من المفترض أن تحاول سيليا أن تكسب ثقة منير ، لكن في الواقع قد حدث العكس فمنير بدأ في كسب ثقتها
في آخر يوم من الـ 3 أشهر ، سيليا جالسة أمام منير و هو يقرأ في المكتبة ، كانت مكتئبة تماما ، رفع منير رأسه و نظر إليها ثم أغلق الكتاب الذي في يده
بقي منير يحملق في وجهها ، انتبهت سيليا فجأة له فأصبح وجهها أحمرا من شدة الخجل ثم صرخت " لماذا تنظر إلي ؟ ماذا تريد ؟ "
ابتسم منير و قال " يبدو أنك كنت تتسكعين معي هنا طوال هذه المدة لتحاولين اكتشاف شيء ما عني ، ألست محقا ؟ "
صدمت سيليا للحظة و قالت متوترة " لا ... لا أبدا "
نظر منير نظرة بلهاء لها ثم قال " إذا لماذا تقضين معظم وقتك معي ؟ "
ازدادت سيليا توترا و ردت " ف... فقط أثرت ف ... فضولي قليلا "
فكر منير قليلا ثم قال " أثرت فضولك ؟ ممممم حسنا سأجيب على سؤالين تسأليني إياهما بصدق ، و في المقابل أجيبي عن سؤال واحد فقط أسأله لك "
تغيرت تعابير سيليا إلى الفرحة و استقامت قائلة " حقا ! إذا فلتسأل و سأجيبك بصراحة أيضا "
قال منير و يده على ذقنه " ماذا تعرفين عن ماضي معلمي رشيد ؟ "
تجهمت سيليا للحظة ثم قالت " ذلك العجوز الوقح ، أتى بتوصية من والدي ، لا أحد يعرف أصله غيره ، لكن منذ قدم لم يشاهده أحد يدخل معركة مباشرة ، رغم ذلك كل من تدربوا على يده يقولون أنه قوي و غامض أيضا ، أنا أكره ذلك العجوز العفن ، بينه و بين عمي سر ما أنا متأكدة من ذلك ، عمي لم يرق له منذ رآه من الوهلة الأولى ، لكن بما أن من توسط له كان أبي ، فلم يملك شيئا ليقوله ، فأبي هو الأخ الأكبر لعمي مهيب "
قال منير في نفسه " إذا هناك طرف آخر في المعادلة ، الزعيم مهيب ، إذا كان الزعيم مهيب يدعمه فلن يكون سهلا علي التحرك ضده ، أما إذا كان يتحين الفرصة للقضاء عليه فينبغي علي ضم الزعيم مهيب لخطتي ، فبالتأكيد سيكون عونا كبيرا لي "
قالت سيليا بسرعة " الآن دوري ، الآن دوري ، فلتجب على سؤالي بصراحة و لا تكذب "
ابتسم منير " حسنا ، سأفعل "
قالت سيليا " كيف حصلت على بنيتك الخالدة ؟ " أجاب منير فورا " بالصدفة " ثم سكت
استهجنت سيليا هذا و قالت " ها ؟ هذا فقط ؟ يجب أن تخبرني أكثر " قال منير متجاهلا إياها " التالي "
نفخت سيليا خدها ، ثم هدأت نفسها و قالت " أخبرني عمي مهيب أنك استخدمت طاقة مرعبة في قتالك ضده ، كيف تمكنت من استعمالها ؟ " أجاب منير فورا " بالحظ "
تصرفات منير أثارت استياء سيليا حتى النخاع ، صرخت قائلة " لا هذا ليس عدلا ، أنا أجبتك بصدق و أنت تكذب علي "
رفع منير يده مبسوطة و قال " أقسم أني أقول الحقيقة "
بكت سيليا قائلة " لا ، أيها الأحمق أنا أريد جولة أخرى " كانت تبكي و تضرب في الطاولة التي يقرأ عليها منير
ابتسم منير و قال " حسنا لك ذلك " في الواقع هو أيضا أراد جولة أخرى
سأل منير " كيف اكتشف معلمي رشيد أنك تستعملين سحر الجليد ؟ "
