الفصل 16:يبدو أنكم لم تسمعوا كلامي

"من أنت وما شأنك؟" قال ميلاس، دون أن يرفع نظره للشخص الذي يتقدم نحوه، مكتفيًا بالنظر إلى هوا، وفي عينيه غضب جامح.

"أجل… اذهب من هنا، هذا ليس من شأنك"، قال هوا وهو يضغط على أسنانه بغضب.

الشخص الذي كان خلفهم لم ينطق بكلمة، بل توقف مكانه، عيناه تتسعان من الدهشة، ونظراته تتنقل بين ميلاس ولييان، وكأنه يحاول فهم ما يحدث أمامه. لم يتوقع أن يرى هذا المشهد الغريب أمامه، واستغرابه واضح على ملامحه.

جيمس همس في نفسه: "هذا منزلي، هؤلاء حراسي، وهؤلاء الغرباء يريدون طردي… هاها… غريب."

"الآن ماذا ستفعل، أيها الفلاح الحقير؟ ألن تجرؤ على مهاجمتي؟ هيا… أبد شجاعتك إن كنت تملك ذرة منها. سأقتلك هنا، ثم أمضي إلى أمك لأخبرها كيف انتهى ابنها صريعا كالكلب."

بدأ ميلاس يتكلم باستفزاز، وابتسامة شريرة ترتسم على شفتيه، حتى أصدقاؤه من خلفه نظرو إليه بدهشة، لم يوافقوا على كلامه، كانوا يريدون فقط طرد هؤلاء الغرباء، لكن ميلاس تجاوز الحد.

"و ثم استمتع بها ــــــ" لم يكمل كلامه حتى شعرت بهالة قوية تصدر من لييان، متجهة نحوه بسرعة.

تفاجأ ميلاس من هذه الهالة، لم يكن يتوقع وجود ملك بينهم، لكنه لم يستطع التراجع، فتوجه نحوها بكل قوته، ومعه أصدقاؤه، حتى لو لم يتفقوا معه، لكنه جزء من عائلتهم.

تبادلت الأطراف طاقة قوية، كل شخص يوجهها نحو الآخر.

"توقفي يا لييان!" صرخ وانغ بكل طاقته، لكنه لم يستطع إيقافها في الوقت المناسب. ما كان يخشاه تحقق: في تلك اللحظة لم يكن هناك شيء اسمه لييان أو الأمير هوا أو حتى هو نفسه…

"متِ أيتها العاهرة!" صرخ ميلاس، موجّهًا ضربة قوية، ومعه الفرسان الآخرون، بينما لييان تتصدى لهم بقوة مماثلة.

"يبدو أنكم لم تسمعوا كلامي، أليس كذلك؟" ظهر جيمس فجأة بين الاثنين.

"ماذا؟ متى وصل إلى هنا؟" تمتمت لييان، وعيناها تتسعان من الصدمة. لم يكن لديها حتى وقت لتفهم ما يحدث… لحظة خاطفة فقط، ثم—

لمحت يده تتحرك.

ضربة سريعة… أسرع من أن تُرى.

انفجر الألم في خدها قبل أن تستوعب اتجاه الهجمة، وانغرز خدّها للداخل بقوة الصدمة، كأن قبضته اخترقت الهواء مباشرة نحو عظم وجهها.

اندفعت لييان إلى الخلف بعنف، قدماها ترتفعان عن الأرض للحظة قبل أن تُرمى بعيدًا مثل دمية قُطعت خيوطها. جسدها ارتطم بالأرض بقوة، ثم انزلق مترين إضافيين بفعل الزخم… قبل أن يتوقف تمامًا.

عيونها انقلبت للبياض، وفقدت وعيها في اللحظة ذاتها التي لامس فيها رأسها الأرض.

لم يفهم ميلاس ما يحدث… لمح فقط ظلًّا يتحرك.

يد جيمس اليسرى ارتفعت بهدوء قاتل، ثم اختفت من مجال رؤيته تمامًا. لم يستوعب سوى لحظة خاطفة رأى فيها أصابع جيمس قريبة من وجهه… أقرب مما يجب… أقرب من أن يستطيع حتى أن يرمش.

