أمسك منير بالعصا و انهال بضربات متتالية و سريعة على جدار الحماية السحري ، و استمر بفعل هذا لساعات ، لكن دون جدوى ، و من الإرهاق استسلم و أراد أن يتكئ على الجدار السحري بيده اليمنى
فجأة اختفى الجدار و سقط منير على الأرض ، في تلك اللحظة فهم منير الخدعة ، ضرب الطبل وجب أن لا يكون بالعصا بل باليد ، حينها أسرع و ضرب الطبل بيده اليمنى
ابتسم المعلم بمشاهدته لهذا المنظر " يا فتى إنك محظوظ جدا ، اعترف بهذا ، كما أنك ذكي نوع ما "
" الطريقة الأصلية هي كسر جدار الحماية عبر ضربه في 3 مناطق مختلفة ، لكنك للأسف تجهل طرق فك الحمايات السحرية ، و بما أن الجدار مصمم لصد أي أداة مهما بلغت قوتها إلا إذا أصابت النقاط الثلاث بالترتيب الصحيح ، تأتي هنا الطريقة الثانية ، لا تستعمل أي أداة ، باستعمال يديك العاريتين سيلغى الجدار و تتمكن من ضرب الطبل ... إنك محظوظ حقا"
في هذه اللحظة كان منير مستلقي على ظهره على الأرض و يلهث من شدة التعب و السعادة تغمره
قال المعلم " سيبدأ تدريبك الآن "
تجهم وجه منير قائلا بسرعة " لقد أجهدت يا معلمي ، اتركني أرتاح قليلا "
ضرب مرة أخرى بعصا القصب
أضاف معلمه " تدريبك الأول سيكون سباق ضد هذا الحصان ، إذا استطعت أن تصل قبل أن يصل للخط هناك سأكافؤك "
تجهم وجه منير مرة أخرى ، فكيف سيستطيع إنسان عادي الفوز على حصان في الركض
نهض منير متثاقلا و التعب أعياه ؛ قام المعلم بإيصال الحصان إلى خط البداية حيث كان منير ، ثم ضرب الحصان فركض مباشرة إلى خط النهاية ، منير لم يخطو خطوة واحدة ، فكل الأمر حدث سريعا
نظر بتعجب لمعلمه " ماذا حدث ؟ "
ابتسم المعلم " هذا أسرع حصان هنا ، فلتتغلب عليه "
القول أسهل من الفعل ، حتى هذا الحصان ليس حصانا عاديا فهو أسرع حصان في القلعة كلها
المحاولة 1 ، 2 ، 3 ... 45 ، 46 ، 47 ، 48
أظلم الليل و سقط منير من الإجهاد ، بحيث لم يستطع حتى الكلام في وسط أنفاسه المتقطعة
أخرج المعلم عصا القصب ، فتبدل لون وجه منير ، ضرب المعلم جسد منير ضربة خفيفة فقط ، فاختفى منير واجدا نفسه في سريره
"سحر انتقال آني ؟ إذا ليس كل شيء كما يبدو هنا ، حتى عصا القصب تلك " تنهد منير و غط في نوم عميق
كرر تدريبه مع الحصان يوميا لمدة 3 أسابيع و في كل مرة يسقط من التعب
في أحد الأيام و هو يركض ضد الحصان ، وجد أنه يستطيع أخيرا منافسته ، ففاز عليه و وصل الخط قبله
صرخ منير من شدة الفرح ، فضربته عصا القصب على رأسه
تقدم معلمه قائلا : أحسنت لقد اجتزت الامتحان ، الآن فلنبدأ في الاختبار التالي " أشار بعصا القصب فظهرت أمام منير آلاف السيوف الخشبية
قال المعلم " احمل سيفا ، و اضرب به ذلك العمود الحديدي ، لا تبحث عني حتى تكسر كل هذه السيوف على ذلك العمود "
هذه المرة تحمس منير " حسنا " بدأ منير من فوره
حمل منير أحد السيوف الخشبية و شرع في ضربه على العمود ، بعد أول ضربة ظهرت أعداد على السيف الخشبي 999 ، بعد كل ضربة يتناقص العدد
فهم منير أنه يجب عليه ضرب كل سيف 1000 مرة حتى ينكسر
تنهد منير
