717 - طاقة مرتبطة بالروح (أرشدات الجوكر )

صوت الجوكر جعل قلب منى ينبض بشدة، مغمورًا بخوف لا يُحتمل. شعرت في نبراته بتهديد صارخ، وكأن الموت نفسه قد تجسد بالكلمات. عيناها، المختبئتان خلف القناع، اهتزتا دون توقف، تعكسان رعبًا يكاد يلتهمها.

كانت ملامح منى، بشعرها الأبيض الطويل وعينيها السوداوين ووجهها الجميل، تحمل مزيجًا من الذهول والخوف. لم تكن تعرف ماذا تفعل أو كيف تتصرف.

عندما استعادت السيطرة على جسدها، عاد الخوف ليبسط هيمنته عليها. لكن هذه المرة، كان مصدر الخوف مختلفًا. شعرت بشيء غريب يرتبط بجسدها... القناع. لم يكن مجرد قطعة ترتديها؛ كان له إرادة وصوت، كأنه كيان شيطاني يحيط بها.

"هل يمكن أن يكون هذا القناع من أدوات الفوضى؟" تساءلت منى بذعر. كانت تدرك تمامًا أنها ما زالت في المستوى الحديدي، وأنها حتى الآن لم تكن قادرة على رؤية أدوات الفوضى من بعيد. فكيف يمكن أن ينتهي بها الأمر بحيازة إحداها دون أن تدري؟

ببطء، خلعت منى القناع ونظرت إليه بدهشة عارمة. ثم حولت عينيها إلى جثث العفاريت الملقاة أمامها بنفس الذهول. تلك المخلوقات التي كانت قبل لحظات على وشك قتلها، أُبيدت في لحظة واحدة.

تفحصت القناع بتوجس، تتساءل: "إن كان هذا الشيء قد تمكن من السيطرة على جسدي وقام بكل ذلك... لماذا لم أستطع أنا فعل الشيء ذاته بمفردي؟"

جاءها الجواب بصوت عميق صادر من القناع نفسه: "لأنك خائفة. والخوف، حين يقترن بإرادة ضعيفة، يمنعنا من اتخاذ القرارات الصحيحة."

ارتعش قلب منى وارتجفت عيناها وهي تسمع تلك الكلمات. صوته كان صارمًا، كأنه يكشف أعماق نفسها التي كانت تحاول إنكارها.

"قبل أن تدخلي هذا المكان، ألم تخضعي للكثير من التدريبات لتكوني قادرة على مواجهة مستوى الوحوش الموجودة هنا؟"

في تلك اللحظة، عادت ذكريات التدريبات القاسية التي مرت بها إلى ذهن منى. مشاهد متتابعة من تعبها وصراعها، كأنها تذكير بما تملكه من قوة... لكنها دفنتها تحت طبقات من الخوف.

موت زملائها في الفريق كان أكثر مما يمكن لقلب منى تحمله. شعور الذنب، الذي بدأ يتسلل إليها، تصاعد سريعًا ليغمرها بالكامل. لم يكن ذنبًا عاديًا؛ كان شعورًا عميقًا وقاسيًا، كأنه يعاقبها على كل لحظة ضعف مرت بها.

ارتجف جسدها بالكامل، بينما صوت القناع كسر الصمت من جديد: "في البداية كان خوفك هو ما شلّ قدرتك على اتخاذ القرار الصحيح ودفعك للهرب. والآن، شعورك بالذنب يجعلك تتخيلين أسوأ السيناريوهات، مستعدة لترك زملائك للموت الأكيد."

كلماته كانت كصفعة أفاقتها من دوامة الذنب. للحظة، أدركت منى المعنى الحقيقي وراء كلماته. "قد يكون زملائي... على قيد الحياة؟!"

أضاء الأمل بداخلها، صغيرًا لكنه قوي بما يكفي لإحياء عزيمتها. بدون تردد، ربطت القناع على ظهرها وانطلقت بسرعة كبيرة نحو المكان الذي تركت فيه أصدقاءها. لم تكن تعرف ماذا ستجد هناك، ولكنها كانت مستعدة لمواجهة أي شيء.

دموعها كانت على وشك الانهمار، مشاعرها ثقيلة وكأنها تحمل جبلاً على صدرها. إلا أن صوت القناع جاء صارمًا: "ستحتاجين إلى رؤية واضحة إذا واجهنا أي أعداء."

مسحت منى دموعها قبل أن تسقط، محاولة أن تستجمع شجاعتها. بدأت تسترجع التدريبات التي خضعت لها، التدريبات التي صقلت جسدها وعلّمتها كيف تتحكم في كل خطوة وكل حركة.

"جسدك مرن، وحركاتك سريعة. يمكنك التعامل مع خمسة عفاريت وحدك."

أضاف القناع بلهجة صارمة: "لكن يجب أن تركزي على كل خطوة تخطينها، وكل فعل تقومين به. التركيز هو مفتاح البقاء."

شدّت مِنى قبضتها، محاولةً تعزيز إرادتها.

ولكن في تلك اللحظة، لمعت فكرة في عقلها: "من تكون؟!"

اهتز القناع قليلاً، وكأن السؤال أثار داخله شيئًا عميقًا "لا أعرف."

