تم اصدار الكتاب الالكتروني الاول للسلسلة على موقع Smashwords و قريبا على كيندل
لتحميل الكتاب الأول :
https://www.smashwords.com/books/view/1004863
برجاء دعمكم للرواية لو عجبتكم و لو بتعليق على الصفحة
وشكرا
د.أحمد خشبة مؤلف الرواية
اكتفى إبرو بهز رأسه في ألم , فعلى ما يبدو أنه لن يظل ثريا لفترة طويلة . أمسك إبرو بلفافة العودة لمدينة إهناسيا ثم مزقها في توتر . قبل ذلك أخبر الجميع ببدء دعوة جميع لاعبي التحالف و بدء حملة الدعاية المكثفة عن المقر . انتقل إبرو على الفور إلى ميدان مدينة إهناسيا ليقوم أولا بالتواصل مع من اشترى بضاعته في المزاد . كانت المهلة على وشك أن تنتهي لذا استطاع تجميع أغلب النقود التي يدين بها الجميع له . لم يكن في مزاج يسمح له بالنقاش معهم لكنه رغم ذلك حاول أن يتعامل بكياسة و اعتذر منهم لضيق وقته و أنه سيعود ليحدثهم بنفسه في المستقبل القريب . تحرك بعدها في سرعة صوب مبنى إدارة شئون المدينة . حين أوقفه الحراس أمام المبنى أخذ يخبرهم بهدفه في زيارته هذه المرة , فلأنها هي المرة الأولى التي يعرف فيها بإمكانية تأجير التحالفات للأغو فهو لم يعرف إلى أين يذهب . أخبره الحارس أن عليه مقابلة رئيس المبنى و هو في الطابق العاشر . تحرك إبرو ليصعد الدرج بسرعة صوب الطابق العاشر . رغم أن المباني السحرية في المدن لا تحتوي على مصاعد لكن درجها كان سلسا و يسهل من مهمة صعود اللاعبين للطوابق العالية . كلما ارتقى في الطوابق كلما شعر بقلة عدد الأغو الذين يقابلهم حتى انعدموا تماما و هو مقبل على الطابق العاشر . شده سكون المكان المريب ليقف في مكانه لوهلة يتفحص المنطقة من حوله . لم يجد بها ما يثير ريبته و لم يكن من الصعب عليه العثور على مكتب رئيس المبنى فقد كان المكتب الوحيد الذي يوجد أمام بابه فرقة من الحرس ذوي المعدات السحرية عالية الفئة . أخذ إبرو نفسا عميقا ثم تحرك تجاههم ليوقفه أحد منهم قائلا في غلظة :
-لا يمكن لأحد الدخول إلى هذا المكتب .
-لكن أنا صاحب مقر تحالف أنوبيس و قد قمت بتأسيس مقري للتو و أرغب في التعاقد مع عدد من الأغو للعمل في المقر .
بدا على الحارس عدم الإقتناع حيث تفحص إبرو من قمة رأسه لأخمص قدميه مستخفا به . فمن هذا الغريب الذي يريد أن يتعاقد مع الأغو مثلهم ؟ لكنه لم يقل له شيئا بل دخل عبر الباب و أوصده خلفه ليختفي داخله لدقائق قبل أن يخرج و على وجهه ملامح غريبة بدت كما لو كان يشاهد شخصا مسليا ثم قال :
-السيدة دوزي وقتها لا يمكن لأي شخص قادم من الشارع أن يضيعه .
شعر إبرو بالإهانة من عبارته لكنه ابتلع غضبه و قال في صبر :
-لكني لا أريد تضييع وقت السيدة دوزي .
-هل تعرف قيمة التعاقد مع الأغو الواحد في المدينة ؟ أقل أغو سيكلفك خمسين ألف عملة ذهبية . هل تملك هذا المبلغ ؟
-ماذا تعني سيدي الأغو ؟
كان إبرو يحاول بكلماته المهذبة أن يهدأ من غضبه , فهذا الأغو يستخف به و يستهزأ بطلبه لمقابلة تلك السيدة . على ما يبدو أن تلك السيدة بالداخل تستخف به هي الأخرى . شعر بالغضب العارم و جعله زاد ينسى ألم فقدانه للعملات الذهبية التي معه , فحتى إن فقدها كلها فسيقوم بالتعاقد مع عدد كبير من الأغو و هذا الذي أمامه سيكون واحدا منهم ! أما الحارس فقد ارتسمت على وجهه إبتسامة ساخرة و هو يقول :
-كم أغو تريد التعاقد معهم ؟
أجابه إبرو على الفور ببرود مناقض للهجة حديثه السابقة و قد بدا شبح الغضب يلوح على وجهه :
-أريد خمسمئة أغو على أقل تقدير .
-هذا يعني أنك تملك خمسة و عشرين مليون عملة ذهبية ؟
لم يجبه إبرو بل قام بحركة من يده ليتدفق سيل من العملات الذهبية على الأرض أمام الحراس في صوت عال مجلجل . استمر السيل في الهطول منه حتى تكون تلا هائلا من العملات الذهبية ثم قال إبرو بتشفي :
-هذا مليون عملة ذهبية يمكنك أخذها كمقدم تعاقد .
نظر الحارس بغرابة و عدم تصديق نحو العملات الكثيرة قبل أن يقول بتردد :
-أي مقدم تعاقد ؟
-مقدم تعاقدك , فأنت ستعمل حارسا لدي .
