الفصل30"رواق الذكريات"

"أنا أتنفس بصعوبة بالغة....أشعر كأنني أغرق في المياه...."

"جراحي لم تشفى بعد ولازلت محبوسا في هذا العالم الفارغ...."

"لاأعلم مالذي تفعله تلك الحمقاء هايدا....لازلت أعاني من هذا الألم وهي لم تظهر حتى....غريب أمر هذه المرأة....."

كان ريو منحنيا في مكانه ناحية الأرض متلهفا للتحرر من هذه القيود الصلبة حتى به يسمع صوت إقتراب أقدام نحوه ليرفع رأسه وينظر نحوه إتجاه ذلك الصوت ويرى إقتراب هايدا منه مجددا....

ريو:"هايدا مالذي يؤخرك هكذا....لقد خارت قوى جسدي تماما...."

هايدا:"...هئهئهاهااهاها ليس لي أي نية في مساعدتك أيها الأحمق....أحقا تثق بي إلى هذه الدرجة؟...."

ريو:"ماذا؟!...ألم نتفق على أن نساعد بعضنا في هذا الوضع!؟...."

هايدا:"هيهي هاهاهاهاهاهاها أنت حقا غبي ياريو....مالذي سأجنيه من مساعدة شخص ضعيف مثلك هاه؟....أخبرني أيها الأخرق لما أساعد إبن الشخص الذي قام بختمي في هذا العالم مع إبنه؟...."

ريو:"اااعه لقد ضننت بأننا أصبحنا رفاق....أاااعه....كنت أعتقد أنك شخص يبدي عكس مظهره.....أأاااعه كنت أريد عيش حياة خالية من هذه الخوارق.....كنت....."

أصاب ريو ندم حاد على العقد الأول الذي عقده مع هايدا في تحررها الأولي مما أدى إلى إصابته بنوبة غضب وألم حادة....وفي نفس هذا الوقت إقتربت منه هايدا وضربته على رأسه لتسقطه أرضا...

هايدا:"هاهاهاهاها....ثقتك المبالغة في الأخرين هي ما أدت إلى وضعك هذا ياريو....أنت حثالة يستحق الموت....ولكن لن أقتلك الأن....بل سأخذ جسدك وأحبسك هنا إلى الأبد...."

هذا الأمر زاد عن حده حيث ألم ريو يزداد وغضبه في إزدياد وإرتفاع مستمر....

ريو وهو يصرخ:"لا لا لا لالالالالالا....هذا خاطئ تماما....هاااااذا خاااااطئ.....كلكم....أنتي و الجميع وكل شخص عرفته حتى الأن...كلكم تتسبون في معاناتي ليس إلا.....لطالما شعرت بهذا منذ ذلك اليوم الذي إنقلبت فيه حياتي رأسا على عقب....لطالما كرهتكم ولازلت أكرهكم أنتم جميعا وحتى هذا العالم.....مالذي فعلته حتى أذوق مرارة هذه الحياة....هل إقترفت خطأ عظيما لأتذوق طعم هذا الألم؟..."

عينى ريو يلمعان بغضب شديد تجاه هايدا.....عم الصمت فجأة في هايدا وبقيت واقفة تنظر نحو ريو وهي تبتسم إبتسامة شريرة ولازال ريو منكبا على رأسه يلقي باللوم على نفسه وعلى مافعله حتى الأن....وفي هذه الأثناء مشت هايدا بإتجاه ريو وإنحنت على ركبتيها لتقوم برفع رأس ريو ونظرت إليه بوجه عبوس متفطر وقالت:"أنت مسكين ياريو..." نظر ريو نحوها بغرابة وذهول وإشمئزاز منها حاول قول بعض الكلمات لها لكنها منعته من قوله وإقتربت منه وعانقته وقالت مجددا:"أنت لم ترتكب أي شيئ خاطئ ياريو....فقط أنت ضحية للحياة ليس إلا...."

ومائن أكملت كلامها باشرت دموع ريو بالإندثار وبكائه...

ريو:"ااااعه لطالما أحسست بالموت....مرارا وتكرارا....فعلت ما إستطعت.....أاااعه لكن كل محاولاتي بائت بالفشل...."

هايدا:"لابأس لاعليك اليوم هو يوم الخلاص من هذا الألم....دعنا---أاااعه..."

وفي لحظة غفلة من هايدا قام ريو بعض كتفها ونزع جزءا كبيرا من جلد كتفها....

