رجع منير لسوق مدينة التنين الأبيض ، برغم أنه أراد الرجوع بأقصى سرعة إلى القلعة البيضاء ، لكن كان عليه أن يكسب بعض الأموال ، الأموال التي لديه الآن 500 عملة ذهبية كان قد أخذها من المخبأ السري لعصابة الدوامة الزرقاء
مشى منير بحذر خشية أن يلتقي بحسام مرة أخرى ، ما هي إلا بضع لحظات حتى وجد متجرا كتب عليه " منزل مبادلات الأحلام "
دخله ، كان المتجر أشبه بحانة منه لمتجر ، كراسي متواجدة و طاولة دفع جلس وراءها كاهل قوي البنية ، أسود الشعر وعريض الحاجبين
سأله منير " هل تشترون الأشياء أو تبيعون فقط ؟ "
رد عليه " على حسب السلع و الزبائن "
أخرج منير قطعة من لحم الديك الأسود قائلا " إذا ماذا عن هذه ، هل تستحق و كم تستحق ؟ "
فتحت عينا البائع على مصراعيها " ل ... لحم ديك أسود ؟ ، كيف تمكنت من الحصول عليه ؟ ! الديك الأسود لا ينتمي إلى عالمنا إطلاقا لذا من النادر أن نجد لحمه هنا "
علامات الفرح بدت على وجه البائع ، أكمل قائلا " طبعا سلعة كهذه تستحق ، أعطيك في القطعة 500 عملة ذهبية ... " ثم حدق بمنير بصبر منتظرا جوابه
فكر منير قليلا " مبلغ 500 عملة ذهبية ليس مبلغا بسيطا ، لكن من المؤكد أن رجل مبيعات لن يعطي الثمن الحقيقي لسلعة أتى بها زبون لأول مرة يراه "
استدار منير قائلا " 1000 عملة ذهبية لقاء هذه القطعة و إلا سأذهب "
وافق البائع مباشرة ، في الحقيقة يمكنه بين قطعة لحم الديك الأسود بـ 10 آلاف قطعة ذهبية ، ألف قطعة ذهبية ثمن بخس
فجأة أخرج منير العديد من القطع ، ما أثار دهشة البائع ، لكن في نفس الوقت كان سعيدا جدا فهو قد يكسب ثروة من وراء هذه الكمية
باع منير تقريبا نصف ما يملكه من لحم الديك الأسود لقاء مليار عملة ذهبية ، كان هذا ثروة عظيمة جدا
أدخل كامل المبلغ في حيزه الفراغي ، طبعا الحيز الفراغي كان نادرا في أواسط الشباب ، و لكن ليس بتلك الندرة عموما ، و كشخص بلغ من العمر الكثير ، البائع لم يدهش كثيرا من امتلاك منير لحيز فراغي ، ما أدهشه أكثر هو كيف حصل على كل تلك الكمية من لحم الديك الأسود ؟ هل يعقل أنه قتل واحدا ؟ لكن هذا مستحيل فعليه أن يذهب لعالم الظلمات من أجل فعل ذلك ، لكن بمستواه الأوسط لن يتمكن من فعل هذا ، كيف فعلها ؟
منير يكاد ينفجر داخليا من فرط الفرحة ، فهو امتلك أموالا بمقدار ميزانية القلعة البيضاء كلها ، ولكن بالنظر من جهة أخرى ، لابد أن هذا المتجر ليس سهلا لامتلاكه كل هذا الكم و أكثر من المال ، خلفية المتجر من المؤكد أنها أرستقراطية
فورا ذهب منير إلى أقرب متجر و اشترى ملابس عادية ، بعدها ارتدى أحدها
كان ارتدى سروالا أسودا و قميصا غليظا إلى الكم و فيه قلنسوة ، قام بتغطية رأسه بالقلنسوة ودخل إلى متجر " النهر الأحمر " مرة أخرى
هذه المرة لم يتعرف عليه الشيخ ذو الشارب الطويل ، و رحب به كأي زبون عادي " مرحبا بالسيد الصغير ، لدينا هنا كل ما تحتاج إليه ... " ثم بدأ في شرح السلع الموجودة ، لكن منير لم يلقي له بالا و باشر بالتجول في أنحاء المتجر
اختار منير درعا لماعا كأنه صبغ بصفحة مياه ، بمجرد ما لمس ذلك الدرع شعر بشعور غريب " بكم هذا ؟ "
ابتسم الشيخ ذو الشارب الطويل " اوه ، للسيد الصغير عينين حادتين ، هذا " درع الجن الأزرق " عندما ترتديه سيخفف من وزنك و يجعل سرعتك أكبر ، و عندما يتلقى هجوما يستطيع امتصاص نصف ذلك الهجوم ورد ضعف النصف الآخر ، لكن على السيد الصغير أن يكون حذرا عندما يرتديه ، يقال أن هذا الدرع حي و له رغبته الخاصة ، لا أدري صحة هذه الشائعات ، لكن لضمان أمانة المتجر التي استمرت لـ 50 سنة وجب أن أخبرك بكل شيء ، بخصوص السعر هو 50 ألف قطعة ذهبية فقط "
الثمن صدم منير لكن الدرع يستحقه ، منير ارتدى الدرع على الفور تحت ملابسه
قال الشيخ ذو الشارب الطويل " أود أن أنصح السيد الصغير بأخذ قرينه ، " سيف الجن " ، هذا السيف يمكنه أن يتجنب الدفاعات السحرية و يهاجم الجسد مباشرة ، لو كان صاحبه يرتدي درع جن ، فالسيف سيشغل خاصيته المميزة و التي هي أصوات ما فوق صوتية تشل سريان الطاقة في جسم خصمك ، ثمنه بخس جدا هو 100 ألف قطعة ذهبية فقط "
