رواية

ريونيد VRMMORPG

تأليف : د. أحمد خشبة

رواية أونلاين تصدر يوميا بمعدل فصلين

لمزيد من الفصول :

www.facebook.com/rioneed

الفصل السبعون

نظر له سراج في صمت قبل أن يغلق المحادثة . كلما تحدث مع هذا الصغير شعر بالتوتر و قلة الحيلة و هو شعور كثيرا ما يكرهه . أما إبرو فتفقد القائمة الصغيرة التي تحتوي على أسماء ثلاثة فقط بتمعن . هذه الأسماء ليست غريبة عليه بل كان لها وقع رنان في الماضي . لم تمثل تلك القائمة ثلاث دول فحسب بل ست , فكل دولة منهم لديها أخرى تابعة لخطواتها في اللعبة . هذا ما جعله يشعر بأن الكفة متزنة بشكل مطمئن نسبيا , فكل جانب يحتوي على دولا ثمانية . نظر للمكان حوله و لم يكن في داخله رغبة في إستكمال تطوير مستواه , فحاليا عليه التحضير لما عليه فعله مع ممثلي أولئك الدول . تحرك من مكانه عائدا أدراجه صوب المدينة , فهذا السر الخاص به يجب أن يبقى طي الكتمان . رغم أن عوالم اللعبة شاسعة و ليس من السهولة إيجاد مكان بعينه لكن مكان مميز كالمنطقة البركانية تلك كانت سهلة البحث للغاية . فقط ابحث عن أقرب بركان للمدينة و ستجده ! استغرق إبرو في رحلة عودته ساعة كاملة خلالها قتل عدد كبير من الوحوش التي اعترضت طريقه . كان مستواه عاليا عن بقية الوحوش في المنطقة لكنهم قد ظهروا قاطعين الطريق عليه فهل يتركهم في حال سبيلهم و يرحل ؟ لم يكن كريما هكذا . ما إن وصل للمدينة حتى قام بإضافة الثلاثة أشخاص إلى قائمة أصدقائه . ما إن إنتهى من إضافتهم حتى وجدهم يقبلون على الفور . شعر بمدى شغفهم في التقرب إليه و هذا ما زاد من وتيرة ثقته . جائته ثلاث طلبات لثلاث محادثات هاتفية مختلفة لكن إبرو رفضهم جميعا دون تفكير . بعدها أرسل رسالة لهم جميعا يخبرهم فيها أنه سيتحدث معهم في غضون ساعة . كان بحاجة لتلك الساعة حتى يحضر لما هو آت . لم ينسَ أن يرسل رسالة ليو شينج يخبره فيها بضرورة تواجده باللعبة في غضون ساعة لأمر هام . لم يفصح له عما ينتويه , فهو لم يكن مهتما بتلك النقطة . بعدما انتهى من كل ذلك فكر في الخطوة التالية التي عليه القيام بها . لو أراد حقا أن يفوز بدعم الدول الثلاث الجديدة له فعليه أن يقدم لهم شيئا يقدرونه و يساعدهم . أول ما جال بخاطره كان دليلا خاصا لمبتدئي اللعبة يقوم فيها بتوضيح عدد من النقاط الأساسية و طرق الترقي بشكل سريع . رغم رغبته في جذبهم إليه بشدة إلا أنه كان متحفظا على هذا الدليل , فتلك المعلومات هي مصدر قوته و لا يجب التخلي عنها بسهولة . كذلك هو بحاجة لتطوير اللاعبين المصريين بشكل أسرع من بقية الدول لذا قرر أن يكتب نموذجا صغيرا لا يضع فيه أسرار كثيرة . فقط بعض من الأماكن التي يمكن للاعبين الحصول منها على نقاط خبرة أعلى كذلك على طرق التعامل مع بعض الوحوش إضافة إلى تعريفات بشأن مباني المدن المتنوعة و وظائفها . بعدما رسم الخطوط العريضة لهذا الدليل قام على الفور بكتابته . لم يأخذ أكثر من نصف ساعة حتى انتهى منه و قرر تسميته باسم التحالف , ليكون بمسمى دليل ست . وضع الدليل في قسم خاص بالمعلومات داخل التحالف حتى يستفيد منه بقية أعضاء التحالف . وجد أن عدد أعضاء التحالف قد زاد بشكل ملحوظ ليقارب المئتي عضو . فهم أن سراج بدأ في تحريك العجلة الدعائية للتحالف . نظل للدليل ثم شعر بالشك في إمكانية أن يشبع ذلك رغباتهم و طموحاتهم . فكر في كارت مدينة شونتي لكنه قرر من قبل عدم التسرع بمنح اللاعبين وسيلة الدخول إلى هذا العالم بعد . نظر لمخزنه الشخصي و تذكر كم الأسلحة الكبير العامر في المخزن خاصته بالمدينة . هل يقوم بإستخدام تلك الاسلحة كوسيلة لجذب إنتباههم له ؟ ذكر نفسه أنهم ليسوا تحالفات خاصة بل كانوا ممثلين عن دول . يجب أن يقدم له شيء دسم يجعلهم يلهثون خلفه . تُرى ما يكون هذا الشيء . بدأ يفكر طويلا و مليا و بعمق محاولا تذكر كل تفصيلة ممكنة قد تفيده . في غضون ربع ساعة كان قد جال بأغلب ذكرياته دون جدوى . حين بدأ يفقد الأمل تذكر حادثة قديمة تسببت في دمار عظيم في كثير من الدول , مكاسب أعظم لدول أخرى . إنه منجم الميولور . كان يضرب نفسه حين تذكر ذلك المنجم . ربما نساه لأنه ظهر في بدايات دخوله للعبة . حينها كانت الأوضاع كارثية و وفوضاوية للغاية . جعله ذلك يقرر ضرورة إسترجاع ذكرياته أكثر من مرة , فهذه ليست المرة الأولى التي يتذكر فيها الماضي و لكنها المرة الأولى التي تذكر فيها منجم ميولور . منجم ميولور يُعتبر منجم لمعدن عادي اسمه ميولور . أي لاعب يقوم بالتنقيب فيه سيجد أنه يحصل على معدن ميولور و حين يقوم بفحص معلوماته في المدينة سيجد أنه مجرد معدن عادي لا قيمة له على الإطلاق . هذا ما جعل جميع اللاعبين في السنوات الأول للعبة لا يهتمون بهذا المنجم على الإطلاق حتى جاء تحالف و قام بنقل مقره بالقرب من منجم ميولور . كان تحالفا من الدرجة الرابعة و لا يعرفه أحد لكن في غضون شهر واحد تحول ليصبح تحالفا من الدرجة الأولى و أصبح في غاية القوة و الشهرة . جذب ذلك أنظار الجميع إليه ليبحثوا وراء أسباب صحوة هذا التحالف المباغتة ليكتشفوا أن السر يكمن في منجم ميولور . حينها بدأت حمى جنونية في التنقيب عن حجر ميولور ليكتشف الجميع شيئا مذهلا , هذا المنجم حين تنقب فيه كثيرا و تصل إلى منتصفه تجد بوابة إنتقال دائمة تقوم بنقل عدد لا نهائي من اللاعبين نحو عوالم خفية . هذه العوالم كانت منفصلة ولا يمكن لأحد الوصول إليها قط . حين تذكر إبرو هذه الحادثة خمن أن الصينيين قد اكتشفوا عالم ريلانت من خلال بوابة كتلك . هذا الإكتشاف تسبب في ثورة عارمة في اللعبة و جعل حروب عنيفة تحدث في اللعبة لكن بعدها اكتشف الجميع أن البوابة لا تعترف سوى بأول من قام بفتحها و هو المتحكم في من يدخل فيها . ما زاد من الوضع سخونة هو أن عدد تلك البوابات كان محدودا . فقط عشر بوابات هي المتاحة في العالم أجمع , و هذا ما جعل بقية الدول تشعر بالحسرة و الخسارة الفادحة خصوصا حين وردت معلومات كثيرة بشأن الدرر و الكنوز الموجودة في بعض العوالم . أخذ إبرو نفسا عميقا هدأ به نفسه , ما جعله مطمئنا أن لكل دولة في اللعبة منجم واحد فقط . كذلك يعرف ان البوابات الموجودة في تلك المناجم كانت مرتبطة بعشر عوالم مختلفة عن بعضها البعض . بعدما هدأت ثورة حماسه و لومه لنفسه بدأ يفكر في كيفية الإستفادة من تلك النقطة بشكل اكثر فاعلية . عليه أن يستغل الموقف لصالحه , فتلك العوالم بها كنوز و درر كثيرة للغاية جميعها هو بحاجة لها . صمت مفكرا طويلا حتى استطاع التوصل لأكثر من صيغة إتفاق حسبما تسير المفاوضات مع ممثلي هذه الدول . لم يتردد بعدها في إجراء محادثة جماعية بينه و بين ممثلي هذه الدول الأربعة . بدا له أنهم كانوا ينتظرونه على أحر من الجمر ففور إرساله لطلب المحادثة وجدهم قد قبلوها في آن واحد . أمامه ظهر يو شينج إلى جوار ثلاثة آخرين أخذ يتفحصهم إبرو بعناية . كان ثلاثتهم متشابهين إلى حد بعيد , فملامحهم الحادة و نظراتهم الجادة و أعمارهم في منتصف الأربعينيات جعلته يشعر كما لو اجتمع بأشخاص خطأ . كان يو شينج الوحيد الذي قد اعتاده منهم . لكن في داخله كان يعرف هويتهم جيدا فكل منهم خلق أسطورته الخاصة في نطاقه . ابتسم إبرو لهم ثم قال مرحبا :

