وقف هيونغ ببطء من فوق الصخرة التي كان يجلس عليها، عينيه تحدقان بلا تعبير في الجسد المشوه الذي كان يومًا ما كايل. الرائحة الكريهة للدم المحترق واللحم الممزق تملأ المكان، لكنها لم تؤثر فيه. لم يكن هناك انتصار في عينيه، فقط فراغ قاتم.

استدار دون أن ينظر مجددًا إلى ما تركه خلفه، ثم ألقى أمرًا جافًا:

"فريا، ارجعي."

بدون جدال، أطاعت فريا، تلك الفتاة التي رافقته في هذه الرحلة المظلمة، وعادت إلى الوراء، متوارية في الظلال، تاركة إياه ليكمل ما بدأه وحده.

تحرك خارج الكهف، خطواته ثقيلة ولكنها ثابتة، كأن الأرض تئن تحت وطأته. الهواء البارد في الخارج كان مشبعًا برطوبة الموت، لكنه لم يهتم. كان هناك شيء آخر ينتظره... شيء كان عليه مواجهته.

مع كل خطوة، ضاق الطريق أكثر فأكثر، الصخور الحادة تحيط به كأنها أفواه متعطشة تنهش كل من يمر من بينها. لكن هيونغ لم يبطئ، بل مضى قدمًا، حتى وصل إلى الحافة... حيث رأى أمامه الفجوة التي سقط منها.

الحفرة الكبيرة. ثبت هيونغ قبضتيه على الصخور الرطبة، عضلاته مشدودة مع كل حركة، وهو يشق طريقه صعودًا من أعماق الحفرة. كل حجر كان ينزلق تحته، وكل صخرة كانت ملساء كأنها ترفض أن تسمح له بالخروج. لكنه لم يتوقف، لم يترك نفسه يسقط مجددًا.

أنفاسه كانت بطيئة، محسوبة، كأن جسده يتحرك وفق نظام صارم لا يسمح بالخطأ. كل سحب لعضلة، كل حركة لذراعه، كانت مدروسة. لم يكن هناك مجال للتردد. كان يجب أن يعود.

عندما بدأ الضوء يزداد في الأعلى، لم يكن ما استقبله هو الصمت المعتاد الذي يخيم على تلك الأماكن القاتمة... بل كان هناك شيء آخر.

هتافات.

أصوات متداخلة، ضحكات، صرخات انتصار.

توقف للحظة، جسده متشبث بحافة صخرة، وحدق نحو الأعلى حيث يلوح مخرج الحفرة. الأصوات كانت واضحة الآن، صيحات صيادين ما زالوا يحتفلون.

"إذن… لقد قتلوه."

لم يكن بحاجة إلى أن يرى بأم عينيه. لم يكن هناك احتمال آخر. لو كان زعيم البوابة لا يزال حيًا، لما كانت هذه الضوضاء تعم المكان.

بقي صامتًا للحظة، متأملًا.

"هل كنت سأواجهه لو لم يقتلوه؟"

أحكم قبضته على الصخور، وعاد يتسلق ببطء، بينما يدور النقاش في عقله.

"زعيم الطابق… إن كان لا يزال موجودًا، فهل كنت سأرهق نفسي في قتاله؟"

لم يكن الجواب واضحًا، لكن جزءًا منه شعر بنوع من الخيبة. ليس لأن القتال كان سيكون ممتعًا، ولكن… لأنه كان يفضل أن يضع حدًا لهذا بنفسه.

لكنه لم يكن بحاجة لذلك الآن.

"لا فائدة من قتل عدو ميت."

بابتسامة باردة بالكاد تشكلت على شفتيه، واصل صعوده. الصيحات كانت تزداد وضوحًا، والهواء أصبح أقل ثقلًا. لم يكن هناك سوى خطوة واحدة متبقية، ثم… سيخرج من هذا المكان مرة أخرى. بقبضة قوية، سحب هيونغ نفسه خارج الحفرة، قدماه تلامسان الأرض الرطبة بينما ينفض عنه الإرهاق الذي تكدس في عضلاته خلال التسلق. رفع رأسه، وعيناه تدرسان المكان الذي خرج إليه…

كانت غرفة زعيم الطابق.

