استفاق مهيب من صدمته و حرك رأسه للخلف بسرعة ، خيط أحمر كان على وشك قطع رقبته
" بما أن دفاع روح قيصر الظلام لا يفيد ، سنرى حيال الهجوم " بسرعة خاطفة أعاد مهيب استدعاء روح قيصر الظلام مرة أخرى ، ثم قام بغرس الرمح في الأرض ليخرج ماء أسود منها غطى كامل المنطقة التي فيها منير و مهيب
امتدت من ذلك الماء خيوط سوداء ربطت منير في مكانه مقيدة حركته ، ثم قام مهيب بإلقاء تعويذة ما ، لتطفو كرة من ذلك الماء الأسود أمام مهيب و بإشارة منه ، انقسمت تلك الكرة لكريات صغيرة و توجهت صوب منير
بوووم بوووووم بووووووم
ضربات انهالت على جسد منير تسببت له بأن يخسر كل طاقته
تلك الكريات السوداء ضربت نقاطا حيوية من جسد منير أغلقت فيها تدفق الطاقة في جسده
امتعضت ملكة الدماء داخل منير " تبا ، لم ينجح مخططي ، لو فتح ذلك الشقي دائرة أخرى فقط من الدوائر الست الموجودة على هذا الختم لتمكنت من قتل الجميع هنا ... ليس باليد حيلة علي أن أصبر و أنتظر "
قال مهيب بهدوء و هو يلهث من التعب " إلغاء " ، استدعاء روح قيصر الظلام مرة أخرى بعد تحطمها سبب له خسارة طاقة كبيرة ، مع ذلك أسر على عدم قتل منير لأنه أدرك أنه لم يفعل ذلك بإرادته ، لكن للآن لم يعرف ماذا يحدث معه ، للأسف تأمله يسمح له برؤية ظلال الأشخاص و تحركاتهم لكن لا يسمح له بسماع كلامهم
تنفس مهيب بعمق ، ثم تقدم و حمل منير ، بعد لحظات من سيره خرج رشيد من باب غرفته المحطم
علامات الدهشة كانت تعلو وجهه " ماذا حدث يا سيدي ؟ ماذا جرى ؟ "
رد مهيب بغضب عارم "أيها الأحمق ، كنت تعبث بالأرجاء و لم تشعر حتى بالقتال الذي حدث ، سأعاقبك فيما بعد ، الآن استدعي روحك و أعد المكان كما كان "
أجاب رشيد بحنق شديد كتمه " ح ... حاضر سيدي "
استدعى رشيد روحه " الهيكل العظمي الضبابي "
الهيكل العظمي الضبابي ، هو روح ضعيفة في القتال المباشر ، لكن لديه قدرات عالية في التسلل و نصب الفخاخ ، استخدم رشيد قدرته " إعادة الزمن " ، ليتغطى ذلك المكان بشعاع أخضر ، أرجع كل ما دمر إلى مكانه ، وهكذا تم إعادة بناء القلعة و بعض المتاجر التي دمرها منير في غمضة عين
إعادة الزمن هي قدرة خاصة للهيكل العظمي الضبابي لكنها للأسف تعمل على الجماد فقط و ليس الكائنات الحية ، لهذا لم يستطع إرجاع المقتولين من طرف منير
مهيب " أخرج و أعد الجنود و القادة من المخبأ السري تحت القلعة "
انحنى رشيدا احتراما و أسرع لتنفيذ الأمر
مشى مهيب متوجها لغرفته و حمل فوق كتفه الأيمن منير و فوق كتفه الأيسر حسين ، كما أنه لمس الدرع ذو الجوهرة الحمراء فاختفى
أدخل مهيب كلا من منير و حسين إلى غرفته و طرحهما على سريره ، فقد كان سرير مهيب ذو مكانين
بعد مدة من الزمن ، عاد الجنود ، فدق رشيد باب غرفة مهيب ليعلمه بالأمر ، فأمره مهيب بأن يحضر طبيبا إلى هنا
فحص الطبيب حالة حسين ثم منير ثم أخبر مهيب
" القائد حسين ، لا يمكنه التدرب مرة أخرى ، الروح التي سيطرت عليه قامت بتفجير أوعية تخزين الطاقة في جسده ، ربما حتى لن يستطيع المشي مجددا ، أما بخصوص هذا الطفل ، يبدو أنه فاقد الوعي فقط ، لكن هناك طاقة جنونية تجري في جسده ، أنا متعجب كيف استطاع جسده تحمل سرعة دوران هذه الطاقة ، في الأحوال العادية كان سينفجر إلى أشلاء منذ وقت طويل "
