وصل منير إلى مدينة التنين الأبيض

كانت مدينة نابضة بالحياة و شديدة الحراسة ، في آخر المدينة هناك جبل بني فوقه تمثال تنين أبيض ضخم رابض في مكانه و فاته فاه ، بين جناحي ذلك التمثال بنيت القلعة البيضاء مهيبة الشكل ، كانت مركزا لتدريب الجنود فقط و كان زعيم القلعة شخصا في رتبة الزعيم الروحي ، عرف أنه قليل الاختلاط يعتكف في غرفته ليتدرب دائما

مشى منير مترجلا عن حصانه و هو ماسك للجامه في أزقة المدينة قليلا

على أطراف الأزقة دكاكين فيها كل ما يشتهي الفرد من مأكولات و ملابس و أدوات سحرية و قتالية ، فيها حتى أشياء غامضة لا يعرفها إلا القليلون ، المدينة المنتعشة بالحياة بعثت شعور الغيرة قليلا في قلب منير مقارنة بفناء قريته

لفت انتباه منير بلورة زجاجة دائرية الشكل ، تحمل قوى الجليد

سأل منير البائع عن ثمنها لكن البائع استصغر شأنه من منظر ملابسه الرثة فتجاهله

أكمل منير سيره و هو يفكر بعمق ... فجأة طرأت بباله فكرة

ركب حصانه و توجه مباشرة إلى القلعة البيضاء

كان أمام بوابة القلعة حارسان كل واحد منهما يحمل رمحا يبدو أنهما لم يدخلا تدريب المستويات بعد ، لكن بنيتهما الجسدية قوية و لا شك

نزل منير من حصانه و سألهم " أرجو المعذرة ؟ هل تقبلون المستحدثين ؟ "

برؤيتهم لمنظر منير ، لم يسع الحارسان سوى الانفجار ضاحكان " ههههه ، أنظر لهذا ، طفل أحمق يريد أن ينضم للجيش ، هل سألت والداك قبل المجيء لهنا ؟ أم أنك هربت من المنزل لتختبئ هنا بحجة الانضمام حتى لا يجداك "

الألم ظهر في عيني منير من كلماتهما ، ففقدانه لوالديه لم يمر عليه الكثير من الوقت ، لكن كتم هذا في قلبه

" اذهب من هنا أيها الطفل ، لا نقبل أمثالك هنا "

صوت صادر من داخل القلعة " تعال إلى هنا ، مرحبا بك ، لا تلقي بالا للأحمقان اللذان أمامك "

على الفور صمت الحارسان و كفى عن استهزائهما و تيبسا في مكانهما في هيئتهما الأولى

رجل طاعن في السن لكنه لا يزال يتمتع بحيوية و قوة الشباب تقدم نحو منير " ما اسمك يا بني ؟ و لماذا تريد الانضمام للجيش في سنك المبكرة هذه ؟ "

فكر منير قليلا " اسمي منير ، أرسلني والدي إلى هنا قائلا أنه يجب أن أكبر و أصبح رجلا و يشتد عودي ، و أسرع طريقة لذلك الانضمام للجيش " لم يبدي منير أي من علامات الكذب

ابتسم الرجل " حسنا ، من اليوم أنا معلمك ، سأبدأ تدريبك غدا ، ادخل لترتاح اليوم "

نادى أحد الجنود " جهز له غرفة في الطابق الثالث " انحنى ذلك الجندي " سمعا و طاعة سيدي " ثم أسرع لتنفيذ الأمر

بينما منير يمشي داخلا إلى القلعة ناداه المعلم " آه ، لم تذكر لي من أين أنت و اسم والدك هذا ؟ "

أصبح وجه منير شاحبا لكنه لم يلتفت للوراء " أنا من المملكة الذهبية و أرجو أن يعفيني معلمي الموقر من ذكر اسم أبي فقد منعني والدي من هذا " ثم أكمل منير سيره

نظرات غريبة ارتسمت على وجه المعلم

غدا ، في الصباح الباكر ، نهض منير على أصوات الجنود و هم يتدربون و قد ملأت أصواتهم كل أرجاء القلعة