الهواء كان مشبعًا برائحة الدم والموت، والماء الذي كان يتدفق عبر الشلال قد تحول إلى مزيج قاتم، كأنه يجر خلفه آثار المعركة التي انتهت هنا.

وسط البركة، التي كانت في السابق موطن الوحش الذي حكم هذا المكان، ترامت جثة عملاقة.

بقايا زعيم الطابق.

كان ممددًا وسط الماء، جسده المشوه يحمل آثار الضربات القاتلة التي مزقته. كان أحد ذراعيه محطمًا بالكامل، وصدره مفتوحًا كأن نصلًا هائلًا شق طريقه إلى أعماقه. ومع ذلك، ما جعل المشهد أكثر رهبة لم يكن جسده… بل رأسه المبتور.

الشلال كان ينسكب فوق جثته، يغسلها دون أن يغير شيئًا من وحشيتها. المياه كانت تتدفق فوق اللحم الممزق، لكن الموت كان قد استقر بالفعل في هذا المكان.

هيونغ لم يتحرك على الفور. حدّق في الجثة، تأمل التفاصيل، ثم استدار ببطء.

وهناك، عند حافة الغرفة…

رأسٌ آخر.

لكن ليس أي رأس.

لقد كان أحد رأسي زعيم الطابق، ملقى بإهمال، فكه ما زال مفتوحًا في تجمد أبدي، كأنه كان يطلق زئيرًا أخيرًا قبل أن يُقطع من جسده. عيناه المطفأتان كانتا موجهتين نحو هيونغ، وكأنهما تشهدان على وصوله المتأخر.

"إذن… لم أكن بحاجة للقتال بعد كل شيء."

خطا خطوة للأمام، المياه تحت قدميه تحدث تموجات خفيفة. لم يكن هناك معنى لهذا الآن. لو كان قد واجه زعيم الطابق بنفسه، لكان هذا المشهد مختلفًا، ربما كانت جثته هو من ترقد في هذا المكان. أو ربما… كان سيتحول إلى شيء آخر.

لكنه لم يكن هنا عندما حدثت المعركة.

كل ما تبقى له الآن هو مجرد جثة باردة، ومجد لم يكن من نصيبه.

زفر بهدوء، ثم أكمل تقدمه، متجاهلًا الجثث. كان عليه الخروج من هنا. كان صوت الهتافات يملأ أرجاء المكان، ينعكس صداه على جدران الغرفة الضخمة، ممتزجًا مع خرير الماء المتدفق من الشلال. ارتفعت الأصوات بحماس:

"لقد فعلناها يا رجال!"

"زعيم الطابق سقط!"

"انتصارٌ آخر!"

تقدم هيونغ بصمت، خطواته ثابتة لكن خفيفة، حتى وصل إلى صخرة صغيرة قريبة من الشلال، جلس عليها بهدوء، وأخرج قنينة ماء من حقيبته. فك الغطاء ببطء، ثم رفعها إلى شفتيه وأخذ رشفة طويلة، بينما عيناه تراقبان ما يحدث أمامه.

الصيادون المنتصرون كانوا متجمعين حول الجثة العملاقة، بعضهم يضحك، والبعض يربت على أكتاف رفاقه، وآخرون يرفعون أسلحتهم في الهواء كإعلان للظفر.

كانوا يحتفلون بالمجد الذي صنعوه بأيديهم.

لكن بالنسبة لهيونغ… لم يكن هناك أي مجد في هذا المكان.

كانت عيناه هادئتين، خاليتين من أي حماس، فقط يراقب بصمت. كان بإمكانه أن يكون جزءًا من هذه المعركة، لكنه لم يكن كذلك. لم يكن بحاجة للقتال، والآن، لم يكن بحاجة للاحتفال.

