الفصل الأول – دماء بين النجوم
الفضاء الممتد أمام الأعين بدا كلوحة سماوية بديعة… نجوم تتلألأ، سُدم ملونة تسبح في العدم، و النجوم هادئة تدور في صمت أزلي. لكن هذه الجماليات لم تعد سوى خلفية لمذبحة كونية.
في الأفق، كانت الفوضى سيدة المشهد… انفجارات طاقية تمزق الفراغ، جثث طافية لآلاف الممارسين الذين كانو ذات يوم سقف القوة و حكمو مناطقهم ، دماء تتناثر كغبار أحمر في الفضاء، وصراخ الأرواح الممزقة يتردد في الأبعاد.
وسط هذه الكارثة، احتشدت مجموعة صغيرة من الأشخاص و هم أقوى الأشخاص في العالم الأباطرة و تلامذتهم ، مدعومين بجنود النخبة، يواجهون جيش "أم الشر"… جيش من الجثث التي تتحرك بدمى طاقية مظلمة، يربطها خيط واحد هو إرادة سيدتهم.
لكن كل الأنظار لم تكن على المعركة الواسعة… بل على مركز الفضاء حيث تقابل شخصان، كل حركة منهما تُحدث موجات صادمة تمزق الفراغ، وكل ضربة منهما تحمل ما يكفي لطمس نجم كامل
تقدمت "أم الشر"، عيناها تلمعان كالليل قبل العاصفة، وقالت بصوت يقطر بالهلاك:"لننه هذا"
في اللحظة نفسها، رفع لين فان سيفه المكسور بوميض ذهبي أحمر، بينما رفعت هي عصا الظلال الملتفة حولها الطاقة الشيطانية
هزّت حركتهما النهائية الفراغ … الفضاء نفسه انحنى تحت ثقل قوتهما.
في لحظة خاطفة، اخترقت قبضة الإمبراطور صدر "أم الشر" مباشرة، ليمزق قلبها النابض بالطاقة المظلمة.
ارتجفت، لكنها ابتسمت بخفة وقالت: " هذه هي النهاية "
ابتسم الإمبراطور رغم الدماء على شفتيه:" شكرا لأنك لم تستعملي كل شيئ ، أم الشر "
قهقهت بصوت عميق، وعيونها تلمع بسخرية أخيرة:" لابأس هذا يكفي عشت كثيرا .. و هذا اللقب… أكبر مني بكثير. أنت… ولا أنا… لسنا سوى حشرات أمام العالم الخارجي. أنت… لم ترَ شيئاً بعد"
توقف صوتها فجأة، وارتخت أطرافها وهي تتهشم إلى غبار أسود تلاشى في الفضاء. وفي اللحظة التي ماتت فيها، سقط جيشها كله، كدمى انقطع خيطها.
التفت لين فان إلى رفاقه، ثيابه ملطخة بالدماء، جسده يئن من الجروح، لكن ابتسامة صافية ارتسمت على وجهه:" إخوتي لقد انتصرنا هاهاها "
ترك جسده يهدأ في الفراغ، وكأن حملاً هائلاً سقط عن كاهله.
من بين الجمع، تقدم رجل طويل يحمل هالة من حدة لا تطاق، سيفه على ظهره، عينيه كالشفرات…
إنه إمبراطور السيف – تشو منغ ، عدو لين فان اللدود بجانبه كانت هناك تلميذته قديسة السيف ااسماوية ذات الجمال البارد
بين هذان العدوان نشأت علاقة غريبة فتلميذة امبراطور السيف أصبحت حبيبة تلميذ لين فان
قد بدت على وجهيهما علامات التردد والاعتذار
قال تشو منغ بصوت يحمل مزيجاً من الكبرياء والمرارة:
" لين فان … يبدو أن الأقدار تجبرنا على الوقوف جنباً لجنب. لولاك، لانتهى الحقل النجمي"
أجاب لين فان، بابتسامة متعبة"الحرب تُطهّر الماضي، تشو منغ اليوم، لسنا أعداء."
ضحك تشو منغ بخفة: " أجل… الماضي مات في هذه الحرب. الآن، نحن أصدقاء"
اقترب تلميذ لين فان و الذي كان يحمل نفس لقبه" لين " و اسمه لين تشان كان لين تشان يتيما لكن رأى فيه لين فان بعض الموهبة و تبناه كانت عيونه ممتلئة بالقلق:" سيدي… دعني أساعدك"
وضع ذراع سيده على كتفه، ثم… في ومضة، سحب من خاتمه سيفاً يقطر بلعنة سوداء وطاقة حادة، وطعنه مباشرة في قلبه.
اتسعت عينا لين فان في صدمة قاتلة… الدماء تتدفق ببطء، بينما الدهشة تتحول إلى حزن عميق.
