53 - فيليب كان يريد البكاء فقط ولكنه...

الفصل 53: فيليب كان يريد البكاء فقط ولكنه...

كان جيمس يقف خلف لوريال مباشرة، وشعره يتمايل مع الريح، بينما ارتسمت على وجهه ابتسامة مرعبة شقت وجهه من الأذن إلى الأذن، ابتسامة الكيانات التي لا تعرف الرحمة.

شق.

بصوت رطب ومقزز لتمزق اللحم والعظم، انغرست يد جيمس في ظهر لوريال لتخترق صدره وتخرج من الجهة الأخرى. فتح لوريال فمه في صرخة صامتة، مذهولا من الصدمة التي شلت حواسه ومنعته من التفادي.

نظر لوريال إلى الأسفل، فرأى يد جيمس المخضبة بالدماء تخرج من منتصف صدره، وأصابعه تطبق بقوة على تلك الكريستالة الحمراء النابضة.

"كـ.. كيف؟!"

خرجت الكلمة مخنوقة مع دفقات من الدم.

لم يجبه جيمس. بل أطبق قبضته ببرود.

تهشمت الكريستالة الحمراء وتفتتت إلى غبار ضوئي بين أصابعه. انطفأت هالة لوريال فورا، ولكن جيمس لم يكتفِ.

سحب يده بسرعة وحشية، وفي حركة خاطفة أخرى، أدخل يده الثانية مباشرة نحو القفص الصدري المهشم، وانتزع القلب من مكانه.

توقف نبض العالم في عيني لوريال. سقط جسد القديس العظيم، صاحب القمة الرابعة، نحو الأرض كدمية خيوط مقطوعة، لا حول له ولا قوة.

في السماء، كان "جيو"، أحد القديسين العشرة، يمسك برأس أحد قديسي جيمس ، لكنه تجمد عندما رأى قائده يسقط. كان المنظر مرعبا يتجاوز حدود استيعابه.

لوريال، ذو المستوى السادس، مات في لحظات؟ لا يمكن لشخص في المستويات الأدنى من القدسية أن يفعل هذا.

هذا الكيان الذي يواجهونه وحش من مستوى آخر.

"اهربوا!"

صرخ جيو بصوت مشروخ، وتخلى عن كبريائه وعن رفاقه.

استدار وانطلق بأقصى سرعته الفائقة، مخترقا السحاب وحواجز الصوت، محاولا النجاة بجلده.

كان في المستوى الرابع، وسرعته كانت ورقته الرابحة الوحيدة.

استوعب "كليون"، القديس الآخر من المستوى الرابع، الكارثة فورا.

لم يتردد لحظة وتبعه، تاركا خلفه وميضا من الطاقة وهو يصرخ في نفسه:

"لا.. لا.. هذا الشخص لا تستطيع القمة الرابعة ولا حتى الثالثة مواجهته."

تلاشى الاثنان في الأفق البعيد.

نظر جيمس إلى أطيافهم المبتعدة ببرود. كان يود إبادتهم جميعا، لكن استخدامه للسيف النجمي مرتين، ثم الانتقال الآني، والهجوم الأخير، استنزف جل طاقته الحالية.

مطاردة قديسين متخصصين في السرعة في هذه الحالة كانت مستحيلة.

أما الثمانية الباقون، فقد كان مصيرهم محتوما.

وصل إلى مكان القتال نليير ولويس وأنجيلو ولوان وكريس، بالإضافة إلى القديسة يونان والقديسين من أرضها المقدسة.

لم يمنحهم نليير، وانجيلو، ولويس، ولوان، وكريس أي فرصة

انقضوا عليهم كالجوارح، ساندهم في ذلك قديسو أرض فليليا المقدسة الذين.

تحولت السماء إلى مسلخ. صرخات القديسين، وانفجارات الطاقة، والدماء التي أمطرت على المدينة، كلها انتهت في دقائق معدودة. تمت تصفية الثمانية عن بكرة أبيهم.

هدأ ضجيج المعركة، وعاد الصمت ليخيم على المكان، إلا من صوت الرياح.

"من هؤلاء يا سيدي؟"

جاء صوت مألوف ودافئ وسط هذا البرود.

تقدم ليفان، من جيمس. وبجرأة أذهلت الجميع، وضع يده على كتف سيده الملطخ بالدماء.

شهق الحاضرون. كيف يجرؤ مجرد إمبراطور على لمس وحش قتل قديسا من المستوى السادس بيده العارية؟

حتى نليير والقديسون الآخرون كانوا يقفون على مسافة احترام ورهبة.

لكن جيمس لم يغضب، ولم يبعد يده.

التفت إليه بنظرة هادئة.

".. إنهم من الاتحاد القاري."

ما إن نطق جيمس بتلك الكلمات، حتى توقف الزمن في عقل القديسة يونان.

نظرت إليه بصدمة زلزلت كيانها.

الاتحاد القاري؟ القوة الأعظم في العالم؟ يهاجمون بهذه المباشرة، بهذه السرعة، وبقديسين من المستوى السادس والرابع؟ هذا يعني أن قرار الإبادة قد صدر ولا رجعة فيه.

لكن ما أرعبها أكثر، وما أثار إعجابها في آن واحد، هو نبرة جيمس.

قالها بهدوء تام، وكأنه يتحدث عن ذباب مزعج، وليس عن جيش العالم بأسره.

