كانت السماء محمرة كالدماء، والغيوم السوداء الممزوجة بالحمرة تعلن عن نهاية العالم. كمرآة عاكسة، أظهرت ما يحدث على الأرض؛ جثث ممزقة وأحشاء متناثرة، بعضها مقطوع بالسيوف، وبعضها مثقوب بالرماح، وآخرون تحوّلوا إلى ما يشبه القنافذ من كثرة السهام. الأرض كانت مصبوغة بالدماء، تتخللها برك متجمدة من كثرة ما امتلأت، والهواء مشبع برائحة الحديد والدم. جثث بأجناس وأحجام مختلفة مبعثرة: بشر، ألف، أقزام، تنانين، أنصاف بشر، أورك، عفاريت، مصاصو دماء، مستذئبون، شياطين وملائكة. كان المشهد جحيماً قائمًا بذاته، لوحة رعب تنبض بالدماء والحرارة المحترقة.
صوت السيوف وهي تتصادم مع الدروع، والصرخات التي تعلو في كل مكان، كانت تمزق الآذان، والاهتزازات من انفجارات التعويذات تصل إلى العظام. لم يكن ذلك المشهد مقتصراً على هذه البقعة فحسب، بل امتد عبر الأفق، عبر القارة بأكملها، حيث المشهد نفسه يتكرر: قتال لا ينتهي، لحم يُمزق، رائحة الدماء الثقيلة تختلط برائحة الحديد والبارود والسخام، تخنق الأنفاس، فيما يتردد صوت بكاء الأطفال، وصراخ النساء، وأنين العجزة، ودعوات المدنيين اليائسة التي تتلاشى في ضوضاء الحرب.
ألوان متوهجة انفجرت من التعويذات السحرية، وأرواح قتالية متقدة انطلقت من أجساد الفرسان، مشتعلة كشرارات النار التي تحترق على الأرض. التضاريس نفسها تغيّرت؛ جبال تحطمت، أنهار وبحيرات جفت، غابات اشتعلت حتى تحولت إلى رماد أسود، وجثث متفحمة تتصاعد منها رائحة الشواء الكريه.
ليست التضاريس فقط، بل مدن وممالك وإمبراطوريات؛ هناك من اختفى عن وجه الأرض، وهناك من بقي خرابًا، وآخر يكاد يحفظ على آخر جدار يدافع به، وأجواء المكان تهتز من صدى الحرب.
كانت الأرض بأكملها مجرد مفرمة لحم جماعية، حيث تداخلت قوى السماء والأرض والجحيم والهاوية في معركة واحدة. الجميع يقتل الجميع، وكل طرف يسعى نحو غايته؛ بعضهم يقاتل من أجل أن يسود الخير والحياة، وآخرون من أجل أن يعمّ الدمار والشر، وأصوات الأرواح الممزقة تتردد في الهواء.
لكن كلا الفصيلين كانا يشعران بثقل المهمة؛ فهذه الحرب استمرت أكثر من عشر سنوات منذ اندلاعها رسميًا، والآن لم يتبقَ سوى المواجهة الحاسمة: فريق الأبطال ضد ملك الشياطين.
المعركة التي ستحدد مصير الحرب قد بدأت، لكنها حملت مفاجأة مظلمة. هذه المرة كان النصر في صالح الجانب المظلم. خسر فريق الأبطال هزيمة نكراء، حتى أنّ بعضهم اختار الانضمام إلى ملك الشياطين. قائدهم نفسه سقط، ورأسه تدحرج على الأرض الملطخة بالدماء، وسط رائحة حادة للحديد واللحم المحروق.
وعندما انطفأ آخر بصيص أمل، وقع حدث غريب... أولئك الذين بايعوا ملك الشياطين منذ لحظة، سقطت رؤوسهم جميعًا بضربة واحدة حاسمة، فيما ارتفعت رائحة الغبار والدماء في الهواء.
لم يكن ملك الشياطين هو من فعل ذلك، ولا أحد من أتباعه... بل كان بشريًا هو من فعلها.
