تم اصدار الكتاب الالكتروني الاول للسلسلة على موقع Smashwords و قريبا على كيندل
لتحميل الكتاب الأول :
https://www.smashwords.com/books/view/1004863
برجاء دعمكم للرواية لو عجبتكم و لو بتعليق على الصفحة
وشكرا
د.أحمد خشبة مؤلف الرواية
تسمر إبرو في مكانه و عقله لا يقدر على إستيعاب ما سمعه من ديزي لتوه . هل هذا حقيقي ؟ هل تخمينه بالفعل صحيحا ؟ قبل أن تتيح له فرصة قول أي شيء لاحظ إشارة من ديزي للحراس ليقوموا على الفور بالدخول لداخل المكتب ثم إغلاقه . وقفوا محيطين به و بها ثم أخرجت عصا سحرية شعر إبرو منها بنفس القوة التي شعرها من عصاته الأسطورية . تلك الساحرة تملك عصا سحرية أسطورية ! بعدما تمتمت ديزي بسكلة طويلة شعر إبرو بطاقة سحرية عظيمة تتجمع في المنطقة من حولهم ليجد كرة من الضوء الشفاف تعزل محيط دائرة قطرها عشرين مترا عما خارجها . نظرت ديزي برضا للكرة التي تشكلت ثم قالت لإبرو في هدوء :
-هذه السكلة ستمنع أي أعين متصنتة علينا . كنت تقول أنك قد قتلت وحش جوجناق , ما دليلك على ذلك ؟
-قبل أن أجيبك أجيبيني من فضلك , هل أنتِ فعلا قد قابلتِ وحش جوجناق من قبل ؟
-أخبرتك أنني فعلت .
-هذا لا يعني سوى شيء واحد ..
صمت إبرو محدقا نحوها ليجد لمحة الحزن و الضيق قد ظهرت لوهلة على وجهها ثم اختفت بالسرعة التي ظهرت فيها ثم قالت :
-يعني أنني و من معي في اللعبة كانوا أيضا لاعبين في عوالمهم التي تدمرت من قبل جيوش نرو و على رأسهم هذا الوحش المتوحش جوجناق !
لم يكن إبرو مصدقا لما يسمعه فقال في ذهول :
-أنتم جميعا كنتم في عوالم أخرى و لعبتم لعبة ريونيد مثلي و مثل بقية اللاعبين . هل ما فهمته صحيحا ؟
-بلى , فلقد حلت اللعبة على عالمنا و دخلنا اللعبة و لعبنا فيها مثلكم . الآن أجبتك على سؤالك فلتجب على سؤالي .
حاول إبرو تصديق ما سمعه قدر الإمكان . كل الأغو في اللعبة كانوا لاعبين من قبل مثلهم . لكن ما الذي أتى بهم إلى هنا ؟ لماذا مستواهم متدني مقارنة بمن قابلهم في أبيدون ؟ أسئلة كثيرة كانت في عقله لكنه تجنب طرحها الآن , فالأغو الذي أمامه كان عقلها مشتعل بأسئلة أكثر منه . أجابها إبرو في هدوء بعدما أدرك أن لقائه معها لن ينتهي في أي وقت قريب :
-وحش جوجناق هو قائد وحوش نرو في عالم ريونيد و هو المنوط دوما بتدمير العوالم عن بكرة أبيها . حين يدخل أي لاعب لعالم ريونيد أول مرة مستخدما عملة أبيدون فإنه إن ظل حيا في عالم ريونيد و لم يفقد حياته و معها عملته و ذكرياته فحين يعود لعالمه الأصلي و يتعرض للموت عشر مرات في عام واحد يتسبب دون قصد منه في بوابة إنتقال تقوم بنقل وحوش نرو إلى العالم . تهاجم وحوش نرو العالم و تتسبب في تدمير الأخضر و اليابس به و أي لاعب هناك يتعرض للموت في اللعبة و في العالم الحقيقي . من يتبقى منهم يكون على هيئة أشباه بشر أشباه وحوش يقتاتون على كل شيء حي بالعالم . بعدها يبدأ جوجناق في إمتصاص العالم كله في اللعبة و في الواقع حتى يختفي تماما من الوجود . هل ما قلته صحيحا في نظرك أم خاطئا ؟
لم تجبه ديزي مباشرة بل ظلت محدقة نحوه فقال إبرو متابعا :
-سبب معرفتي لكل ذلك لأنني قد ذهبت بالفعل لعالم ما وراء سور أبيدون و قمت بدخول مدينة تُدعى شونتي و هناك انتقلت إلى عالم كان قد تعرض للهلاك من قبل على يد وحش جوجناق لأجده و أحاربه و في النهاية قتلته .
-أنت تكذب !
