولة التي كنت أجلس عليها في المكتبة، وعندما عدت، وجدت أن هناك علامة قد وضعت على صفحة معينة. كانت الصفحة تتحدث عن أساطير قديمة حول "مراسي القدر" وعن الطقوس التي يمكن أن تغير مجرى التاريخ. هل كانت هذه مجرد صدفة؟ أم أنها كانت تحاول أن ترسل لي رسالة؟
قررت أنني لا أستطيع تجاهل الأمر بعد الآن. كان عليّ أن أتحدث معها، أن أعرف من هي، وماذا تعرف.
في اليوم التالي، وجدتها تجلس في نفس المكان في المكتبة، تقرأ كتابًا ضخمًا مغلفًا بالجلد. اقتربت منها بحذر، وجلست على الكرسي المقابل لها.
رفعت رأسها ببطء، ونظرت إليّ بعينيها العسليتين الحادتين. لم يكن هناك أي تعبير على وجهها، لكنني شعرت بأنها كانت تتوقعني.
"مرحبًا"، قلت بهدوء. "لقد رأيتكِ هنا عدة مرات. وأنا أتساءل... هل يمكننا التحدث؟"
نظرت إليّ الفتاة بثبات للحظة، ثم أومأت برأسها ببطء. "اسمي آريا"، قالت بصوت منخفض وواضح. "وأنا أعرف من أنت، أليكس إيستر".
"هل تعرفين؟" سألت، وشعرت بالدهشة. "كيف؟"
"أنا ألاحظ الأشياء"، قالت آريا ببساطة. "وأنت... أنت لست شخصًا يسهل تجاهله". ثم أشارت إلى الكتاب الذي كانت تقرأه. "هل أنت مهتم بالأساطير القديمة، أليكس؟ هل أنت مهتم بـ"مراسي القدر"؟".
كانت هذه ضربة مباشرة. لم تعد هناك أي شكوك. هذه الفتاة، آريا، كانت تعرف شيئًا. شيئًا مهمًا.
"أجل"، رددت، وأنا أحاول أن أبدو هادئًا. "أنا مهتم. هل يمكنكِ أن تخبريني المزيد؟"
آريا نظرت حولي، وكأنها تتأكد من أن لا أحد يستمع. ثم انحنت إلى الأمام، وخفضت صوتها. "مراسي القدر هم أفراد نادرون يمتلكون القدرة على التأثير في خيوط المصير. يمكنهم أن يروا الاحتمالات المختلفة، وأن يختاروا بينها. لكن هذه القدرة تأتي بثمن باهظ. فهم غالبًا ما يكونون هدفًا لأولئك الذين يسعون للسيطرة على القدر، لأولئك الذين يريدون استخدامهم كأدوات لتحقيق أهدافهم الخاصة".
"مثل "نساجي المصير"؟" سألت، وأنا أراقب رد فعلها.
اتسعت عينا آريا قليلاً، ثم عادت إلى هدوئها المعتاد. "أنت تعرف عنهم إذن"، قالت. "هذا يجعل الأمور أكثر إثارة للاهتمام. وأكثر خطورة".
"ماذا تعرفين عنهم، آريا؟" سألت بإصرار. "وماذا يريدون مني؟"
"نساجو المصير هم طائفة قديمة وقوية للغاية"، قالت آريا. "إنهم يعتقدون أن القدر ليس شيئًا ثابتًا، بل هو نسيج يمكن إعادة تشكيله، إعادة نسجه. وهم يبحثون دائمًا عن "مراسي القدر" لمساعدتهم في تحقيق ذلك. إنهم يريدون استخدامك، أليكس. يريدون استخدام قوتك لإعادة كتابة التاريخ، لتحقيق رؤيتهم الخاصة للعالم. رؤية قد لا تكون في صالح أي شخص آخر".
شعرت بالبرد يتسلل إلى عظامي مرة أخرى. كلمات آريا أكدت أسوأ مخاوفي. لم أكن مجرد هدف، بل كنت أداة محتملة في يد قوة تسعى لتغيير العالم بأسره.
"وكيف أوقفهم؟" سألت، وصوتي أجش.
آريا نظرت إليّ بثبات. "لا يمكنك أن توقفهم وحدك، أليكس. إنهم أقوياء للغاية، وشبكتهم واسعة جدًا. ستحتاج إلى حلفاء. وستحتاج إلى معرفة. معرفة قد لا تجدها في هذه المكتبة".
"إذن أين أجدها؟" سألت، وشعرت باليأس يتسلل إليّ.
"هناك أماكن أخرى، أليكس"، قالت آريا. "أماكن قديمة ومنسية، أماكن تحمل أسرار "نساجي المصير" وأعدائهم. لكن الوصول إلى هذه الأماكن محفوف بالمخاطر. وستحتاج إلى دليل".
"هل تعرضين عليّ أن تكوني دليلي؟" سألت، وأنا أنظر إليها بشك.
ابتسمت آريا ابتسامة باهتة. "ربما. لكن كما قلت، كل شيء له ثمن. هل أنت مستعد لدفعه؟".
كان هذا هو نفس السؤال الذي طرحته عليّ سيرينا. هل كانتا تعملان معًا؟ أم أنهما كانتا لاعبتين منفصلتين في هذه اللعبة المعقدة؟
لم أكن أعرف. لكنني كنت أعرف أنني لا أستطيع أن أظل مكتوف الأيدي. كان عليّ أن أفعل شيئًا. كان عليّ أن أخاطر.
"أنا مستعد"، قلت، وصوتي يحمل تصميمًا جديدًا. "أخبريني ماذا عليّ أن أفعل".
آريا أومأت برأسها ببطء. "جيد. لكن ليس هنا. وليس الآن. هناك عيون وآذان في كل مكان. سأجدك عندما يحين الوقت المناسب. وكن مستعدًا، أليكس. لأن الرحلة التي نحن على وشك أن نبدأها ستكون خطيرة ومظلمة. وقد لا نعود منها جميعًا".
ثم نهضت وغادرت، وتركتني وحدي مع كلماتها المشؤومة ومع الخيارات المرة التي كان عليّ أن أتخذها.
مقامرة مع المجهول. هذا ما كانت عليه حياتي الآن. ولم أكن أعرف
ما إذا كنت سأربح أم سأخسر كل شيء.
لكنني كنت أعرف أنني لن أستسلم دون قتال.