الفصل 1197: معركة الجمجمة السوداء (11)
دَوَّى رعدٌ هائل هزّ العالم… لكن الزئير الوحشي الذي شقَّ ضوضاء ساحة المعركة كان أشدّ صخبًا. اجتاح الأرض الممزقة كقوة مادية، استنزف قوى المحاربين وجعلهم يتمايلون.
…ساني، الذي كان قريبًا جدًا من مصدر ذلك الزئير، تمتم باللعنات تحت أنفاسه وهو يدفع الألم جانبًا ويلوّي جسده ليتفادى مخالب القديس الهائج. مرّت يد «الناب الرهيب» بجانبه، وبينما كان ساني يحاول إنزال «خطيئة العزاء» على طرف ذلك الوحش، هاجمته نيفيس من الجهة الأخرى، وسيفها يحوّل خيوط المطر المتطايرة إلى بخار يغلي.
كانا مثل صيادين يقاتلان وحشًا مفترسًا. يدوران حوله، ويستغلان تعاونهما لسد الفجوة في القوة، ويتحركان بدهاء وبصيرة جعلت البشر مخلوقات مميتة بحق.
كانت نيفيس تقاتل بأسلوب كان سيجعل كل متسامي آخر يجمد في صمت مبهوت. كانت سريعة للغاية، قوية للغاية، ومدمرة أكثر مما يُتصور. سيفها المتوهج كان حادًا وحارًا بما يكفي لإحراق العالم، ومهارتها وحسّها القتالي بديا وكأنهما يتجاوزان مفهوم الحدود ذاتها.
أما ساني فلم يكن أقل رعبًا. مختبئًا في أحضان «قوقعة الظل» المعتمة، قاتل بقوة وحش مولود من الظلام، واستغل بنيته غير البشرية ليتحرك بطريقة لا يمكن لأي إنسان أن يكررها، ولا لأي خصم أن يتنبأ بها.
والأهم من ذلك كله… أنهما، رغم الاختلاف الصارخ بينهما — أحدهما غارق في ظلام ملتهب، والآخر مغمور في نور باهر — كانا يقاتلان ويتحركان ككيان واحد.
وكان ذلك المزيج قاتلًا جدًا بحيث لا يمكن لوحش عادي النجاة أمامه.
…لكن عدوهما لم يكن مجرد وحش، مهما بدت هيئته حيوانية.
قدرة «الناب الرهيب» التحولية سمحت له بأن يصبح خليطًا غريبًا بين ذئب وإنسان. مخالبه، أنيابه، عيناه الحيوانيتان، فراؤه الكثيف… وكذلك غضبه غير البشري، وعطشه الدموي المتوحش، وقوته البدائية — كل ذلك جعل ساني يشعر وكأنه يواجه مخلوق كابوس.
لكن القديس لم يكن مخلوق كابوس. وراء كل تلك الصفات الوحشية اختبأ عقل بشري بارد وحسابي. وكإنسان، استفاد من الإرث الواسع للمعرفة والبصيرة التي تراكمت عبر الأجيال.
بمعنى آخر، امتلك «الناب الرهيب» جسد مسخٍ قوي، لكنه قاتل بمهارة سامية لمقاتل بشري موهوب.
وبحكم طبيعة تحوله، كان يستخدم مزيجًا غريبًا من فنون القتال اليدوية وتقنية قتال السكاكين — إلا أنّ السكاكين في حالته كانت مخالبه الحادة، وكان لديه عشرون منها. إضافة إلى فم ممتلئ بأنياب مفزعة.
ومستوى المهارة الذي امتلكه هذا المتسامي — أو أي متسامي في الواقع — كان مذهلًا بحق. لم يكن ساني واثقًا أنه واجه يومًا عدوًا يملك مثل هذه السيطرة على أسلحته. وإن فعل، فيمكن عدّهم على أصابع اليد الواحدة.
وفي كل الأحوال، رغم جهود ساني ونيفيس القصوى، لم يتمكنا من إسقاط القديس.
لم يستطيعا حتى إصابته بجروح خطيرة حقًا.
كانا بالكاد قادرين على البقاء على قيد الحياة.
كان هناك بعض الجروح على جسد الوحش الضخم، لكنهما تلقيا أضرارًا أكبر بكثير منه. دروعهما كانت مشققة ومحطمة، وكان ساني يتذوق الدم في فمه.
