رواية
ريونيد VRMMORPG
تأليف : د. أحمد خشبة
رواية أونلاين تصدر يوميا بمعدل فصلين
لمزيد من الفصول :
www.facebook.com/rioneed
الفصل السادس و الخمسون
رغم عدم فهم إبرو لكل هذه الكلمات التي دوت في رأسه إلا أنه تيقن أن منبعها كان هذا الشاهد . جذب إنتباهه اسم هذا الشاهد , فهو على اسم الحضارة التي أتت منها نرو . ألم تقل له نرو من قبل أنها رغبت هي و ريونيد في إنشاء حضارة أخرى مماثلة لحضارتهما المدمرة ؟ هل كان هذا الشاهد هو وسيلتهما لفعل ذلك ؟ قبل أن يجد إبرو وقتا للتفكير استشعر بغتة فألا سيئا ليتخلى عن أي شيء كان يفكر فيه ليقول مندفعا في سرعة مقاطعا تسلسل أفكار هذا الشاهد الغريب :
-توقف للحظة , كيف يكون نسبة نجاح الربط بيننا مئة بالمئة بالنسبة للتوافق و صفر بالمئة كمحصلة نهائية ؟ كيف أمكنك حساب هذه النتيجة ؟
بدا لوهلة أن الشاهد يتردد في الإجابة كما لو تفاجيء بكلمات إبرو لكن في النهاية صدر الصوت المعدني قائلا :
-نسبة نجاح الربط مئة بالمئة بالنظر لعنصر التوافق و هو من أهم عناصر الدمج بيننا , لكن العنصر الأقل أهمية لكنه مؤثر للغاية في نجاح و فشل هذه العملية هو كم الطاقة المخزون داخلي . لم استنفزت الطاقة بشكل شبه تام في أثناء فترتي الماضية مع مالكي السابق . لهذا السبب لن تنجح عملية الربط بيننا .
صمت إبرو مفكرا , فكما عرف من نرو أنها قامت بإضعاف قناة الإنتقال حين جاءت إلى هذا العالم ثم بعدها قامت بتدمير بوابة الإنتقال التي أنشأها جوجناق و أخيرا قامت بقتل جوجناق و التضحية بنفسها . مؤكد أن وسط هذا كله كان العامل الوسيط بينهم هو هذا الشاهد . لم يكن غريبا أن تكون طاقته قد نفذت , لكن ألا يمكن له أن يستعيد طاقته من جديد ؟
-ألا توجد طريقة لإعادة ملء طاقتك من جديد ؟
-طاقتي جاءت من حضارة بونيل . على الرغم أنني مجرد جزء تافه من حجر بونيل الأساسي إلا أنني شعرت بتدمير الحجر الأساسي مما يجعلني انا الحجر الأساسي . يمكنني استخراج الطاقة من الكون حولي لكن هذا سيحتاج وقتا طويلا و الآن إن لم أقدر على تجديد طاقتي قبل موت هذا الوحش بصفة نهائية فسوف أموت معه أنا أيضا .
صمت إبرو قليلا قبل أن يقول مفكرا بصوت عال :
-إن هذا يعني أنك بحاجة لمصدر من الطاقة . أخبرني ألا يوجد مصدر ما يكفيك في هذا العالم ؟
-بلى يوجد , لكن هذا المصدر له خطورة كبيرة علي فربما يدمرني .
-ماذا تعني ؟ إن كان هناك مصدرا يقدر على تجديد طاقتك فعليك إذن أن تجازف !
-هذا المصدر هو وحش جوجناق نفسه , فلو امتصصت جسده و ما فيه من طاقة فحينها سيكون كفيلا بملء طاقتي بشكل كبير للغاية . لكن الخطورة تكمن في أن روح الوحش لازالت باقية . نعم هي ضعيفة لكنها لازالت موجودة .
صمت إبرو يفكر في كلماته ثم تسائل في عدم فهم :
-وما المشكلة في روحه ؟ أنت تملك القدرة على تدميره و قتله , فلماذا تخشاه الآن إذن ؟
-أنا قادر على تدمير جسده لكن بمفردي لا أقدر على تدمير روحه . من قامت بتدمير روحه كانت من تملكني من قبل . لقد ضحت بحياتها كي تدمر روح جوجناق , لكن هذا الوحش له قوة هائلة حتى أن تضحيتها بحاجة لوقت حتى تهلك روحه كلها .
-إذن لتصبر حتى تهلك روحه ثم بعدها امتص طاقة جسده .