هبت نسمة خفيفة، تلاعبت بخصلات شعر منى القصير. كان صوت القناع يحمل حزناً خفياً، كأنه يعكس تيهاً داخلياً. "ولكنك قلت منذ قليل أن اسمك هو الجوكر."

توقفت الكلمات عند هذا الحد. لم يأتِ أي صوت ليجيب على هذا السؤال. سكن الصمت المكان، كأنه الرد الوحيد الممكن، يلف كل شيء حولهم بغموض مبهم.

تحركت منى بسرعة بين المداخل والمخارج، تتنقل كأنها تبحث عن بصيص أمل وسط الظلام. أخيرًا، وصلت إلى المكان الذي تركت فيه أصدقائها. المشهد كان مروعًا: ثلاث جثث لعفاريت غارقة في الدماء، ورائحة الموت تملأ الهواء.

"يبدو أن أصدقائك حاربوا بشجاعة ولم يستسلموا بسهولة،" قال القناع بصوت هادئ، لكنه يحمل مزيجًا من الحزن والإعجاب.

نظرت منى نحو الجثث، عيناها تتحركان يمينًا ويسارًا، تبحث عن أي دليل. "ولكن... أين هم؟!" سألت بصوت مرتجف.

اهتز القناع قليلاً، والرياح تعصف حولها، كأن الطبيعة تشاركها التوتر. "العفاريت تأخذ البشر إلى أكواخها. إذا تحركتِ الآن بسرعة، قد تتمكنين من اللحاق بهم قبل أن يصلوا."

لم تفكر منى مرتين. اندفعت بأقصى سرعة، وكأن شجاعتها الجديدة تدفعها إلى الأمام. كان كل ما تريده هو تصحيح خطئها، خطأ الهروب وترك أصدقائها يواجهون مصيرهم وحدهم.

بينما تسارعت خطواتها، شعرت بقلبها ينبض بقوة، ليس فقط من الجهد، بل من الشعور بالمسؤولية.

"هل تستطيعين التحكم في الطاقة؟" سأل القناع فجأة.

توقفت منى للحظة، ووضعت يدها على صدرها. عرفت ما يعنيه: طاقة الفوضى . كانت الطاقة التي سمعت عنها في أساطير التدريب، القوة الغامضة التي تتحكم في كل شيء حولها.

لكن هل كانت مستعدة لاستخدامها؟ وهل يمكنها تسخيرها لإنقاذ أصدقائها؟ كانت الإجابة تلوح في ذهنها، لكن الوقت لم يكن في صالحها.

" لدى طاقة الفوضى ولكن لا أستطيع أن أتحكم بها لست في مستوى يسمح بذلك "

اندفعت منى بخطوات متسارعة، متجاهلة الشكوك التي تملأ عقلها. الجوكر كان يُلح عليها:

"حاولي أن تركزي كل طاقتك في قدميك!"

"أي طاقة؟ أنا لا أشعر بشيء!" صاحت منى بإحباط.

لكن الجوكر كان يعلم. على مدار الحيوات العديدة التي عاشها، أدرك أن الطاقة ليست إلا انعكاسًا لروح الشخص. أسماء كثيرة أُعطيت لها عبر العوالم المختلفة: المانا ، الكي ، وهنا في هذا العالم تُسمى طاقة الفوضى .

"أنتِ لا تشعرين بها لأنكِ لم تختبري وعيك بشكل كافٍ." قال الجوكر بصوت حاد.

"لكنني أحتاج إلى أن أكون في المستوى البرونزي على الأقل لأتمكن من اكتشاف هذه الطاقة!"

"اللعنة عليكِ! لقد أخبرتكِ أن هذه الطاقة بداخلكِ. لقد استُخدمت عندما استحوذتُ على جسدك!"

الحقيقة أن الجوكر كذب. لم يكن بحاجة لاستخدام طاقتها لقتل العفاريت الثلاثة، لكنه شعر بوجودها داخلها. تلك الشرارة الكامنة، التي تنتظر أن تُشعل.

منى، رغم ارتباكها وضغط اللحظة، بدأت تحاول. ركزت على قدميها، تحاول أن تشعر بشيء. كانت الرياح تعصف حولها، والهواء مشحون بالإرادة التي دفعتها للأمام.

ربما كان السبب هو لمسها أداة الفوضى ذات الإرادة الخاصة. أو ربما كان الخوف الشديد الذي استحوذ عليها.

لا أحد يعرف بالتحديد، لكن في جزيرة الأخطبوط ، أصبحت منى أول شخص في المستوى الحديدي يفتح الباب الأول لطاقة الفوضى.

وفجأة، شعرت بشيء يتفجر داخلها. طاقة هائلة اندفعت إلى قدميها، جعلت سرعتها تتضاعف ثلاث مرات. الرياح من حولها أصبحت كالدوامة، والأرض تحتها تهتز مع كل خطوة.

في تلك اللحظة، لم تعد منى مجرد فتاة تهرب من خوفها. أصبحت قوة تتحرك نحو هدفها، عازمة على إنقاذ أصدقائها مهما كان الثمن.

2025/01/02 · 19 مشاهدة · 1032 كلمة
joker
نادي الروايات - 2025