أصبح الهواء أثقل شيئاً فشيئاً في أرجاء الفصل، حتى شعر كاي وكيرا بوخزة برودة خفيفة من هالة آريس، رغم أنها لم تكن موجهة نحوهما مباشرة.

فجأة، اختفى الضغط تماماً وكأنه لم يكن موجوداً قط، فبدأ جميع من في الفصل يلتقطون أنفاسهم بصعوبة. لهث... لهث... لهث.

كانت ملابسهم ملتصقة بأجسادهم من العرق البارد الذي أفرزته أجسادهم جراء الخوف، بينما حملت نظراتهم صدمة جامدة. خطرت لهم جميعاً فكرة واحدة:

"هذا ليس ضغط إنسان عادي... هذا ضغط وحش."

كل هذا حدث في جزء من الثانية؛ ولو انفجر آريس بضغطه ونية قتله إلى حده الأقصى، لغمر الأكاديمية بأسرها. الوحيدان القادران على مجابهة وتجاوز ضغطه هما آلان وآيلا، لكن مادام آريس يواصل صقل نية القتل والضغط الخاصة به، فسوف يتجاوزهما حتماً في المستقبل.

"هل هذا مستواكم؟ لم نلعب حتى بجدية."

رن صوت آريس حاداً كشفرة في آذان الجميع. ابتلع البعض لعابهم بصعوبة، لكن البقية، الذين يعتبرون أنفسهم عباقرة، لم يتقبلوا هذه الإهانة. حدّقت سيلينا، وسكار، وأنصاف التنين، وزينيثا، والإلف في آريس بغضب مكتوم. بينما ظلت الفتاة ذات الشعر الأزرق السماوي تنظر بهدوء تام لا يمكن تفسيره.

دخل آريس الفصل تحت نظرات الغضب، تبعه كاي وكيرا بابتسامة كبيرة تتسع على وجهيهما.

قال آريس بصوت ساخر وهازئ:

"لا تنظروا إليّ بهذه الطريقة. سيكون الأمر كما لو أنني سرقت حلوتكم أيها الأطفال. سيعتقد الجميع أنني أتنمر عليكم."

رن خلفه صوت مزدوج وقهقهة عالية؛ كان كاي وكيرا يسكبان الوقود على النار:

"ههههههه، زعيم، هذا مضحك! انظر إلى وجوههم، يبدون مثل من أكل قرف، وليس من سرقت حلوته!"

تأمل آريس وجوههم بابتسامة باهتة:

"هممم، معكم حقاً. انظر إلى هذه البيضاء... بماذا تشبه في رأيك يا كيرا؟" تكلم آريس وهو يشير بإصبعه ببطء نحو سيلينا.

أجابت كيرا بلهجة استهزاء، وابتسامة خبيثة على شفتيها:

"أعتقد أنها تشبه شخصاً يعاني من إمساك في معدته عندما يكون في المرحاض."

ضحك كاي وهو يشير إلى سكار:

"ههههههه، انظر إلى هذه القطة. تذكرني بقطة تختنق بأشواك الأسماك!"

تابعت كيرا بغباء مصطنع، وعيناها تلمعان:

"نعم، انظر إلى تلك ذات الذيلين. يمكن استعمالهما كمروحة في يوم حار!"

نظر آريس إلى الإلف قائلاً، وعيونه البنفسجية تضيّق:

"لا لا، انظر إلى هذين الاثنين من الإلف. يشبهان من علق عمود خشبي في مؤخرتهما."

أكمل كاي وكيرا السخرية بحدة متزايدة، دون توقف:

"وانظر إلى هذين الاثنين اللذين لديهما قرون على رؤوسهما. هل هما أبقار أم ماذا؟"

سخر كل من كاي وكيرا من الفصل، وكانت وجوه الجميع تشع بنية قتل صريحة، لكنهم لم يتحركوا. خاصة أن آريس كان يقف أمامهم ويبتسم بلطف شديد.

تكلمت سيلينا وهي تنظر مباشرة لآريس، وعيناها الجليديتان تضيقان بالغضب:

"أحمق."

أظهر آريس حزناً مصطنعاً طفيفاً، ثم قال بوجه جامد وعينين سميكتين:

"أوه حقاً... أنا حزين." وتوقف للحظة، ثم أردف ببرود: "من يهتم برأيك؟ لا أنا ولا هم مهتمون."

