بينما هي تحملق في منير ببعض من الحسد ، دق رشيد الباب و دخل قائلا " سيدي أريد أن ... " نظر بالأرجاء لكنه لم يجد مهيب وجد فقط سيليا جالسة و المريضين

بمجرد ما رأته سيليا وقفت و قالت غاضبة " ما الذي تفعله هنا أيها العجوز ، انقلع من هنا قبل أن أجعل عمي يقتلك "

ضاقت عيون رشيد قليلا و قال باستخفاف " هم ؟ يقتلني ! ليس و أنا أعلم سرك ، إن تجرأ على محاولة قتلي فسيصل سرك للملك و حينها من الممكن أن يستعبدك أو يتخذك خليلة له ، فهو يريد خليفته أن يتمتع بقوته و سحر نادر مثل سحرك"

تغيرت تعابير سيليا و قالت بحنق شديد " أنت ... أنا أكرهك " ثم جلست في مكانها و أدارت ظهرها عنه

ابتسم رشيد و قال " على العموم لست هنا من أجلك ، إذا أتى عمك أخبريه أني أريد من تلميذي أن يعود إلي بمجرد ما تتحسن حالته "

تفاجأت سيليا في قلبها " تلميذه ؟ أليس عمي هو من يدربهما ! و من يقصد بتلميذه ، هل هذا الفتى أم ذلك الرجل ؟ "

قام رشيد بضرب الباب خلفه و هو يغلقه خارجا ، نهضت سيليا من مكانها و أخرجت لسانها قائلة " إلى الجحيم "

في هذا الوقت كان منير قد استعاد وعيه لكنه لم يفتح عينيه و سمع كل ما دار بين معلمه و هذه الفتاة

" سر ؟ سحر نادر ؟ أي سحر نادر قد يرغب به حتى الملك ؟ ما حقيقة هذه الفتاة ؟ بما أن زعيم القلعة هو عمها و هي تكره معلمي ، ينبغي أن أجعلها في صفي "

فتح منير عينيه قائلا " إذا المعلم يبتزك بسحرك النادر هذا "

بسماعها لهذه الكلمات ، التفتت بسرعة للخلف وجلة " من قال هذا ؟ " نظرت إلى منير فإذا هو قد فتح عينيه ، قالت في نفسها " أيها الوغد ، هل كنت تسترق السمع ؟ "

تلعثمت و قالت " ا ... ابتزاز ماذا ؟ أنا لا ... لا أعرف عن ماذا تتحدث "

نظرة منير كانت باردة ، كأنه يخترقها بنظرته ، هذا منحها شعورا مريبا و زاد من توترها

قال منير " إذا لم تصدقيني القول ، لن أستطيع مساعدتك في الحفاظ على سرك و التخلص من ابتزاز معلمي لك "

صدمت سيليا " معلمك ؟ إذا أنت تلميذ ذلك العجوز العفن ، هل تريد أن تبتزني أنت أيضا كما فعل معلمك ؟ لو فكرت بذلك سأقتلك على الفور " تشكل في يدها سكين جليدي بينما اتخذت وضعية دفاع

ابتسم منير " أوه ، إذا معلمي يبتزك بسحر الجليد النادر خاصتك ، معه حق فسحرة الماء نادرون في المملكة الذهبية فما بالك بمن استطاعوا تطوير سحر المياه و تحكموا في الجليد "

صدمت سيليا مرة أخرى " كيف عرفت هذا ؟ من أنت ؟ "

بقي منير ينظر لها دون أي كلمة ، فجأة انتبهت لنفسها فهي قد شكلت سكينا جليديا بدون أن تعي ذلك إضافة أنها اعترفت أن المعلم رشيد يبتزها ، شعرت سيليا أنها خرقاء جدا

فجأة نطق منير كأنه يقرأ أفكارها " شعور متبادل ، أنت خرقاء فعلا "

قفزت سيليا على منير و جلست فوقه و وضعت السكين الجليدي على رقبته " أعد ما قلته أيها الأحمق "

في تلك اللحظة دخل مهيب إلى الغرفة ، تفاجأ جدا من المنظر الذي رآه

عيونه شعت بغضب عارم و قال " أيتها الحمقاء لماذا تظهرين سحرك لشخص لا تعرفينه ؟ ثم ماذا تفعلين فوق الفتى ؟ "