-للأسف حين تزهق روحه بشكل كامل سيفقد جسده كل معنى للقوة . لذا امتصاصي له حينها لن يكون مجديا إضافة إلى أنني حينها سأكون في طريقي للموت .
ى-ألا توجد طريقة يمكنني من خلالها مساعدتك لإمتصاص طاقة الوحش دون أن تتعرض للخطر ؟
-توجد طريقة لكنها ستعرضك أنت للخطر . على الرغم من أن روح جوجناق ضعيفة للغاية بسبب تضحية تلك الفتاة نرو لكنك أكثر ضعفا منها و ربما يشكل ذلك خطر على حياتك .
استغرب إبرو من مناداة هذا الحجر لنرو بفتاة و التلميح إلى كونها ضعيفة . رغم أنه تفهم وجهة نظر الشاهد الذي بدا أنه كان السبب في تأسيس حضارة بونيل لكنه لم يكن متفهما لوصفه لنرو بأنها ضعيفة . رغم ذلك لم يكن هناك مجال لجداله حول تلك النقطة حيث قال في حزم :
-لنجرب , لقد ضحت نرو بحياتها من أجل قتل هذا الوحش . لماذا أخشاه ؟
صمت الشاهد كما لو كان يفكر في كلمات إبرو . كان إبرو يشعر رغم برودة صوته و حدة كلماته إلا أنه يحمل مشاعر و ذكاء كشخص عاقل . جاءه صوت الشاهد البارد قائلا :
-لدي سؤال , لماذا تريد تكبد معاناة و خطورة التعامل مع روح جوجناق ؟ أنت كذلك تحاول مساعدتي على تجديد طاقتي و هربي من الموت المحدق . لم نتقابل من قبل سوى الآن , فلماذا تريد أن تفعل تلك الخطوة الخطرة ؟
لم يتردد إبرو عن الإجابة بكل صراحة قائلا :
-الحقيقة أنني كما وصفتني , شخص ضعيف . الشخص الضعيف لا يقدر على حماية نفسه ناهيك عن حماية من يحب و من ينتمي له و من حوله . لو أردت حماية وطني و أهلي و أحبائي و أنثاتي علي إذن أن أكون قويا . القوة لا تأتي دون ثمن . أنت فرصتي الوحيدة لأصير قويا . لست أعني أنني أبحث عن القوة في أسرع طريقة و بدون مجهود من قبلي , لكن ما أعنيه القوة على حماية من هم أضعف مني و أعز من بقلبي . إنك ستكون درعا أستخدمه لحماية عالمي كله من أي فرصة لغزو وحوش نرو . كذلك كانت لمعلمتي نرو حلما بإعادة بناء حضارة بونيل من الأنقاض , و حسبما فهمت فأنت منبع تلك الحضارة . لو استطعت إنقاذك لقمت بخدمة بسيطة لمعلمتي و ربما سيأتي يوم و تكون هذه الخطوة سببا في تغيير وجه الكون كله .
جاء صمت الشاهد هذه المرة طويلا حتى أن إبرو شعر بالخوف أن يكون قد تدمر بالفعل , لكن قبل ان يتملك الخوف إبرو تماما جاءه صوت الشاهد ببرودة :
-لتستعد , سأقوم الآن بالربط معك و في الوقت نفسه سأقوم بإمتصاص جسد جوجناق . كل الطاقة سأمتصها في حين سأترك الروح لك . تذكر أنك يجب أن تصمد حتى أنتهي تماما من إمتصاصي لطاقة جسده و هي مدة لا أعلمها تحديدا . كذلك عليك أن تتوخى الحذر , فلم يسبق أن اتصل أي شخص بروح جوجناق إلا و مات .
ابتلع إبرو ريقه في صعوبة ثم قال بصوت جاد حازما قراره :
-أنا مستعد .
الحقيقة أنه لم يكن مستعدا على الإطلاق , فهو لم يكن يعرف شكل الخطر الذي سيتعرض له حتى يستعد . ما إن انتهى من عبارته حتى سمع صوت الشاهد يقول :
-بونيل يستشعر الحياة العاقلة . بونيل يقوم ببدء عملية الربط . بونيل يبدأ عملية الربط . بدأت عملية الربط بنجاح . بونيل يستشعر عدم وجود طاقة كافية لإنهاء عملية الربط . بونيل يقوم باستشعار جوجناق . بونيل يقوم بإمتصاص جوجناق . بونيل يستشعر وجود روح ضعيفة في جوجناق . بونيل يستشعر وجود طاقة لانهائية في جسد جوجناق . بونيل يبدأ إمتصاص طاقة جوجناق اللانهائية . بونيل يستشعر هجوما من روح جوجناق . بونيل يوجه روح جوجناق نحو الحياة العاقلة . بونيل يتم عملية التوجيه بنجاح . بونيل يستمر في عملية إمتصاص الطاقة بنجاح . بونيل يستمر في عملية إمتصاص الطاقة بنجاح . بونيل يستمر في عملية إمتصاص الطاقة بنجاح . بوني..
