# الفصل الحادي والستون:
صوت الخطوات المتسللة خارج الباب الخشبي الهش لملاذنا المؤقت جمد الدم في عروقي. أنا ولونا تبادلنا نظرات سريعة، مزيج من الخوف والتأهب. من يمكن أن يكون قد اكتشف هذا المكان السري، الذي يفترض أن لا أحد يعرف بوجوده سوى لونا وجدتها الراحلة؟ هل كانوا "نساجي المصير" قد عثروا عليّ بهذه السرعة؟ أم أن هناك تهديدًا آخر، ربما أكثر قربًا وشخصية، يتربص بنا في الظلام؟
"كن مستعدًا، أليكس"، همست لونا، وصوتها ثابت رغم الرجفة الخفيفة في يديها التي كانت تمسك بيدي. "مهما حدث، لا تستسلم".
أومأت برأسي، وقوة الظلال بدأت تتجمع حولي كوشاح أسود، مستعدة للانقضاض. القلادة على صدري بدأت تنبض ببرود، مستشعرة الخطر القادم. لم أكن في أفضل حالاتي، الإرهاق من مواجهة "نساجي المصير" ومن ليلة الهروب الطويلة كان لا يزال يثقل كاهلي، لكنني لم أكن لأسمح لأحد بأن يؤذيني أو يؤذي لونا دون قتال.
توقفت الخطوات أمام الباب مباشرة. ساد صمت مطبق للحظات، صمت كان أشد وطأة من أي ضجيج. ثم، وبدون سابق إنذار، ارتطم شيء ما بالباب بقوة عنيفة، محدثًا صوتًا مدويًا جعل الغرفة الصغيرة تهتز. ارتطم مرة أخرى، وأخرى، وبدأت الشقوق تظهر في الخشب القديم.
"من هناك؟!" صرخت، محاولًا أن أبدو أكثر ثقة مما أشعر به.
لم يأتِ رد، سوى ارتطام آخر، أقوى هذه المرة. تحطم جزء من الباب، وكشف عن عينين تشتعلان بغضب مجنون، عينين أعرفهما جيدًا، عينين تطاردانني في كوابيسي.
سيلينا.
"أليكس!" صرخت بصوت حاد ومبحوح، صوت كان يقطر بالغيرة والجنون. "أعرف أنك هنا! افتح هذا الباب اللعين، أو أقسم أنني سأحطمه فوق رأسك ورأس تلك العاهرة التي معك!".
تجمدت لونا بجانبي، واتسعت عيناها بالرعب. "يا إلهي... كيف... كيف وجدتنا؟".
لم يكن لدي إجابة. لم أكن أعرف كيف تمكنت سيلينا من تعقبنا إلى هذا المكان السري. هل كانت تمتلك قدرات لم أكن أعرفها؟ أم أن هناك من ساعدها؟ لم يكن هذا هو المهم الآن. المهم هو أننا كنا في خطر حقيقي. سيلينا، في حالتها هذه، كانت قادرة على فعل أي شيء.
"ابتعدي عن الباب، سيلينا!" صرخت، محاولًا أن أشتري بعض الوقت. "أنتِ لا تعرفين ما تفعلينه!".
"أوه، أنا أعرف بالضبط ما أفعله، يا حبيبي أليكس!" ردت بسخرية مريرة. "أنا أنقذك! أنقذك من هذه الساحرة التي تحاول أن تسحرك وتبعدك عني! لكن لا تقلق، سأحرص على أن تدفع ثمن وقاحتها!".
ثم، بقوة لا تصدق، حطمت سيلينا ما تبقى من الباب، واقتحمت الغرفة كالإعصار. شعرها الأحمر الناري كان يتطاير حول وجهها، وعيناها كانتا تقدحان شررًا. كانت تحمل في يدها سكينًا فضيًا لامعًا، سكينًا بدا وكأنه مخصص للطقوس المظلمة.
"أليكس!" صرخت مرة أخرى، وهي تتقدم نحوي، متجاهلة لونا تمامًا في البداية. "لقد كنت أبحث عنك في كل مكان! لقد كنت قلقة عليك حد الموت! كيف يمكنك أن تفعل هذا بي؟ كيف يمكنك أن تختبئ معها؟".
"سيلينا، اهدئي!" قلت، وأنا أقف بينها وبين لونا، محاولًا أن أحمي لونا من غضبها. "الأمر ليس كما تظنين! لونا ساعدتني! لقد أنقذت حياتي!".
"أنقذت حياتك؟" ضحكت سيلينا بمرارة. "أم أنها حاولت أن تستولي عليك لنفسها؟ لا تكذب عليّ، أليكس! أنا أرى الحقيقة في عينيك! أنت ملكي! وستعود معي، سواء شئت أم أبيت!".
ثم، بحركة سريعة، اندفعت نحوي، محاولة طعني بالسكين. تمكنت من تفادي ضربتها بصعوبة، وشعرت بالبرد القارس للمعدن وهو يمر بالقرب من وجهي. كانت سيلينا قوية وسريعة، وغضبها كان يمنحها قوة إضافية.
"سيلينا، توقفي!" صرخت لونا، وهي تحاول أن تتدخل. "أنتِ تؤذينه! أنتِ تؤذين نفسك!".