أجرت يونان حسبة سريعة في عقلها: جيمس يملك الآن أربعة عشر قديسا تحت إمرته المباشرة، بالإضافة إلى خمسة من أرضها المقدسة كحلفاء محتملين. هذا الرقم وحده يرقى لقوة أرض مقدسة كبرى.

وأدركت بحدسها الأنثوي والروحي أن هذا الرجل لا يزال يخفي أوراقا لم يكشفها بعد.

نظرت إلى ظهره العريض، وشعره الذي يتمايل بهدوء، والدماء التي تغطي يديه.

الخوف من الاتحاد القاري كان موجودا، لكن شيئا آخر طغى عليه.

شعور غريب بالانجذاب، بالانبهار بقوته الطاغية وغموضه المظلم. قررت في تلك اللحظة الحاسمة: ستقف بجانبه.

ليس فقط لأنها تورطت، بل لأنها، ولسبب لا تستطيع تفسيره منطقيا، أعجبت بهذا "السيد" حد الهوس.

( السبب بسيط جدا. الي بيعرفه يقولوا في التعليقات، اذا ماعرفته اعرف نفسك غبي وانك ما تعرف منصف جيدا )

فجأة، ودون سابق إنذار، تمزق نسيج الهواء بصرير مفزع، وظهرت خمسة شقوق سوداء معلقة في السماء كجروح مفتوحة في جسد العالم. نظر الجميع نحوها بحذر شديد، والتوتر يعود ليخيم على الساحة.

من الشق الأوسط، خرج شخص بدا وكأنه تجسيد حي لليأس.

كان وجهه يصرخ بصمت، لوحة فنية للحزن والخوف والألم العتيق. شعره، الذي طال بشكل جنوني، كان ينسدل حوله كستائر حداد، يغطي كتفيه وظهره. كانت هالته ثقيلة، خانقة، مشبعة باكتئاب سوداوي جعل الهواء من حوله يبدو لزجا وثقيلا.

لم يكن سوى فيليب.

وتبعه من الشقوق الأخرى لوسين، وليون، وجوان. كانت ملامحهم متجمدة، وعيونهم متسعة بعلامات عدم التصديق، وكأنهم رأوا أشباحا أو عادوا من الموت ليروا معجزة لم يتوقعوها. ولكن خلفهم، كانت هناك هالة قوية ومجهولة تضغط على المكان، مما جعل الجميع، حتى القديسة يونان، يتخذون وضعيات قتالية فورية.

وحده ليفان ظل واقفا، ينظر إلى القادمين الجدد بنظرة ملؤها الحزن والفهم. هو يعرف جيدا الجحيم الذي مر به هؤلاء. يعرف طعم لوم النفس الذي ينهش الأحشاء، ويعرف كيف يتحول الحزن المتراكم إلى وحشية باردة.

تقدم فيليب بخطوات بطيئة، بسيطة، وثقيلة، وكأنه يجر جثث ماضيه خلفه، غير عابئ بالجيش المحيط به ولا بالقديسين المستنفرين.

"من أنت؟ ابتعد من هنا فورا!"

صرخ أحد القديسين الأحد عشر الذين استدعاهم جيمس، وقفز بسرعة ليعترض طريق فيليب، فارضا هالة دفاعية قوية أمامه.

توقف فيليب. لم يغضب، لم يصرخ، ولم تتغير تعابير وجهه الميتة.

رفع رأسه ببطء شديد، ونظر إلى القديس بعينين خاو يتين من الحياة، ونطق بصوت خافت وهادئ جدا:

"الانجذاب القرمزي."

في كسر من الثانية، تحول الهواء أمام فيليب إلى دوامة دموية.

انجذب القديس بقوة مغناطيسية مرعبة ومفاجئة نحو فيليب، وكأن الجاذبية قد انقلبت. وقبل أن يدرك القديس ما يحدث، كانت يد فيليب قد تحركت.

تشخ.

لم تكن مجرد مسكة. كانت اختراقا وحشيا.

غرز فيليب أصابعه ببرود داخل لحم عنق القديس مباشرة، ممزقا الجلد والأوتار. دخلت يده بعنف إلى الداخل وأطبقت بقوة ساحقة على الحنجرة والقصبة الهوائية، محطما الغضاريف بصوت تكسر مقزز.

تناثرت الدماء الساخنة بغزارة لتغطي وجه فيليب الشاحب، وتصبغ شعره الطويل باللون الأحمر القاني. لكن فيليب لم يرمش. بقي وجهه هادئا، حزينا، ومكتئبا، بينما الدم يسيل على وجنتيه كدموع حمراء، والقديس بين يديه يرفس بقدميه في الهواء، وعيناه تبيضان من الاختناق والرعب، والدماء تخرج فقاعات من فمه المفتوح.

عم صمت القبور المكان. المنظر كان بشعا، سرياليا، ومرعبا لأقصى الحدود.

"كيف؟... يا إلهي من هذا؟"

تمتم نليير بصوت مرتعش، وهو ينظر إلى فيليب برعب حقيقي. لم يرعبهم القتل، بل أرعبهم أن هذا الشخص يقتل بوحشية مطلقة بينما تبدو عليه ملامح شخص يريد البكاء فقط.

2025/12/22 · 47 مشاهدة · 1058 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025