الفصل العاشر: لغة الدم

أحد الرجال اندفع نحو نينغ إير موجّهًا لها ضربة قوية، لكن الضربة لم تصل أبداً.

في اللحظة نفسها… طار رأسه في الهواء كقطعة حجر قُطعت بحد شفرة لا تُرى.

لم تمر ثانية حتى تحولت أجساد الآخرين إلى أشلاء؛ أعناقهم انفجرت دمًا كـ نافورات حمراء تصبغ الأرض من تحتهم.

تجمّدت ملامح فييان، شاحبًا كمن رأى كابوسًا.

الرجال الثلاثة الذين أرسلهم كانوا في قمة مرحلة الفرسان… أشخاص يمكنهم مواجهة عشرات الجنود معا.

ومع ذلك؟ سُحقوا في طرف رمشة عين… كأنهم لا شيء.

صرخ فييان بأعلى صوته، تائهًا بين الغضب والخوف:"من هناك؟! أخرج فورًا! هل تظن نفسك لا تعرف هيبة عائلة تشانغ؟! أقسم أنني سأقتلك!"

خطواتٌ هادئة خرجت من الظل…

ظهر كايزر وفيليب، وتقدّما ليشكّلا حاجزًا أمام نينغ إير.

وقف كايزر ويده على مقبض سيفه، وذقنه مرفوعة بثقة لا تهتز.

مجرد ظهور كايزر وفيليب كان كافيًا لجعل الهواء من حولهما يتشقق بخفة، كأن المكان نفسه ضاق بوجودهما.

لم تكن هناك هالة ولا ضغط طاقة… فقط حضورهما وحده كان ثقيلًا يكسر سكون الجو ويجعل كل من حولهما يتراجع خطوة بلا وعي.

تراجع فييان نصف خطوة، وجهه شاحب:"من… من أنتم؟ وهل تعرفون من أنا؟"

اقترب كايزر قليلًا، ونبرة صوته ساخرة تتقطر احتقارًا:"هذا ليس من شأنك يا فتى. اذهب وأحضر سيد عائلتك لنتحدث معه. أنت صغير جدًا… ربما تتبول على نفسك لو سحبتُ نصف سيفي فقط من غمده."

"ماذا…؟!"شهق فييان، وجهه يرتجف غضبًا وذلًا.

"سيدي الشاب… هؤ… هؤلاء الأشخاص… إنهم أقوياء جدًا…" تمتم أحد الرجال خلف فييان، وصوته يرتجف وهو يحاول ألا ينهار تحت الضغط الهائل المنبعث من كايزر.

كانت عيناه بالكاد قادرتين على النظر إلى الرجل ذو الشعر الأحمر.

تجمّد فييان في مكانه؛ لم يعرف هل يهرب… أم يأمر رجاله بالهجوم… أم يصرخ؟

لكن غريزة البقاء سيطرت عليه فجأة.

مدّ يده داخل كمه بسرعة، وسحب منه شعلة خضراء صغيرة ثم قذفها نحو السماء.

في لحظة…

*بووووم! بووووم!*

انفجرت السماء فوقهم بدخان أخضر كثيف، علامة استغاثة لا يجرؤ أحد من عائلة تشانغ على إطلاقها إلا في الحالات القصوى.

ومع ذلك… لم يلقِ كايزر ولا فيليب نظرة واحدة نحوه.

وقفا بثبات، صامتين كأنهما سيفان ينتظران من يقترب ليُقطع فورًا.

كان كايزر يفكر ببرود: "سيد عائلة تشانغ… أين أنت؟ تعال لأأخذ رأسك إلى سيدنا."

وفكر فيليب بالشيء نفسه؛ لم يكن في ذهنهما سوى تنفيذ أمر جيمس، بلا رحمة، بلا تردد.

لكن نينغ إير…

كانت ترتجف.