اشتراه منير أيضا على مضض ، فهو كاد أن يذرف الدموع من هذه الأسعار الخيالية
اشترى منير أيضا بعض الثياب المزينة بأرقى أنواع الجواهر و المخاطة بأرقى أنواع الأقمشة ، بعد أن خرج من المحل صرف ما مجموعه مليون قطعة ذهبية من المليار الذي كسبه
الآن قررا هو و سيليا الرجوع إلى القلعة
في طريق الرجوع ، توقفت سيليا فجأة ، نظر لها منير باستغراب و تتبع مسار نظرها
رآها تنظر إلى " بلورة قوى الجليد " هي نفسها البلورة التي رآها منير أول ما دخل إلى المدينة بعد مقتل عائلته
وقفت سيليا كتمثال ، و عينيها تشعان ببريق الإثارة
تقدم منير إلى الدكان و اشترى لها " بلورة قوى الجليد "
بمجرد ما رأته اشتراها مدت يدها لتمسكها ، لكن منير أبعدها قائلا " من قال لك أنها لك ، إذا أردت شيئا اشتريه بنفسك لست أحد والديك حتى أشتري لك الأشياء " ثم أكمل طريقه عائدا للقلعة
هذا جعلها غاضبة طول طريق العودة
دخلا القلعة ، كان مهيب واقفا ينظر إلى الجنود ، بمجرد رؤيته ، سارعت سيليا و احتضنت عمها قائلة " اشتقت لك يا عمي "
ابتسم عمها " ماذا ؟ لقد غبت بضع ساعات فقط و اشتقت لي فعلا ؟ يجب أن أكف عن تدليلك "
كلمات مهيب زادت الطين بلة ، قامت بالدوس على رجل عمها و دخلت غرفتها مسرعة
في الليل أتى عمها إليها و جلس جنب سريرها " منير أخبرني أنكما استمتعتما جدا في الرحلة وكنت كالطفلة الضائعة تحدقين في كل شيء "
نهضت من سريرها " أنا لست طفلة ضائعة ! ذلك الأخرق اشترى لنفسه أشياء كثيرة لكنه لم يشتري لي شيئا " ثم نفخت خدها غاضبة و هي تضرب الأرض برجلها
ابتسم مهيب " لا تقلقي عليك أن تعذريه ، هو مجرد طفل أيضا ، لابد أن المال الذي لديه يكاد أن لا يكفيه هو فكيف سيشتري لك شيئا ؟ ! "
ثم قال لها " أنظري ماذا أحضرت لك "
صرخت سيليا فرحة " إنها بلورة قوى الجليد ، شكرا جزيلا لك يا عمي ، شكرا جزيلا " ثم ذهبت و احتضنت عمها والدموع ترسم خيوطا على خديها
بعد دردشة قصيرة مع عمها غادر و تركها تنام
في منتصف الليل ، استفاقت وحدها كالمجنونة قائلة " آه لم يكن عمي ، إذا منير من أعطاه الهدية ، حتى يصلح بيني وبينه لابد لي من شكر منير صباحا "
في الحقيقة منير لما اشترى " بلورة قوى الجليد " كان هدفه منذ البداية أن يعطيها لمهيب ، حتى يتقرب له أكثر و يكسب ثقته ، رغم أن " بلورة قوى الجليد " شيء مهم ليتمكن من البدأ في تعلم سحر الجليد ، لكنه قرر إعطاءها لسيليا عن طريق مهيب حتى يكسب ثقة الاثنين و في الأخير ستعود له هو متأكد من ذلك
لما أعطاها لمهيب ، كان مهيب ينظر إليه كابن و ليس كتلميذ ، في تلك اللحظة تغيرت نظرته فعلا اتجاه منير ، أصبح أكثر ثقة به و أكثر اعتمادا عليه
سيليا غرقت في أحلامها السعيدة تلك الليلة ، و منير نام في المكتبة كالمعتاد ، و مهيب في غرفته يتأمل
كان منير في مفترق طرق هذه اللحظة ، التخلص من مشكلة رشيد ، و المشكلة التي أوقع فيها نفسه مع عصابة الدوامة الزرقاء ، و كذا ملكة الدماء المختومة بداخله ، و الانتقام لعائلته
كانت أهدافه متداخلة لذا وجب أن يستوضحها أولا و يقرر نقاط البداية و النهاية و إلا قد يتفاجأ بأمور أخرى
الآن ينبغي عليه الحصول على حماية مهيب و دعمه و كذا على ثقة سيليا
لكن يجب أن يضع في حسبانه أن سيليا فتاة مدللة بعد كل شيء ، مهما كانت قوتها إلا أنها لم تخض قتال موت أو حياة من قبل ، حتى أن النظرة المرعبة التي رأتها من منير يوم وضع السكين على رقبتها جعلتها ترتعش خوفا
منير يعترف أنها أقوى منه ، لكنها خرقاء و قليلة حذر و هذا بشأنه أن يؤدي إلى موتها لو وقعت معركة حقيقية
بدأ منير بوضع الركائز الأساسية لأول خطة له و هي التخلص من رشيد ، خطوته التالية أن يتسلل إلى سرداب رشيد السري و يأخذ كل الأدوات النادرة من هناك
هذا من شأنه أن يصيب رشيد بالجنون فيقرر أن يسرع من مخططه و بالتالي سيتخلى عن حذره ويرتكب خطأ
حينها فقط يمكن لمهيب التدخل و قتله تحت مسمى الخيانة
لكن الكلام أسهل من الفعل ، يجب أن ينتظر بصبر عودة رشيد
إلى ذلك الحين عليه القيام ببعض الترتيبات
كل هذا كان يدور في خلد منير قبل النوم بلحظات ، بعدها نام منتظرا الصباح