وبينما بدأ اليأس يتسلل إلى قلبه، عضّ على أسنانه واندفع ليستغل نافذة الفرصة الصغيرة التي خلقتها نيفيس ويوجه ضربة قاتلة.
لكن الهجوم أخطأ.
(إنه… وحش…).
وفي اللحظة التالية، ارتجّ جسده وهو يُطرَح بعيدًا بضربة مرفق غير متوقعة لكنها منفّذة بإتقان. انبعج صدر «العباءة» وكاد أن يتشقق.
اندفعت نيفيس في هجوم متهور لتمنحه بعض الوقت ليلتقط أنفاسه.
كانت ستدفع الثمن بلا شك، لكن في هذه المرحلة لم يكن القتال عن البقاء بلا خدوش.
بل كان عن أن تكون أقل تحطمًا من خصمك في النهاية.
(آخ!).
كان «الناب الرهيب» قويًا، وماهرًا، والأسوأ من ذلك كله… غريبًا. أسلوبه القتالي فريد جدًا، عميق جدًا، وبالغ الغرابة بحيث يستحيل تفكيكه بسرعة. كان مُفصَّلًا تمامًا ليتناسب مع هيئته المتسامية الوحشية، بصفاتها المتناقضة بين ما هو بشري وما ليس كذلك.
أظهر مستوى من التحكم بالجوهر دقيقًا، متعمدًا، وعبقريًا لدرجة جعلت ساني يشك في موهبته… لا، لم يكن الأمر مسألة موهبة. بل كان تفوقًا فطريًا لمرتبة أعلى، مضروبًا في مقدار الجهد الذي بُذل في دمج الجوهر في أسلوب قتالي، من قِبَل «الناب الرهيب» نفسه وكثير من أساتذة القتال من عشيرة سونغ.
كان ذلك امتياز أن تكون تابعًا لعشيرة عظيمة.
…وهذه ربما كانت أول تقنية جوهر متخصصة أُتيح لساني أن يدرسها. لم يكن حتى يعلم أن مثل هذه الأشياء ممكنة، أو أنها موجودة أصلًا.
وكأن ذلك لم يكن كافيًا، فقدرات «الناب الرهيب» الجانبية كانت مندمجة بلا عيب في أسلوبه القتالي أيضًا.
كان الأمر ليكون أسوأ لو اضطر ساني لتخمين تلك القدرات أولًا. لحسن الحظ، كان قد عرفها من كاسي.
قدرته الكامنة عززت جميع حواسه، خصوصًا السمع والشم. كان بإمكانه حتى أن يشعر بالذبذبات الدقيقة التي تنتشر عبر الأرض… ونتيجة لذلك، لم يكن لديه أي نقاط عمياء. كما بدا قادرًا على توقع أفعال خصومه بمراقبة أصغر التغيرات في وقفاتهم، انقباض عضلاتهم، تحركات عيونهم، وأشياء أخرى لا يعرفها ساني أصلًا.
أما قدرته المستيقظة فكانت تعزيزًا جسديًا مرتبطًا بحالته العاطفية. كلما ازداد غضبًا، وكلما شعر بألم أكبر، أصبح أقوى… عادة ما تكون مثل هذه القدرات غير موثوقة ويستحيل التحكم بها، وأحيانًا ضارة، لكن «الناب الرهيب» بدا وكأنه يملك سيطرة مطلقة على مشاعره. يمكنه أن يستحضر أشد حالات الغضب الدموي متى شاء، بينما يبقى بارد الأعصاب ومتزنًا تمامًا.
قدرته المتسامية الصاعدة كانت الهجوم الصوتي المدمّر، وقدرته المتعالية… حسنًا، كانت واضحة بذاتها.
وبناءً على هذه المعرفة…
كان على ساني أن يجد وسيلة ليقتله.
أن يقتل سيدًا قديسًا… أمر لم يحدث في التاريخ أبدًا.
لكن لا بد أن يحدث اليوم.
كان سيجعله يحدث.
.................................
.................
........
في النهاية اتمنى تكونوا استمتعتوا بالفصل
واتمنى لو في خطا في الترجمة توضحولي في التعليقات واتمنى تشجعوني وتدعموني عشان اكمل القصه
⚡ANORAK