ليس خوفًا من عائلة تشانغ—فهي تعرف قوتهم وحدودها—

بل خوفًا من كايزر وفيليب أنفسهما.

هذان الاثنان… قادران على مسح عائلة تشانغ بأكملها من الوجود خلال دقائق…

ومع ذلك، لم يكن هناك ما تستطيع فعله.

مجرد النظر إلى وجهيهما جعل قلبها ينقبض، فالهالة التي يطلقانها لا تشبه أي شيء رأته في حياتها.

"أيتها الحقيرة… أقسم أنه بعد القضاء على هؤلاء.. سأستمتع بك أمام عائلتك وأمام كل شخص في المدينة ! هاهاها.." قال فييان وهو يضحك بنبرة مريضة ويحدق في نينغ إير بنظرة خبيثة.

لكن قبل أن يكمل جملته…

اختفى كايزر من مكانه.

وفي اللحظة التالية وجد فييان كايزر أمامه ، وهالة مخيفة تنفجر من حوله، وشعره الأحمر يشتعل كجمر غاضب، وسيفه نصف مرفوع.

صوت كايزر كان منخفضًا لكنه اخترق عظام فييان:

"كلمة أخرى عن تلميذة السيد… وسأجعل سيفي هذا في مؤخرتك."

لم يفهم فييان كيف اختفى كايزر من مكانه… ولا متى ظهر أمامه.

لم يتح حتى الوقت ليرمش.

وفجأة—

*شررررت*

"آآآآاااااااه!"انفجرت صرخة من حلق فييان كصوت حيوان يذبح حيًا.

لسانه طار في الهواء، وفي اللحظة نفسها خُلِعت عينه اليُمنى من مكانها بقطع نظيف وسريع لا يستطيع العقل استيعابه.

سقط فييان على الأرض، يتلوّى، الدم يتفجّر من فمه وجانب رأسه، يرتجف كطفل مذعور.

نظر إلى الأرض… فرأى عينه ملقاة بجانب لسانه.

لم يستطع حتى الصراخ… خرج منه صوت مختنق أشبه بتنهيدة موت.

وما زاد رعبه أن آخر حارس خلفه كان رأسه مفرومًا إلى عدة قطع، وجسده مرميًا كدمية ممزقة.

بدأ يتقيأ… لم يحتمل المشهد ولا الألم ولا الهول.

ثم اقترب صوت كايزر مرة أخرى:

"هل فهمت؟"

وقبل أن يجيب—

* شق*

إحدى أذنيه انقطعت وارتطمت بالأرض، والدم كان يتفجّر من جانب رأسه بغزارة، يسيل على عنقه وملابسه بلا توقف.

رفع فييان رأسه بصعوبة، والدم يتساقط من فمه، محاولًا الردّ على كايزر.

لكن ما خرج منه لم يكن كلامًا بل محاولة يائسة للنطق:

"أ…غـه… فـه… مـت… غغـه…"

كانت محاولة واضحة ليقول "أجل… فهمت…"

لكن اللسان المقطوع جعل الكلمات تتحول إلى أصوات مشروخة يختلط فيها الهواء بالدم.

"أحسنت." قالها كايزر وهو يعود في غمضة عين إلى مكانه أمام نينغ إير، كأنه لم يتحرك أصلًا.

نينغ إير بلعت ريقها بصعوبة… لم تستوعب ما رأته للتو.

لقد عاشت سنوات طويلة في ساحات المعارك، شهدت موتًا، وحروبًا، وذبحًا…

لكن هذه الوحشية؟

لم ترَ حتى الصاقلين الشيطانيين يصلون إلى هذا المستوى من القسوة.

"يا إلهي… ما هذا…" همست في نفسها وهي تحدّق بالأرض الملطخة بالدماء.

جثةٌ ممزقة… أذن مبتورة… عين ملقاة على التراب… لسان مقطوع يتدلى بجانب بركةٍ من الدم… وبحيرة واسعة من السائل الأحمر تتسع مع كل ثانية، كأن الأرض نفسها تنزف.