كانت كل الأنظار مركزة على هذا البشري، كان يرتدي درعًا أسود مع نقوش رونية عليه، وفي يده سيف طويل يلمع بأحرف غريبة ومرعبة. كان لون شعره رماديًا طويلًا يصل إلى رقبته، ووجهه مشوه من شدة الغضب، خاصة مع ندبة على عينه اليسرى وندبة في زاوية فمه، وعيونه تلمع باللون البنفسجي. كانت هالته ترتفع إلى عنان السماء، وتصدر حرارة قاتلة تشعر من يقترب منها.
ملك الشياطين الذي كان ينظر إلى هذا البشري ابتسم ابتسامة بشعة، وعيونه تلمعان بغضب مما حدث أمامه، فقد القتال اتبعه، ورغم أنه لا يهتم بهم فهم مجرد حشرات يعتبرون أنفسهم أبطالًا، إلا أنه في النهاية لم يستغلهم بعد، وشاهدهم يُقتَلون أمامه، وكانت هذه إهانة له.
نظر إلى البشري وهو يسير باتجاه رأس البطل المنحني، حمله بيده ورفعه أمامه مباشرة. كان واضحًا قبل موته أنه يحمل عدم رغبة في الموت، ولم ينطق بكلمة "استسلم" قبل وفاته.
لو تأخر سيف ملك الشياطين لإعلان استسلامه وولائه، في نهاية كان شخص اناني ، بسبب قرارته وصلت أمور الي هذا حاد .
كان هناك وميض غريب في عينيه، يبعث برودة في الهواء.
"حقًا هذه نتيجة اختياراتك، تسك"، خرج صوت اجشائي من فمه، يحمل برودة ومرارة وسخرية، مع اهتزاز في الحنجرة يشعر به كل من حوله.
ألقاه بعيدًا في اتجاه إحدى البطلات التي كانت أميرة وخطيبة البطل. لم ينظر إليه، بل حدق في ملك الشياطين وتكلم:
"إلى جميع، ترجعوا".
انتشر صوته في كل أرجاء المكان، رغم أنه مزال صوتًا اجشائيًا، لكنه يحمل أمرًا لا يُزاح، مع اهتزاز الهواء من قوته.
رغم أن كثيرين لم يريدوا ذلك، إلا أنهم ترجعوا، لكن الشياطين لم يكون صخور ، فانقضوا عليهم ليتمزيقوهم، وبدأت مفرمة لحم مرة أخرى، والدماء تتطاير في الهواء وتلطخ كل ما حولها.
لكن لا ملك الشياطين ولا هذا الفارس تحركا، بل نظر كل منهما إلى الآخر، وهالتهم تتصادم من وضوح تفوق ملك الشياطين، لكن هذا الفارس لم يترجع، واستمر في مقوماته، والهواء حوله يهتز بطاقة متصاعدة.
فجأة خرج صوت من فم ملك الشياطين:
"لم أتوقع وجود شخص بهذا المستوى بين البشر... حتى هذا المهرج الذي يدعي نفسه بطلاً لم يصل إليك ."
صوته هادئ وقوي، يحمل جلالة ملك، والهواء حوله ثقيل من هيبته كان شعره احمر طويل شائك و عيون حمراء مرعبة ، بشرته محمرة كدماء قرون سوداء تبرز من راسه ، درعه بلون احمر و اسود ، كان يقف و يديه خلف ظهره .
"إنه لشرف لي أن يتعرف بي ملك الشياطين، انتاريس."
كان الجو شديد التوتر بينهم، والحرارة من الهالات تتصادم.
"أوه، بشري، هل تعرف اسمي؟"
"وهل لا أحد يعرفك، ملك الدمار، انتاريس؟"
"هههههه نعم، حسنًا، أخبرني اسمك."
" أريس، اسمي أريس. "
" اسم جيد، أنت تستحق شرف قتال ضدي. "
كان انتاريس يفكر في إخضاع أريس، لكن عندما رأى تلك العزيمة والإرادة، فهم أنه لا يستطيع، لذلك أراد الاستمتاع بتدمير عزيمته وإرادته، والحرارة تتصاعد من التوتر.