فكر مهيب قليلا " يبدو أن هذا الفتى ليس عاديا ، أنا أعلم أن جسده خالد ، لكن هالته قبل قليل كانت مرعبة بحق ، حتى أنا كدت أن أقتل عندما واجهته ، يجب أن أكتشف سر هذا الفتى "
في هذا الوقت منير كان يسرح في كابوس موت عائلته ، كان والده يقول له في الحلم " أنت ضعيف ، متنا بسبب ضعفك " لتضيف والدته " لو أنك فقط أسرعت و جلبت الطبيب بدل العبث هناك ، لمازلنا أحياء " و أخته تبتسم له و الدموع في عينيها و تقول " وداعا أخي ، لن نلتقي مجددا " ، كان منير يصرخ في حلمه دون جدوى و بكاؤه قد أشفق منه الحجر ، لتتوالى ظلال و تقتل كل عائلته و تحرق منزله و هم يضحكون ضحكة هستيرية ، منير يصرخ و يقول " لا ... سأقتلكم ، سأقتلكم ... أقسم بأني سأقتص منكم و أريكم أبشع ميتة ، سأترككم تتمنون لو أنكم لم تعيشوا حتى تقابلوني "
فجأة تغير الحلم ، الآن هو واقف أمام ملكة الدماء
قالت له " هل تريد الانتقام بشدة ؟ هل تريد أن تصبح قويا ؟ حررني فقط ، و سأساعدك و أجعلهم يزحفون تحت رجليك "
صرخ منير " أيتها الكاذبة ، لن أنخدع مرة أخرى بكلامك و لن أدعك تسيطرين على جسدي ، صحيح أني أريد أن أكون قويا لأنتقم ، لكن هذا لا يعني أن أقتل الأبرياء ، أنت تستمتعين بقتل البشر مهما كانوا ، مذنبين أو غير ذلك ، أنت مجنونة و مهووسة بالدم ، أنا لست كذلك ، أنا منير النمر النائم الذي أيقضوه بقتل عائلته ، سيتمنون كلهم أنهم لم يفعلوا شيئا كهذا ، سأجعلهم يندمون و أقتلهم حتى آخر واحد فيهم "
ضحكت الملكة " هههههه ، كلام رنان ، لكنك في الواقع ضعيف أيها الشقي ضعيف ، هذا يعني أنهم لو اكتشفوا أنك ما زلت على قيد الحياة ، فستقتل بالتأكيد ، لا تتكلم كلاما أكبر من قدراتك ، بشر مذنبين و غير مذنبين ؟ ! ههههه لا تضحكني ، كل البشر مذنبين ، كلهم جشعون ، طماعون ، غدارون و أنانيون لا يستحقون الرحمة أو العيش لأنهم لا يرحمون الأضعف منهم ، هم يقدسون القوي و يحتقرون الضعيف ، لمصالحهم قد يبيعونك ، يستغلونك و حتى يقتلونك ، يا شقي إن بقي لك عمر طويل ، ستتعلم أن البشر لا يؤتمنون ، قد يخونوك في أي لحظة ، فاحذر أن تكون نمرا ميتا قبل حتى أن تخطو خطوة للأمام "
صرخ منير " هراء " ، ثم تقدم و أعاد لمس الدائرة التي لمسها سابقا و التي تحولت للون الأخضر ، فعادت ثانية للونها الأحمر ، منير كانت عنده نظرية فقط حول هذا الأمر ، لكنه قرر المغامرة و التجريب فنجح الأمر ، أدرك منير أن الختم يتيح له السيطرة على قوى الملكة ، لكن عليه فقط أن يكون قويا أكثر ليستطيع استيعاب قوتها ، من يعلم إلى أي مدى ستصل قوته لو تمكن من السيطرة على قوتها
بطبيعة الحال ، منير لا يتذكر شيئا حول ما جرى تماما مثل المرة السابقة ، لكنه كان يشعر بأن طاقة الملكة قد سيطرت على جسده ، و بالتالي فبالتأكيد قد قتلت بشرا ما ، كان فقط يأمل أن تقتل أقل ما يمكن و أن يتمكن أحدهم من إيقافه