مع مرور الوقت، بدأ عمال جمع الموارد بالتوافد من مدخل الغرفة، يسيرون في مجموعات منظمة، يحملون أدواتهم وصناديقهم الكبيرة، مستعدين لتفكيك جثة الزعيم وجمع كل ما يمكن بيعه أو استخدامه.

بعضهم كان يتحدث بحماس عن ثروة المواد النادرة التي يمكن استخراجها من هذا المكان، والبعض الآخر كان يحدق بذهول في الرأس المقطوع، غير معتاد على رؤية مخلوق بهذا الحجم ميتًا أمامه.

أما هيونغ… فقد أكمل شرب الماء، ثم أعاد القنينة إلى حقيبته، وألقى نظرة أخيرة على الصيادين والعمال.

"لا شيء هنا يخصني."

نهض من مكانه، واستدار بصمت. كان عليه أن يتحرك.

في الجهة الغربية من المدينة، كانت الشوارع تضجُّ بالحياة، وكأن المدينة بأكملها قد استيقظت لتشهد هذا الحدث العظيم.

خرج الصيادون المنتصرون من البوابة، واحدًا تلو الآخر، رؤوسهم مرفوعة، وابتساماتهم العريضة تعكس الشعور بالنصر. أعلام المدينة كانت ترفرف فوقهم، وأصوات التصفيق والهتافات تصدح في الهواء:

"لقد أغلقوا البوابة!"

"لقد حموا المدينة!"

"إنهم أبطالنا!"

حشود من السكان اصطفوا على جانبي الطريق، يصفقون بحماس، بعضهم يرفع الأطفال على أكتافهم ليشاهدوا المقاتلين الشجعان، والبعض الآخر يلوّح بقطع القماش في الهواء.

كان كل شيء مشرقًا، حافلًا بالنصر.

لكن… في آخر الصفوف، بعيدًا عن دائرة الضوء، تحرك هيونغ بصمت.

لم يكن هناك تصفيق له، لم يكن هناك من يمدحه أو حتى يلاحظ وجوده. وسط كل هذه الضوضاء، كان ظلًا في الخلفية، يسير بهدوء، متجهًا إلى زقاق ضيق بعيد عن الأنظار.

الطريق هناك كان معزولًا، بعيدًا عن الهتافات، بعيدًا عن الاحتفالات. انعكس ضوء المصابيح الخافتة على الجدران المتهالكة، بينما كانت خطواته صامتة فوق الأحجار الرطبة.

"المدينة تحتفل بالنصر… لكن ليس بي."

لم يكن بحاجة لهذا الاحتفال. لم يكن بحاجة لاعتراف أحد.

كان كل ما يريده هو العودة إلى المنزل.

وسط الزقاق الضيق، حيث الأضواء خافتة والضوضاء الاحتفالية تتلاشى خلفه، اهتز هاتف هيونغ بإشعار جديد. أخرج الهاتف من جيبه، عاقدًا حاجبيه، قبل أن تتجلى أمامه رسالة نصّية:

"لقد وصلك مبلغ 300 ين من إكمالك عملية إغلاق البوابة الغربية."

توقف لثانية. لم يكن متوقعًا الكثير، لكنه لم يكن يتوقع هذا القليل أيضًا. حدّق في الأرقام، شفتاه تتحركان ببطء وهو يتمتم بسخرية:

"300 ين؟ ها… يبدو أن حياتي تساوي أرخص مما كنت أظن."

أعاد الهاتف إلى جيبه، غير مكترث. المال لم يكن غايته. لم يدخل تلك البوابة طلبًا لمكافأة، بل دخلها مدفوعًا برغبة واحدة فقط… الانتقام.

والآن، وقد نال انتقامه، لم يعد هناك شيء مهم.

تقدم بين الأزقة حتى وصل إلى المتجر الصغير عند ناصية الطريق. دخل بهدوء، نظر إلى الرفوف المزدحمة بالمنتجات، ثم بدأ بجمع ما يحتاجه: كيس أرز، بعض الخضار، عبوة شاي، وحليب لأخته.