هايدا:"ااااعه أيها اللعييييين----هااه"

مائن أدارت ظهرها لتقوم بضربه إذ يمسكها ريو بالسلسلة التي كان مربوطا بها وركلها في وجهها....

هايدا:"أيها اللعين لقد وثقت بك...."

إلتفت ريو مجددا وقام بضربها هذه المرة بواسطة السلسلة التي كان مقيدا بها مما أدى إلى تحرره منها وتقييد هايدا بها مجددا...

هايدا:"اااااعه ليس مجددا....هذه السلسلة....اااااعه---"

في لحظة صراخها إنقض ريو يضربها بدون رحمة حتى جعل الشخص الذي يخشاه العالم أجمع ينزف....

ريو:"هاه...هاه...هاه...أنتي قلتها....ثقتك المبالغة في أني ضعيف جدا هي ما أدت إلى وضعك هذا.....أنتي حثالة تستحقين الموت....لكن أنا لن أقتلك....مثلما قلتي تماما ياهايدا...."

هايدا:"هاهاهاها لم أعتقد أبدا أن حثالة مثلك يستطيع أن يجعلني أنزف....."

ريو:"أرجو أن تضحكي بعد الذي سأفعله الأن...."

هايدا:"ومالذي ستفلعه وأنت مصاب بهذه الجروح البليغة؟...."

ريو:"....همهاهاهاهاه يالك من حمقاء...."

هايدا:"ماذا؟ لم تضحك أيها الأخرق؟...."

ريو:"من قال أنني مصاب حتى؟...."

هايدا:"لكن قبل قليل كنت تنزف بشدة....."

ريو:"هاهاهاها...لقد فهمت مجرى هذا العالم الذي نحن فيه الأن...بسببه إستطعت تحرير نفسي من تلك القيود وشفاء نفسي أيضا....عكسك أنتي التي منذ أن تم ختمها في هذا العالم وهي جالسة فيه دون حركة...."

هايدا:"أيها اللعين لقد خدعتني تماما...."

ريو:"أجل بالطبع....والأن بما أنه لافائدة تجزى من أخذ جسدك.....سأخذ القوة التي لطالما أردتها...."

هايدا:"هاهاهاهاها مضحك جدا وكيف لضعيف مثلك أن يأخذ قوتي؟..."

ريو:"هيهيهي....هذا سهل جدا سأكلك مثلما أكلت ذلك الشخص الذي عذبني في مقر عصابة القمر الأسود...."

هايدا:"ماذا؟...أنت تمزح صحيح!!...."

ريو:"وهل كنت أمزح حينما أكلته!؟...."

هايدا:"أووي توقف....إبقى بعيدا عني....لاتقترب....إبتعد عنييييييييييي...."

ريو:"إفرحي ياهايدا فأنت ستكونين الشخص الذي سيصبح قوتي...."

هايدا:"اااااعه....توقف....توقف...أرجوك ياريو.....ااااااعه مؤلم مؤلم....توقف أرجوك....لاأريد الموت....أرجوك توقف.... لا أريد الموت..."

إستوقف ريو لحيح هايدا لتوقفه عن أكلها وأتته ذكريات عن نفسه وهو يطلب الرحمة بنفس الكلام والطريقة من أولئك الأشخاص الذين قتلوه مرات عديدة....

ريو:"...إنها تشبهني...إنها تشبهني كثيرا....حبها للحياة رغم سوئها....إنها مثلي تماما....تلك اللحظات التي كنت أطلب منهم أن يتوقفو عن تعذيبي....أو عن قتلي.....أطلب المساعدة فلا أجد أحد....إنها حقا مثلي....لا أحد سيأتي لنجدتها....ااااه....ااااااه....يالي من حقير أصبحت أشبهم...."

هايدا:"ااااعه....ااااعه...مؤلم...مؤلم....أرجوك ياريو لا أريد الموت....أنا...أنا أااااااعه....أنا منذ أن ولدت لم أعرف معنى الحرية ولا السعادة....رغم هذا مازال عندي أمل في أن أعيش حياة سعيدة....ااااااعه...لذا أرجوك ياريو إمنحني فرصة للعيش...."

إقتربت هايدا من ريو وهي كلها دماء فيما فعله بها وطأطأ ريو رأسه نحو الأرض وهو يشعر بندم غير منتهي وتأنيب للضمير لما إقترفه....وفجأة وضع يده فوق رأسها ليواسيها حتى به يتفاجئ بقدرته على رؤية ذكرياتها....