أمر مهيب أحد جنود القلعة و قال له " فلتجلب لي رشيد إلى هنا " أجاب باحترام " حاضر "
جاء رشيد و دخل إلى غرفة مهيب ، لمحه مهيب بنظرة جعلت جسد رشيد يقشعر " لقد علمت أن هذا الفتى تلميذك ، و أنت أشرفت عليه شخصيا ، أخبرني عنه "
قال له رشيد و هو يرتجف " هذا الطفل أتى إلى هنا منذ شهرين تقريبا ، يدعى منير و قد امتنع عن ذكر اسم والده ، وصل للمستوى الأرضي في تلك المدة ، و لا أدري كيف استطاع امتلاك جسدا خالدا ، فقد كنت خارجا في مهمة وقتها ، و اكتشفت ذلك عندما عدت و كانوا قد شرعوا في إعدامه دون جدوى ، فتدخلت منقذا إياه و جعلته تحت عيني حتى أكتشف طريقة حصوله على جسد خالد ، لكن للأسف لم يتسنى لي الوقت لاكتشاف الأمر "
قال مهيب في نفسه " وصل للمستوى الأرضي في شهرين ، هذا أمر طبيعي يدل على أن موهبته عادية ، الجنود في القلعة لم يتمكنوا من اختراق المستوى الأرضي لأن ذكاؤهم بقي في مستوى أقل من 100 مهما فعلوا ليس من السهل زيادة مستوى الذكاء ، و في حالة هذا الفتى منير فأمر عادي إذا كان مستوى ذكاؤه من الأول عال "
نظر مهيب مرة أخرى لرشيد و شعر أنه يخفي شيئا ما " هل هذا كل شيء ؟ أصدقني القول " أصر رشيد على أنه يقول الحقيقة
حارس طرق الباب مستأذنا في الدخول " سيدي الزعيم ، السيدة سيليا وصلت "
علامات الفرح و السرور اعتلت محيى مهيب " اوه ، ابنة أخي هنا ، فلتدعها تأتي بسرعة "
أمر مهيب رشيد بالخروج مذكره أنه سيتلقى عقابه فيما بعد
دخلت سيليا الغرفة ، و سارعت إلى احتضان عمها مهيب ، الغرفة ملأت على الفور بعبيقها ، رائحتها كانت زكية جدا
كان شعر سيليا مسدولا ، زاد من جمال وجهها و بهائه ، ابتسامتها لم تفارق وجهها أبدا منذ رؤيتها لعمها
ألقت نظرة على الغرفة فرأت رجلا و فتى في السرير فاستفسرت عن الأمر " ماذا هناك يا عمي ؟ من هما هذان و لماذا هما طريحا الفراش "
ابتسم مهيب و رد " لا تقلقي يا ابنة أخي ، هما فقط أغمي عليهما من شدة التدريب فجلبتهما إلى هنا "
علامات الحيرة بدت على وجه سيليا " ايييه ! أنت تدرب يا عمي ، ألم تقل أنك لن تدرب شخصا أبدا غيري ؟ أنت خنت اتفاقنا " عبست سيليا قليلا و أدارت ظهرها و نفخت خدها معبرة عن امتعاضها هي بعد كل شيء تتصرف بطفولية حسب سنها ذو الـ 15 سنة
ربت مهيب على رأس سيليا مبتسما " أوه نسيت الأمر ، سامحيني ابنة أخي و سأعطيك شيئا قيما جدا "
التفتت سيليا بسرعة " حقا ! حسنا سأسامحك إذا أعجبني فقط " أومأ مهيب برأسه مشيرا إلى أن تنتظره ريثما يعود بذلك الشيء
تأملت سيليا غرفة عمها أكثر ، ثم اقتربت من الشخصين طريحا الفراش ، لفت انتباهها بنية منير العضلية فقامت تتحسس جسده ، هي لأول مرة ترى فتى صغير ذو بنية قوية ، ارتسم على وجهها تعبير الإعجاب
رفع منير يده بغير وعي و قام بوضعها فوق يدها ، و ابتسم فاحمرت سيليا خجلا ، و زاد خجلها من جمالها
أسرعت و أبعدت يدها ، و جلست في كرسي مقابل ، و قد صبغ وجهها باللون الأحمر
كان بعض الحسد في قلبها أن فتى صغيرا مثل هذا قد تلقى تدريبا شخصيا من عمها ، فقط ما المميز بشأنه ؟