شكرا للأصدقاء Rokan، Black_lord، Msab، D7om، Mohammed، Tuivf، وAhmed على تعليقاتهم في الفصل السابق
وصلنا لأكثر من 20 تعليق بعضها كان سبام لكن لا بأس… نعتبرها ضمن الدعم
الفصول الاخرى ان شاء الله انهي تدقيقها وارفعها تحياتي استمتعوا.
_______
الفصل 15: الجواهر الثلجية
"فيوووه…" تمتم جيمس وهو يفتح عينيه ببطء، جسده يهبط من السماء كريشة تهبط بصمت.
في اللحظة التي لامست قدماه الأرض، اختفى ذلك الوهج الهائل الذي كان يملأ السماء قبل ثوان.
وفجأة، بدأت كرات ذهبية صغيرة، لامعة كحبيبات ثلج مضيئة، تتساقط من السماء فوق الجبل ثم تمتد نحو مدينة تشين كلها.
رفع الناس رؤوسهم مذهولين، تتسع أعينهم بين الصدمة والفرح.
"أبي! هذا… ثلج ذهبي؟!" صرخ طفل وهو يركض بحماس، يمدّ يديه ليجمع أكبر قدر من تلك الكرات المتلألئة.
امتلأت الشوارع بالأطفال يضحكون ويلهون، بينما وقف الكبار يحدقون نحو الجبل بوقار، وكأنهم يعترفون بأن هذا الجبل… لم يعد جزءا من عالم البشر العاديين.
"ماذا قلت لكم؟" قال هوا وهو يرفع ذقنه باتجاه السماء، ابتسامة رضا واسعة تعلو وجهه.
"وجود هذه العائلة في صفي لا يعني الفوز… بل يعني أن العرش سيأتي إلي راكعا من تلقاء نفسه."
وقفت لييان ببطء من مكانها، تنفض الغبار عن ثوبها وعيناها لا تفارقان المشهد السماوي. "أجل… يجب أن نحصل عليهم إلى جانبنا مهما كلف الأمر."
بعد ثلاثة أيام توجهوا مباشرة نحو الجبل، وما إن وصلوا حتى وقفوا أمام سورٍ ضخم يرتفع لعشرات الأمتار، مبنيٍّ بأحجار سوداء لامعة متراسة بشكل مثالي.
تجمدوا أمام بوابة عملاقة تتوسط السور، تعلوها لافتة كبيرة منقوشة بخط ذهبي مزخرف:
"عائلة روهان"
شعر الأمير هوا بقشعريرة تسري في ذراعيه وهو يحدق في الأحجار السوداء الثقيلة، ثم قال بصوت خافت كأنه يخشى أن يسمعه السور نفسه:
"يا لها من طاقة… تتسرّب من الداخل."
كانوا يعلمون ما يعنيه هذا المكان.
ففي العالم، توجد مناطق يُطلق عليها المناطق المباركة وهي أراضٍ مميّزة يزداد فيها تدريب الصاقل أضعافًا مضاعفة.
في الأماكن العادية، قد يحتاج شخص ما في مرحلة قوة الجسد إلى سنوات طويلة ليصل إلى مرحلة ما بعد الولادة.
لكن في بعض المناطق المباركة…
يكفي شهر أو شهران فقط ليخترق الحدود ويقفز من مرحلة إلى أخرى.
مكان مثل هذا… لم يكن عاديًا أبدًا.
كان على السور عدد من الحراس يتحدثون، وما إن رأوا الزائرين يقفون أمام البوابة حتى انفجروا ضاحكين.
"هؤلاء فلاحون فعلا… هل هذه أول مرة يرون فيها سورًا؟ هاهاها!" صرخ أحد الحراس، يرتدي دروع عائلة روهان، وبصوته المرتفع وصل كلامه إلى الأمير هوا ورفاقه.
رفعوا رؤوسهم نحو السور، لكنهم تجاهلوا السخرية تمامًا.
لم يكن أحد منهم يرغب في استفزاز عائلة روهان. فهم يعرفون جيدًا… أن من يغضب هذه العائلة يُدفن بلا أثر.
وكان جيمس قد حذر لييان سابقا: "إن رفعتِ سيفك مرة أخرى على أحد من عائلتي… فأنت تعرفين مصيرك."
بينما كان الحراس يضحكون، قال أحد الفرسان بجانب ميلاس وهو يسخر منه: "ميلاس، يبدو أنهم تجاهلوك… يبدو لي أنك أنت الفلاح هنا! هاهاها!"
احمرّ وجه ميلاس غضبًا، فطار من فوق السور، يهبط بسرعة من الجو، وما إن لامست قدماه الأرض حتى تحطّم المكان تحتها، وانغمرت قدماه داخل التربة المتشققة.
"هي أنتم! غادروا المكان فورًا، فهو محظور على أمثالكم… تبا!" قال ميلاس وهو يرفع رأسه نحوهم، والغبار يتطاير من حوله.
تقدّم الأمير هوا خطوة، وانحنى انحناءة بسيطة وقال باحترام: "سيدي… أرجوك، أريد مقابلة الس—"
لكن ميلاس قاطعه بضحكة عالية: "هاهاها! تريد مقابلة السيد؟! ومن تكون أنت أيها الحشرة حتى يقابلك؟"
وعندما سمع الحراس فوق السور كلماته انفجروا ضاحكين بصوت أعلى، مما جعل هوا والبقية يشعرون بإحراج شديد.
