# الفصل الستون:

الغرفة الصغيرة والمتربة التي وفرتها لونا كانت بمثابة واحة هدوء مؤقتة في صحراء الفوضى التي كانت تجتاح حياتي. الضوء الخافت للشموع كان يلقي بظلال متراقصة على الجدران الحجرية القديمة، وصوت أنفاس لونا الهادئة بجانبي كان هو الشيء الوح fonctionnalités الوحيد الذي يكسر الصمت المطبق. كنت لا أزال أشعر بالإرهاق الشديد، جسديًا وذهنيًا، لكن وجود لونا كان يمنحني شعورًا بالسكينة والأمان لم أشعر به منذ وقت طويل.

"هل أنت متأكد أنك بخير، أليكس؟" همست لونا بعد فترة طويلة من الصمت، وعيناها الرماديتان تحدقان في وجهي بقلق. "تبدو شاحبًا جدًا".

حاولت أن أبتسم، لكنني شعرت بأنها ابتسامة باهتة ومجهدة. "سأكون بخير، لونا. لقد مررت بأسوأ من هذا". كذبت. لم أمر بأسوأ من هذا. مواجهة "نساجي المصير"، والشعور بأن إرادتي تسلب مني، كانا تجربة مرعبة لم أشهد لها مثيلاً.

"لا تكذب عليّ، أليكس"، قالت لونا بلطف، وهي تضع يدها على جبهتي، وكأنها تتأكد من أنني لا أعاني من الحمى. "أنا أرى الخوف في عينيك. وأنا أفهم. ما واجهته... لا يمكن لأحد أن يلومك إذا شعرت بالضعف أو اليأس".

كلماتها الصادقة أثرت فيّ بعمق. لم تحاول أن تقلل من شأن ما مررت به، ولم تحاول أن تقدم لي حلولاً سهلة. كانت ببساطة هناك، تشاركني ألمي، وتقدم لي دعمها غير المشروط. "شكرًا لكِ، لونا"، همست، وشعرت بأن الدموع تتجمع في عيني. "أنتِ... أنتِ مهمة جدًا بالنسبة لي".

ابتسمت لونا ابتسامة حزينة. "وأنت مهم بالنسبة لي أيضًا، أليكس. أكثر مما تتصور". ثم تنهدت، وعاد القلق إلى عينيها. "لكن هذا المكان... لن يكون آمنًا إلى الأبد. "نساجو المصير" لن يتوقفوا عن البحث عنك. وعلينا أن نجد طريقة لحمايتك... ولحماية الأكاديمية".

كنت أعرف أنها على حق. لم يكن هذا الملاذ سوى فترة راحة مؤقتة. كان عليّ أن أستعيد قوتي، وأن أضع خطة لمواجهة أعدائي. لكن كيف؟ "نساجو المصير" كانوا أقوياء ومنظمين، وكانوا يعرفون الكثير عني وعن قدراتي. وآريا، التي ساعدتني على الهروب، كانت لا تزال لغزًا محيرًا. هل يمكنني الوثوق بها؟ أم أنها كانت تلعب لعبة خاصة بها، لعبة قد تكون أكثر خطورة مما أتخيل؟

"علينا أن نعرف المزيد عن آريا، لونا"، قلت بعد لحظة من التفكير. "لقد ساعدتني على الهروب، لكنني لا أعرف لماذا. ولا أعرف ما إذا كانت ستقف إلى جانبنا في النهاية".

أومأت لونا برأسها. "أتفق معك. آريا غامضة جدًا. وقوتها... لم أرَ شيئًا كهذا من قبل. يبدو أنها تستطيع التلاعب بالواقع نفسه. هذه قدرة خطيرة للغاية، وقد تكون مفيدة لنا... أو مدمرة".

"وهناك ليليث أيضًا"، أضفت. "إنها تبحث في أرشيفاتها، تحاول العثور على أي معلومات عن "نساجي المصير". قد تكون لديها بعض الإجابات التي نحتاجها".

"ليليث قوية ومعرفتها واسعة"، قالت لونا. "لكنها أيضًا تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة. ولا أعرف ما إذا كانت ستضع مصلحتنا فوق مصلحتها".

كانت هذه هي المشكلة. كنت محاطًا بأشخاص أقوياء وغامضين، وكل واحد منهم كان لديه أجندته الخاصة. لم أكن أعرف بمن أثق، ومن يجب أن أحذر منه.

في هذه الأثناء، خارج هذا الملاذ الهادئ، كانت الأكاديمية تغرق في الفوضى. اختفائي المفاجئ، بالإضافة إلى الحوادث الغريبة التي كانت تتوالى، أثار موجة من الذعر والارتباك بين الطلاب والأساتذة على حد سواء.

كلارا، رئيسة مجلس الطلاب، كانت في حالة من الهيجان. اختفاء "سلاحها" المحتمل، أليكس إيستر، كان بمثابة ضربة قاصمة لخططها. بدأت تجري تحقيقات مكثفة، وتستجوب أي شخص قد يكون لديه أي معلومات عن مكاني. كانت تشتبه في الجميع، ولم تتردد في استخدام أساليب قاسية ومهينة للحصول على ما تريد. الأكاديمية، تحت قيادتها اليائسة، كانت تتحول بسرعة إلى دولة بوليسية مصغرة.