لم تستطع احتمال المنظر أكثر؛ انحنت وتقيأت من شدة الصدمة.

"تبا لك… ماذا فعلت؟!" انفجرت صيحة فيليب بغضب، وهالة مرعبة خرجت منه كعاصفة، اندفعت مباشرة نحو كايزر الواقف إلى يمينه.

حاول كايزر أن يرد:"ماذا فعلت؟ ألم تسمعه؟ كان يريد أن—"

لكن لم يكمل الجملة.

الهالة التي اندفعت من فيليب كانت ثقيلة كجبل، قوة تكفي لتمزيق روح محارب أضعف. هما في المرحلة نفسها… لكن كايزر في المستوى الأول، وفيليب في المستوى التاسع

والفرق بينهما كان هائلًا لدرجة جعلت أنفاس كايزر تتقطع وركبتاه ترتجفان.

لم يفهم كايزر سبب هذا الغضب الشرس… لكنه انحنى فورًا، رأسه منخفض باحترام وخوف في آن واحد.

اقترب فيليب منه، وانحنى قليلًا وهمس بصوت غاضب يقطر وحشية:

"اسمع جيدًا… أي شخص يهين السيدة الشابة نينغ إير… يجب أن يُمحى من الوجود. هو… عائلته… مدينته… وكل من يعرفه."

اشتعلت عينا فيليب بغضب أحمر كالجمر:"وأنت… ماذا فعلت؟ أخذتَ عينيه وأذنه ولسانه وقتلت حارسه. هل هذا يكفي؟ هل تريد أن يغضب السيد؟!"

كان صوته يحمل خوفًا خفيًا… خوفًا ليس من كايزر، بل من استياء جيمس.

فهمه الوحيد… أن يجعل سيده راضيًا مهما كان الثمن.

تجمّدت روح كايزر بالكامل عندما سمع غضب جيمس، وكأن صدره انكمش تحت جبل من الرعب…

بدأ جسده يرتعد بلا توقف، خوفًا حقيقيًا، خامًا، بدائيًا… خوف يجعل القلب يريد الهروب من القفص الصدري.

وفجأة، وفي وسط هذا التوتر…

نزل بضعة رجال قرب فييان، وعندما رأوه مُلقى على الأرض بتلك الحالة البشعة… انصدموا تمامًا.

"م… من فعل هذا بابني؟! من؟! أقسم بالله لأمزّق—"صرخ الرجل الذي حمل فييان، صوته مختنق بالغضب والصدمة…

لكنّ كلماته توقفت فجأة.

لماذا؟

لأنه شعر بها… هالة لا يمكن لمَن هم في مستواه أن يتحملوها.

هالة ضخمة… ثقيلة… غاضبة… كأنها كتلة قاتلة من الظلام النقي.

رفع رأسه ورأى كايزر يتقدّم نحوهم، عيناه محمرّتان، متوحشتان، وكأنهما تريدان الخروج من محجريهما.

وفي اللحظة التي اقترب فيها أكثر…

بدأت طاقة كايزر تتفجّر من جسده، موجة بعد موجة، كأن الهواء نفسه صار يرتجف حوله.

الشخص الذي يحمل فييان شعر بأن العظام في صدره تتصدع من الضغط…انكمش قلبه، وبرودة قاتلة تسلّلت إلى رقبته.

"م… مَلِك؟"قالها داخله، عاجزًا حتى عن النطق بصوت مسموع.

"ه… هل يعقل؟هذا الشخص… في مرحلة الملك؟!"

لم يعد يستطيع الوقوف…ركبتاه بدأتا تهويان من تلقاء نفسها.

_____

اذا اعجبتك الرواية لا تنس تترك تعليقك فهذا هو الشيء الذي يساعدنا نستمر ونقدم فصول اكثر.

2025/11/26 · 79 مشاهدة · 1140 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025