في هذه اللحظة استعاد منير وعيه ، و قال لها " إذا وجهت مثل ذلك الكلام لي مرة أخرى ، فلن أتردد للحظة في قتلك "

سيليا كانت ترتعد خوفا

نهض منير عنها و جلس بعيدا في كرسي موضوع

تمالكت سيليا نفسها بعد فترة من ارتجافها ، فهي قد كادت أن تقتل للتو ، نهضت و اتجهت بخطوات متثاقلة نحو منير

كان منير مطأطأ رأسه واضعا إياه بين ذراعيه ، و غارق في تفكير عميق ، اقتربت سيليا منه و قالت بصوت رقيق " أنا آسفة ، فقد انجرفت قليلا "

صمت منير فترة من الوقت ، ثم نظر إليها قائلا " لا بأس ، و لكن لا تبالغي في تقدير حظك فأنت لا تعرفين كل شيء عني لذلك لا تتصرفين و كأنك تفعلين "

قالت سيليا بنبرة من الوجل " حسنا ، فهمت " صمتت قليلا ثم نظرت حولها و أضافت قائلة " بخصوص هذه الفوضى في المكان ، لا تقلق سأجعل عمي يتكفل بها " أومأ منير برأسه ثم توجه لسريره الموضوع في آخر المكتبة و نام

في الصباح عندما استيقظ وجد كل شيء عاد إلى طبيعته ، من حسن الحظ أن قتاله مع سيليا كان بينهما فقط و لم يكن أحد في المكتبة تلك الليلة ، فعادة لا يهتم الجنود بزيادة معرفتهم ، كل همهم زيادة قوتهم و التدرب فقط

قام منير بالخروج إلى الساحة و بدأ في التدرب لوحده فقد أخذ بعض المكتسبات من الكتب التي قرأها

كان منير مصمما على اكتساب سحر ما يمكنه استخدامه

لكن بحسب معرفته ، أنه يجب عليه أولا اكتشاف طبيعة طاقته ، فوفقها يكون نوع السحر المختار

قام بالجلوس في ركن بعيد في ساحة التدريب ، ثم بدأ في التأمل

تأمل ساعات طويلة ، فقط ليتمكن من الشعور بتدفق الطاقة في جسده و طريقة سريانها ، المحطات التي يشعر فيها منير بأن طاقته يعاد شحنها فيها هي نقاطه الحيوية

طاقة منير كانت تنبع من قلبه و تنتشر إلى باقي جسده ، كان يخرج من قلبه 7 فروع أساسية للطاقة لتتفرع أكثر في كامل جسده ، يبدو أن طبيعة طاقته هادئة و ليست متقلبة ، و يبدو أنه يمكن أن يتقن 7 أنواع من السحر ، هذا بالفعل كان مفاجئا

في الأصل ، يخرج من قلب الإنسان 3 فروع ، فرع واحد يكون جذريا و الآخران ضعيفا التوهج ، ما يتيح للأشخاص تطوير سحر واحد جذري لمرحلتين ، الأشخاص الذين يطورون سحرهم بضعفين يعتبرون عباقرة ، و الأشخاص الذي يطورون سحرهم لضعف واحد يعتبرون موهوبون ، كما في حالة القائد حسين ، سحره الأصلي النار ، لكنه طوره ليشمل الشمس أيضا و التطوير الثالث له كان الحمم ، لكن لم يتسنى لحسين إكمال تدريبه للأسف

في حالة منير يمكن إتقان 7 أنواع من السحر ، لا و أكثر من ذلك ، يمكنه تطوير كل نوع ل4 فروع قابلة للزيادة ، هذا أذهل منير كثيرا ، يبدو أن هذا معنى طاقته السحرية X ، يعني أن تطورها بلا حدود و لا يمكن قياسها

ما زاد من دهشة منير أن طاقته هادئة ، يعني أنها تتقبل أي نوع من السحر ، لكن لديه فقط 7 أنواع سحرية يمكنه تقبلها في حين أن هناك المئات من الأنواع السحرية في هذا العالم

فكر منير بعمق ، أي سحر ينبغي عليه تعلمه أولا ! طرأت في باله فكرة ، طبعا سحر المياه

سحر المياه سحر ذو إمكانيات كبيرة إذا استطاع تطويره ، فالتطوير الثالث له هو الدماء ، يعني أنه سيستطيع أن يتحكم في دماء خصومه و يقتلهم بسهولة أكبر ، ناهيك أنه يملك مستخدما له يمكن أن يتعلم منه و هي سيليا