أجابت سيليا " بالصدفة " و سكتت ، استمر منير بالنظر إليها لمدة طويلة ، تذمرت و قامت بحك شعرها قائلة "آه ، حسنا حسنا ، ذات ليلة عندما كنت في العاشرة من عمري ، كنت تعلمت سحر المياه من شخص جلبه أبي ، لم أرى وجهه و لم أعرف اسمه ، كان طول الوقت يرتدي قناعا ، كنت في تلك الليلة ألعب بسحري و أكون أقواسا من الماء و أطلق طلقات مائية صغيرة اتجاه نافورة في قلعة أبي ، على أي حال ، كنت ألعب و كنت أملك بلورة زجاجية ترافقني دائما ، لطالما أحببت تلك البلورة ، وضعتها خلفي و ضللت ألعب بماء النافورة ، جاء عمي إلي بعد سفره الطويل الذي استمر لـ 11 سنة ، كان يتحرق شوقا ليحملني فهو لم يرني إطلاقا
هرول إلي مسرعا و لم ينتبه للبلورة الزجاجية فقام بكسرها و دهسها برجله و حملني ، عندما كنت بين يديه انتبهت إلى أن بلورتي الزجاجية انكسرت ، فبقيت ابكي و أبكي ، حاول عمي تهدئتي قائلا " لا تقلقي إنها مجرد بلورة "
عندما سمعت هذه الكلمات غضبت ، لم أدرك حتى كيف جعلت المكان جليديا و جمدت ماء النافورة ، حتى عمي لو لم يطلق بعضا من هالته لكان تجمد ، عرفت كل هذا من عمي ، حينها بدأ في تدريبي على إتقان سحر الجليد و أعطاني الأساسيات فقط لتطوير سحري ، فهو لم يكن مختصا في سحر الجليد
في تلك الليلة كان العجوز الوقح قد أتى ليرى والدي ، و رأى كل شيء ، من وقتها حاول الضغط علي خفية عن عمي و والدي أن أقوم بطقوس معينة معه لأصبح أقوى و أتمكن من إطلاق القوة الكاملة لسحر الجليد
قلت لعمي ما حدث ، فأخبرني أن لا أستعمل أي طقوس لزيادة قوتي ، فالطقوس لها مقابل و ليست مجانية ، ثم عقد حواجبه و الغضب يعتريه و ذهب ، منذ ذلك الوقت لم يزر قلعة أبي إطلاقا ، بعدها بعامين عين زعيما على القلعة البيضاء"
فهم منير الأمر ، إذا لابد أن مهيب يتحين الفرصة لإزالة رشيد ، و السبب أنه يعرف بخصوص سحر ابنة أخيه ، من المؤكد أن مهيب عرف أن رشيد ليس من النوع الذي لن يستغل شيئا مثل هذا لمصلحته ، فلابد له من إقصاء رشيد حتى يبعد الخطر عنه و عن ابنة أخيه
هذا يعني أن منير سيعدل في خطته قليلا و ستتضمن مهيب ، لكن أولا عليه أن يكسب ثقة مهيب ، و أول شيء لفعل هذا أن تكون هذه الفتاة التي أمامه في جانبه تماما ، لذا قرر إعطائها بعض المعلومات لكن بطريقة تجعل مهيب يركز على رشيد أكثر من تركيزه عليه
قالت سيليا " الآن فلتجب على سؤالي السابقين بتفصيل أكثر "
ابتسم منير " نسيتهما أرجو أن تعيدي طرحهما علي "
قالت سيليا و هي تتنهد " آه ، ذاكرتك كذاكرة السمك الذهبي رغم حداثة سنك ، ربما حتى أضعف ، على العموم سألتك عن كيف أصبح جسدك خالدا و كيف تمكنت من استعمال طاقة مرعبة ضد عمي ؟ "
أجاب منير " أما عن جسدي الخالد ، فهو عن طريق خدعة أوقعني بها المعلم رشيد ، لكن بالصدفة قلبت الموازين و استفدت من الخدعة ، أما عن الطاقة المرعبة فهي بفضل شيء قام معلمي رشيد بتعليمي إياه ، و بالحظ عوض عن أحسن استغلاله خرج عن السيطرة " طبعا منير لم يعطي إجابات واضحة لسيليا لكن هذه الإجابات فقط كانت كافية لجعل مهيب يركز أكثر على رشيد بل و سيسعى لحماية منير أيضا
في الحقيقة قد ضرب منير عصفورين بحجر ، فمهيب سيجعل رشيد منشغلا ، و هو سيأخذ وقته في تنفيذ خطته و زيادة معرفته و قوته
فرحت سيليا فقد ظنت أنها أخيرا استطاعت استدراج منير في الكلام و هرعت مسرعة للخارج لتخبر عمها
