الفصل التاسع: من أنت في ملك عائلة تشانغ
تأمّل العجوز نينغ في كايزر وفيليب، وعيناه تتلألآن بدهشة يكاد يختلط فيها الذهول بالإجلال.
تمتم بصوت مرتجف يكاد لا يُسمع:"يا لها من نعمة… أن تُصبح وريثة عائلة نينغ تلميذة سيد عائلة روهان"
"هاها… هذا… هذا لا يبدو حقيقيًا…"ولم يكد يستوعب المشهد حتى انفجرت منه كلمات خرجت دون وعي، كأنه يحدّث نفسه.
ارتسمت على ملامحه ابتسامة غريبة، مشدودة، تشبه ضحكة رجل لم يعد يصدق ما يراه.
تقدّمت نينغ إير نحو جيمس بخطوات متوترة، الصدمة لا تزال مرتسمة على وجهها.
"معلمي… سأعود إلى المنزل لأقضي بعض الأمور." قالت بصوت خافت وهي تنحني.
"اذهبي وعندما تنتهين… عودي. من الآن فصاعدًا، هذا هو منزلكِ."أومأ لها جيمس بابتسامة دافئة، مشيرًا لها بيده كأنه يرفع عنها ثقلًا.
"احرصا على سلامتها جيّدًا. فهي أول تلميذة لي… ولن أسمح بأن يمسّها أي ضرر."ثم التفت إلى كايزر وفيليب، وتحول صوته إلى نبرة جدية أثقل وقعًا .
"ههه… ألف نقطة كاملة لمجرد أخذها كتلميذة وفوق ذلك… الهيبة التي سأكسبها عندما يرون شخصين بمستوى ملك يعملان كمرافقين هاهاها…"وفي عمق صدره، علت ضحكة مكتومة لم يسمعها غير عقله.
توجّهت نينغ إير والبقية خارج القصر، وسلكوا الطريق ذاته الذي قدموا منه. وما إن اقتربوا من السفح حتى تجمّدوا في أماكنهم.
كانت البوابة الضخمة التي شُيّدت في لحظات تقف أمامهم كجدار يفصل بين عالمين.
قبل دقائق فقط كان المكان خاليًا تمامًا… والآن أسوار عملاقة تطوّق الجبل بإحكام، وعلى امتدادها حراس يقفون بانتظام مذهل، ينبعث من كل واحد منهم مستوى قوة لا يقل عن مرحلة ما بعد الولادة.
لكن كاو لم يتوقف أمام هذا المشهد المُرعب للحظة.
كان يحمل همًّا آخر أثقل من الأسوار نفسها.
استدار بسرعة، يغالب أنفاسه، وعاد إلى المدينة ليُنجز الوثائق اللازمة لنقل ملكية الجبل إلى جيمس.
كانت المهمة أشبه بمستحيل.
فالعائلة الإمبراطورية لا تسمح بسهولة لأيّ شخص أن يضع يده على مثل هذه الأماكن جبال، غابات، أو أي أرض ذات قيمة استراتيجية إلا بإذنٍ مباشر منها أو من المسؤولين العاليين.
ولهذا عاش كاو لحظات من تفكير مضطرب، وإرهاق شديد، وتوتر يكاد يشق صدره.
ومع ذلك…
كان يعرف الحقيقة جيدًا العائلة الإمبراطورية تمتلك بالفعل عدداً من الأشخاص في مستوى الملك، لكنهم قلة نادرة.
الإمبراطور الحالي مينغ، ووالده كياو مينغ، ورئيس حرس القصر الإمبراطوري، وعدد محدود آخر، لا يعرف عنهم عامة الشعب شيئًا.
ولكن جيمس…
جيمس استدعى ملوكًا كمرافقين فقط!
كانت الهواجس تمزّق عقل كاو وهو يفكّر في احتمالات لا تُحصى…
ماذا لو كان والد جيمس قد بلغ في شبابه مرحلة الإمبراطور؟
أو ربما أحد أسلافه كان من حملة تلك المرتبة الأسطورية؟
بل ماذا لو كانت عائلة روهان نفسها تحمل في داخلها اشخاص من هذا المستوى؟
ازدحمت هذه الاحتمالات في رأسه حتى شعر بأن جمجمته تكاد تنفجر.
لقد وجد نفسه عالقًا بين طريقين صعبين.
إما الالتزام بقوانين العائلة الإمبراطورية باعتبارها العائلة الأقوى.
أو الوقوف إلى جانب جيمس، ذلك الرجل الذي بدأ يكشف شيئًا فشيئًا عن قوة غامضة تتجاوز كل منطق.
ولهذا، لم يعد أمام كاو خيار سوى أن يغامر…
أن يفعل المستحيل… وأن يحاول بكل ما يملك ليضمن أن الجبل سيُسجَّل باسم جيمس مهما كلّفه ذلك.
….
وفي الجهة الأخرى، كانت نينغ إير قد وصلت إلى المدينة.
أرسلت الجنود الى معسكراتهم، ثم تابعت طريقها نحو منزلها بخطوات سريعة، لا تزال غير مصدّقة لما حدث خلال هذا اليوم.
"أوه… انظُروا من هنا." قالها شابٌ طويل القامة، عيناه ضيّقتان كعيني ثعلب، يلمع فيهما مكر خبيث.
ملامحه حادة توحي بالشرّ، وخلفه وقف عدد من الرجال يرتدون زيًا أخضر داكن، يتوسّطه نقش تنّين أبيض على الصدر—شارة عائلة تشانغ.
ما إن وقعت عينا نينغ إير عليهم حتى تغيّر وجهها كليًا، غضبٌ متفجّر صعد في ملامحها كالنار.
"ماذا تريد… يا فييان تشانغ؟" قالتها بصوت غاضب يكتم ارتجافًا خفيفًا من القهر.
رفع فييان حاجبيه بابتسامة باردة مليئة بالاستهزاء، ثم تقدّم خطوة كأنه يستمتع باحتقانها أمامه.
"اهدئي يا فتاة،" قال بصوت متعجرف.
"لم آتِ لأتشاجر معك. كل ما في الأمر…" اقترب أكثر، ومال برأسه قليلًا، "أنني جئتُ لأصطحبك… لأنك تجرّأتِ على إخراج جيش المدينة بدون إذن من عائلة تشانغ."
ارتفع فمه بابتسامة جانبية ماكرة، وكأنه يعتقد أنه أمسكها من عنقها أخيرًا.
"ماذا؟؟ هذا ليس من شأنك ولا من شأن عائـ—" قالت نينغ إير بغضب، لكن كلماتها انقطعت فجأة.
ففي اللحظة نفسها، اندفع الرجال الواقفون خلف فييان تشانغ نحوها كذئاب مفترسة.
خطواتهم كانت سريعة، تكاد لا تُسمَع، وكأنهم أشباح تتسلل عبر الهواء.
اندفع أولهم من الجهة اليمنى، يده ممتدة للإمساك بذراعها، بينما قفز الثاني من الخلف محاولاً تطويق خصرها.
أما الثالث، فدار حولها بسرعة خاطفة ليقطع طريق هروبها، وعيناه تتوهجان بقسوة واضحة.
الرياح تحرّكت بقوة من حولها مع اندفاعهم، والغبار ارتفع تحت أقدامهم.
____________
شكرا لكل من الأخ Black_lord و Tuivf على تعليقاتهم في الفصل السابق.
إذا أعجبتكم الرواية وتريدون أن نستمر فنحن نحتاج تعليقاتكم لأنها تساعدني على الاستمرار في الكتابة.