قال هوا وهو يضغط على أسنانه بقوة: "أرجوك يا سيدي… اسمح لي أن أقابله."
قهقه ميلاس مجددًا: "وماذا بعد؟ ستهاجمني؟! هيا جرب… وسأقوم بما لا تتجرأ حتى على تخيله مع أمك!"
بمجرد سماع كلمة "أم" انفجرت هالة هوا الحمراء من حوله، وتقدّم بخطوات غاضبة نحو ميلاس.
ردّ ميلاس فورًا بهالته كذلك، وقبل أن ينفجر الموقف، قفز الحراس من فوق السور بسرعة واصطفوا خلفه وهم يطلقون هالاتهم.
خمسة منهم في مرحلة الفارس، وثلاثة في مرحلة الحاكم.
صرخ وانغ، ممسكًا ذراع هوا بكل قوته: "هل فقدت عقلك يا صاحب السمو؟ هل تريد أن نموت جميعًا هنا؟ لقد جئنا لمقابلة السيد، وأنت الآن تشعل حربًا بسبب كلمة؟!"
لكن هوا ردّ بعينين حمراوين من شدة الغضب: "كلمة؟ لقد قال أمي! سأقتلع قضيبه اليوم! دعني!"
وضعت لييان يدها على كتف هوا محاولة تهدئته، رغم أن الغضب كان يشتعل في داخلها هي الأخرى: "هوا… إنه يحاول استفزازك فقط. لا تفعل شيئًا أحمق."
كانت لييان تكتم غضبًا أكبر مما يظهر. فهي أيضًا لا تقبل أن يُذكر اسم أختها "لورا" على ألسنة الساخرين.
كانت لورا أخت لييان الكبرى. على الرغم من أنهما لم تكونا من أراضي مينغ الأصلية، فإن والدهما جاء من مملكة السياج القرمزي، وتزوّج امرأة نبيلة من إمبراطورية مينغ.
ولورا… كانت دائمًا السند الأكبر للييان، الأخت التي تعتمد عليها، التي كانت تحميها وتوجهها.
لكن حين تزوّجت لورا بالإمبراطور، تغيّر كل شيء. أصبحت مسافتها الطبقية شاسعة، فهي زوجة الإمبراطور… بينما لييان ليست سوى ابنة رجل من خارج إمبراطورية مينغ.
ورغم ذلك… لم تنسَ لورا أختها. لكن لييان كانت تبتعد عن لورا متعمّدة، مؤمنة أن ترك أختها وشأنها سيجنّبها المتاعب.
وتفرّغت لييان للتدريب، لتصبح قوية… لتصبح شخصًا يُحترم حتى من الإمبراطور نفسه.
ثم… جاء اليوم المشؤوم. قُتلت لورا.
أختها… سندها… سبب قوتها وتدريبها. قتلت دون أن تعرف لييان القاتل.
وحتى لو عرفته… ماذا كان بوسعها أن تفعل لو كان أقوى منها؟ هل كانت ستلحق بأختها إلى الموت؟
غَرِقت لييان في حزنها فترة ليست طويلة… ثم وصلها خبرٌ غيّر كل شيء.
قيل لها إن لأختها لورا طفلًا… طفلًا بقي وحده بعد موت أمه. لم تتردد لحظة. تركت كل شيء وراءها وتوجّهت إليه، فقط لتطمئن عليه، لتتأكد أن ذكرى أختها لم تُترك بلا حماية.
وهناك… عندما وقفت أمام هوا للمرة الأولى، نظر إليها بعينين تحملان الكثير مما كُتم لسنين. ومن فم ذلك الطفل الذي لم يتجاوز بضع سنوات…
خرجت الحقيقة.
عرفت لييان أخيرًا قاتل أختها…
لم يكن غريبًا ولا عدوًا من الخارج، بل كان ولي العهد نفسه، ابن زوج أختها.
لكن السؤال الذي ظلّ يمزّق قلبها: لماذا؟ لماذا يقتل امرأة لم تؤذه؟ لماذا يقتل لورا… الأخت، الأم، والنبيلة التي لم ترفع سيفًا على أحد؟
كانت تعرف أنها لا تستطيع فعل شيء. فهو ولي العهد، والاقتراب من اتهامه يعني نهايتها قبل أن تبدأ.
لذلك لم تملك سوى أن تخفي ذلك اللهيب الذي يحرق صدرها، أن تكتم الغضب الذي يغلي كالحمم في عروقها… وتنتظر.
تنتظر اللحظة التي ينقلب فيها القدر، اللحظة التي ينكشف فيها الضعف ولو لثانية، اللحظة التي تستطيع فيها أن تمد يدها نحوه… ولو بعد ألف سنة.
"ابتعدوا عن الطريق." جاء الصوت عميقا وثابتا، يقترب من البوابة بخطوات واثقة.
كان على بعد حوالي خمسة عشر مترًا، يحمل بين ذراعيه طفلًا صغيرًا لا يزيد عمره عن خمس سنوات.