-أرحب بكم جميعا و أقوم بتعريفكم على بعضكم البعض . هذا يو شينج و هو ممثل دولة الصين , و هذا هو أولييه و هو ممثل فرنسا , و هذا بطرسبرج ممثل روسيا و هذا بايرن ممثل ألمانيا . هذا الإجتماع سيكون بداية سلسلة إجتماعات دورية إن توصلنا جميعا لإتفاق موحد .

نظر الجميع إلى بعضه البعض و في داخل كل منهم شعور تلقائي بالحذر , فكل من أمامه كان ممثلا لدولة عظمى من دول العالم . لم يكن أي منهم مجرد لاعب عادي بل كان دولة باكملها لذا ساد التوتر الجميع و لم يتحدث أي منهم بأي كلمة لكنهم أومأوا لبعضهم في تفهم . كان يو شينج المبادر بالحديث , فعلى الرغم من تصنعه الدهشة لوجود الثلاثة الآخرين إلا أن ما قام به هذا الصغير أمامه قد وصل إلى مسامع كل الدول العظمى بلا إستثناء . تكتل من كل هذه الدول لو نجح إبرو فيه لاستطاع تذليل عقبات كثيرة . هذا ما كان يؤمن به الرئيس الصيني و أخبره بنفسه ليو شينج حتى يقدر على التعاون مع إبرو , فبغض النظر عن أي شيء فالصين صارت في نفس الكفة مع مصر . قال يو شينج مستفسرا :

-لم تقل يا سيد إبرو سبب إجتماعك بنا جميعا في محادثة جماعية واحدة ؟ الحقيقة أنني تعلمت اليوم أنه من الممكن إجراء محادثة جماعية باللعبة . هذا سيوفر الكثير على لاعبينا .

اكتفى الثلاثة الآخرين بإيماءة من رؤوسهم متفقين مع كلماته شعر إبرو من خلالها أنهم يخشون الحديث حتى لا يصبح أي منهم في موطن ضعف أمامه . كاد يبتسم لولا أنه تمالك نفسه في النهاية . رفع إبرو يديه في حركة إستسلام و قلة حيلة و هو يقول :

-هذه معلومة لا قيمة لها على الإطلاق مقارنة بما سأقوم بمشاركته معكم .

لمعت عينا الجميع حين سمعوا هذه العبارة فهم كغيرهم يسعون منذ بدء اللعبة للتواصل مع إبرو خاصة مع تكرار إنجازاته فيها . كان ذلك في سبيل إكتساب معلومات لا يعرفونها عن اللعبة , هذه المعلومات قد تذلل الكثير من العقبات أمام لاعبيهم . قبل أن يسمح لأي منهم بالحديث مستفسرا قال إبرو ساكبا البنزين على النار :

-لو توصلنا لإتفاق تعاوني فيما بيننا سأقوم بمباركة هذا الإتفاق و أشارككم ثلاث هدايا . لن أكون بخيلا و أخفي ماهية تلك الأشياء , سأكون كريما هذه المرة . أول تلك الهدايا هي دليل خاص بأسرار اللعبة في المراحل الأولى منها من المستوى العاشر حتى المستوى الخمسين . بالطبع هذا الدليل سرا و يجب عليكم الحفاظ عليه فلو عرفه لاعبي دول أخرى سيكون لا قيمة له كهدية خاصة حصرية لكم .

