من هول المنظر تيبس منير في مكانه و لم يستطع حتى أن ينطق أو يتقدم بخطوة
ومض من عيني الملكة البرتقاليين وميض أصفر
طفى منير في الهواء محلقا نحو الملكة رغم إرادته ، قربته الملكة إلى وجهها و أخذت تتحسس وجهه بيديها اللذان كانا يملكان أظافر طويلة " إنك لقربان جيد "
لاحظ منير أن بؤبؤ عيني الملكة شبيه ببؤبؤ عيني القطة ، لذلك لابد أن نظرها قوي جدا
وضعت الملكة أصبع إبهامها الأيمن على جبهة منير الذي ما زال في الهواء لقراءة بنياته ، غضبت بمجرد ما انتهت " ما هذا ، إنك في الحقيقة لا تساوي شيئا " على الفور قامت بجرح وجه منير بأحد أظافرها ليسيل الدم من وجهه
اصفرت عيناها مرة أخرى فطار الدم محلقا في الهواء لفم الملكة ، بمجرد ما ابتلعته أحست بمغص في بطنها و جلست تتلوى من الألم ، سقط منير على الأرض فاقدا لوعيه و توقف سحب دمه و أسرع الحراس إلى الملكة ، بمجرد ما اقتربوا منها ، قامت هالتها التي خرجت عن السيطرة بإرسالهم محلقين
لمع جسد كل الملكة بضوء أصفر و اختفى داخل عقل منير
فتح منير عينيه ليجد نفسه نائما في سريره ، استيقظ هرعا و فحص نفسه و وجهه لكن لم يجد أي جرح ، بحث عن الكتاب لكنه لم يجده أيضا
جلس منير في فراشه يفكر " هل كان هذا حلما آخر ؟ أم أن كل هذا حدث فعلا ؟ حتى أكتشف ذلك يجب أن أسأل معلمي عن الكتاب "
نهض منير ليخرج و يسأل معلمه لكن توقف و فكر للحظة " لكن ماذا إذا كان المعلم أرسلني قربانا إليها و أراد قتلي لإيقاف الحرب ؟ ... يجب أن أفكر بروية و لا أتصرف الآن "
خرج بعد هنيهة من غرفته ، بحث عن معلمه لكنهم قالوا له أنه خرج في مهمة
بينما هو يتمشى في أرجاء القلعة ، لفت انتباهه طفل صغير بعمر العاشرة تقريبا ، كان يدخل خلسة إلى مطبخ القلعة يأخذ الأكل و يهرب ، تبعه منير خلسة حتى دخل لقبو القلعة ، استرق منير السمع من خلف الجدار
كأن الطفل يكلم أحد ما و يعطيه الأكل ، أسرع منير و دخل بسرعة ، كانت هناك نبتة آكلة لحوم تتدلى من الظلام تقترب ببطيء من الطفل
صرخ منير " بسرعة ، ابتعد من هناك " الطفل لم يلتفت حتى و كأنه لم يسمعه ، ركض منير بسرعة و أخذ الطفل بين ذراعيه و رجع للوراء
أنب منير الطفل " ما بالك ، كنت على وشك الموت منذ ثانية مضت "
لاحظ منير ختما غريبا أحمر على قفا الطفل ، الختم عبارة عن دائرة فيها أفعتان متقابلتان و فصل بينهما سيف ، أراد منير لمس الختم ، بمجرد أن اقتربت أصابعه ، تحركت الأفعتان لتختفيان في شعر الطفل و يختفي معهما شكل الختم
تعجب منير بشدة مما حدث
لاحظ أن عيني الطفل ما زالت شاخصتان و كأنه ينظر لشيء ما
سأل الطفل " إلى ماذا تنظر و من كنت تكلم قبل قليل ؟ ! "
رد الطفل دون أن يلتفت إلى منير " كنت أكلم أمي ، هي دائما تحكي لي قصصا جميلة و تأمرني كل يوم أن اجلب لها الأكل حتى تأخذني معها في نزهة سعيدة "