انحنى آريس قليلاً ونظر مباشرة في عيون سيلينا الزرقاء الجليدية. عندما رأت سيلينا آريس ينظر مباشرة في عينيها، شعرت بشيء غريب، حيث ازدادت دقات قلبها سرعة. فلم يقترب منها رجل من قبل بهذه المسافة إلا أفراد عائلتها.

تلك العيون البنفسجية كانت تلمع مثل مجوهرة نادرة لا يمكن الاقتراب منها.

اقترب آريس أكثر بجرأة من أذن سيلينا وتمتم بصوت لا تسمعه إلا هي وحدها:

"لديكِ أجمل عيون رأيتها في حياتي."

أنفاسه الساخنة لمست أذن سيلينا، وما أن سمعت كلماته حتى انفجر قلبها بقوة من الخفقان. اشتم آريس رائحة عطرها المنعش واللطيف.

راقب الفصل كله تفاعل آريس وسيلينا، وخاصة ظهور احمرار طفيف على وجنتها جعله أكثر جمالاً.

فجأة صدر صوت لطيف وساحر يأسر العقول، كانت فتاة الثعلب (زينيثا):

"أوه، سوف أشعر بالغيرة إن كانت هي الوحيدة."

من الواضح أنها أرادت السخرية، لكن آريس وقف واقترب منها.

"كيف أجعلُكِ تغارين منها؟"

مد آريس يده، وحاولت الفتاة إبعاده، لكن يد آريس كانت أسرع ولعبت بأذنيها مثل قطة، واقترب منها:

"أتساءل كيف سيكون الأمر عندما نكون في مكان خاص؟ بصراحة، أعتقد أنه سيكون ممتعاً يا ثعلبتي."

تمتم في أذنها بينما استمر في مداعبة أذنها. تحول وجهها إلى أحمر جميل وأخفضت رأسها خجلاً.

تكلم كاي وعيناه تملؤهما الحماس، بينما قرر بقية الذكور الاعتراف بأنه أسقط أجمل فتاتين بسهولة:

"أوه! الزعيم يعرف كيف يغازل! انظر، لقد جعل أجمل فتاتين في الفصل تحمران خجلاً! يجب أن نأخذ دروساً منه."

بوم.

تم إرسال كاي يطير، حيث تلقى ضربة قوية من كيرا جعلته يغمى عليه.

بلع.

جميع الذكور ابتلعوا ريقهم بصعوبة ووضعوا كيرا في قائمة "لا تعبث معها".

شعر آريس بنظرة قاتلة عليه من سيلينا وأراد العبث أكثر.

"إذن يا ثعلبتي، ما هو اسمك؟"

"أنا... زينيثا..."

فجأة، فتح باب الفصل، لقد وصل الأستاذ.

كانت شابة جميلة ذات شعر أسود لديه غرة، و عيون سوداء، و جسم رشيق وناضج.

رمشت بعينيها وتمتمت:

"هل أخطأت في الفصل أم ماذا؟"

تراجعت خطوة ونظرت إلى اللافتة المعلقة على الفصل.

"نعم، هذا هو الفصل."

حول آريس نظره نحوها، كما فعل البقية.

"للأسف، توقيتك أيتها الأستاذة سيئ،" تكلم آريس بهدوء، وقابلته نظرة حمقاء ومندهشة من الأستاذة.

لم يهتم آريس وذهب للجلوس في مقعده، قبل أن يركل كاي من أجل إيقاظه.

همس آريس لكيرا:

"كيرا، في المرة القادمة اضربيه بخفة، أو ستخيفين جميع الأولاد ولن تجدي حبيباً."

أومأت كيرا برأسها وهي تنظر لأسفل بخجل.

دخلت الأستاذة ووقفت خلف المكتب.

"حسناً، ألا يكفي لعب؟" رن صوتها الرقيق والممتع.

"أنا أستاذتكم الجديدة. كما أنني مثلكم، هذه هي سنتي الأولى في مجال التدريس، واسمي تيرومي مي. وأنا أستاذتكم الرئيسية لفصل رقم 9 للمدة الخمس القادمة، أي أننا سنكون عائلة."

"حسناً، أعتقد أن الجميع هنا، لكن سوف أنادي بالأسماء."

"آريس."

"هنا." رفع يده وعيناه مملتان.

أومأت مي.

"سيلينا."

"هنا."

"سكار."