استدارت سيلينا نحو لونا، وعيناها تضيقان بالكراهية. "أنتِ! أيتها الساحرة الصغيرة! أنتِ السبب في كل هذا! أنتِ من أبعدتِ أليكس عني! لكنني سأجعلكِ تدفعين الثمن!".
اندفعت سيلينا نحو لونا، والسكين في يدها مرفوع. لم يكن لدي وقت للتفكير. دفعت لونا بعيدًا، وتلقيت أنا الضربة بدلاً منها. شعرت بألم حارق في ذراعي، ورأيت الدم يتدفق من الجرح. لم تكن طعنة عميقة، لكنها كانت مؤلمة.
"أليكس!" صرخت لونا، وعيناها مليئتان بالدموع والرعب.
"لا!" صرخت سيلينا، وكأنها قد استيقظت فجأة من كابوس. نظرت إلى الدم على السكين، ثم إلى الجرح في ذراعي، وبدأ وجهها يرتعش. "أنا... أنا لم أقصد... أليكس، أنا آسفة...".
لكن جنونها سرعان ما عاد ليسيطر عليها. "لا! هذا خطؤك أنتِ!" صرخت، وهي تشير إلى لونا. "أنتِ من جعلتني أفعل هذا! أنتِ من تحاولين أن تسرقيه مني!".
رفعت السكين مرة أخرى، وكانت على وشك أن تهاجم لونا. لكن هذه المرة، كنت مستعدًا. أطلقت العنان لقوتي في الظلال، وكونت سياطًا أسودًا التفت حول ذراع سيلينا، وأجبرتها على إسقاط السكين.
"كفى، سيلينا!" قلت بصوت بارد وقاسٍ، صوت لم أكن أعرف أنني أمتلكه. "لقد تجاوزتِ حدودكِ! إذا لم تتوقفي الآن، أقسم أنني سأؤذيكِ!".
نظرت إليّ سيلينا بصدمة، وكأنها لم تتعرف عليّ. لم ترَ هذا الجانب مني من قبل، الجانب البارد والقاسي الذي كان على استعداد لفعل أي شيء لحماية أولئك الذين أهتم بهم. تراجعت خطوة إلى الوراء، والخوف بدأ يحل محل الغضب في عينيها.
"أليكس..." همست، وصوتها يرتجف. "أنا... أنا أحبك...".
"هذا ليس حبًا، سيلينا"، قلت بمرارة. "هذا هوس. وهذا الهوس يدمركِ... ويدمر كل من حولكِ".
في تلك اللحظة، سمعنا صوتًا آخر خارج الغرفة. صوت خطوات ثقيلة، وصوت دروع معدنية. لم يكونوا "نساجي المصير". كان صوتًا آخر، صوتًا مألوفًا ومقلقًا.
"ماذا يحدث هنا؟" دخلت كلارا إلى الغرفة، ومعها اثنان من حراس الأكاديمية المدججين بالسلاح. نظرت إلى المشهد أمامها – أنا مصاب، لونا خائفة، سيلينا مقيدة بسياط الظلال – وعيناها تضيقان بالغضب والسلطة. "أليكس إيستر! لقد كنت أبحث عنك! وما هذا الذي أراه؟ هل هذه هي الطريقة التي تقضي بها وقتك بينما الأكاديمية تنهار؟".
لم أكن أعرف ماذا أقول. الموقف كان يزداد سوءًا وتعقيدًا. ملاذنا الهادئ قد تم اقتحامه، وصراع الغيرة القاتل قد تحول إلى مواجهة مع السلطة.
"كلارا، الأمر ليس كما يبدو..." بدأت أقول، لكنها قاطعتني بحدة.
"اصمت!" أمرت. "سيلينا، ماذا تفعلين هنا؟ ولماذا تهاجمين أليكس؟".
نظرت سيلينا إلى كلارا بكراهية. "هذا ليس من شأنك! أليكس ملكي! وأنا لن أسمح لأحد بأن يأخذه مني!".
تنهدت كلارا بضيق. "أنتِ مجنونة تمامًا. أيها الحراس، أمسكوا بها. وخذوها إلى مكان آمن... ومقيد".
تحرك الحارسان نحو سيلينا، التي بدأت تقاوم بعنف. لكنهما كانا أقوى منها، وتمكنا من السيطرة عليها وتقييد يديها. كانت تصرخ وتهدد، لكن لم يعد أحد يستمع إليها.
ثم التفتت كلارا إليّ. "أما أنت، أليكس... فلدينا الكثير لنتحدث عنه. وأنتِ أيضًا، لونا. أريد أن أعرف كل شيء. وأريد أن أعرفه الآن".
نظرت إلى لونا، ورأيت الخوف في عينيها. كنا قد خرجنا من مقلاة، وسقطنا في النار. لم نعد نواجه فقط "نساجي المصير" وهوس سيلينا، بل أصبحنا الآن تحت رحمة كلارا وخططها الغامضة.
الملاذ الهادئ قد انتهى. والمؤامرات التي كانت تتشكل في الظل بدأت تتقاطع وتتصادم، مهددة بابتلاعنا جميعًا.
ولم أكن أعرف ما إذا كنا سنتمكن من النجاة من هذه العاصفة الجديدة.