أسرع منير للخروج إلى ساحة التدريب

بمجرد فتحه لباب غرفته ، كان معلمه واقفا أمام الباب ، بعصا من القصب ضرب رأس منير " استعجل ، لو لم تنهض ، لأيقظتك بطريقة أشد قسوة من مجرد ضربك بعصا "

استذكر منير العصا التي كانت تضربه في النطاق السماوي فانتاب جسده القشعريرة

تبع معلمه إلى ساحة التدريب .... توقفا عند طبل كبير أمامه عصا للضرب عليه

قال معلمه " احمل هذه العصا و اضرب الطبل "

تعجب منير في قلبه قائلا في نفسه " هذا فقط ؟ هذا سهل ! "

أراد منير رفع العصا لكن العصا كانت ثقيلة جدا ، لم يستطع رفعها ، التفت إلى معلمه ، ليتفاجأ بعصا القصب تضرب وجهه و تترك خطا أحمر عليه " قلت لك احمل و اضرب " ، حاول منير مجددا حمل العصا لكن دون جدوى ، تنهد معلمه " من اليوم هدفك حمل هذه العصا و ضرب الطبل ضربة واحدة ، إن تمكنت من فعل ذلك خلال أسبوع لن أركلك خارجا ، مستواك لازال ضعيفا جدا على تدريبي "

رحل المعلم و هو يتنهد

عبس منير قائلا بينه و بين نفسه " ما بال مدربي اليوم ، الجميع يتركني لوحدي و لا يدربني شيئا " أضاف " على أي حال سأحمل هذه العصا مهما كلفني الثمن "

لـ 3 أيام قام منير بالركض مع باقي الجنود و حمل دلاء المياه لسقي الأحصنة و التدرب على تمارين الضغط ، و حمل العتاد الثقيل و صنفه في مخزن الأسلحة ، من حين لآخر كان يزور حصانه الموجود في الإسطبل و يعتني به

في ليلة اليوم الثالث ، ذهب إلى العصا محاولا رفعها ، لكن دون جدوى ، فكر قليلا " هل يعقل أن تكون عصا لدق الطبول بمثل هذا الثقل ؟ هل هي عصا سحرية ؟ "

تحسس منير العصا بأصابعه فلم يجد أي نقش أو علامة تدل على أنها سحرية ، و عندما تحسس أسفلها شعر بشيء ما دائري الشكل ، من شدة الظلام لم يعرف ما هو ، فأجل ذلك للصباح

في الصباح نظر لذلك الشيء فوجد أنه حلقتان حديديتان مربوطتان أسفل العصا ، واحدة ثبتت أولها و الثانية ثبتت آخرها ، لكن أغلب الحلقتان مدفونا ، حفر منير بسرعة أسفل العصا ، ليظهر له أن العصا كانت مثبتة بوتد كبير أسفل التراب ، لذلك لم يستطع رفعها

فهم منير الخدعة ، هو في الحقيقة لم يحتج للقوة إنما للذكاء و البصيرة

أسرع منير للمعلم " لقد استطعت حملها لقد استطعت حملها "

ابتسم المعلم قائلا " هيا لنرى صحة ادعائك "

قام منير بفك الحلقتان من على العصا ليحملها بسهولة ، و بمجرد ما أراد ضرب الطبل بالعصا لم يتمكن من ذلك ، فقد كان جدار حماية سحري يعيقه كل ما أراد ضربه

ابتسم المعلم "اممممم ، ما زلت لم تبلغ المستوى المطلوب ، لا تقلق المهلة التي أعطيتها لك لم تنتهي ، حاول أكثر " ثم رحل المعلم

التف منير حول الطبل محاولا العثور عن خدعة ما لكن لم يجد أي خدعة ، حاول كسر الجدار بقوته مستخدما سيوفا و مطارق لكن لم يتأثر الجدار إطلاقا

" ماذا افعل الآن ؟ ، ليس أمامي خيار إلا أن أزيد من قوتي "

عاد منير لتمارينه و ضاعف من الوتيرة أكثر

أتى آخر يوم من المهلة التي أعطاها له المعلم

منير واقف أمام الطبل و المعلم يشاهده

2017/07/22 · 1,302 مشاهدة · 1037 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2025