"هايدا...هايدا....هايدا....أين أنتي ياعزيزتي؟...."

"ماما....ماما....ماما...أنا أسفة...اااااعه...أنا أسفة...."

"...لابأس لابأس ياعزيزتي---"

"اااااااه....اااااااعه...حقا ياماما؟....ماما؟...مامااااااااااا----"

فجأة قطع نصف رأس أم هايدا من شخص غريب وتناثرت دمائها في أرضية المنزل أمام طفلة لم تبلغ من العمر 10 سنوات....أصابت في تلك اللحظة صدمة كبيرة لنفسية هايدا فبعدما كانت أمها تواسيها إذ تراها ملقاة على الأرض ودمائها تناثرت في أرجاء المنزل....

ومن هول الصدمة التي أصابتها لم ترى الشخص الذي قام بقتل أمها وهو قادم بإتجاهها....

"...هيهيهي وأخيرا ماتت هذه اللعينة....لطالما أردت قتلها منذ أن دخلت إلى----"

وفي لحظة صادمة إذ يرى هايدا وهي تنظر إليه بخوف وذهول وكره...

"با...با...بابا...لما...ماما...ماتت؟..."

هزت هذه الكلمات مشاعر هذا الوحش قليلا لكنه تغلب عليها بضحكات شريرة وقال:"...هاهاهاهاها هايدا....هايدا....هايدا...إفرحي وإبتهجي....فقد تخلصنا من العائق الوحيد في حياتك...."

إقترب منها والدها وحملها وهي تصرخ نحو أمها لتنجدها ففتاة في عمرها ليس لها قوة لتجير نفسها.....

فبعد زمن من صدمتها إذ تستفيق من نومها بعدما أفقدها والدها وعيها...لتجد نفسها في غرفة كبيرة بيضاء فيها الكثير من الجثث والألات الغريبة....

إلتفت يمينا ويسار ولم تخفها مناظر تلك الجثث لأن مفعول المخذر مزال جاريا حتى بها ترى جثة أمها وهي معلقة في إحدى الجدران مقطوعة الأطرافة والرجلين والدماء تقطر منها قطرة قطرة...مما أدى إلى صراخها وإزدياد خوفها وإستعادة وعيها بالكامل لتجد نفسها مقيدة بسلسلة صلبة فوق سرير حديدي...

وقد سمع والدها صراخها فأتى مسرعا نحوها وهو يضحك حتى إقترب إلى وجهها وقال:"هيهيهيهيهي لقد إستفقتي ياعزيزتي.....هاهاهاهاها...الأن لاتقلقي فوالدك العزيز سيجعل منك أعظم كائن على وجه البسيطة...."

"ااااااااعه....أتركني....أتركني....لاأريد...لا أريد...ااااااعه توقف يابابا....توقف....توقف...."

قام والدها بتشريحها وهي حية بدون تخذيرها أو شيئ من هذا القبيل....صار كالمجنون يفعل ويفصل في أعضاء إبنته الداخلية ويغيرها بأخرى مستمتعا بصراخها وبكائها....وفجأة توقفت إبنته عن البكاء ليقف ويرى ويتأكد من وفاتها....مائن إقترب وجهه من وجهها البريئ حتى يتوقف كل شيئ في تلك اللحظة عدى شخص واحد وهو هايدا التي كانت قد إقتربت من لحظة منيتها....رفعت رأسها قليلا لترى والدها وهو متوقف في مكانه و مبتسم بإبتسامة شرسة وفي هذه الأثناء سمعت صوت أقدام حادة وحضور قوي وضغط هائل....

إقترب منها هذا الشخص وهي على حافة الموت ولم تستطع رؤية وجهه، لتغمض عيناها وتتقبل بمصيرها المليئ بالألم....

وبعدة مدة زمنية تستيقظ فجأة لتجد نفسها في وسط خراب ودمار عظيم في كامل المنطقة السكنية....جثث مرمية وأناس جرحى وحيوانات ميتة... وفتاة في مثل سنها لم تعلم ماذا حدث فوقفت تمشي في أرجاء ذلك الدمار وحدها حتى ظهر لها مجموعة من الرجال ملتفتون حولها بشكل دائري وهم يحملون الأسلحة...

"سيدي هل أنت متؤكد من أن هذه الفتاة الصغيرة هي التي دمرت هذه المنطقة؟..."