احمرت سيليا كحبة كرز و تراجعت و جلست على كرسيها مطأطأة رأسها دون أن تقول أي كلمة

أضاف مهيب " أنت لا تستحقين ما أحضرت لك " ضم مهيب يده و كسر بلورة تحمل قوى الجليد

برؤيتها للمشهد بكت سيليا قائلة " لماذا يا عمي ؟ أنت تعلم أنك وعدتني أن تحصل لي على واحدة مكان التي كسرتها خطأ"

رد مهيب بسخط " أصمتي أيتها الحمقاء ، أنت لم ترتقين لتوقعاتي "

فجأة انفجرت هالة زرقاء من سيليا و قالت و هي غاضبة " أنت توبخني لأجل فتى أحمق مثله ، سأريك حل هذه المشكلة " الغرفة ملأت على الفور بجليد غطى كل أرجائها ، تكون في يد سيليا جليد على شكل عصا طويلة حادة ، و على الفور غرستها في بطن منير قائلة " هكذا انتهينا من المشكلة و استأصلناها " هدأت هالتها و اختفى كل ذلك الجليد

ضرب مهيب يده على جبهته " أيتها الحمقاء أنظري جيدا للفتى "

نظرت إلى منير فملأت دهشة ، الفتحة التي خلفتها العصا الجليدية قد التأمت ، نظرت إلى وجه منير رأته ينظر إليها بنظرات بلهاء و كأنه يستخف بها

أضاف مهيب " يبدو أنك لم تتدربين جيدا على يدي ، ألم أخبرك أن لا تخفضي دفاعك و أنت لم تتأكدي من القضاء على خصمك ؟ ! إرجاع هالتك بهذه السرعة هو غرور فقط قد يؤدي بك إلى الموت ، لو كان هذا الفتى ينوي قتلك لتمكن من فعل هذا ، فاليوم كدت أن أقتل من طرفه "

الصدمات تتوالى على سيليا ، قالت في نفسها " ما الذي يحدث هنا ؟ لماذا لم يمت ؟ و هل كاد فعلا أن يقتل عمي ؟ فقط من هو هذا الفتى ؟ "

تنهد مهيب " تعالي للخارج أريد أن أخبرك شيئا "

خرج هو و سيليا إلى الخارج ، فعل مهيب نطاقا يمنع خروج الصوت و قال لسيليا " أريد منك أن تبقي هنا لمدة ، و أن تحاولي أن تكتشفي سر هذا الفتى ، ربما سيضعف أمامك و يخبرك سر حصوله على جسد خالد و طاقة مرعبة كدت أن أفقد حياتي عندما واجهتها "

صدمة أخرى لسيليا ، جسد خالد ؟ طاقة مرعبة ؟ ، سيليا سقطت في حيرة و تفكير عميقين ، بعد برهة استعادة رباطة جأشها و أومأت بالموافقة

ألغى مهيب النطاق و دخل بقوة إلى الغرفة " أيها الفتى إن أخبرت أحدا عن قوى ابنة أخي فسأفتك بك شخصيا " مهيب شغل ضغطا عال على منير حتى يرعبه

أجاب منير ببرود " أنا لا أخطط أبدا لإخبار أحد ، فلا مصلحة لي في هذا ، و لكن عندي طلب صغير في المقابل من سيدي الزعيم "

مهيب " هل تتجرأ على وضع شروط علي ؟ ! " زاد مهيب من الضغط على جسد منير

رد منير بسرعة " ليس شرطا إنما طلب أرجو من سيدي الزعيم أن لا يردني خالي الوفاض "

مهيب صرخ " قل بسرعة "

قال منير " أريدك أن تعيني أمينا للمكتبة و تسمح لي بقضاء أغلب وقتي فيها ، و أن تأمر معلمي بأن يعفيني من التدريب لمدة 3 أشهر "

استغرب مهيب من الطلب ، لكن لا يبدو أن هناك شيئا مريبا حول هذا الأمر

قالت سيليا بسرعة " آه تذكرت ، أتى ذلك العجوز المقيت إلى هنا ليخبرك أنه يريد عودة هذا الفتى بمجرد أن تتحسن أحواله "

هنا استغرب مهيب و قال في نفسه " لماذا رشيد ملهوف لعودة هذا الفتى ؟ ! ، و لماذا هذا الفتى يريد أن يبتعد أكثر عن التدريب ؟ ! "