"هنا."

"كاي وكيرا."

"هنا."

"زينيثا."

"هنا،" تكلمت فتاة الثعلب ونظرت إلى آريس وغمزته بعينها البرتقالية. نظرت سيلينا لها وشعرت بغضب غير مفهوم السبب.

نظر آريس إلى زينيثا وتغيرت نظرته. أمامه الآن ابنة ثعلب ذيول تسعة سيد الرعد، وهذه الفتاة ستكون في المستقبل ملكة الرعد.

في هذا العصر، هناك ساحرتان تعتبران القمة، وهما سيلينا وزينيثا، كما أن هناك ثلاثة آخرين يعتبرون أسياد السحر.

منذ اللحظة التي رأى فيها آريس هذا الفصل، عرف أنهم غيروا الفصول بسبب آثار الفرشاة. فهؤلاء الطلاب كان يجب توزيعهم على الفصول وليس جمعهم في فصل واحد.

آريس متأكد من شيء واحد أنه في الفصول الأخرى من السنة الأولى لا يوجد سوى شخص واحد من عرق آخر والبقية بشر.

"الآن، أعتقد أنكم حصلتم على معلومات حول الفصول، لذلك سيكون هذا سهلاً شرحه. في فصلي سوف تدرسون دروس التاريخ والجغرافيا وشرح المانا، والبقية ستكون فصولاً لمسار مهمتكم. كما يجب عليكم اختيار على الأقل ثلاث مواد دراسية غير هذين الدرسين، هل هذا واضح؟"

أومأ الجميع.

"الآن، سوف أوزع عليكم هذه الساعات وستكون دليلكم في كل شيء: من الدروس وأدوات الاتصال ورصيدكم."

بدأت مي تجول بين مقاعد الطلاب وتوزع الساعات.

"حسناً، الآن أهم شيء قبل الانتهاء من هذه الحصة وهو اختيار رئيس الفصل."

تجولت عيناها السوداوان بين الطلاب، وكما هو متوقع رفع الجميع أيديهم، لكن هناك شخص واحد لم يرفع يده، آريس.

"آريس، لماذا لم ترفع يدك؟ ألا تريد أن تكون رئيس الفصل؟"

"لا، لست مهتماً."

"لكن سيكون لرئيس الفصل سلطة كبيرة بعدي،" ابتسم آريس بينما يسمع نبرة مي المغرية.

"لا، حتى لو كان هناك رئيس فصل، ستكون أوامره عليه هو وحده، وليس علي،" أسند آريس يده على الطاولة وعيناه تلمعان بذكاء.

"إذن تعتقد أنه لا أحد مؤهل؟"

"غيري، لا أحد."

أخيراً، لم يعد سكار يتحمل وصرخ في وجه آريس، بينما كان بقية الفصل يوافقونه على ذلك:

"هيا! يكفي! لا تكن مغروراً، منذ دخولك وأنت تتصرف كأنك فوق الجميع! لذلك أنا أتحداك في نزال حول رئاسة الفصل!"

"ولماذا علي تحديك؟ أنا لن أكسب شيئاً،" تكلم آريس.

"هل أنت جبان؟" نظر الإلف إليه و تكلم بغرور .

"أنت لا تعرف كيف تستفز، لكن ما رأيكم؟"

"سوف أنزلكم واحداً واحداً على منصب رئيس الفصل. كل شخص يخسر أمامي يمنحني رصيده من النقاط."

صُدم الجميع من غرور آريس.

"وماذا سوف تعطي عندما تخسر؟" تكلم فتى صاحب نظرة إليه.

"سوف أصبح خادم من يهزمني."

صمت الفصل، حتى مي صُدمت من جرأة آريس. لكن هذا كله كان هدف آريس منذ أن بدأ في استفزازهم: جعلهم يفقدون السيطرة على مشاعرهم والسقوط في هذا الفخ.

ابتسم آريس قليلاً وهو ينظر إلى الجميع.

"نعم أو لا؟ أو سوف أصبح رئيس الفصل."

______

> من أجل مشاركة آرائك حول الرواية، وتقديم اقتراحاتك، أو حتى مناقشة النظريات وطرح الأسئلة، يمكنك الانضمام إلى خادم الديسكورد — الرابط متوفر في خانة الدعم.

اريس

2025/10/06 · 62 مشاهدة · 1298 كلمة
sir
نادي الروايات - 2025