هذه المرة لم يكن إبرو مهذبا بل تحرك مخترقا الحراس بقوة و جسده ارتطم بعدد منهم ثم فتح الباب في قوة و دخل للمكتب . لم يغلق باب المكتب خلفه بل على العكس قام بفتحه على مصراعيه . كان مكتب الأغو دوزي مواجها تماما للباب لذا سمعت كل ما دار بالخارج من نقاش حاد و رأت بعينيها العملات الذهبية الملقاة بلا إهتمام من قبل إبرو على الأرض أمامها . نظرت دوزي ببرود له في حين جلس إبرو على المقعد قبالتها و هو يقول :
-أعتذر عن تطفلي عليكِ سيدة دوزي لكن وقتي ضيق و أنا بحاجة لإتمام التعاقد في أسرع وقت ممكن .
لم تحمل لهجته أي نوع من الإعتذار على الإطلاق بل كانت باردة متكبرة بشكل غير طبيعي . عاد ذلك لغضب إبرو الهائل من تعامل الأغو أمامه معه و خاصة تلك السيدة . من المفترض أن يكون الأغو مساعدين و معاونين للاعبين و رغم مقابلة إبرو من قبل لعدد من الأغو المعتدين بانفسهم لكن لم يقم أي منهم بإهانة اللاعبين بتلك الطريقة التي حدثت معه . ربما تغيرت نظرته للعبة بعد معرفته لكم الأسرار الخفية فيها لكنه الآن غاضب للغاية . ما إن سمعت عبارته حتى قالت ببرود :
-نقودك سيدي المغامر أمام مكتبي قد يأخذها أي شخص و يغادر . اذهب و اجمعها فأنت بحاجة لكل عملة منها .
-لا تكترثي بهذه القلة من النقود , يمكن لحراسكِ أن يأخذوها بقشيشا لهم على معاملتهم الراقية لي .
ضيقت دوزي من عينيها محدقة بثبات نحو إبرو . لم يتحرك إبرو قيد أنملة من مكانه و لم ينظر للنقود ولو نظرة واحدة كما لو لم يعنيه بالفعل مصيرهم . كانت دوزي غاضبة من طريقة تعامل هذا المغامر معها لكن القواعد التي تعمل بها ألزمتها بالصمت التام إزاء تصرفه فهو لم يقم بتجاوز أي قاعدة قط . ابتلعت ريقها و قالت بنبرة هادئة خلا الغضب تماما منها :
-ماذا تريد سيدي المغامر ؟
-أنا أسست مقر لتحالفي تابع لمدينة إهناسيا . هذا المقر بحاجة لعدد من الأغو للتعاقد معهم للعمل في المقر .
-هل تعرف ثمن التعاقد مع أقل أغو في المستوى بالمدينة ؟
-نعم لقد أخبرني حارسكِ , أعتذر حارسكِ السابق فقد تعاقدت معه بالفعل قبل دخولي للمكتب . أخبرني هذا الحارس أن ثمن الأغو هو خمسين ألف عملة ذهبية .
صمتت دوزي قليلا قبل أن تقول متسائلة :
-ما مستواك سيدي المغامر ؟
-مستواي الحالي هو السابع و الثلاثين .
قالت له بهدوء و عينيها لا تزال مثبتتين عليه :
-للأسف لا يمكنك التعاقد مع لوري فمستواه يفوق مستواك بكثير . مستواه الحالي هو مئة و عشرين . كذلك ثمن التعاقد معه هو خمسمئة ألف عملة ذهبية في الشهر الواحد , لذا أنت دفعت مبلغا أكثر من المطلوب .
-يمكنكِ إذن إعتبار الباقي تعويضا مني للتعاقد معه , فأنا سأتعاقد معه .
-القواعد سيدي المغامر لا يمكن لأي شخص تجاوزها .
-وما هي تلك القواعد سيدتي ؟
-أنك لا تقدر على التعاقد مع من يفوقك بخمسين مستوى .
نظر إبرو للحارس ثم قال بصوت عال :
-لو أخبرتك أنني أملك عالما منفصلا خاصا بي و أنني قمت بقتل وحش جوجناق الوحشي و أنني أمتلك منجما كاملا مكونا من بقايا مخه . أنت ساحر و تعرف جيدا ثقل الكلام الذي قلته , فماذا سيكون قرارك ؟
لاحظ إبرو أن جميع الحراس أمامه بلا إستثناء قد تبدلت ملامحهم على الفور . نظر لدوزي ليجدها هي الاخرى بوجه غير الوجه الذي تحدثت به معه . كانت ملامحها تحمل الكثير من الذعر و الفضول و الصدمة . نظر إبرو بغرابة لها و هو يقول متسائلا :
-هل تعرفين وحش جوجناق ؟
-ومن في عوالم ريونيد لا يعرفه سيدي المغامر . هل قلت أنك قمت بقتله ؟
هز إبرو رأسه التي كان يعصف بها أفكار مجنونة . على حد ما يتذكر فإن الأغو كانوا لا يعرفون شيئا قط عن أي أسرار باللعبة . ما قاله لتوه للحارس كان مجرد ثرثرة فارغة حتى يثبت مدى قوته و يتفاخر بذلك , لكن لم يتخيل قط أن يتعرف أي ممن حوله على جوجناق الوحشي . من يعرف جوجناق الوحشي يجب أن يكون قد قابله وجها لوجه . صدمته فكرة بشكل لم يصدقه ليقول في تساؤل بصوت محمل باطنان من الدهشة و التعجب :
-هل تعاملتم من قبل مع جوجناق الوحشي ؟
رأى إبرو الساحرة أمامه تتنهد في ضيق و حزن كما لو أن ذكرى أليمة بعيدة قد راودتها لتقول في بطء :
-من منا لم يتعرض لدمار جوجناق الوحشي !