"أين هو؟" صرخت كلارا في وجه أحد الأساتذة، الذي كان يرتجف من الخوف. "أين أليكس إيستر؟ إذا لم تخبرني، أقسم أنني سأجعل حياتك جحيمًا!".

سيلينا، من جانبها، كانت في حالة من الجنون المطلق. اختفاء "حبيبها" أليكس كان بمثابة نهاية العالم بالنسبة لها. بدأت تجوب الأكاديمية كالمجنونة، تصرخ باسمي، وتهدد أي شخص قد يكون له علاقة باختفائي. هوسها أصبح أكثر خطورة وعدوانية، وبدأت تشكل تهديدًا حقيقيًا على سلامة الآخرين.

"أليكس! أين أنت، يا حبيبي؟" كانت تصرخ في الممرات المظلمة، وعيناها تلمعان بدموع الغضب واليأس. "سأجدك! وسأقتل أي شخص يحاول أن يبعدك عني!".

إيلارا، للأسف، كانت حالتها تزداد سوءًا. اختفاء "سيدها" أليكس كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. انهارت تمامًا، وفقدت كل اتصال بالواقع. بدأت تؤذي نفسها، وتتحدث عن وحوش تطاردها، وعن خطايا لا تغتفر. ليليث، رغم انشغالها بأبحاثها، حاولت أن تتدخل، وأن تقدم لها بعض المساعدة، لكن إيلارا كانت ترفض أي مساعدة، وتصرخ بأنها تستحق الموت.

نايرا، المحاربة الغامضة، كانت تراقب كل هذه الفوضى بابتسامتها الماكرة. لم تتدخل بشكل مباشر، لكنها كانت تجمع المعلومات، وتراقب تحركات الجميع. كانت تنتظر اللحظة المناسبة لتلعب دورها في هذه اللعبة المعقدة.

في غرفتي الآمنة مع لونا، لم أكن على علم بكل هذه التطورات. كنت أحاول أن أستعيد قوتي، وأن أفكر في خطوتي التالية. لكن الشعور بالذنب كان يثقل كاهلي. كنت أعرف أن اختفائي يسبب الكثير من المعاناة للآخرين، وخاصة للونا، التي كانت تخاطر بكل شيء لحمايتي.

"لا تلم نفسك، أليكس"، قالت لونا، وكأنها تقرأ أفكاري. "أنت لم تختر هذا. وأنت تفعل كل ما بوسعك لحماية الآخرين. هذا يكفي".

"لكنه ليس كافيًا، لونا"، قلت بمرارة. ""نساجو المصير" لا يزالون هناك. والفوضى في الأكاديمية تزداد سوءًا. لا يمكنني أن أختبئ هنا إلى الأبد".

"أعرف"، قالت لونا. "لكنك تحتاج إلى وقت للتعافي. وتحتاج إلى خطة. لا يمكنك أن تواجههم وأنت في هذه الحالة".

قضينا الساعات القليلة التالية نتحدث، نحاول أن نضع خطة، نحاول أن نجد أي بصيص من الأمل في هذا الظلام الدامس. ناقشنا إمكانية الاتصال بليليث، أو حتى بنايرا. فكرنا في محاولة العثور على آريا، ومعرفة المزيد عن دوافعها. لكن كل خيار كان محفوفًا بالمخاطر، وكل طريق كان يبدو وكأنه يؤدي إلى المجهول.

"هناك شيء واحد مؤكد، أليكس"، قالت لونا أخيرًا، وعيناها تلمعان بتصميم. "مهما قررت أن تفعل، لن تكون وحدك. سأكون بجانبك. وسنواجه هذا معًا".

كلماتها أعطتني القوة والشجاعة. لم أعد أشعر بالوحدة أو اليأس. كنت أعرف أن لدي حليفة قوية ومخلصة، وأننا معًا، قد نتمكن من إيجاد طريقة للخروج من هذا المأزق.

لكن بينما كنا نتحدث، سمعنا صوتًا خافتًا خارج الباب. صوت خطوات تقترب. تجمدنا في مكاننا، وقلوبنا تنبض بعنف. هل كانوا "نساجي المصير" قد وجدونا؟ أم أنه كان شخصًا آخر، شخصًا قد يكون أكثر خطورة؟

أمسكت لونا بيدي، وعيناها تحملان تعبيرًا عن الخوف والتصميم. "كن مستعدًا، أليكس"، همست. "مهما حدث، لا تستسلم".

أومأت برأسي، وقوتي في الظلال تتجمع حولي. لم أكن أعرف من كان يقف خلف ذلك الباب. لكنني كنت أعرف أنني لن أسمح لأحد بأن يؤذيني أو يؤذي لونا.

الملاذ الهادئ الذي وجدناه كان على وشك أن ينتهك. والمؤامرات التي كانت تتشكل في الظل كانت على وشك أن تكشف عن وجهها القبيح.

والسؤال الذي كان يطرح نفسه هو: هل كنا مستعدين لمواجهتها؟

2025/06/18 · 6 مشاهدة · 1042 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025