على العموم قرر تأجيل هذا للغد ، الآن يجب عليه تعلم بعض التقنيات القتالية

أسرع و أسهل تقنية قتالية قرأ عنها هي " مخلب التنين " ، هذه التقنية تعتمد على تقوية أصابعه و أيضا اقتناص اللحظة المناسبة للهجوم على خصمه ، يمكن لهذا الهجوم أن يحطم حتى الصخر إذا أحسن و أتقن استخدام التقنية ، لكنها تظل تقنية ذات مستوى ضعيف تنفع فقط لهجوم خاطف ، إذا تمكن أحدهم من كشفها فلن تصلح أمام ذات الخصم مرتين

قدر منير أنه سيحتاج ل3 أيام لتعلمها ، لكنه قرر البدأ من فوره و كان الوقت مساء

بدأ منير بتمارين الضغط على أصابعه ، ... 100 ... 200 ... 300 ... 1000 ، بعدما أكمل قام بالتمرين على وضعية التقنية، قام بضم أصابعه على شكل مخلب و ضرب بأنماله العمود الحديدي الذي اعتاد على ضرب السيوف الخشبية به ، ... 100 .... 200 ... 300 ... 1000 ، بعد 1000 ضربة شعر أنه اعتاد على وضعية " مخلب التنين "

طبعا خلال كل عدد معين من الضربات ، كانت رؤوس أصابعه تنفجر دما ، لكن جسده الخالد ساعد على شفائه في ثوان ، لتصبح أنامله أقسى و أقوى

قرر منير تجربة إلى أي مدى وصل إتقانه لمخلب التنين ، قام بالذهاب إلى عمود خشبي اعتاد الجنود على ضرب أرجلهم فيه، قام بشد قبضته على شكل مخلب التنين ثم ضرب ذلك العمود ، انهار العمود الخشبي لقطع و هو ينقسم لنصفين

منير صدم من الأمر ، سرعة إتقانه للتقنية أسرع بكثير مما تصوره ، صحيح أنها بعيدة عن قوتها الأصلية لكنها تفي بالغرض لهجوم خاطف يوجه إلى وجه الخصم ، قد يتمكن حتى من خطف عينيه أو كسر انفه أو فمه ، أيعقل أن جسده الخالد يجعل التقنيات أقوى ؟ أم أنه يجعلهم أسهل تدريبا ؟ على أي حال لم يفكر منير كثيرا حول الأمر

في صباح الغد ، أرسل مهيب في طلب منير

مثل منير أمام مهيب مستغربا ، كانت سيليا بجانب مهيب جالسة ، قال له مهيب " لقد أخبرتني سيليا بكل ما حدث ، لم أصدق فعلا أن رشيد خلف كل هذا الأمر ، لكنني في الوقت نفسه لم أستبعد ذلك ، بما أنك تلميذ له ، فلتوضح موقفك هل أنت معه أم لا ؟ "

ابتسم منير قائلا " أنا مع مصلحتي ، أنا مجرد تلميذ أنحني للأقوى الذي يدربني "

كان في كلام منير معنى أنه سيكون حليف مهيب فقط إذا دربه ، ضم مهيب ذراعيه قائلا " حسنا لك ذلك ، لقد أرسلت رشيد في مهمة و لن يعود إلا بعد شهر آخر ، أنا متاح لذلك الوقت ، لكن إذا أتى رشيد لا تخبره بذلك " ابتسم منير و أومأ برأسه قائلا " يسعدني ذلك "

سيليا كانت تماما خارج النطاق ، لم تفهم ماذا يجري و ما الذي يتكلم حوله هذان الاثنان

نظر منير لسيليا و أشار لها برأسه أن تتبعه ، احمرت سيليا خجلا عندما التقت عيناها بعينا منير

مهيب نظر لكليهما ، لكنه تجاهل الموقف ، بعد قليل استأذن منير بالخروج ، و بعد برهة كذلك فعلت سيليا

لا يسع مهيب إلا التنهد و ترقب ما الذي سيحدث

ذهب منير و سيليا إلى مكان منعزل نسبيا داخل القلعة ، حيث لا أحد إلا هما

قال منير لسيليا " أريد أن أتعلم منك سحر الماء ، فهلا علمتني رجاء "