"أجل أجل فقد رأيتها في لحظة بداية الكارثة وهي تدمر كل شيئ..."

وفي لحظة بدون وعي من هايدا قالت:"أسقطو..."

فسقطت كل المجموعة على الأرض....

"تشه....هاه ألم أقل لك أنها هي من دمرت كل شيئ....هيا أقتلوها يارفاق..."

وقبل أن يباشرو بإطلاقهم للنار قالت هايدا:" إنفجرو...."

فتفجرت أجسادهم الواحد تلو الأخر في مشهد سوداوي ودموي مما أدى إلى رفع يد ريو من رأس هايدا بهلع وخوف كبير من هذه المشاهد التي رآها في ذاكرة هايدا....

ريو في نفسه:"هاه...هاه...هاه...هاه...ماهذه المشاهد الغريبة....أولئك الناس....أمها...وحتى هي....تلك المعاناة----"

هايدا وهي تتكلم بصعوبة:"اااعه...اااعه...لق...لقد...رأيتهم!! أليس كذلك؟..."

ريو:"رأيت ماذا؟.....ماالذي تقصدينه...."

هايدا:"اااعه...اااعه...تلك الذكريات الشنيعة..."

ريو:"...أجل لقد رأيتها..."

هايدا:"أااح..اااح..أنت الأن تعتقد أنني وحش أليس كذلك ياريو؟..."

ريو:"...لالا لست كذلك....فكل أولئك الذين قتلتيهم كانو بسبب ذلك الشخص الذي أنقذك من الموت وجعلك هكذا...."

هايدا:"أااح....ااااعه...أنا أعلم ذلك...لذلك تابع ماكنت تفعله....أنت تريد أخذ هذه القوة أليس كذلك....كل ماعليك فعله هو تشريحي مثل ما فعل والدي في الماضي وأكل قلبي..."

ريو:"لالا لن أفعل ذلك....لقد غيرت رأيي ياهايدا....أنا الأن أريدك أن تعيشي..."

هايدا:"مالذي غير----"

أوقفها ريو عن الكلام والدموع منهمرة في عينه وهو يقول:"أنت تشبهينني ياهايدا أنت تشبهينني كثيرا....أنا...أنا....أنا أعدك بأنني سأحميك دوما مادمت حيا..."

وبعد ذلك باشر بنزع تلك السلاسل عنها وهو يقول بصوت هادئ:"....أنا أسف لما فعلته يمكنك ضربي بعدما أنزع هذه القيود...ولكن دعينا ننشئ عقدا جديدا يمنح كلينا الحرية مستقبلا..."

مائن إنتهى من نزع القيود عنها حتى يجد نفسه ساقطا على الأرض وهايدا فوقه واضعة يديها في رقبته والغضب ظاهر على وجهها وقد بدأت جروحها بالتلائم بعدما إبتعدت عن تلك السلاسل...

بعد ذلك مباشرة ضغطت على رقبته وإقتربت منه نحو كتفه وقامت بعضه مثلما فعل هو وقالت بإبتسامة:"هذا هو عقدنا ياريو...."

إبتسم ريو ومد يده نحو يدها وقبل أن تصل يده إليها شعر بضيق في التنفس وعدم القدرة على السمع وقد حاول الإقتراب منها....ليراها في أخر لحظة تحرك شفتيها بكلمات غريبة لم يسمعها....جرب أن يرفع جسده بإتجاهها لكنه شعر بتشقق الأرض تحته لتنكسر ويسقط داخل الفراغ الأسود الذي يقبع تحتهم ويكون أخر شيئ رآه هو إبتسامة هايدا...وبعد لحظات من ذلك عاد له وعيه ليجد نفسه بين قبضتي زيتورو وهو يخنق فيه....فمع رؤيته له ضربه برجله ليقذفه بعيدا ولينهظ بقوة من عنده مثيرا الكثير من الغبار والضغط وتصاعد الحصى بينه وبين رفاقه....

فماذا سيحصل ياترى بعد هذا الفعل لريو؟...وهل سيعرف من هو السبب الرئيسي وراء هذه الحادثة؟...وهل سيتحرك تاداكوني ويكشف عن نفسه أم سيبقى متخفيا في الأرجاء؟......

إنتهى

2023/04/03 · 55 مشاهدة · 1527 كلمة
TADAKUNI
نادي الروايات - 2025