تذكر منير شيئا مشابها ، في الماضي سمع من شيخ القرية مختار قصة عن أن هناك نوع من الجنيات ، يقطعن رؤوس الأطفال ، يدعون بـ " جنيات الحلم السعيد " ، كانت كل جنية تستطيع تقمص أكثر شيء يحبه الطفل ، فتقوم بسحره و تطلب كل يوم شيئا تحبه هي ، إذا استطاعت أن تجعله يلبي طلباتها طيلة شهر كامل ، فستقتله في ليلة البدر المكتمل و تقطع رأسه و بذلك تزيد من قوة سحرها و تتقرب أكثر من " ملكة جنيات الأحلام " التي يقال أن عرشها مصنوع من رؤوس الأطفال
بسرعة سأل منير الطفل " منذ متى و أنت تلتقي بأمك ؟ "
رد الطفل " لا أدري ، لكن أمي وعدتني أنها ستأخذني للنزهة الليلة "
صمم منير على إنقاذ حياة الطفل فقرر المساعدة
قال منير له " تعال معي سأعطيك مفاجأة جميلة ، تعطيها لوالدتك فتفرح بك " رد الطفل " حقا !!! "
أومأ منير برأسه و أخذ الطفل
دخل منير لمكتبة القلعة قائلا في نفسه " أسطورة شائعة التداول بيننا نحن المزارعين ، من المؤكد أنه يوجد شيء ما عنها في مكتبة القلعة "
المكتبة ... قسم العصور القديمة ... قسم الأساطير ... قسم الجنيات ... " كتاب جنيات الأحلام "
ورد في الكتاب " جنيات الأحلام كائنات صغيرة جدا ، موطنها الأصلي غابات الضباب ، تنقسم جنيات الأحلام لـ 3 أصناف بحسب قوة السحر
- جنيات الأحلام السعيدة : هي أضعف صنف ، حيث أنها تستهدف الأطفال فقط فتغويهم لتقتلهم عندما يكتمل البدر ، نقطة ضعفهم هو فك الختم على الضحية ، فعندما تختار الجنية طفلا ، تقوم بنشر رذاذ أجنحتها فوق رأسه و هو نائم فتسيطر عليه ، لكسر الختم يجب أن يضرب الختم بشيء حاد على طول رسم السيف ، فقط عندما تظهر الجنية ، فباختفاء الجنية يختفي الختم على الضحية و بظهورها يعود الختم فيتشكل
- جنيات الأحلام التعيسة : هم أوسط صنف ، يستهدفون حتى الكبار ، لكنهم يعتبرون حراسا لغابات الضباب فلا يخرجون من مملكتهم أبدا ، نقطة ضعفهم هي "غناء الحوريات" و هي تعويذة تقوم بأدائها امرأة ما ، فينقشع الضباب و تنفجر أي حورية حلم تعيس تسمعها
- جنيات الأوهام : هم أقوى صنف ، و يتواجدون فقط في القصر الملكي لملكتهم ، ليس لديهم نقطة ضعف ، هزيمتهم تعتمد على إرادة خصمهم و قوته في مواجهة مخاوفه ... "
فهم منير أنه يجب أن ينتظر الفرصة السانحة حتى يتمكن من إنقاذ الطفل ، و لديه محاولة واحدة فقط ، إن فشل فسيقتل الطفل
حل الليل ، و القمر كان مكتملا ، لكن منير لم ينم و بقي يراقب الطفل الذي جلبه في وقت سابق إلى غرفته
فجأة تحرك الطفل منقادا إلى القبو ، تبعه منير بهدوء و خنجره في يده ، لم يصدر منير أي صوت
دخل الطفل القبو و جلس أمام الظلام كعادته
فجأة تصاعد دخان و ظهرت النبتة في الظلام ، ركض منير نحو الطفل ليضرب الختم الذي تشكل بظهور النبتة بخنجره
جذور نبات التفت حول رجليه مسقطتا إياه أرضا ، أسرع منير و قطع تلك الجذور بخنجره ، نهض مسرعا و استمر في تقدمه نحو الطفل ، تفادى ضربات النبتة ذات اليمين و ذات اليسار
ضم الطفل بين يديه و ضرب الختم بخنجره ، الخنجر اخترق لحم الطفل مسببا جرحا عميقا
رفع منير نظره قليلا ، ليجد نفسه ممسكا بجثة دون رأس