# الفصل التاسع والخمسون:
الظلام كان يبتلعني وأنا أركض بلا هدى في الممرات الملتوية تحت الأكاديمية. أنفاسي كانت متقطعة، وقلبي يخفق بعنف كطبل حرب، وصوت المعركة التي تركتها خلفي – صرخات "نساجي المصير" الغاضبة، وأصوات سحر آريا الغريب – كان لا يزال يتردد في أذني. لم أكن أعرف إلى أين أتجه، كل ما كان يشغلني هو الابتعاد قدر الإمكان عن تلك الغرفة المشؤومة وعن أولئك الذين أرادوا أن يسلبوني حريتي وإرادتي.
القلادة على صدري كانت لا تزال تنبض بحرارة خافتة، وكأنها تشاركني إرهاقي وخوفي. كانت قد استنزفت الكثير من طاقتي في مواجهة "نساجي المصير"، وشعرت بأنني على وشك الانهيار. كل عضلة في جسدي كانت تؤلمني، وكل نفس كنت أتنفسه كان يحرق رئتي. لكنني لم أجرؤ على التوقف. الخوف من أن يلحقوا بي كان أقوى من أي ألم أو إرهاق.
"اذهب، أليكس! ولا تنظر إلى الوراء!" كلمات آريا الأخيرة كانت بمثابة الوقود الذي يدفعني للاستمرار. لكنها أيضًا كانت تثير فيّ مزيجًا من المشاعر المتضاربة. لقد قادتني مباشرة إلى فخ "نساجي المصير". هل كانت خائنة؟ هل كانت جزءًا من خطتهم طوال الوقت؟ أم أن تدخلها في اللحظة الأخيرة، ومساعدتها لي على الهروب، كان يعني شيئًا آخر؟ لم أستطع أن أفهم دوافعها. كانت لغزًا محيرًا، لغزًا قد يكون مفتاح نجاتي أو هلاكي.
بعد ما بدا وكأنه دهر من الركض، بدأت أشعر بأنني أبتعد عن مصدر الخطر. الهمسات الغاضبة خفتت، والضغط الذي كان يثقل كاهلي بدأ يتلاشى. وجدت نفسي في جزء من الأكاديمية لم أره من قبل، ممرات قديمة ومهجورة، مغطاة بالغبار وأنسجة العنكبوت. كان المكان موحشًا ومخيفًا، لكنه على الأقل كان هادئًا.
سمحت لنفسي بالتوقف للحظة، وأنا أتكئ على جدار بارد ورطب، وأحاول أن ألتقط أنفاسي. جسدي كان يرتجف من الإرهاق والخوف، وعقلي كان يعج بالأسئلة التي لا إجابة لها. ماذا سأفعل الآن؟ إلى أين أذهب؟ بمن أثق؟
"نساجو المصير" كانوا يعرفون من أنا، وكانوا يعرفون ما أريد. لن يتخلوا عني بسهولة. سيطاردونني، سيحاولون الإمساك بي مرة أخرى. ولم أكن أعرف ما إذا كنت سأتمكن من الصمود أمامهم في المرة القادمة.
وآريا... ماذا عنها؟ هل كانت ستظهر مرة أخرى؟ هل كانت ستساعدني أم ستسلمني لأعدائي؟ لم أكن أعرف. لكنني شعرت بأن مصيري مرتبط بها بطريقة ما، وأنها ستلعب دورًا حاسمًا في الأحداث القادمة.
في خضم هذه الأفكار المظلمة، سمعت صوتًا خافتًا، صوت خطوات تقترب. تجمدت في مكاني، وقوتي في الظلال تتجمع حولي، مستعدًا لأي هجوم. هل كانوا "نساجي المصير" قد لحقوا بي؟
لكن الصوت الذي سمعته بعد ذلك لم يكن صوت عدو. كان صوتًا مألوفًا، صوتًا أثار فيّ مزيجًا من الارتياح والقلق.
"أليكس؟ هل هذا أنت؟".
كانت لونا. ظهرت من زاوية مظلمة، وعيناها الرماديتان تحملان تعبيرًا عن القلق والخوف. كانت ترتدي ملابس نوم بسيطة، وشعرها الفضي كان منسدلاً على كتفيها. بدت وكأنها قد استيقظت للتو من كابوس.
"لونا!" همست، وشعرت بموجة من الارتياح تجتاحني. "ماذا تفعلين هنا؟".
"كنت أبحث عنك"، قالت، وهي تقترب مني بحذر. "لقد شعرت بأن شيئًا ما خطأ. شعرت بالخطر. وعندما لم أجدك في غرفتك، قلقت كثيرًا". ثم رأت حالتي المزرية، ورأت الإرهاق والخوف في عيني. "يا إلهي، أليكس! ماذا حدث لك؟ هل أنت بخير؟".
لم أستطع أن أكذب عليها. لم أستطع أن أخفي عنها الحقيقة. كانت هي الشخص الوحيد الذي شعرت بأنني أستطيع أن أثق به تمامًا. "لقد... لقد واجهتهم، لونا"، قلت بصوت متقطع. "لقد واجهت "نساجي المصير"".