لكن قبل أن يتكلم، جاء صوت تشو فنغ ، متهكماً:" هل كنت تعتقد أن قوتك لن تُسقطك؟ لقد كنت دائماً عالياً فوق الجميع… والآن سقطت أخيراً"
تقدمت قديسة السيف بخطوات هادئة، نظرتها خالية من أي رحمة:" من المؤسف… كنت قائداً عظيماً، لكن العالم لا يحكمه الطيبون."
ومن الخلف، بدأ بقية الأباطرة – سيد الرعد السماوي، ملك اللهب الأزلي، أميرة الجليد الكونية – يطلقون كلماتهم المسمومة:
_ لقد كنت عبقريا حققت ما لم يحققه أي أحد وصلت لحدود لم يصلها أي امبراطور من قبلك لكن عبقريتك هي خطيئتك قوتك هي سبب سقوطك اليوم بعد موتك سنحضى بكل شيئ
– غبي… لقد وثقت بالناس أكثر مما يجب.
– حتى الأبطال يموتون… لكن الحمقى يموتون أولاً.
لين تشان ، الذي كان يوماً فتىً يلهث جوعاً في الأزقة بدون إسم ، نظر في عيني سيده المحتضر وقال: "كنت عقبة أمام مجدنا… وأمام مجدي"
ارتجف قلب لين فان ، ليس من الألم الجسدي، بل من خيانة كل من كان يظنهم عائلته.
رأى في عيونهم الجشع، الخوف، والرغبة في السلطة. كلهم خانوه من أجل المجد، من أجل أن يُذكروا كمحرري الحقل النجمي.
رفع رأسه بصوت مبحوح لكن مليئ بالنذر ، قال:" تذكروا… حتى لو عبرت آلاف الحيوات… سأجدكم. سأمزق كل ما تحبون…"
ثم، ابتسم بمرارة، وبدأت طاقته تتجمع في داخله… موجة انفجارية هائلة اجتاحت الفضاء، تمحو كل أثر قريب
فجر نفسه
انفجار لين فان كان كالشمس التي تحترق للمرة الأخيرة، أضاء الفضاء، مزق الأبعاد، ثم اختفى كل شيء
الصمت… لم يبقَ سوى غبار النجوم.
لكن في مكان بعيد، في عالم متواضع لا يعرف حتى أنه جزء من حقل نجمي، وفي حي قذر على أطراف قرية فقيرة… كان جسد فتى نحيل ملقى على الأرض، مغطى بالتراب، ملامحه شاحبة كالموتى، عظامه بارزة من الجوع.
فجأة، شهق الفتى بعمق، وكأن أحداً أعاده من أعماق الهاوية.
فتح عينيه ببطء… عيون كانت يجب أن تكون باهتة، لكنها الآن تحمل بريقاً عميقاً، بريق رجل رأى نهاية العوالم.
في لحظة واحدة، تدفقت سيل من الذكريات في رأسه… ليست ذكرياته هو – لين فان ، إمبراطور الفراغ العظيم – بل ذكريات صاحب هذا الجسد الضعيف لم يكن له اسم عادة ما نادوه باللعنة كان هناك ذات يوم جدة أطلقت عليه إسم " لين " لكنها ميتة الان و لم يعد له اسم
ولد في هذه القرية النائية، لم يعرف أباه ولا أمه. كان يعيش مع عجوز تبنته كحفيد، لكن قبل ثلاث سنوات، هاجمت عصابة قطاع طرق القرية، ذبحوا العجوز وكل قريب منه فقط هو نجا
منذ ذلك اليوم، بدأ الناس ينظرون إليه كـ"نحس"… فالدمار والموت كانا يتبعانه
الأطفال يرمونه بالحجارة، الكبار يبصقون في وجهه، حتى الباعة يطردونه من أبوابهم.
آخر ما يتذكره لين قبل أن يغمى عليه… كان جسده يتهاوى من شدة الجوع، معدته الفارغة تتلوى، وعينيه تغيم، ليسقط في منتصف الطريق، بلا أحد يمد له يد العون.
ثم… الظلام.
الآن، وهو جالس على التراب البارد، شعر لين فان – داخل هذا الجسد – بمزيج من الغضب والحزن.
لقد كان يوماً سيداً لا يجرؤ أحد على رفع عينيه نحوه، أما الآن فهو في جسد صبي ضعيف، منبوذ، لا يساوي شيئاً في نظر قريته.
رفع رأسه نحو السماء اللازوردية ، تنفس بعمق، وابتسامة باهتة رسمت على شفتيه: " حتى من تحت الحضيض… سأصعد مجدداً. ... أقسم بفراغي… لن أسقط مرتين "
أعطوني رأيكم في الفصل و تقييمكم من 10 ... شكرا