ذهلت سيليا قائلة " ماذا ؟ ! لن أعلم شقيا مثلك كاد أن يقتلني قبل يومين ، لست بذلك الغباء حتى أزيد من قوتك "

نظر منير لسيليا و هو يقترب من وجهها " مممم هل أنت متأكدة ؟ يمكن أن تعتبرين هذا اعتذارا عن ما قلتيه في حقي وقتها ، و رد جميل عن تركي لك حية "

احمرت سيليا خجلا ، لكنها انتفضت قائلة " رد جميل ؟ لو كنت قتلتني لفتك بك عمي "

ابتسم منير و قال و هو واضعا يده على ذقنه و يحرك رأسه " لكن وقتها ستكونين قد قتلت ، لذا لا يسعك التأكد من هذا ، قد أخرج بخطة أخرى و أنفذ من الأمر ، أو حتى أهرب من القلعة "

ضربت سيليا رجلها على الأرض و قالت " آه ، حسنا سأعلمك ، لكن لا تتوقع مني الكثير فحتى أنا لا زلت أتعلم حول سحر المياه " ابتسم منير قائلا "حسنا ، أفهم ذلك جيدا "

قالت سيليا " عليك أولا أن تستشعر تدفق الطاقة في جسمك ، بعدها حدد أحد جذورها و قم بتخيل الماء ، ضع له هيئة و ملمسا و لونا ، فقط تخيل هذا الأمر ، عندما تنجح ، ستشعر أن الجذر الذي اخترته قد تلون باللون الذي تخيلته ، هذه إشارة على نجاح المرحلة الأولى ، أنا أخذت أسبوعين حتى تمكنت من تخيل الماء ، فالماء لا شكل و لا لون له ، لذلك هو أصعب سحر يمكن تعلمه "

قام منير بالجلوس متأملا ، بدأ أولا في الشعور بالطاقة في جسمه ، أخذ ساعات في سبيل هذا كالعادة ، بعدها اختار أحد الجذور السبعة للطاقة لديه ، ثم ركز أكثر داخله و قام بمحاولة تخيل الماء ، لكن كان كل شكل يتخيله له يتغير باستمرار داخل عقله ، فأحيانا يتخيل جدول ماء ، ساقية و حتى بحيرة ... لم يستطع الثبات على شكل واحد ناهيك عن اللون "

الليل بدأ يحل ، فتح منير عيناه وجد سيليا أمامه تتدرب هي الأخرى

كانت تصدر تموجات متصاعدة من هالة زرقاء ، إنه سحر الجليد ، كانت هناك بعض القطرات المتجمدة في الجو و التي تلمع كنجوم قريبة ، كان المشهد خياليا و كأنه من عالم آخر ، بهت منير للحظة في جمال المشهد ، ثم استفاق صارخا على سيليا " أيتها الخرقاء ساعديني ، لم أستطع تخيل شكلا واحدا للماء "

سقطت سيليا أرضا إلى الخلف ، فقد قطع صراخ منير تأملها ، نظرت بسرعة إلى منير بعدما استقامت جالسة " لا تصرخ ، سحر الماء أصعب سحر يمكن تعلمه ، ليس صعبا من فراغ ، عليك أن تجد الشكل الذي يلائمك فقط و تركز عليه ، لا أستطيع مساعدتك في هذا "

تنهد منير ثم أغلق عينيه و بدأ مرة أخرى في محاولة تخيل شكل للماء ، في كل مرة يحاول تخيل شكل تظهر أمامه بحيرة ، شعر منير بالغرابة قليلا و كأنه نسي شيئا ما ، فجأة كلمات طافية في عقله قرأها منير " بين الأرض و السماء ، عالم الفراغ مقصد المختار ، أنا التلميذ الذي أراد أن يركع له جميع الكائنات " بعدها شعر بشعور غريب ، كأن روحه تسافر عبر الزمن

فتح منير عيناه ، ليجد نفسه في نطاق سماوي سبق و أتى له ، ذاكرة منير ومضت فجأة مستذكرا كل ما حدث معه مع الشيخ الشبحي

قال منير و هو ينظر للشيخ الشبحي المطبق ذراعاه أمامه " آه نسيت أمرك تماما أيها الشبح فلتعذرني "

2017/07/22 · 1,202 مشاهدة · 1637 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2025