اتسعت عينا لونا بالرعب. "يا إلهي! هل... هل آذوك؟".
هززت رأسي. "لقد حاولت. لكنني... تمكنت من الهرب. بمساعدة... شخص ما". لم أذكر اسم آريا. لم أكن متأكدًا مما إذا كان بإمكاني الوثوق بها حتى الآن.
لونا لم تسأل المزيد من الأسئلة. رأت أنني كنت على وشك الانهيار. أمسكت بذراعي، وساعدتني على السير. "علينا أن نخرجك من هنا، أليكس"، قالت بحزم. "علينا أن نجد لك مكانًا آمنًا".
لم أعترض. لم يكن لدي القوة للاعتراض. سمحت للونا بأن تقودني عبر الممرات المظلمة، وأنا أتكئ عليها، وأشعر بالامتنان لوجودها بجانبي.
قادتني لونا إلى جزء من الأكاديمية لم أكن أعرفه، جزء قديم ومهجور، يبدو وكأنه لم تطأه قدم إنسان منذ سنوات. توقفت أمام باب خشبي صغير، وأخرجت مفتاحًا قديمًا من جيبها. "هذا المكان... كان ملكًا لجدتي"، قالت بصوت خافت. "لا أحد يعرف بوجوده. ستكون آمنًا هنا لبعض الوقت".
فتحت الباب، ودخلنا إلى غرفة صغيرة ومتربة، لكنها كانت دافئة ومريحة. كان هناك سرير بسيط في زاوية الغرفة، ومدفأة حجرية صغيرة، وبعض الأثاث القديم. أشعلت لونا بعض الشموع، وأضاءت الغرفة بضوء خافت ودافئ.
"اجلس، أليكس"، قالت، وهي تشير إلى السرير. "سأحضر لك بعض الماء... وربما بعض الطعام".
جلست على السرير، وشعرت بأن جسدي يرتخي أخيرًا. الإرهاق الذي كنت أقاومه طوال الليل بدأ يسيطر عليّ. أغمضت عيني للحظة، وشعرت بالدوار.
عادت لونا ومعها كوب من الماء وبعض الخبز والجبن. "تناول هذا، أليكس"، قالت بلطف. "ستشعر بتحسن".
أكلت وشربت بصمت، وأنا أشعر بالامتنان العميق للونا. لقد أنقذتني، ليس فقط من الخطر الجسدي، بل أيضًا من اليأس الذي كان يهدد بابتلاعي.
"شكرًا لكِ، لونا"، قلت، وصوتي أجش. "لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدونك".
ابتسمت لونا ابتسامة باهتة. "أنت لست وحدك في هذا، أليكس. تذكر ذلك دائمًا". ثم جلست بجانبي على السرير، ونظرت إليّ بقلق. "ماذا ستفعل الآن؟ "نساجو المصير" لن يتخلوا عنك بسهولة".
كنت أعرف أنها على حق. لم يكن هذا المكان الآمن سوى ملاذ مؤقت. كان عليّ أن أجد طريقة لهزيمة أعدائي، وإلا فإنهم سيطاردونني إلى الأبد.
"لا أعرف، لونا"، قلت بصدق. "لكنني لن أستسلم. سأجد طريقة. سأحميكِ... وسأحمي الآخرين".
لونا وضعت يدها على يدي. "وأنا سأساعدك، أليكس. بكل ما أملك من قوة".
في تلك اللحظة، شعرت برابطة قوية بيننا، رابطة تتجاوز الصداقة، رابطة مبنية على الثقة والتفاهم المتبادل. كنت أعرف أنني أستطيع الاعتماد على لونا، وأنها ستكون بجانبي مهما حدث.
لكن حتى في هذا الملاذ الآمن، لم أستطع التخلص من الشعور بأن الخطر لا يزال يتربص بي. "نساجو المصير" كانوا هناك، في مكان ما، يخططون لهجومهم التالي. وآريا، الفتاة الغامضة، كانت لا تزال لغزًا لم أتمكن من حله.
وماذا عن البطلات الأخريات؟ ماذا سيكون رد فعلهن عندما يكتشفن ما حدث؟ سيلينا، بهوسها المتزايد، قد تفعل أي شيء للعثور عليّ. وكلارا، بيأسها المتصاعد، قد تراني كتهديد يجب التخلص منه. ونايرا، بفضولها الغامض، قد تحاول استغلال الموقف لصالحها.
كانت ليلة الهروب الطويلة قد انتهت. لكن المعركة الحقيقية كانت قد بدأت للتو.
وفي هذه المعركة، لم أكن أعرف من هم حلفائي الحقيقيون، ومن هم أعدائي المتخفون.
كل ما كنت أعرفه هو أنني يجب أن أكون مستعدًا لأي شيء.
لأن لعبة الأقدار كانت لا تزال تلعب، وأنا كنت في قلبها.