فكر مهيب بعمق ثم قال " لا مانع لدي ، سأجعلك أمينا للمكتبة و آمر رشيد أن لا يزعجك ل 3 أشهر "

بعد كل شيء عليه أولا أن يكتشف سر منير و ما يخفيه رشيد ، هذه فرصة لا تعوض حتى يجعل سيليا تتقرب أكثر من منير دون أن يتدخل رشيد

نهض منير فرحا بسرعة بمجرد أن سمع قرار مهيب و قال " شيء آخر سيدي ، هل لي أن أنام في المكتبة بدل غرفة معلمي ؟ " أومأ مهيب بالموافقة

همس مهيب في أذن سيليا " لديك 3 أشهر حتى تعرفين سره " أومأت سيليا بثقة ، فمن هذا الذي لن يسحر بجمالها ويفتن بها ، سيكون أي فتى كالكلب و يلبي لها كل ما تطلبه في سبيل أن ترضى عنه ، على الأقل هذا ما تظنه ...

وصلت الأوامر لرشيد بأن لا يزعج منير ل 3 أشهر ، امتعض رشيد من هذا الأمر و ظن أن كل هذا من تدبير مهيب ، ربما قد يكون شك بالأمر و أراد اكتشاف السر ، عليه أن يتخذ تدابير احترازية اتجاه هذا الأمر ، و يحذر من مهيب

رشيد لم يعلم إطلاقا أن منير قد كشف مخططه للسيطرة عليه و على قوى الملكة ، لو علم ذلك لبصق الدماء من شدة حسرته ، على العموم رشيد قرر التمهل و عدم الإسراع في خططه و إلا سيكتشف ، لديه فرص كثيرة حتى ينال من مبتغاه ، فقط عليه أن يحذر في تصرفاته و أن ينتظر الفرصة المناسبة

سرعة شفاء منير كانت عالية كالمعتاد ، استعاد كامل عافيته في يومين ، ثم توجه للمكتبة و انشغل طوال الـ 3 أشهر في قراءة الكتب و المخطوطات حتى يزيد من معرفته الضحلة

في هذه الفترة استعاد حسين وعيه بعد أسبوع كامل من الحادثة

حسين أصيب بضرر شديد ، هو لم يعد يسمع أو يتكلم بعد الآن كما أنه شل تماما في حركته ، لم يعد يستطع التدرب حقا

قلبه كان مليئا بالحسرة على ضياع سنواته بسبب تسرعه و انقياده وراء مشاعره ، فقد كاد أن يقتل طفلا بريئا فقط بسبب شكوكه ، أراد فعلا الاعتذار لمنير لكن لم يتمكن من هذا ، لم يستطع إلا البكاء لليالي لسوء تقديره و لحالته الحالية

ازدادت معرفة منير كثيرا ، لكن رغم هذا هو يدرك أن ما يجهله أكثر مما يعلمه ، فالعالم واسع جدا لن يتلخص في الكتب مهما كان عددها

في هذا الوقت حاولت سيليا بكل الطرق ، أن تغري منير و تقربت منه و حاولت أن تستدرجه في الكلام ، لكن في كل مرة ترجع غاضبة من رد فعل منير ، فقد كان أذكى منها بأشواط و منيعا تماما أمام جمالها

تنهدت سيليا و استسلمت حول هذا الأمر ، لكن خلال هذه الفترة هي أعجبت بمنير حقا ، فهو في نظرها أذكى و أقوى شخص عرفته في سنها ، بينها و بين منير 3 سنوات فقط ، و هي أكبر منه ، مع هذا يبدو لها منير شخصا غامضا أعمق بكثير مما يبدو عليه ، الأسرار التي تكتنفه لا تعد و لا تحصى

منير كان يعاملها كفتاة مدللة خرقاء ، لم يعطها أي جدية في تعامله معها ، كانت سهلة الخداع سطحية التفكير

خلال تعامله معها كان يقيس شخصيتها ، ليمهد الطريق لاستغلالها ، لكن اتضح أنه ليس بحاجة لأن يفكر كثيرا حول هذا الأمر ، فهي ككتاب مفتوح يمكن أن تقرأه في أي وقت

2017/07/22 · 1,240 مشاهدة · 1642 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2025