استمر في ضرب ذلك العمود الحديدي بالسيوف الخشبية لشهر كامل ، بعدما انتهى شعر بشعور غريب ، بنيته العضلية بدأت في البروز رغم ذلك يشعر بأنه أصبح أخف وزنا ، أسرع و نادى معلمه ليعلمه أنه أنهى الاختبار
المعلم " عمل جيد ، أظن أنك نسيت أني قلت لك أني سأكافؤك ، بعد تغلبك على الحصان "
منير نسى أمر المكافأة تماما
" أولا لنلقي نظرة على بنياتك "
"العقلية 98 ، الجسدية 41 ، الروحية 39 ، السحرية 0 "
" حسنا ، بما أن بنيتك العقلية أقرب للمستوى المطلوب فسوف أكافؤك فيها ، خذ هذا الكتاب ، عندما تدخل غرفتك افتحه "
ألح منير على معلمه إعطاؤه قوى سحرية لكن معلمه رفض قائلا " لن تستطيع تحمل أي قوى بمستواك الحالي ، يجب أن تكون بنياتك الثلاث الأخرى متساوية ، حتى تتمكن من استيعاب السحر ، بمجرد استيعابه لا يهم إن اختل التوازن بين بنياتك مرة أخرى ، إلا في حال أردت استيعاب نوعا جديدا من السحر ، عليك وقتها أن تساوي بنياتك مرة أخرى قبل استيعاب السحر الجديد "
اخذ منير الكتاب و شكر معلمه رغم اكتئابه قليلا ، دخل غرفته و تفحص الكتاب قبل فتحه
كان كتابا قديما ذو صفحات رثة ، كأنه نسخة أصلية توارثت من عصور خلت ، على جانب الكتاب عبارة مكتوبة بلغة غير مفهومة ... فتح منير الكتاب فوجده فارغا ، قلب صفحاته ، كلها فارغة إلا أحد الصفحات ، مكتوب عليها عبارتين فقط بلغة يفهمها " قطرة دم ، علم غزير "
قام منير بوخز أصبعه بخنجره و أسال قطرة من دمائه على الكتاب ، الكتاب أصبح ينبض بالحياة و عادت الكتابة إليه و طفى في الهواء ، خرج منه ضوء لامع ، سد منير عينيه بذراعية من شدة لمعانه
غرفة منير أصبحت خالية منه ، إلا كتاب فوق السرير
أبعد منير ذراعية عن عينية ليجد نفسه أمام بوابة عظيمة مزينة بمختلف الزخارف ، يحرسها عملاق حجري متحرك عار إلا من وسطه ، قال ذلك العملاق بصوت يهز الجبال " إذا أردت المرور فلتجب على هذا اللغز "
" تمنح لك و لا تستطيع منحها ، إذا فقدتها زرت عالما آخر ، وجودها معك شيء ثمين لا تستطيع الاستغناء عنه ، هي اسم و مسمى و فضل من الإله "
رد منير بسرعة دون تفكير " الحياة "
انفتحت تلك البوابة على مصراعيها فدخل منير
غرفة ملكية زينت بما تزين به القصور
راقصات عن يمين و خدم عن يسار ، و الدرب نحو العرش حف بجنود يملكون أجنحة خلف ظهورهم ، شلالات حمراء تنساب بين الجدران ، آنية عملاقة مملوءة بشراب أحمر ، فوق العرش امرأة حسناء مستلقية ، جمالها يذهب العقول ، ارتدت حلة حمراء بحمرة الدم ، بطنها ظاهر للعيان لم تغطي إلا أعلاها و وسطها و شعرها الأحمر الطويل كان منسابا حتى أوسط ظهرها
نهضت تلك الحسناء لتقف منتصبة ، و تنظر اتجاه منير نظرة مخيفة
قالت بصوت ملائكي " اقترب أيها الفتى ، فقد أعطيت لك فرصة لا تعوض "
" أنا ملكة الدماء ، متى ما أشرت نشبت حروب و مجازر كثيرة ، و متى ما أردت حقنت دماء الأمم "
" تقدم لا تخف ، فاليوم إما أنك مبارك أو أنك قربان لي حتى أحقن دماء أمة ما "
ومضت في عينيها نية قتل مع مكر و عجرفة كبيرتين
ارتجف منير بشدة فما قالته قد يعني أن نهايته قد تكون في هذا المكان