ثم جاءت الضربة.

لم تكن مجرد لكمة، بل كتلة من القوة الخالصة المتفجرة. اصطدمت قبضة جيمس بخد ميلاس فسمع صوت ارتطام مكتوم، تَبِعَهُ صوت طقطقة خفيفة في عظام فكّه.

عيناه اتسعتا فجأة، وشفتاه ارتجفتا من الصدمة. شعر وكأن نصف وجهه اختفى.

جسده لم يقاوم. لم يتحرك للخلف خطوة… بل طار.

ارتفع عن الأرض كأن الضربة نزعت وزنه كله، ثم اندفع جانبًا بسرعة هائلة. الهواء صفع أذنيه، ورأسه اهتز بقوة جعلت رؤيته تتشوش، وكل ما كان يراه هو يد جيمس وهي تنسحب بلا مبالاة، كأنه ضرب بعوضة وليس فارسًا.

في اللحظة التالية—

بوووم!

اصطدم ميلاس بالسور الحجري بكل جسده، ظهره يسحق الحجارة ويسمع صوتها يتفتت خلفه. ارتدّ قليلًا للأمام ثم سقط على مؤخرته، رأسه يتدلى بلا توازن، ووجهه مشوه من قوة الضربة.

ظل لثوانٍ ينظر إلى الفراغ، غير قادر حتى على فهم كيف حدث هذا… لكن الشيء الوحيد الذي رآه قبل أن يفقد توازنه تمامًا هو يد جيمس اليسرى… اليد التي ظنّ للحظة أنها مجرد يد بشرية.

فتح هوا ووانغ فميهما من الدهشة، وكأن الكلمات توقفت عن الخروج من أفواههما. أما الحراس، فتجمدوا في أماكنهم، وأعناقهم تلفت بشكل غير طبيعي 360 درجة وهم يحاولون فهم ما حدث أمام أعينهم.

ميلاس، الذي كان يظن أنه من أقوى الفرسان في مستوى الحاكم ، كان الآن ممددًا على الأرض، ظهره ملتصقًا بالسور، وعيناه تتسعان من الألم والذهول.

ابتلعت الصدمة كل من حوله، ليس فقط لشدة الضربة، بل للطريقة التي أرسل بها جيمس هذه الضربة

"هل هدأتم الآن؟" قال جيمس وهو يصفق بذراعيه.

صفقة جيمس كانت هادئة لكنه عميقة القوة، جمع ذراعيه ببطء ثم صفق مرة واحدة، وكأن كل قوة جسده تنتقل في الصدى.

"إنه… إنه السيد!" قال أحد الفرسان وهو ينظر إلى جيمس باحترام.

"ماذاااا!" صرخ آخر وركع على الفور على الأرض، وبقية الفرسان تبعوه.

"احملوا ذلك الفارس وعاقبوه عسكريًا!" قال جيمس، مشيرًا بيديه نحو ميلاس.

"حاضر يا سيدي!" أجاب الجميع، وهم ينهضون ويتجهون نحو ميلاس.

ارتسمت نظرة جيمس أولًا على هوا والعجوز وانغ، ثم انتقل نحو حفيده في طرفة عين، كأن خطواته السابقة كلها لم تحدث إلا ليصل إليه في تلك اللحظة.

"جدي… أنت قوي! كيف أطحت بهم بضربة واحدة؟" قال الطفل الصغير، وهو يعانق جيمس بحماس.

"هاها… سأعلمك عندما تكبر قليلًا"، قال جيمس وهو يربت على شعر الفتى.

"احضروا تلك المرأة، واتبعوني" خطا جيمس مع حفيده ببطء، وما إن اقترب من هوا ووانغ، خاطبهما بكلمات هادئة دون أن يوقف حركته المطمئنة.

لم يسمع أحدًا يتبعه، فتلفت مبتسمًا بابتسامة مطمئنة لهما.

"ماذا… ألم تقولوا قبل قليل أنكم تريدون مقابلتي؟ حسنًا… إذا اتبعوني"، قال جيمس، مبتسمًا بطريقة لطيفة ومطمئنة لهوا ووانغ.

2025/11/27 · 82 مشاهدة · 823 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025