كانت نبرتها هادئة تماما لكن إبرو استشعر منها قليل من الغضب . لم تتغير ملامح إبرو حيث قال بنفس هدوءه السابق :
-أكذبت بشأن معلومات عالم ريونيد ؟
-بل كذبت بشأن قتلك لجوجناق .
-ولماذا تقولين ذلك ؟
-لأن وحش جوجناق لا يمكن لأي لاعب مهما بلغ مستواه أن يواجهه و يظل حيا بعد أن يتلقى ضربة واحدة منه . لقد وصل أعلى مستوى في لاعبي عالمنا إلى المئة و الخمسين و أنت لازلت في السابع و الثلاثين و تريد مني تصديق أنك قمت بقتله !
الحقيقة أن إبرو لا يمتلك دليلا ملموسا على قتله لجوجناق . ما قالته تلك الساحرة منطقي للغاية و لا يمكنه بمعسول الكلام ولا الحقائق التي سردها أن تكون دليلا قويا لحقيقة قتله لجوجناق . تلك الساحرة تعرف جيدا مدى شراسة التعامل مع جوجناق مثله تماما لذا ففكرة الإستعانة بكل ما ذكره آنفا لم تعد مجدية . عليه أن يجد دليلا ملموسا قويا و دامغا لإقناعها . أخذ يعتصر خلايا مخه الرمادية محاولا تذكر أي شيء قد يصلح كدليل . هل يستخدم شاهد بونيل ؟ لكن هذا سره الشخصي الأكبر ولا يمكن أن يجازف بكشفه هكذا لأي شخص مهما كان ! هل يأخذهم إلى المنجم و يريهم بقايا جوجناق ؟ لكن ما الضامن ألا يقوموا بالإنقلاب عليه و قتله و الإستيلاء على المنجم لأنفسهم ؟ منجم هائل كهذا يحتوي على أحجار في غاية الندرة و التي تناسب السحرة بالذات . لو كان مكانهم لما تردد في التخلص منه حتى يسيطر على هذا الكنز العظيم لنفسه . تذكر الأحجار التي استخرجتها أويا من مخ جوجناق قبل أن يموت ليجد أخيرا ملاذا لمأزقه فقال في سرعة :
-لدي دليل لكن في مخزني الشخصي بالمدينة .
-لو كنت تتلاعب معي يا فتى فلن أقتلك , سأقوم بإحتجازك طيلة وجودي حية في اللعبة .
لم يتردد إبرو فتهديدها ذاك لم يكن يعنيه على الإطلاق حيث قال :
-دليلي موجود في مخزني الشخصي بالمدينة .
صمتت و لم تجبه لكنها نظرت للحارس الذي قابل إبرو أمام باب المكتب منذ قليل ليتحرك واقفا أمام إبرو قائلا بغلظته المعتادة :
-هيا بنا , لنذهب لنحضر دليلك المزعوم .
لم يكترث إبرو للهجته الفظة و لا طريقته الغير مهذبة فما يشغل باله كان أهم بكثير من ذلك . معلومة أن كل الأغو في اللعبة كانوا لاعبين مثلهم فيما سبق و أن عوالمهم جميعها قد تدمرت كانت مذهلة له . فما السبب في إخفاء اللعبة لذلك السر إذن ؟ طبيعي أن يكون السر مخفي عن اللاعبين العاديين لكن من ذهب لما خلف أسوار أبيدون لا يعرف تلك المعلومة . جعله ذلك إضافة لطريقة تعامل ديزي مع الموضوع بإستخدامها سكلة حماية ضد التصنت يشعر أن هناك جانب آخر للحقيقة لا يعلمه , و هذا الجانب على ما يبدو مظلم للغاية !
سرى الأمر بعدها بطريقة عادية , فقد هبط من الطابق العاشر ليتجه صوب مخزنه الشخصي ليستخرج حجرا من أحجار عقل جوجناق ثم عاد أدراجه برفقة الحارس الذي لم يفت يحدق نحوه بنظراته السخيفة . ما إن صعد للمكتب من جديد حتى ألقت ديزي سكلتها أولا ثم بعدها نظرت له في إنتظار و ترقب . أخرج إبرو الحجر من مخزنه و منحه لها لتقوم بفحصه . ما إن استخدمت سكلة تقصي عليه حتى تسمرت تماما و عيناها تتسعان على آخرهما .
-حجر عقل جوجناق : حجر من مستوى غير معلوم . مستخرج من عقل وحش جوجناق أثناء موته . يحتوي على طاقة سحرية خالصة . لا يمكن إستخدامه سوى من قبل لاعب يمتهن مهنة تابعة للسحرة . كل حجر يقوم بزيادة قيمة الذكاء بنسبة 20 % . يعمل على النسبة النهائية من الذكاء و ليست الأساسية . الزيادة تستمر لمدة يوم كامل بعده يحصل اللاعب على زيادة دائمة مقدارها 200 نقطة لسمات ذكائه الأساسية . لا يمكن إستخدام أكثر من حجر في نفس الوقت .