" شرف لي ذلك ."
رغم أن أريس تجوز بطلًا، إلا أنه يعرف جيدًا أنه ليس محميًا بقدر، وأتبع الذين يضعون حياتهم من أجله، في نهاية هذا ملك الشياطين من واضح أنه سيكون قتال حتي موت لذلك سوف يستعمل كل شيء منذ البداية.
بدأت هالته ترتفع بسرعة وتنتشر حوله، مشعّة بحرارة قاتلة ورائحة دماء حادة.
" مجال أشورا. "
وضع سيفه أمامه وحرر مجاله، لكنه لم يتحرك، بل أخرج حبة طبية.
" حبة ألف عام ."
تمتلك القدرة على تسريع الشفاء حتى الأطراف المقطوعة وتجديد الهالة وزيادة القوة بدرجة كبيرة، لكن خطرها واضح عند انتهاء مفعولها، إذ ستشل المستخدم.
ابتلعها في جرعة كبيرة، وما أن دخلت حلقه، بدأت طاقته ترتفع بشكل جنوني، ومجاله يزداد اتساعًا، والهواء حوله مشحون بطاقة ثقيلة.
" رفائيل، قم بما طلبته منك ."
في السماء، حلقة مجموعة من الملائكة بقيادة قائدتها، وبدأت في تنفيذ مجموعة مختلفة من التعزيزات عليه من سرعة و قوة و تحمل و قوة مقدسة ، ارتفعت هالته أكثر، لكن جسده لن يستطيع التحمل أكثر، والحرارة والضغط يعيشان كل من حوله.
" الأين الخطوة الأخيرة؟ "
" فن محرم: نجم أسود. "
بسرعة بدأ في تلاوة تعويذة، وتجمعت أحرف رونية سوداء حولها، وتمر عبر جسده. ارتفعت قوته بدرجة كبيرة، لكنه أيضًا وصل إلى حدوده، ولن يصمد أكثر من ساعة على الأكثر، والهواء حوله مشحون برائحة الحديد المحروق والدماء.
كان انتاريس يراقب ما فعله، لكنه لم يوقفه، رغم انه كان سهل قيام بذلك لكنها أراد أن يعرف ماذا سيفعل، لكنه صُدم ، لكن بسرعة استعد هدؤه في نهاية المطاف هذه مجرد حيال صغيرة في عيونها.
" هل أنت مستعد لتضحّي بحياتك من أجل قتلي وإنقاذهم؟ "
صوته انتشر في ساحة المعركة، بل في جميع القارة، صدم الجميع الذين استمروا في القتال بدل الأبطال.
بدؤوا بالدعاء من أجل فوزه، وبدأ الجنود في رد الهجوم، والهواء يختلط فيه رائحة الغبار والدماء والحرائق.
" لا، أنا لا أضحّي بحياتي من أجل أحد، بل من أجل نفسي ."
" كيف؟ "
" لأنني لا أتحداك أنت، بل أتحدى قدري لأثبت لنفسي ولكل أحد، حتى لو كنت لست البطل المختار، أنني أستحق ذلك وأتخذ مكانه ."
" هههههه، أنت مثير، إذن أرني كيف ستقاتل ضد القدر ."
أخذ أريس نفسًا عميقًا، وخلفه ظهر شكل وهمي لرجل بأربعة وجوه وثمانية أذرع، كل واحدة تحمل سلاحًا، تتحرك كأنها كتل حية من الدماء.
هذه روح قتالية أشورا دموية، مع دمجها مع مجال أشورا، يصبح أريس أقوى في ساحة المعركة، بسبب خاصيته المميزة، وهي أن كل كائن يسقط في مجال أشورا سيتم امتصاص دمه من أجل الشفاء، وروحه من أجل زيادة قوة الروح القتالية والهالة، ليصبح أريس حاكم الحرب، بل منزعًا، مع اهتزاز الأرض تحت قدميه.
أنطلق اريس نحو انتاريس و بدا قتال بينهم مباشرة .
_______
رواية جديد اول مرة أكتب لذلك اطلب منكم دعم بتعليق و نشره .