قال منير " هاي أنت ، لا تنسي أن تخبري عمك بما قلته ، و أخبريه أنه إذا كان بحاجة لمعرفة شيء ما حولي ، عليه فقط أن يسألني "
تجمدت سيليا في مكانها ، هي لم تفكر أبدا أن منير يدرك أن عمها هو من وراء هذا ، التفتت بسرعة لمنير و قالت " أنت كنت تدرك طوال الوقت أن عمي أرسلني لأعرف حولك ، و بقيت تستفزني لأشهر ؟ ! "
ابتسم منير بينما نزلت قطرات من العرق البارد على جانب وجهه قائلا في نفسه " تبا ، ستقتلني هذه الخرقاء "
هالتها الغاضبة جعلت المكان جليديا ، توالت أسهم جليدية على منير
هرب منير مسرعا و هو يضحك ، و ركض متفاديا كل الأسهم ، و سيليا تركض من وراءه قائلة " توقف أيها الأحمق ، اليوم سأقتلك و أقتلع رأسك اللعين و أتركك جثة دون رأس "
بسماعه لهذه الكلمات ، توقف منير و تغيرت تعابيره ، فهو قد استذكر جثة أبيه
في هذه اللحظة ، توقفت سيليا عن مطاردته ، فقد شعرت بنية قتل في هالته لذلك شغلت درعا جليديا ، و أوقفت عددا من الأسهم الجليدية حولها في الهواء ، و تركتها مستعدة في حالة هاجمها منير ، تعابيرها في هذه اللحظة كانت شاحبة
التفت منير بسرعة و استل خنجره ، و ركض اتجاهها بسرعة جنونية ، قامت سيليا بإرسال الأسهم اتجاهه ، لكنه تفاداها بخفة
حلق في السماء و وجه ركلة اتجاه سيليا
الركلة أصابت الدرع الجليدي فحولته لفتات ، ثم لوح بخنجره اتجاه رقبة سيليا لكنها ابتعدت متراجعة للخلف في اللحظة المناسبة
عيني منير أصبحت شاخصة ، كأنه فقد وعيه و يهاجم دون إرادته
قالت سيليا " هل تقاتل بجدية ؟ إذا لا تلومني إذا كنت جدية معك من الآن فصاعدا "
مطرقتان ضخمتان من الجليد تكونتا بجانب من منير ثم انهالتا عليه لتطبقان عليه ، منير ظل واقفا ، ثم مد يداه ، ليمسك بكل مطرقة بيد
المطرقتان ضغطتا بشدة على ذراعي منير ، حتى أن عضلات و أربطة كتفيه تمزقا ، لكن جسده الخالد مكنه من التعافي بسرعة ، ليستجمع قواه و يصرخ و يدفع تلك المطرقتان بعيدا واحدة عن اليمين و الأخرى عن اليسار
أنف سيليا نزف بالدم جراء فشل هجومها ، مسحت أنفها ثم شكلت طريقا جليديا مسننا اتجاه منير
منير تفاداه بسرعة و توجه اتجاهها
قالت سيليا "البنية البيضاء" ، لكمة من منير اتجهت صوب بطن سيليا لكنها لم تتأثر ، ثم بادلته سيليا بلكمة على وجهه
اللكمة أصابت وجه منير فجعلت عينه زرقاء ، لكنها شفيت سريعا
تبادلا الطرفان اللكمات لفترة وجيزة ، قبل أن تشكل سيليا عمودا جليديا خرج من تحت رجلي منير جعله يحلق في السماء ، لتختفي سيليا و تظهر في السماء أمام منير المحلق ، و تقوم بضربه بكفها فيمتد منه عمود جليدي على طول الطريق حتى أنه أدخل منير في الأرض مثبتا إياه في حفرة
اقتربت سيليا ببطء من منير المثبت بالعمود الجليدي
قام منير بمحاولة تحطيم العمود لكن دون جدوى
قالت سيليا بفخر " لا تحاول ، سيتخلل هذا الجليد إلى عظامك و تموت في ثواني "
بعد فترة قصيرة توقف منير عن الحراك فعلا ، قامت سيليا بإلغاء سحرها و بنيتها ثم بقيت تلهث من الإرهاق ، فهي لم تستخدم في حياتها بنيتها مع سحرها في وقت واحد
اقتربت من منير و دنت من وجهه لتتفحصه ، فجأة فتح منير عينيه و قام بقلبها أرضا و جلس فوقها و وضع خنجره على رقبتها