عند المحاسبة، ألقى بالنقود على الطاولة، التقط الأغراض، وغادر دون أن ينبس ببنت شفة.

الطريق إلى المنزل كان معتمًا، هادئًا، لا أصوات سوى وقع خطواته المنتظمة. عندما وصل إلى الحي الذي يسكن فيه، لاحظ جسدًا صغيرًا يقف أمام باب منزله، متكئًا على الجدار، بذراعين معقودتين ونظرة نافذة.

أخته.

كانت تنتظره. حين وصل إلى منزله، لمح شخصًا ينتظره عند المدخل. كانت أخته، ذات التسعة عشر عامًا، تقف هناك بذراعين متشابكتين وعينين مليئتين بالقلق.

"أين كنت؟" سألت بنبرة صارمة، لكنها لم تستطع إخفاء الارتياح لرؤيته.

نظر إليها بصمت لوهلة، ثم مر بجانبها دون إجابة. "أنا جائع." قال بهدوء وهو يدخل، تاركًا الباب مفتوحًا خلفه.

تابعته بنظراتها قبل أن تتنهد، ثم لحقت به إلى الداخل.

دخل هيونغ إلى المنزل وألقى الحقيبة التي تحتوي على الأغراض فوق الطاولة، ثم جلس على الأريكة الثقيلة بإرهاق واضح. نظرت إليه أخته وهي تقف عند المدخل، تعابير وجهها مزيج من القلق والانزعاج.

"أين كنت طوال اليوم؟ ولماذا تبدو بهذه الحالة؟" سألت وهي تقترب منه، تعقد ذراعيها أمام صدرها.

أطلق زفيرًا بطيئًا، ثم أمال رأسه للخلف وأغمض عينيه. "كنت في البوابة الغربية."

توسعت عيناها قليلًا، لكنها لم تُظهر دهشة كبيرة، وكأنها كانت تتوقع ذلك. "إذن، نجحتم في إغلاقها؟"

أومأ دون أن يفتح عينيه. "نعم. زعيم الطابق قُتل، والبوابة أُغلقت."

جلست بجواره بصمت للحظات، ثم سألته: "كيف كان؟ زعيم الطابق؟"

فتح عينيه أخيرًا، ونظر إليها بنظرة تحمل ظلالًا من المشاعر المختلطة. "كان وحشًا عملاقًا، جثة ضخمة مرمية وسط الماء، الشلال يتدفق عليه وكأنه يغسله من خطاياه. رأسه كان ملقى بجانبه... كأن عظمته قد انتهت بلحظة واحدة."

صمتت أخته، وكأنها تحاول تخيل المشهد. "ومن قتله؟ أنت؟"

ضحك بهدوء، هزة خفيفة في كتفيه. "لا. لم أحتج إلى ذلك. الصيادون الآخرون قاموا بالمهمة، كانوا يهتفون بانتصارهم بينما كنت أنا أراقب فقط."

"وماذا عنك؟" سألت بنبرة أخف، لكنها كانت تحمل اهتمامًا حقيقيًا.

أدار وجهه لينظر إليها مباشرة. "أنا لم أذهب لأجل المكافأة أو الشهرة." ابتسامة خافتة، لكنها باردة، ارتسمت على شفتيه. "كنت أريد شيئًا آخر... وقد حصلت عليه."

راقبته للحظات قبل أن تنطق، لكنها في النهاية لم تقل شيئًا. فقط زفرت بهدوء، ثم وقفت. "سأجهز العشاء. اغسل وجهك على الأقل، تبدو وكأنك خرجت من معركة حياة أو موت."

نظر إليها وهي تبتعد نحو المطبخ، ثم حدق في يديه للحظة. ربما لم يكن يحتاج إلى العشاء... لكنه لم يمانع فكرة تناول وجبة دافئة مع أخته.

2025/02/25 · 7 مشاهدة · 1599 كلمة
Aymen
نادي الروايات - 2025