بدأ إبرو يستمع لتكرار متواصل من قبل الشاهد لعملية إمتصاصه للطاقة . شعر إبرو بالممل على الفور منه و كاد أن يصرخ فيه مطالبا إياه بالصمت لولا شعوره بالخطر المحدق بغتة . تلفت إبرو حوله في بغتة . لم يجد أي شيء غريب في المنطقة حوله لكن شعوره بالخطر بدأ يتنامى بشكل مطرد و مفزع . حينها شعر بعينين تتربصان به ليحدق نحو الأفق ليجد نفسه محدقا صوب عينين عملاقتين تنظران نحوه نظرة إستخفاف و تشفي مخيفة . شعر إبرو بعرق غزير يغمره و ضربات قلبه تكاد تصم آذانه . لم يكن معتادا على ذلك الوضع الخطير بعد ليشعر بضحكة شريرة عالية تصدح في أذنيه مصحوبة بصوت وحشي يقول :
-أخيرا جئت لي أيها الفأر الصغير . اتظن أن بمقدورك قتلي و امتصاص قوتي ؟ من تظنني ؟ أنا جوجناق ! أنا من يسمع اسمي في أركان الكون الفسيح يرتعد و يفقد حياته . الآن هي آخر لحظاتك في الحياة , بعدها سأقتلك و أعيش مخلدا أبد الزمان .
ابتلع إبرو ريقه ليكتشف أنه ناشف كالحجر الصلد . لم يتوان عن التراجع خطوات للوراء دون إرادة منه لكن وسط هذا كله جذب إنتباهه صوت عال بارد يقول :
-بونيل يستمر في عملية إمتصاص الطاقة بنجاح . نسبة إمتصاص الطاقة خمسة بالمئة . بونيل يستمر في عملية إمتصاص الطاقة بنجاح . بوني..
نظر إبرو نحو الشاهد المنغمس بثبات بين أحشاء عقل جوجناق ثم نحو عيني جوجناق نفسه . شعر أن خوفه كان غير منطقيا , فمن أمامه الآن لو قدر على التحرك قيد أنملة لأخرج من أعماق عقله هذا الشاهد . بغتة لمعت فكرة في عقل إبرو ليجد الإجابة على تصرف جوجناق الغريب . إنه يحاول التأثير على نفسه و إشعاره أنه ميت لا محالة . ربما شعوره النفسي ذلك سيؤثر بالتبعية سلبا على الشاهد الذي صار الآن مرتبطا به . رغم جهل إبرو لما تحمله كلمة إرتباط مع الشاهد من معاني إلا أنه خمن أن هذا هو الدور الذي يلعبه جوجناق معه الآن . إن ذلك الوحش الماكر يحاول تدميره نفسيا و معنويا ! و كاد أن ينجح .
-بونيل يستمر في عملية إمتصاص الطاقة بنجاح . نسبة إمتصاص الطاقة عشرون بالمئة . بوني..
انتفض إبرو حين سمع ذلك الصوت البارد . شعر أن بونيل يحاول إيصال رسالة له مفادها أن تخمينه كان صحيحا . ابتسم إبرو رغم صعوبة الموقف الذي هو فيه الآن ليسمع صوت جوجناق صادحا في أذنيه بعنف :
-أنت أيها الأحمق من تظن نفسك ؟ أتظن أنك قادر على الوقوف في وجهي ؟ إنني بإصبع صغير مني يمكنني طحن جسدك و تدمير روحك . يمكنني بنفس واحد من أنفاسي أن أدمر كل كيان لك و أجعل روحك تذبل حتى تختفي . أنت مجرد كائن ضعيف هش يظن أنه قوي و جبار ! استيقظ من أوهامك فأنا سأقتلك ببطء و تلذذ حتى أستمتع بكل لحظة عذاب لك .
-لتفعل ذلك إذن , فأنا بالإنتظار !