كان ينظر إبرو إليهم متلذذا بردة فعلهم التي بدت كضباع جائعة وجدت لحما لتأكله . تابع إبرو مبديا عدم إكتراثه بملامحهم و ما تنقله عيونهم قائلا :

-أما الهدية الثانية فهي مزاد حصري لكم بشكل دوري أقوم فيه ببيع عدد من المعدات الخاصة باللعبة بمستويات عالية . لو أردتم معدات في المستوى الأربعون فستجدونه في مخزني الخاص . لكن لكل أداة سعرها . هذا المزاد ليس حكرا على الأدوات القتالية فحسب بل يمتد إلى القوارير المختلفة و حتى بعض السكلات . و كلما وجدت شيئا مميزا عرضته للبيع عليكم .

هذه المرة كاد يشعر أنهم سيلتهمونه حرفيا . كان يدرك مدى تأثير كلماته عليهم لكن كانت قنبلته الأخيرة هي أهم كارت لديه . تردد لوهلة في إخبارهم فردة فعلهم قد فاقت توقعاته بكثير لكنه كان يخشى ألا يكون ذلك كافيا لجذبهم نحوه فقرر عدم المجازفة قائلا :

-أما الهدية الثالثة فهي عبارة عن سر خطير لا يعرفه أحد بعد . هذا السر متعلق ببوابة إنتقال نحو عوالم منفصلة كالعالم الذي شاركت الصين فيه . ما يميز هذه البوابات أن عددها محدود للغاية و حصري في العالم كله . أول ثمان دول تجد هذه البوابات تصبح هي الوحيدة المالكة لها و تختفي من بقية العالم .

صمت طويلا ليجعل لكلماته الأثر المرغوب فيها . نظر نحوهم ليجدهم كالحالمين لا يعرفون إن كانوا نياما أم مستيقظين . قرر إبرو إيقاظهم من صدمتهم قائلا :

-لكن لكل هدية ثمنها . الهدية تكمن في أنني سامنح دولكم الحق الحصري فقط في فرصة الحصول على تلك الهدايا . أما ثمن كل هدية فهذا شيء آخر . أعتقد أنكم تفهمون موقفي , فهذه الهدايا كان بإمكاني جعلها حصرية فقط على لاعبي نطاقي لكن تيمنا بتعاوننا المثمر قررت أن أمنحكم تلك الهدايا . فما رأيكم ؟

كانوا رجالا متمرسين في مهنتهم بالفعل فقد تجاوزوا على الفور صدمتهم لتعود ملامحهم للجدية المكتسية على وجوههم . كان الوحيد الذي ظل مندهشا هو يو شينج , فهو يعرف جيدا أن إبرو قد منحهم من قبل نسبة من عالم خاص يمتلكه . لم يتوقع أن يكون هذا الصغير عارفا بطريقة الحصول على مزيد من تلك العوالم . كانت تلك مفاجأة مباغتة له و إن كانت مفاجأة سارة للغاية . ظل إبرو يراقب الرجال أمامه كما كانوا يراقبونه . رغم أنه كان واثقا من قبولهم لعرضه إلا أنه بحاجة الآن للتفاوض بشأن ثمن كل هدية . لم يكونوا أغبياء و لم يتخيلهم إبرو هكذا بل كان يعرف أنهم من أذكى العقول في بلادهم و أشجعها لذا فهم يدركون أن تلك الهدايا ليست بهدايا و إنما صفقة تتم بينه و بينهم . لكن من باللعبة غيره يمكنه أن يعرض عليهم أو على غيرهم صفقة كتلك ؟ الإجابة هي لا أحد !

-أريد أن أعرف تفاصيل الإتفاق الذي تريدنا بشأنه سيد إبرو , كذلك طريقة دفع ثمن كل هدية منهم .

2020/02/11 · 509 مشاهدة · 2048 كلمة
Ranmaro
نادي الروايات - 2024