لاحظ إبرو أن جسد ديزي بدأ يرتعش رغما عنها و يدها الممسكة بالحجر تكاد تقبض عليه و تدمره . تدخل إبرو مستمتعا بردة فعلها قائلا :
-هل هذا الحجر دليلا كافيا على صدق كلامي ؟
لم تجبه و حتى لم تنظر إليه كما لو كان غير موجود الآن أمامها . ربما تفكر في مآسيها التي مرت بها و ربما تفكر في أنها حصلت أخيرا على إنتقامها الذي تريده منذ زمن بعيد و ربما الاثنين معا , لكن إبرو كان يعرف أن تأثير أي منهما أو كليهما سيكون عنيفا عليها . لم يطق الحراس حوله صبرا ليقتربوا منها متفحصين الحجر . كانت ردة فعلهم مماثلة لها تماما عدا حارس واحد حين قرأت عيناه التفاصيل المذكورة في وصف الحجر حتى انتابته حالة هياج شديدة مباغتة ليقفز نحو إبرو يريد فتكه . قبل أن يخطو الحارس خطوة واحدة للأمام حتى قيدته بغتة قيود صفراء سميكة ذات ملمس مليء بالبروزات الدقيقة التي جعلت إبرو يشعر بالقشعريرة منها . ما إن امسكت القيود بالحارس حتى جذبته للخلف مبتعدا في سرعة عن إبرو ليرتطم في الهالة الخارجية لسكلة ديزي . نظر إبرو نحو القيود ليجدها تخرج من طرف عصا ديزي التي خلا وجهها من أي تعابير على الإطلاق . بدت كتمثال متجمد يحدق بدون مشاعر نحو هذا الحارس . نظر إبرو للحارس في دهشة و رغب في سؤاله عن السبب الذي دفعه لمحاولة قتله ليجد ديزي تقول في صوت بارد :
-لا تحاول الحديث معه فقد تملكه وحش نرو الذي في داخله .
اقشعر بدن إبرو رغما عنه , هل كان هذا الحارس يحتوي على وحش نرو ؟ هل هذا يعني أن بإمكانه إستدعاء بوابة إنتقال للعالم هنا ؟ شعر بالرعب الهائل و نظر بذعر نحو ديزي التي لم تكترث لمشاعره و هي تقول بصوتها البارد :
-لا يمكن للوحش داخله أن يستدعي بوابة الإنتقال الخاصة بتلك الوحوش , فلا تشعر بالخوف هكذا .
حدق إبرو نحوها ليجد ملامحها لم تتغير و نبرتها الجادة الباردة جعلته يتمالك أعصابه تدريجيا . نظر نحو الحارس هذه المرة بدون خوف كبير ثم قال متسائلا :
-لماذا حاول قتلي ؟
-أخبرتك لأن الوحش داخله قد تملك منه .
-هل تعرفين أنه يمتلك وحشا داخله ؟
نظرت له بصمت قبل أن تعيد بصرها صوب الحارس . حركت عصاها في بطء و عيناها تشعان شراسة غريبة كما لو كانت مستلذة بما تشاهده أمامها من تعذيب للوحش . كل حركة من عصاتها تسببت في تضييق الخناق أكثر على الوحش لتتصاعد صرخات وحشية غريبة من حنجرته . في النهاية سقط صريعا و جسده قد انقسم لأشلاء عدة . جلست بعدها ديزي و قد استعاد وجهها هدوئه و قالت لإبرو الذي بدا كفأر خائف :
-اهدأ , فلقد تخلصت من الخطر في الوقت الحالي .
-الوقت الحالي ؟ هل هذا يعني أنني سأتعرض لخطر في المستقبل ؟
تنهدت ديزي قبل أن تحرك عصاها لتلقي بسكلة أخرى إضافية على سكلتها الحالية لتتحول الكرة الضبابية حولهم إلى كيان مصمت من اللون الذهبي . قالت ديزي بعدها في هدوء :
-بما أنك قد قتلت وحش جوجناق فأنا مدينة لك بحياتي . لست وحدي بل كل أغو في كل ألعاب ريونيد عبر التاريخ يدينون لك بالشكر أيها المغامر . اسمك إبرو , أليس كذلك ؟
-بلى , كيف عرفتي ذلك ؟
-سألت مورال فأخبرني عن هويتك و أنت كنت تحضر الحجر .
-إذن هل يمكنني معرفة تفاصيل كل شيء ؟ هناك أسئلة كثيرة في عقلي .
-أنا أيضا أمتلك تساؤلات خاصة لك . لكن من المنصف أن أشرح لك كل شيء أولا حتى تفهم أبعاد الموقف الخطير الذي أنت فيه الآن .